hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل "التغيير والاصلاح"

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٢ - 20:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقد تكتّل التغيير والإصلاح اجتماعه الاسبوعي في الرابية، تحدث بعده دولة الرئيس العماد ميشال عون الى الصحفيين فأشار بداية الى موضوع التهريب القائم في اكثر من مرقق منتقداً عدم تعيين مدير للجمارك ولا مجلس إدارة.
في موضوع الهروب المتكرر لموقوفي فتح الاسلام من سجن روميه، حمّل المسؤولية لمدير عام قوى الامن ولجهاز المعلومات الذي أولى واجباته حماية الثكنات، بدل السطو على صلاحيات الأجهزة الأخرى، معرباً عن خشيته في أن يكون المهرَّبون هم الشهود على الاتفاق الذي حصل خلال أحداث نهر البارد بين مسؤولي فتح الاسلام وبعض قيادة قوى الأمن الداخلي، ويتم تهريبهم قبل المحاكمة.
العماد عون لفت في موضوع قانون الانتخاب الى أن مشروع ال 50 دائرة هو للتلاعب بالأرجحيات، ولا يمكن أن يؤمّن التمثيل الصحيح، لا هو ولا قانون ال 60.
ورداً على افتراءات الميليشيات، ذكّرهم بأن ما قاله عن دورهم عن 13 تشرين ليس اتهامات بل حقائق موثقة، ووثقها كتاب الياس الهرواي وكتاب طنوس معوض (عن الرئيس معوض)، وكلاهما رويا الاتصالات مع القوات والخطط التي أعدوها معاً لاجتياح المنطقة.

وقال:
في اجتماعنا اليوم تطرقنا الى عدد من الفضائح في الدولة، أولها وضع الجمرك؛ نشرت إحدى المحطات التّلفزيونية مؤخراً تقريراً عن وضع الجمارك في بيروت وتحدّثت عن التّهريب وعن الخلل في هذا المرفق العام. ما شمله التقرير يشكّل ثلث المشكلة، إذ هناك ثلثان بعد في مكانٍ آخر، وسنترك المجال للمحطة كي تكمل ما بدأت بها، وتصل الى المرافق الباقية الّتي يحصل فيها تهريبٌ للبضائع بدون جمرك، لربّما يتحسّن الوضع!. الدّولة هي المسؤولة عن هذا التّهريب، ليس فقط من ناحية الإهمال، فلا وجود لرئيس مجلس إدارة للجمارك، ولا يوجد حتى مجلس إدارة، والإجراءات لتعيين هذا المجلس اتُّخِذَت، وطُبِّقَت آلية التّعيين والأسماء موجودة منذ مدّة، ولغاية الان لم يتم التعيين.. مؤسسة بدون رأس، فكيف ستعمل بشكلٍ سليم؟! ومن المسؤول عنها؟ عندما يكون هناك مدير فهو المسؤول وهو الّذي يسهر على عناصره وعلى عملهم، لكن الآن مع من ستحقّق الحكومة؟! مع اسمٍ أو اثنين؟ لكن باقي الأجهزة فأين تكون "فالتة"؟
لماذا تأخير التعيين؟ لست أتكلّم عن أمر فيه قضايا خلافية كما حصل في القضاء، إذ لا وجود لقضايا خلافية هنا، وهذا الأمر متّفقٌ عليه. أقول هذا الكلام للمرّة الأخيرة: يجب تعيين مسؤولين في قطاع الجمرك، لم يعد بإمكاننا أن نحمل سلبيات الحكومة لأنّها مهمِلة، لأنّ هناك أشخاصاً في قلب إدارتها وفي قلب الحكم يريدون أن يفشلوا اللّعبة كلّها. كلّ شخص يحاول التّأخير أو عرقلة من له الحق بوضع الجدول أو إبداء الرأي،، فهو شريك في هذه الجريمة الّتي تُرتَكَب بحق هيكلية الدّولة اللّبنانية.
من ناحيةٍ أخرى، بحثنا موضوع الأمن، لسنا نتحدّث عن الأمن العسكري إذ نحن نعرف ماذا يحصل على الحدود، وهذا الصّراع الّذي يقومون به على الحدود هو لتضييع الوضع الأمني الدّاخلي الّذي فيه إجرام وشراكة بين أجهزة أمنية وما يحصل في سجن رومية. لا نصدّق أن جهازاً أمنياً يقدر على الايقاع بعملاء لإسرائيل ولا يقدر أن يضبط من يهرّب مساجين في سجن رومية! ولا يجوز أنّ هناك ثلاثة أو أربعة أفواج من الضّباط تسّلمت هذا السّجن ومنذ الفوج الأول يحصل التّهريب وبنفس الطريقة، المضبوطات التي رأيناها مذهلة، منشاراً كهربائياً، سكاكين، هواتف خلوية بالمئات، الات حادة، مخدّرات...!! هذه زعرنة من؟ هناك جهاز اسمه جهاز المعلومات. واجباته الأساسية أن يضبط الثّكنات وعمل قوى الأمن الّذي لم يكشف جريمة ولم يكمش تهريب أيّ سجين. هذه مسؤولية جهاز المعلومات ووسام الحسن بالذّات، ورئيسه أشرف ريفي. سيقولون إنّهم أوقفوا ضباطاً من المسؤولين عن أمن السجن، ولكن هؤلاء هم في كعب المسؤولية. المسؤولية الكبيرة هي على مدير قوى الأمن الدّاخلي وجهاز المعلومات، ومهمّة هذا الأخير الأساسية قبل أن يسطو على غير صلاحيات هي ضبط أمن المؤسسات الأمنية. عندما يحصل التّهريب أكثر من مرّة وبالوسيلة نفسها، فلا بد من السؤال من يقوم بتهريبهم؟! أنا متأكّدٌ أن ليسوا الملائكة، لا جبريل، ولا ميخائيل، ولا غيرهما... بل من يهرّبهم هم شياطين موجودون في جهاز الأمن، وكلّنا نعرف أنه في أحداث نهر البارد كان هناك تواطؤ بين أشخاص من مديرية قوى الأمن الدّاخلي وبين مسؤولين من فتح الاسلام قُتِلوا فيما بعد. أنا أخشى ما أخشاه أن يكون هؤلاء الذين يهرّبون هم شهود على ما حصل، هرّبوهم جميعاً قبل المحاكمة. فقد أصبح الكثير منهم خارج البلد، سفّروهم قبل أن يصلوا إلى المحكمة أو إلى التّحقيق، والآن القسم الباقي يهرب أو يهرّبونه بالأحرى، وهذا التّكرار يرتّب مسؤولية على أعلى سلطة في الدّولة لأنّها هي السلطة. الإهمال المتمادي أو التّواطؤ المتمادي بدون أن يكون هناك سلطة تراتبية تسأل وتحقّق لا يجوز. في الجيش عندما كنّا نمارس القيادة، نعرف أنه إذا خالف أحدهم فعلينا أن نوجّه إليه أولاً ملاحظة ثمّ يأتي التّأنيب، بعد ذلك العقوبة.. ولكن إذا تكرر المخالفات، عندها يتحمل المسؤولية من هو مسؤول عنه، لأنه لم يستطع فرض الإنضباط!
من هنا، أنا أسأل رسمياً وزير الدّاخلية ورئيس الحكومة ورؤساء القوى الأمنية، أريد أن يجيبني مسؤول ، أريد أن أعرف من الّذي أهمل وأريد أن أعرف ما هي التّعليمات المعطاة لقوى الأمن الموجودة هناك، فلينشروها وليوقّع عليها الضّباط المسؤولون ليصادقوا على صحتها.
هذه أكبر فضيحة مستمرة مع الزّمن ويبدو أن الجميع راضين عنها، أو على الأقل غير معترضين. يذكّروننا بال"Omerta" أي قانون الصّمت عند المافيا؛ تقعُ جريمة أمام عشرين شخصاً، جميعهم ينكرون أنهم سمعوا أو رأوا.. الصّمت هنا هو مشاركةٌ في الجريمة، وتقاعس عن القيام بالواجب وإخفاء للمسؤليّات. أصبح هناك الآن مسؤوليّة جماعيّة على كلّ من توالى على السّلطات الأمنيّة. جميع بلدان العالم المتطوّرة تحمّل هذه المسؤوليّة وفقاً للقوانين أمّا البلدان غير المتطوّرة فتقوم بقطع الرؤوس. دعونا نكون متطوّرين ونحمّل المسؤوليّة كما يجب وفقاً للقوانين، ونحن لا نريد أكثر من ذلك.
أمّا بالنّسبة لقانون الإنتخاب، هناك فوضى كبيرةً تحصل في التّصاريح. سمعت أنّ أحدهم قد دعاني إلى التّراجع عن قانون النسبيّة وألاّ أزايد بالقانون الأرثوذوكسي وأن أوافق على قانون ال50.
كم من مرّةٍ سنقول لهؤلاء النّاس إنّ قانون ال50 غير وارد في مشروع النواب الموارنة الذين اجتمعوا في بكركي. طُرح قانونان، الأوّل قانون اللقاء الأرثوذوكسي والثاني قانون الدّوائر النّسبيّة المتوسّطة، وقد اعترضوا في الدّوائر النسبيّة المتوسّطة على ال13 ويريدون 15 فوافقنا، من أين أتوا بموضوع ال50 دائرة؟! قسموا الدوائر وحيث هناك مسيحيون وضعوا قوة ترجيحية أخرى، بحيث لا يعود أي صحة للتمثيل. لقد قرفنا من معالجة هذا الموضوع.. "يحلّوا عنّا بقى.."
يقولون إنّهم كانوا يمزحون بشأن القانون الأرثوذوكسي ولا يريدونه، ولكن لا يجوز أن نستمرّ في المزح في قانون الانتخاب.
وأود أن أشير أيضاً الى "إنجاز عظيم" تمّ اليوم بكلّ هدوء وهو التّجديد للجان مجلس النوّاب.

ثمّ أجاب عن أسئلة الصّحافيين:
س: بالنّسبة لقانون الإنتخاب يُروّج مؤخّراً أنّه لن يكون هناك إنتخابات. هل أنتم فعلاً مع مقولة إمّا إنتخابات ضمن قانونٍ جديد أو لا إنتخابات؟
ج: نحن لسنا نقول ذلك، ولكنّ الفريق الآخر يرفض كل اقتراحات القوانين المقدّمة حتّى يستمرّ قانون الستّين لأنّه مرفوض، وبعد قانون اللوائح المتعدّدة الأسماء فإنّ قانون الستّين هو أبشع قانون انتخابي وُضع في أيّ دولة. حصل مثل هذا الأمر في أميركا في العام 1905، فوُضع قانون عرف" بgerrymandering " نسبةً لاسم من وضعها، وهو يقوم على التلاعب بالأرجحيات وقد تأثر العالم كلّه بنتائج هذا القانون.
قانون الستّين ليس عادلاً، هو غيرُ عادلٍ بحقّنا وبحقّ من هم ضدّنا لأنه لا يؤمّن التمثيل الصحيح فهو تفصيل لدوائر سياسيّة لإعطاء الأرجحيّة لأناس على حسابِ أناسٍ آخرين، بينما القانون الذي قدّمناه يساوي بين الجميع.

س: تحدّثت عن سجن روميه وعن مسألة الفرار التي تتكرّر نتيجة التواطؤ. كنّا أمس في سجن روميه وتبيّن أنّه لا زال في حالةٍ قديمةٍ جداً ويُرثى لها، بحيث لا يوجد كاميرات وأدوات جدّية للمراقبة. ألم يحن الوقت لاتّخاذ أيّ خطوات بالنّسبة إلى إقرار تمويل وتحسين وضع سجن روميه بانتظار إنشاء سجونٍ جديدة؟
ج: منذ العام 2011، تحديداً منذ عام وتسعةِ أشهر تقريباً تقدّمت بقانونٍ معجّلٍ مكرّر لبناء سجنين، أحدهم في الشّمال والآخر في الجنوب. القانونُ أقرّ ولكن حتّى الآن لا نجد وزارةً لزّمت الموضوع أو أيّ شيء. نحن نعيش اليوم في عصر ال" republique des escargots " أي دولة "البزّاق" لأنّ إدارتها أبطأ من "البزّاقة" أيضاً، فأحياناً تسير بالطّريق المعاكس، وتعود إلى الوراء ولا تتقدّم دائماً. كانوا يضربون المثل في السّلحفاة، ولكن السلحفاة سريعةٌ جدّاً نسبةً لسرعة الدّولة اللبنانيّة. ماذا سنفعل؟! نحن نرى ونقترح اللازم ثمّ يذهب كلّ شيء.
دائماً وفي كلّ عام يضعون الموازنة ثمّ يؤخّرونها ليبدأ فصل الشّتاء، ويصبحون بحاجةٍ لأن يزفّتوا الطّرقات. ففي كلّ بلدان العالم يتمّ ترتيب جميع الأعمال الإداريّة حتّى يبدأوا التزفيت في أوّل موسم الجفاف أي من أيّار حتّى نهاية الصّيف الى تشرين الثاني. لكنّ هذا الأمر لا يُنجز عندنا.
لذلك أقول دائماً إنّ هناك نوايا سيّئة، وهناك ابتزاز، هناك من جميع السيّئات والرّذائل في الحكم والإدارة. لماذا لا توضع الموازنة في بداية فصل الصّيف حتّى يقوموا بتزفيت الطّرقات؟! من الذي يقوم بالعرقلة؟ لا يعطون قيمة للوقت، فيما الوقت هو أغلى شيء في الحياة. لا نستطيع أن نعيد الخطّ الزّمني الذي نعيشه إلى الوراء. الوقت هو أغلى ما في الوجود.

س: بخصوص بنود الإنتخابات، هل ستُدرس فعليّاً المادّة التي تُعنى بصرف الأموال، لا سيّما إنذنا قرأنا عن الرئيس الحريري الذي يقول إنّ المسيحيّ يساوي دولاراً، وإنّ سمير جعجع يزوره ليستعطي، كما يقول إنّكم تقبضون الأموال... هل ستقرّ فعلاً المادّة التي تمنع صرف الأموال في الإتخابات؟
ج: لا أعتقد أنّ سعد الحريري يقول هذا الكلام، فحتّى لو اختلفنا معه سياسيّاً، هو رجلٌ جيّد وإبن عائلة. ولكن لنفترض هذا الكلام صحيحاً، فدائماً هناك شواذ يثبت القاعدة، وهنا أيضاً هناك أناس "شواذ"، يحطّمون "أكبر رأس"، حتّى ولو كان ماليّاً.

س: تحدّثت عن الجمارك وعن سجن رومية وعن الفساد وعن الإدارة، وكأنّك زعيم المعارضة اليوم في لبنان. هل نسيت أنّكم في الحكومة وقد مضى على استلامكم السّلطة مدّة عام وكان من المفروض أن تبدؤوا بالإصلاح، وإن لم تكونوا قادرين، إستقيلوا من الحكومة.
ج: تكلّمت عن القطاعات التي لا تخصّنا مباشرةً. من يستطيع أن يعلّق بالسّوء على الوزارات التي استلمناها، فليتفضّل ونحن جاهزون للنّقاش. عندما نكون في الحكم، نعارض حيث يجب أن نعارض، وعندما نكون خارج الحكم، نعارض حيث يجب أن نعارض أيضاً. الحكم ليس بالنسبة لنا جائزة ترضية تجعلنا نتغاضى عن الأخطاء التي تحصل حولنا. عندما نستلم وزارةً جديدة ستشهدون على "نبش القبور". نقول "نبش القبور" أُسوةً بالقضايا المدفونة في الوزارات. التحدّي الكبير هو بعدم قدر أيّ أحد على التعليق على عمل وزاراتنا. وكما وعدناكم، سنقدّم لكم الكثير من الوثائق، وسنرى كيف ستتعاطون معها في الإعلام. لستم أنتم الملامون، إنّما المسؤولون عن الوسائل الإعلاميّة، الذين يحذفون قسماً من الخبر قبل أن ينشروه.

س: إتّهمت القوّات اللّبنانيّة بمساعدة القوّات السوريّة بالعمل العسكري ضدّك في العام 1990...
ج: لم أتّهم، إنّما أكّدت بالحقائق والوثائق. أنا لا أتّهم أحداً.

س: هناك كلام يقول إنّ هذا الإتّهام هو لتبرير الفشل ولإخفاء قضيّة شهداء 13 تشرين وقضيّة المعتقلين والمخفيّين في السجون السّوريّة.
ج: هل منعه أحد من المطالبة بهم؟ أنا قدّمت أخبار الإجتماعات. هل قرأ كتاب الهراوي؟ رئيس الجمهوريّة الذي تعاملوا معه، هو من نشر رسائلهم، وهو من اتّفق معهم على قصف المناطق الشّرقيّة والغربيّة، وعلى اختراع أسماء وهمية لمنظمات وجمعيات كي تطالب القوّات السّوريّة بالإسراع في اجتياح المنطقة. لست أنا من قال هذه الأمور، إنّما الهراوي، وهو نفسه الذي دفع لي ورثته مبلغ 30 مليون ليرة بسبب ثرثرته بما يتعلّق بالمال. اقرأوا ما كتبه طنّوس معوّض في كتابه "18 يوم من عمر الجمهوريّة"، كيف اجتمع فلان وفلان في منطقة القطّارة، وكيف اتّفقوا مع السّوريّين على خطّة عسكرية، يبدؤون بتنفيذها من الشمال. أنا لم أقل شيئاً. "هذه الوثائق من عندهم وليست من عندي". وحتّى عندما أتكلّم عن المال، الوثائق التي أقدّمها ليست من منزلي، إنّما من وزارة المال. نحن لا نختلق أيّ شيء. نحن نتشرّف بصداقة معارضٍ لنا نتعامل معه بمستوى أخلاقيّ وثقافيّ ضمن حدود التّنافس. نحن نرفض الكذب والخداع والتّمييع والتّضليل. نستطيع أن ننشر وثائق بالقدر الذي يشاؤون، وإن تمادوا في الإنكار، نستطيع أن نجلب الشّهود الأحياء الذين كانوا معهم يومها.

س: سالك كيف استطعت أن تغفر لقاتل شهداء 13 تشرين؟
ج: هذا لا يعيش في عصرنا. هو لا يزال يعيش في عصر البدو وعصور ما قبل الإسلام.
يتكلّم وكأنّه لا يفهم بعلم الاجتماع، ولا يعرف قواعد الحرب، ولا يعرف قواعد السّلم، ولا يعرف متى يجب أن تبدأ الأمور ومتى يجب أن تنتهي. هل من حربٍ بدأت من دون أن تنتهي؟ بين من ومن يجب إقامة السلم؟ هل تتمّ إقامته بين الإخوة المتحابّين الذين يعيشون سويّاً، أو بين الأعداء الذين يتقاتلون؟ إن لم يكن يفهم بهذه الأمور البدائيّة، فهل يحقّ له أن يتعاطى في المجتمع ويلقي الخطابات؟ فليتعلّم أوّلاً بين من ومن يُقام السلم بعد الحرب. ألم تتمّ المصالحة بين ألمانيا وفرنسا بعد ثلاث حروب ذهب ضحيّتها ملايين البشر؟ أقصد حرب 1870 وحرب 1914 وحرب 1939. من أين نستطيع أن نأتي بأناسٍ معلّمين ومثقّفين سياسيّاً لنتكلّم معهم؟ يجب نستورد من السويد وألمانيا، من البلدان التي تحاربت مع بعضها في السابق. في كلّ مرّة يسألني إن غفرت لهم. فليذهب ويقتلهم بما أنّ الحرب دائرة عندهم. فليأخذ جنوداً وليذهب ويقاتل هناك. فليبحث عن الذين ضربوا وقتلوا هنا.!!
نفتخر أنّنا قاومنا في المعركة. لكلّ معركة زمان ومكان، وقد شاركنا في المعركة في حينها، ولكن هم يتأخّرون دائماً في الحرب، ويتأخّرون أيضاً بإقامة السّلم. يقومون بالسّلم وقت الحرب، ويحاربون في وقت السّلم.
هذه الأمور تحتاج للمعرفة وللنّضج السياسي، كما أنّها تحتاج لشخصيّة تتحمّل المسؤوليّات، وتسير عكس عواطفها، لأنّه ولإنقاذ الإنسان، على المسؤول ان يسير عكس عواطفه. فإذا حاولت مساعدة إنسانٍ يغرق، وتمسّك مذعوراً برقبتك فأنت مضطر لضربه وربما لإفقاده وعيه، لتتمكّن من إنقاذه، لأنّك لو تركته يمسك برقبتك، لغرقتما معاً... ونحن لم نتعوّد على الغرق.  

  • شارك الخبر