hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - رضوان مرتضى

عميد حمود: ضابطٌ يتحدّى الدولة

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٢ - 10:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في عمليات تهريب السلاح إلى سوريا، ابحث عن عميد حمود. في تجنيد الشبّان للقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، ابحث عن عميد حمود. في أحداث باب التبّانة وجبل محسن، ابحث عن عميد حمود. في الاشتباكات المسلّحة وأعمال القنص التي تشهدها بيروت، ابحث عن عميد حمود. في صفقات السلاح وباخرة السلاح «لطف الله 2» والتنسيق مع الجماعات المتطرّفة، ابحث أيضاً عن عميد حمود. في الاعتداء على عناصر الجيش، ابحث عن عميد حمود. في معظم التقارير الأمنية، سواء تلك التي تُعدّها استخبارات الجيش أو فرع المعلومات، يستحيل إلا أن تجد اسم العقيد المتقاعد من الجيش اللبناني، عميد حمود.
إنجازات العقيد المتقاعد ونشاطاته لا يحدّها حدّ، لا سيما أنه يبدو متأثراً بتجربة حزب الله. انطلاقاً من ذلك، «يجهد لاستنساخ تجربة حزب الله لإسقاطها على الطائفة السنيّة»، وبالتحديد في طرابلس والشمال. لكن، كان ذلك حتى ما قبل أسبوع، إذ يبدو أنه قرر نقل نشاطه إلى العاصمة. تؤكد مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن العمود الفقري للمجموعات المسلّحة المقاتلة في بيروت، يتكوّن من مجموعات تأتمر بتعليمات الضابط المتقاعد حمود. وتشير إلى أن في صفوف المجموعات التابعة له ينشط مقاتلون سوريون وفلسطينيون ولبنانيون، يتمركزون في محيط سوق اللحم وجامع صلاح الدين في الطريق الجديدة. وترجّح المصادر الأمنية أن يكون عميد حمود قد قاد الهجوم الذي جرى أوّل من أمس ضد حي روما في وطى المصيطبة. ليس هذا فحسب، بل تذكر المصادر الأمنية أن «بين هؤلاء المسلّحين أفراداً متشددين معبّئين طائفياً لمواجهة حزب الله». وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن عدداً من هؤلاء المقاتلين سبق أن شاركوا في عمليات عسكرية ضد الجيش السوري في مناطق حمص وريف القصير.
إذاً، ذاك الضابط الذي يفخر بأنه خلع بزة الجيش اللبناني عام 2008، خلال أحداث أيار، بات يُعدّ «الرقم الصعب» في المواجهة الأمنية الدائرة بين أجهزة الدولة الأمنية والمجموعات المسلّحة الناشطة في دعم «الثورة السورية»، إيماناً بـ«مشروعٍ» خارجٍ عن سلطة الدولة القائمة يراه حمود قريب المنال. ينطلق حمود من قاعدة تجد في المال والسلاح والعصبية المذهبية شروطاً ثلاثة لبناء كيانٍ قوي، فينشط في استجلاب المساعدات والدعم. وبهذا المال يشتري السلاح، يجمعه ويوزّعه على أتباعه. أما العصبية الدينية فيعززها بواسطة رجال دين متطرّفين يكثرون في طرابلس. يعاونه في ذلك ثلاثة رجال (ضبّاطٌ متقاعدون) يشبهونه ويشاطرونه الحلم نفسه.
يتردد اسم حمود في أكثر من مقام، فباتت أصابع الاتهام تُوجّه إليه عند حصول أي هزة أمنية، وبالتحديد في منطقة الشمال. ويجري التداول باسمه في الأروقة الأمنية باعتباره الشخصية التي تنقّلت بين السعودية ومصر وليبيا للتنسيق من أجل إحضار شحنات سفينة الأسلحة «لطف الله 2». قبلها حُمّل مسؤولية مخزن الأسلحة الذي انفجر أوائل شهر شباط الماضي في منطقة أبي سمراء. كذلك ورد اسمه في التسجيل المصوّر الذي عُرض أخيراً ويظهر فيه عناصر من الجيش السوري الحر يعدمون أحد عناصر تنظيم فتح الإسلام وليد البستاني، الذي فرّ من سجن رومية في لبنان منذ عدة أشهر ليظهر في الشريط المصوّر في صفوف الجماعات المسلّحة التي تقاتل ضد النظام في سوريا. في هذا التسجيل، واجه البستاني العناصر المسلّحة التي أعدمته بالقول إنه يعلم أن «عميد حمود أرسلكم لتقتلوني». كذلك يُظهر أحد مقاطع الفيديو المنشورة على شبكة الإنترنت، بالصوت والصورة، وجود نزاعٍ مالي بين حمود وبين معارضين سوريين يتّهمونه بـ«سرقة أموال الثورة»، مع شخص «يدعى أبو كرمو». واسم «أبو كرمو» هذا ورد في محضر التحقيق الذي أجرته استخبارات الجيش في قضية سفينة السلاح «لطف الله 2»، كأحد الذين يتولون نقل سلاح الباخرة.
في المحصّلة، تملك الأجهزة الأمنية عشرات التقارير التي توجه أصابع الشبهة نحو حمود. وفي أحد تقارير جهاز أمني رسمي، يُذكر أن «العقيد المتقاعد عميد حمود يتولى تجنيد شبان للقتال في الشمال وإرسال بعضهم إلى سوريا وتسليمهم أسلحة». يكمل التقرير أن الشبان التابعين لحمود «يشاركون في كافة الاشتباكات التي تحصل في طرابلس». وتذكر المعلومات أن مساعد حمود الذي يدعى ع. ط. يتولى مهمة توزيع السلاح المخزّن في مكتب عائد لحمود (عنوانه مذكور في التقرير)، وتجنيد الشبان المقاتلين، وقيادة المقاتلين التابعين لتيار المستقبل في منطقة الرفاعية ومحيطها، بناءً على تعليمات من عميد حمود نفسه. كذلك يخوض التقرير نفسه في تفاصيل دقيقة تتعلّق بتحرّكات حمود، فيذكر أن حمود يقيم في فيلته الكائنة في القلمون حيث يتولى حمايته عدد من الحراس بكامل عتادهم وأسلحتهم.
ورغم ما تقدّم، فإن أي جهاز أمني لم يجرؤ بعد على توقيف حمود، أو حتى استدعائه للتحقيق معه. وعندما يُسأل المسؤولون الأمنيون عن ذلك، يخففون من المسؤولية عن أنفسهم، ويلقون باللائمة على القيادات السياسية والمرجعيات الدينية التي تمنح حمود الغطاء للاستمرار في ما يقوم به.
"الأخبار"
 

  • شارك الخبر