hit counter script

ندوة "الإرشاد الرّسولي للشرق الاوسط ونصرة الكرامة الانسانية" في معراب

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٢ - 18:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أكّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان "من يؤيد الارشاد الرسولي ونصرة الكرامة الانسانية لا يستطيع بأي حال من الأحوال ان يكون مع نظام الأسد، مؤيداً، حليفاً، مناصراً أو داعماً، ومن هو مع الإرشاد الرسولي لا يمكنهُ أن يكون متحالفاً مع أنظمة ديكتاتورية أو أناس يتوسّلون العنف والقتل والاغتيال السياسي، كما انه لا يمكنه ان يكون في حكومة واحدة مع جماعة محور القتل، ولا يمكنه ان يكون مع محور سماحة-مملوك أو أن يُدافع عنه أو أن يستأخر التحقيقات بشأنه، فمن هو مع الارشاد الرسولي ونصرة الكرامة الانسانية لا يقبل بأن يُصادر البعض قرار الجميع ويختصر الدولة بنفسه".
جعجع وخلال رعايته ندوة: "الإرشاد الرّسولي للشرق الاوسط ونصرة الكرامة الانسانية" التي نظمها جهاز التواصل والاعلام في القوات اللبنانية في معراب، قال "ان اهم الديمقراطيات الموجودة في الغرب وحتى في كل دول العالم لا يعتمدون دائرة واحدة مع النسبية بل دوائر فردية وصولاً الى دوائر اكبر".
ودعا الى المقارنة بين الارشاد الرسولي للشرق الاوسط ووثيقة الأزهر، مستشهداً بالعبارة الواردة في الارشاد: "يتقاسم المسيحيون والمسلمون الحياة العامة في الشرق الاوسط"، شارحاً "ان المسيحيين ليسوا جالية تطلب حماية من حزب او حاكم او نظام."
واذ رفض مقولة "ما دخل المسيحيين في الصراع بين السنّة والشيعة؟"، أوضح جعجع ان "الصراع ليس بين السنّة والشيعة، قد يكون كذلك في جانب منه، إنما ليس الموضوع الرئيس، من الفراغ بمكان ان نقول ان كل ما يجري هو صراع سني – شيعي وبالتالي ما علاقتنا نحن به؟ هذه وصفة لتقضي المجموعة على نفسها، فأي مجموعة تضع نفسها خارج الاحداث تصبح خارج التاريخ"...
وقد حضر الندوة التي أدارها رئيس تحرير الأخبار في اذاعة "لبنان الحر" انطوان مراد: ممثل الرئيس سعد الحريري النائب عاطف مجدلاني، النائبين: هنري حلو ود. فادي كرم، منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار د. فارس سعيد، النائب السابق كميل زيادة، ممثل أمين عام تيار "المستقبل" أحمد الحريري الدكتور أحمد سكريّة، ممثل الشيخ عباس الجوهري الصحافي عماد قميحة وأمين عام حزب القوات اللبنانية المهندس عماد واكيم وحشد من الهيئات الديبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية.

وافتُتحت الحلقة الحوارية بكلمة رئيس جهاز التواصل والاعلام ملحم الرياشي شرح فيها أهمية الارشاد الرسولي من أجل الشرق الاوسط الذي "جاء ليؤكد المؤكد، ويضع نصب اعيننا حاجة التلاقي الدائم على الحق، وضرورة تنظيم الاختلاف في اطار القبول المستدام بالآخر، هذا هو قدر المشرقيين الذي لا مفر منه، ان يتنافسوا ويتلاقوا، ويتخاصموا ويتلاقوا ويجدوا صيغة للحياة المشتركة معاً... ويتلاقوا من جديد. الارشاد الرسولي من أجل الشرق لاوسط، مدخل الى الشراكة، ودعوة يومية الى المشاركة، وقاعدة عمل مشتركة لمسيحيين تجرّأوا على المواجهة يوم دعت المواجهة وعزّ الرجال، وتجرّأوا على المصافحة لانها دعوة المسيح. نحن من قومٍ لم يخشوا يوماً التواصل مع الآخر المختلف، كيفما كان شكل هذا الاختلاف، ولم يختبأوا يوماً خلف شعار حكم الاسلام للهروب الى مشاريع قاتلة للوجود وللرسالة الغاية من هذا الوجود."
وتمنّى النائب البطريركي العام على نيابة صربا المارونيّة المطران بولس روحانا في مداخلته التي تمحورت حول "الكرامة الإنسانيّة في العالم العربي: عامل وحدة" على القِوى السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيَّة والدينيّة والعامِلِينَ في المجتمع المدني "أن يُضافروا جهودهم لنُصرَة كرامة الشخص البشَري، تشريعًا وتنفيذًا للقوانين، في سبيل تغيير البنى والذهنيّات الدينيّة والمُجتمعيّة المُلتويَة التي في ظِلالِها وعلى مُنعطَفاتِها تُنتَهَكُ تِلكَ الكرامة، ولا من نصير" .
وأضاف "علَّنا نجدُ في نَصِّ الإرشاد الرسولي: "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة"، خارطةَ طريق بها نستنيرُ لنُرمِّمَ آدميَّتَنا المجروحَة، يجمع بيننا همٌّ مُشتَرَك وهو ألاّ نعيشَ الدِّين كمأساة أو كفَشَل، بل كرِسالة جهاد وتحرُّر من الشرّ والأنانيّة نكتشف من خلالها جمال الكرامة الإنسانيّة ونبلها، في سبيل توطيد مجتمعات عربيّة تقومُ على الحريّة والمساواة والسلام العادل."
واعتبر روحانا أنه "من أجل ان تكون كرامة الشخص البشريّ عاملَ وحدة بينَ أبناءِ هذه المنطقة والوافِدينَ إليها، لا بُدَّ من صِيانَتِها وتَحصينِها على كلِّ المُستَوَيات. فيتمرَّس المسيحيُّون والمُسلِمون في البُيوت والمدارِس والجامعات وفي القطاعات العامّة والخاصّة على أن ينتَفِضوا معًا على كلِّ تمييز ينال من كرامةِ الشَّخصِ البَشَريّ، وهذا التمييز هو مِن نِتاجِ الشرِّ المُتربِّص فينا. ومأساةُ هذه الكرامة هي أنَّها تختَبِئُ وراءَ تصوُّراتنا الدينيّة والمُجتمَعيَّة والثقافيَّة والسياسيّة المُلتَوِيَة أحيانًا، وقد تخنقُها تلك التصوُّرات إذا لم نُسارِع إلى الكَشفِ عنها بموضوعيَّةٍ وصدقٍ وجُرأةٍ نبويَّة، وتنقيتها من الشوائِب التي عَلِقَت بها وتصويبها لنعودَ بها إلى الأصل كما أرادها الله، خالق الجميع."

تلاه الباحث الدكتور محمد علي مقلّد الذي ألقى مداخلة تمحورت حول "الإرشاد الرسولي رسالة ضد الاستبداد". فقال "نحن في لبنان ابتكرنا صيغا متعددة للاستبداد، لكن تحت خيمة شكلية من الديمقراطية، فرحنا نطبق الديمقراطية مبتدئين بصندوق الاقتراع ، أي من المحل الذي ينبغي أن تنتهي إليه خطوات كثيرة أخرى ، وأولها احترام حق الاختلاف والاعتراف بالآخر .فوق ذلك، اخترنا آلية انتخابية يلغي فيها بعضنا بعضا ، آلية تلغي الأقلية ، أية أقلية ، حتى لو حازت على 49%من الأصوات . الديمقراطية تبدأ بالاعتراف بالاخر لا بنفيه أو رفضه أو إلغائه . بهذا المعنى لا يكون القانون الانتخابي ديمقراطيا إن اعتمد على النظام الأكثري ، أيا يكن حجم الدوائر ، صغيرا أو كبيرا أو متوسطا أو دوائر فردية. كما أننا رحنا نطبق الديمقراطية في ظل أحزاب دينية أو طائفية أو مذهبية . والديمقراطية لا تستقيم مع هذا النوع من البنى الحزبية ، لأن آفاق التنافس بين هذه الأنماط الحزبية ستبقى مغلقة على الدين أو الطائفة أو المذهب".
وأضاف "أما في عالمنا العربي فقد كان التحايل على الديمقراطية أمرّ وأدهى ، إذ زعمت الأنظمة والأحزاب أنها تنطق باسم الأمة وأنها تمثل الإجماع ، واتهمت كل معترض على هذا الإجماع المزعوم بالخيانة وحكمت عليه بالموت أو بالسجن أو بالنفي . إذا كان الإرشاد الرسولي دعوة إلى قبول الآخر فهو إذن دعوة لمواجهة الاستبداد في العالم العربي ولمناصرة أهل الربيع المزهر حولنا . وهو، في الوقت ذاته ، دعوة إلى ربيع لبناني لا بد أن يزهر على أنقاض كوارث الحرب الأهلية، التي كان أخطر ما فيها استدراج الغريب والاستقواء بالأجنبي من أجل إلغاء الآخر من أبناء الوطن. إذا كان علينا أن نستكمل رسالة الإرشاد فليس أمامنا إلا سبيل وحيد يتمثل بالالتفاف حول مشروع الدولة ، دولة القانون والمؤسسات ، بدايته قانون انتخاب عصري يعتمد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية"...
وأكّد مقلّد "أننا في حاجة إلى استكمال الإرشاد الرسولي بمقطع يفصل فصلا حاسما بين سلطة الكنيسة وسلطة الدولة، بحيث تكون ممارسة السياسة حكرا على مدنيين من غير جبة ولا عمامة ولا قبعات عسكرية ، وخاضعة لقانون وحيد هو القانون الوضعي والدستور الذي يحمي حرية الإيمان والمؤمنين في ممارسة طقوسهم كما يحمي حرية المؤمنين الذين لا يمارسون طقوسهم الدينية وحرية غير المؤمنين."
أما مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور داود الصايغ جاءت محاضرته تحت عنوان "ما بين الربيع العربي وثوابت الفاتيكان"، فرأى " ان الكنيسة تتخذ وجه النضال عندما يتعلق الأمر بالإضطهاد، علما ً بأنه ليس لها من سلاح سوى الكلمة... فالفاتيكان هو مع أي صرخة حرية في العالم في أي مكان وزمان وهو ضد كل عنف، ضد الحروب على أنواعها، ومع الحلول السلمية للأزمات..."، لافتاً الى أنه " من تراث المسيحيين وعلة وجودهم في الشرق، هو الإلتقاء مع الحريات وليس الخوف. وأن تقلص وجودهم حصل عندما تقلص وجود الحرية إثر قيام أنظمة شمولية وعقائدية أجرت التأميمات على أنواعها، بما فيها تأميم الصحف ووسائل الإعلام، والحد بالطبع من جميع الحريات العامة."
واعتبر ان "حمايات الأنظمة هي إذن مذلـّة وواهية وغير مستدامة. ليس المطلوب من أنظمة الحكم أن تحمي، بل أن تعتبر جميع مكونات المجتمع مواطنين بالتساوي. هذا هو المؤمل من أنظمة الحكم التي ستنشأ بعد الربيع العربي، ووفقا ً على الأقل ما ذكرته وثائق الأزهر في مطلع هذه السنة وما ذكرته وثيقة الأخوان المسلمين في سوريا، حول حرية المعتقد وسائر الحريات العامة".
وأكّد الصايغ ان لقاءنا اليوم " في مكان برهن أنه محصن ضد الخوف في مرحلة التحولات العميقة التي تجري في المنطقة وفي سوريا، متطلعين دائماً الى غد عربي جديد، غدٍ يشبهنا نحن اللبنانيين، شاكرين للدكتور سمير جعجع دفاعه الدائم عن هذه القيـّم وحضوره ومشاركته هذه الندوة."

وتناول النائب د. عماد الحوت في مداخلته "الكرامة الانسانية في العالم العربي: قيمٌ مشتركة وعيشٌ واحد"، فشدد على ان " المواطنة حق لكل إنسان وبالتالي لمسيحيي الشرق، ولكنه حق لا يُمنح أو يمتن به، إنما هو حقٌ يكتسب من خلال الدور الفاعل وهذا ما هو منتظر ومتوقع من مسيحيي لبنان ومسيحيي الشرق رواد النهضة العربية وعنصر من عناصر نسيجها. وهو دعوةً لعدم الاستكانة للتسلط على حق اللبنانيين أن تحكم إرادتهم هم لا إرادة الآخرين مصير مجتمعهم، إنتفاضةٌ واعية حريصة، تكسر الحاجز الزجاجي الذي وضعه البعض لنا ليوهمنا أننا نعيش الديمقراطية بأبهى صورها بينما يحاول أن يرسم لنا صورةً للبنان مقنعةً له دون أن تهمه قناعة الآخرين بها"، لافتاً الى انه "حين يتعايش الناس في وطن واحد، فلا بدّ لهم من مشروع وطني يجمعهم، وينظّم الحياة المشتركة بينهم، بدءاً من الدستور، واختيار السلطة، وتشريع القوانين والاحتكام الى نتائج الانتخابات وسيلةً ليأتي من يختاره الشعب من أجل خدمته والعمل على تحقيق مطالبه."
وأكّد ان "الإسلام لا يُقر (الدولة الدينية) وليس فيه امتيازات لطبقة رجال الدين على صعيد الحكم، فالحكم فيه حسب الكفاءة والأهلية ورضا الناس الذين من حقهم ممثلين بأهل الحل والعقد (المجلس النيابي) محاسبته، وتقويمه وإلا عزله."
وأردف " ان النظرة الإسلامية للدولة تناقض الدولة الدينية الثيوقراطية التي تمارس الحكم الإلهي، التي يحكم الحاكم فيها بإسم الله وينصّب نفسه نائباً عنه في حكم المجتمع، ويُكسب قوانينه وممارساته قداسةً مطلقة من قداسته، ولهذه الاسباب رفضت الثورات العربية الأخذ بالنموذج الإيراني لأنه يقوم على مؤسسات رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان مع وجود سلطة روحية أعلى منها هي سلطة الولي الفقيه."
واذ رأى "ان بلادنا تضم تنوعاً دينياً ومذهبياً يمكن أن يشكل صورةً حضارية مشرقة للتعايش والتفاعل. والعلاقة بين الوطن وطوائفه يمكن أن تكون علاقة توافق وتكامل، حين تكون الحدود واضحة بين المساحة المشتركة والمساحات الخاصة، ويمكن أن تكون علاقة صراع، حين تريد الطوائف توسيع مساحتها الخاصة على حساب المساحة المشتركة، أو حين تريد السلطة توسيع المساحة المشتركة على حساب خصوصيات الطوائف"، أشار الحوت الى "ان المسلمين والمسيحيين أحرار في أمورهم الدينية وأحوالهم الشخصية والدولة لا تتدخل في هذه المسألة إلا لتنظيمها، أما المسألة السياسية فهي مفتوحة لكل المواطنين بالتساوي حقوقاً وواجبات."
وختم الحوت "لا يمكن لأي خطوة عملية في بناء مجتمعاتنا أن تتم إذا كانت المجتمعات تعيش في اضطراب دائم يهدد كل لحظة بتخريب ما يبنى وبتهديم ما بقي، ومن أدوات الاستقرار في نظرنا الخطوات التالية:
1. نشر ثقافة اللا عنف داخل مجتمعاتنا وترسيخ قيم التسامح والمحاسبة في إطارٍ قانوني عادل.
2. إدارة حوار مجتمعي حول خصائص الدولة التي خرجت الشعوب مطالبةً بها رافعةً شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الخاصة والأغراض الحزبية والمشاريع الإقليمية والخارجية، وتأكيد سيادة القانون والوقوف في وجه كل من يحاول إشاعة الفوضى.
3. التقدم على طريق المصالحة والسلم الداخلي، على قاعدة المكاشفة والاعتذار عن الأخطاء والمحاسبة، والمحافظة على مؤسسات الدولة وتعزيزها.
4. الاحتكام فقط لنتائج انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهة تسمح بمشاركة الجميع كطريقٍ أساسي لبناء دولة مدنية يحدد ملامحها دستورٌ يقوم على قاعدة المواطنة وسيادة القانون.
5. الاعتراف بكل المكونات السياسية والمذهبية والطائفية والعرقية على قاعدة المواطنة والمساواة والحق في التعبير عن خصوصياتها الثقافية والمشاركة في بناء السلم الأهلي." 

  • شارك الخبر