hit counter script
شريط الأحداث

- جهاد الملاح

أنا مع انتفاضة المرأة العربية لأني... أخاف الله

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٢ - 07:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ظهرت منذ أيام انتفاضة عربية جديدة، عنوانها هذه المرة "المرأة"، إذ انطلقت الشعارات من مواقع التواصل الاجتماعي لتجذب أكثر من ثلاثين ألف مشارك ومتابع من الجنسين، نشطوا، من خلال لافتات جدية ورصينة وغير مبتذلة، في المطالبة بتعزيز حقوق المرأة، التي يبدو أن الربيع العربي لم يصبها بأي زهر.
لا شك أن قضية المرأة تتطلب الحديث عن إشكاليات كثيرة في المفاهيم السياسية والاجتماعية والدينية. إلا أن ما يستدعي الانتباه هو أن تلك الانتفاضة في العالم الافتراضي، كشفت أن مواضيع العنف ضد النساء والاغتصاب والتحرش والزواج القسري والتعامل غير الإنساني من قبل العائلة و المجتمع، وما إلى ذلك، تستحوذ على جزء كبير من هواجس فتيات العرب.
في الواقع، إن التركيز التلقائي من قبل المشاركات في الحملة، على هذه المواضيع، يشير إلى مشكلة كبيرة تعاني منها المرأة العربية. فهذه المطالب من المفترض أنها بديهية جداً، ولا تتناسب أبداً مع السيرورة التاريخية للمرأة، وما سجلّته من تراكمات في المكتسبات، بدءاً من زنوبيا ملكة تدمر، مروراً بأول مؤتمر نسائي في "سينيكا فولز" عام 1848، وإنشاء مدرستين للنساء في مصر وتونس عام 1900، وصولاً إلى القرن العشرين الذي حصدت فيه المرأة في العالم، حقوقها المدنية والسياسية تباعاً.
أليس من المأساة أن تركّز فتيات العرب على طلب الأمان من التحرش ومن الزواج قسراً، وعدم النظر إليها كسلعة، في دول يُقال إن للدين مكانة فيها، بينما هي في زمن من المفترض أن تسأل فيه عن حقها في المشاركة السياسية الفاعلة، وفي التعليم ومنح الجنسية لأولادها، وعن تعزيز دورها وإنتاجها وجعلها فعلاً نصف المجتمع، وغيرها من المطالب التي تتناسب مع الدين الحقيقي والقرن الواحد والعشرين؟
اللافت أيضاً في تلك المطالب، أن الكثير منها يركّز فقط على انتقاد الإسلاميين، مع أنها مطالب تتعلق بآفات عامة وقديمة في العالم العربي، وغير مرتبطة بصعود الإسلاميين في بعض الدول العربية وظهور مشاريع تشريعات جديدة تقلّص من حقوق المرأة.
فإذا كان بعض الإسلاميين يدفعون حالياً نحو تقليص حقوق المرأة السياسية والمدنية، ألا يُعتبر الآخرون، الذين حكموا العالم العربي منذ عقود، مسؤولين عن تلك الآفات التي تجذّرت في المجتمعات العربية؟ وهل كان الحكام العسكريون والمدنيون يخشون آراء وفتاوى بعض الإسلاميين، لو كانوا أرادوا تعزيز دور المرأة في السلطة والمجتمع؟
أليس النظام المصري السابق هو الذي امتنع عن مكافحة التحرش في الشوارع ومعالجة أسبابه؟ وأليس لبنان مثالاً عربياً حياً على ضرب الدولة والحكم لحقوق المرأة، حيث تُهمّش هذه الحقوق منذ الاستقلال، من قبل القوى السياسية المسلمة والمسيحية على حد سواء، في البرلمان والحكومة ومراكز صناعة القرار؟
إن نجاح حملات المرأة في العالم العربي، في كسب الحصانة الاجتماعية والحقوق السياسية، يستدعي بشكل خاص، التركيز، على أصحاب القرار وليس على التلهي بالفتاوى التي تأتي من هنا وهناك، إذ إن قراراً واحداً من السلطة السياسية يخصّ المرأة في مجالٍ ما، سيعزّز من حصانتها ودورها بشكل تلقائي ومباشر، وسيختصر سنوات طويلة من النضال.
ولكل امرأة عربية الحق في أن تختار ما يناسب ظروفها. فإن كانت عاملة، لها كل الجميل لبلدها ولعائلتها. وإن كانت أماً تُرّبي، فالجنة تحت قدميها. وإن اختارت الإثنين معاً، فلا مبارز لها على وجه الأرض. أما إن أرادت أن تطمح وتتعلّم وتتقدّم نحو السلطة، فربما لاح في أفق العروبة ضوءٌ بعد طول ظلام.
لقد دخلت المرأة الثورات العربية، ثائرة في الشوارع ومن البيوت والأسطح والأزقة، ومناضلة ضد الظلم والطغيان، فكانت شريكة في الدم والمال والدعاء والدموع، كما هي شريكة في المعاناة العربية منذ عقود. ولا بد أن تلقى الاحترام والتقدير وكل الدعم والتشجيع، وأن تُرفع لها قبعة كل من يؤمن بالقيم والمبادئ الإنسانية، وبالطبع كل من يخاف الله ويؤمن حقيقة وفعلاً بالتعاليم الإلهية.
فأنا مع انتفاضة المرأة في العالم العربي، لأني أخاف الله.
 

  • شارك الخبر