hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - كريستينا شطح

"الرياح الجنبلاطيّة" تهبّ عكس "شهيّة 14 آذار"

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٢ - 08:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وقد اعتُبر هذا الموقف الجنبلاطي بمنظور 8 آذار بمثابة "إعادة التموضع النهائي" سياسيّاً وليس ادارياً في 14 آذار، ومن ثمّ جاء لقاء باريس بين جنبلاط والحريري لتتويج كل هذا المسار الذي بدأه الزعيم الجنبلاطي منذ انطلاق الثورة السورية.

كانت قوى 14 آذار تتعاطى مع الوضع السياسي على خلفيّة انتظارية ربطاً بالوضع السوري، ولا تريد اسقاط الحكومة. لكنّ اغتيال الحسن أعاد خلط الأوراق رأساً على عقب، اذ اعتبرت هذه القوى أن هذا الاغتيال يشكّل مَساساً بالخط الأحمر المتمثّل بعودة الاغتيالات السياسيّة التي كانت قد غابت عن المسرح السياسي بعد اتفاق الدوحة عام 2008.

وبالتالي، شكّل الاغتيال كسراً للهدنة السياسيّة التي كانت قائمة في لبنان عبر القضاء على التوازن الأمنيّ في البلد عبر المحاولات الواضحة والمكشوفة من أجل التخلّص من كلّ الشخصيّات الوازنة في المسرح الأمني والسياسي.

وتفيد معلومات مؤكّدة أن الحكومة الحالية باقية حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، وانّ كل ما يُحكى عن سيناريوهات وأشكال لحكومة مزعومة هو أمر عار من الصحة.

وعلى رغم لقاء جنبلاط - الحريري في باريس أخيراً، فإنّ "البيك" يفضّل البقاء ضمن التموضع السياسي الجنبلاطي الحالي، وقد أبلغ هذا الأمر الى كلّ من الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، وأوعزَ الى جميع نوّابه ووزرائه لعدم التطرّق الى استقالة الحكومة في الاعلام، الأمر الذي يَنعى كل ما يُقال عن تشكيل حكومة جديدة.

وتشير المعلومات الى أنّ جنبلاط كان حريصاً عشيّة اغتيال اللواء الحسن على عدم استقالة الحكومة، وقد هاتف ميقاتي الذي كان مُنهاراً وحاول شدّ أزره وأوفدَ اليه الوزير غازي العريضي حاملاً الرسالة التالية:

"الاستقالة لا يجب أن تكون واردة، وانّ جنبلاط لا يسحب وزراءه من الحكومة ولن يعلّق مشاركتهم فيها حتى في حال عدم إحالة ملف الحسن الى المحكمة الدوليّة".

الموقف الجنبلاطي كان يخشى من أن تؤدّي الأحداث الأمنية، وتحديداً الاغتيالات السياسيّة، الدور الأكبر في دفع ميقاتي الى الاستقالة. إلّا أنّ اغتيال الحسن، وعلى رغم أنّه شكّل خللاً وحرجاً أمنيّاً للحكومة، لم يؤدَ الى استقالتها، بل على العكس، تمسّك ميقاتي أكثر بالحكومة واستأثرت قوى 8 آذار بالسلطة عبر بقاء الحكومة والحفاظ عليها كونها "صنيعة" "حزب الله" الذي تقول 14 آذار إنه "استفاد من عملية اغتيال الحسن، فالجميع يعلم أن الأخير أسّس لقوى 14 آذار ترسانة معلومات أمنيّة وشبكة اتصالات هاتفية استثنائية كافحَت شبكات التجسّس الاسرائيلية، وتفوّقت على "حزب اللّه" من حيث شبكة اتصالاته الكبيرة، الّا أنّ هذا الأمر ذهب برحيل الحسن عن فرع المعلومات".

وعلى هذا الأساس عادت العلاقة بين جنبلاط وقوى 14 آذار الى "مربّع الأزمة"، وهذا ما يفسّر ردّة فعل الرئيس سعد الحريري العنيفة على كلام جنبلاط في برنامج "كلام الناس"، حيث اعتبر الأخير أن جنبلاط أخلّ بمبدأ "المجالس في الأمانات".

وعلى رغم دخول رئيس الجمهورية على خطّ الوساطة بين الرجلين، واصراره على طَيّ صفحة الخلافات، واتصال الحريري بجنبلاط بناء على طلب الرئيس سليمان، الّا أنّه بات من المؤكّد، بالنسبة الى قوى 14 آذار، أنّ جنبلاط ما زال يخضع لميزان القوى العسكري القائم في لبنان، والمتمثّل بـ "حزب اللّه"، ولا يريد المجازفة السياسيّة.

وقد قوبل موقف جنبلاط من ناحية التمسّك بالحكومة، أو لجهة اشتباكه مع الحريري، باحتضانه لدى "المربّع السياسي" الموجود فيه حاليّا، عبر زيارة الرئيس ميقاتي له في المختارة لشُكره على هذا الموقف.

وفي المحصّلة بَدا جلّياً أنّ ثمّة تناقضاً أو هوّة واسعة بين جنبلاط و14 آذار لجهة النظرة الى صيغة الحكومة المقبلة، والتغيير الحكومي. وهنا، تبرز وجهة نظر داخل 14 آذار تقول إنّ اشتباك جنبلاط "المُفتعَل" مع الحريري يهدف الى إيصال رسالة واضحة المعالم تؤكّد أنّ جنبلاط متمسّك بالحكومة واستمرارها، ما يخدم سياسة "حزب الله" التي تعطي الأولويّة لهذه الحكومة. وبالتالي، أصبح من المؤكّد أن قوى 14 آذار، وبعد التجربة الأخيرة مع جنبلاط، أسقطت أيّ رهان على تحالف سياسي أو تعاطٍ معه على أساس مبدأ "المقايضة السياسيّة".

الجمهورية

  • شارك الخبر