hit counter script

المؤتمر الصحافي للنائب بطرس حرب من مبنى "النهار" للتحدث عن وثيقة "العربية"

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٢ - 14:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 في الثاني عشر من شهر كانون الأول عام 2005 طالت يد الإجرام الوحشي رمزاً من رموز لبنان الوطنية الشابة النائب والأخ جبران تويني. لقد كمن له مجرمون جبناء بوضع سيارة ملأى بالمتفجرات لحظة مروره بسيارته، فأردوه قتيلاً مع مرافقيه.
 في جنازته وقف والده المفجوع المرحوم الأستاذ غسان تويني، عميد الصحافة في لبنان، داعياً لدفن الأحقاد مع إبنه الوحيد.
 لم تحمل العائلة حقداً على أحد، وانحصر همها بأن يبقى ديك النهار يصدح كل صباح منارةً للرأي الحر والحقيقة والسيادة والكرامة الوطنية. وأن يبقى لبنان رمزاً للحرية والديمقراطية.
 وضع القضاء اللبناني يده على القضية وانطلقت التحقيقات لمعرفة من يقف وراء هذه الجريمة الشنعاء، وقد أمددناه بكل ما توافر لدينا من الأدلة ورسائل التهديد الخطية أو الألكترونية التي كانت تصل إلى الشهيد، وهي بمعظمها سورية المصدر.
 غير أنه من المؤسف، اصطدمت التحقيقات بحواجز أمنية وسياسية حالت دون التمكن من كشف الجريمة ومنفذيها والآمرين بها، هذا بالرغم من الشبهات الجدية التي كانت تحوم حول دور المخابرات السورية في جريمة الاغتيال.
 إلا أننا لم نيأس يوماً من أن الأيام ستكشف المجرمين فيتحقق العدل وتستكين روح جبران.
 وشاءت الصدف أن تنطلق الحركة الشعبية في سوريا وأن ينشق عن النظام عناصر تملك معلومات عن الأحداث الدامية التي حصلت في لبنان، ولا سيما موجة الاغتيالات السياسية التي طالت كبار من قادة هذا البلد.

 ومنذ أيام قليلة نشرت قناة العربية – الحدث التلفزيونية نص برقية صادرة عن عميد، كان يتولى رئاسة فرع العمليات في المخابرات السورية، تحمل تاريخ أغتيال الشهيد النائب اللبناني ورئيس تحرير جريدة النهار، أي 12 كانون الأول عام 2005، مفادها حرفياً :

 " الجمهورية العربية السورية إلى المستوى الأعلى – دمشق.
 " القصر الجمهوري.
 " جهاز المخابرات الخارجية.
 " فرع العمليات 235/2 .
     ( برقية)
 " التاريخ 12/12/2005.
 "الرقم 2234.
 " السيد اللواء: آصف شوكت.
 " نحيطكم علماً، وبمساعدة عناصر من مخابرات حزب الله
"بخصوص المهمة 213 الموكلة إلينا بتاريخ 10/12/2005
" تمّ تنفيذ المهمة بنتائج ممتازة.
" مرفق تفصيلي عدد (1).
العميد حسن عبد الرحمن."
إنها وثيقة من سلسلة وثائق سرية مسرّبة من أجهزة المخابرات السورية والتي تبثها محطة العربية.
ترتدي هذه الوثيقة بنظرنا طابعاً جدياً بالنظر لما تضمنه من مدلولات جرمية واضحة مرتبطة باغتيال الشهيد جبران تويني، لأن عامل التزامن مع عملية أغتيال جبران تويني، وهي الحدث الوحيد الذي حصل في 12/12/2005، ما يستدعي وضعها بتصرف القضاء اللبناني، وبصورة خاصة المحقق العدلي في هذه الجريمة، بالإضافة إلى إيداعها القضاء الدولي للتحقيق في مضمونها، ولا سيما مع الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه البرقية. ما دفعنا إلى تقديم مذكرة، بأسم ورثة الشهيد تويني، تتضمن إدعاءً شخصياً ضد العميد حسن عبد الرحمن والعميد الركن صقر منون، وكلاهما ضباط في مخابرات الجيش السوري، والتحقيق في صحة ما ورد فيها من أن عناصر من مخابرات حزب الله قد ساعدوا في تنفيذ عملية الاغتيال، لاتخاذ الموقف المناسب في حال ثبوت صحة البرقية ومضمونها.

إن الهدف من طلبنا هذا هو متابعة التحقيق لكشف المجرمين الذين اغتالوا الشهيد جبران تويني وللتأكيد على أن قضية جبران تويني ورفاقه الشهداء لم تمت وهي حية في ضمائرنا، بل أكثر هي أمانة في أعناق كل الأحرار وطلاب العدالة.
فنحن لا نهدف إلى تحريك السكين في الجرح، وهو كما تعلمون عميق ومؤلم، ولا نهدف إلى إطلاق التهم جزافاً إن هدفنا معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة، وهدفنا الأهم أن نوجه رسالة واضحة للمجرمين الذين اغتالوا شهداءنا الأبرار، والذين لا يزالون يتربصون بنا، يحاولون إغتيالنا، أن الاغتيال السياسي مرفوض في لبنان والعنف مدان، وإننا سنواجه كل من يحاول اغتيال لبنان، الذي نشأ دولة ديمقراطية تتيح لأبنائها حرية الرأي والتعبير، ولن نقبل بأن يصبح ساحة فالتة يستبيح فيها حامل السلاح أرواح الأحرار وحقوقهم وأمنهم.
ولأننا نؤمن بلبنان وبنظامه الديمقراطي وبمؤسساته وسلطاته، لن نستبق التحقيق، ولن نوزع الاتهامات ولن ندين أحداً قبل إكتمال التحقيق وكشف هوية الجناة ومن يقف وراءهم، وأننا مصممون على وضع ثقتنا في القضاء اللبناني للتحقيق في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الشبيهة وذلك رغم الظروف السياسية والأمنية الضاغطة والتي تعرقل مساره، كما جرى في حالات شبيهة ماضية ومنها قضية أغتيال الرؤساء بشير الجميل ورينيه معوض والضابط الشهيد سامر حنا وغيرهم، بالإضافة إلى أننا نعلم مسبقاً الصعوبات التي يواجهها القضاء اللبناني في ملاحقة مسؤولين سوريين، لأسباب يعرفها الجميع. ولذلك سنتوجه إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تتجاوز صلاحياتها الحدود، والتي تنظر في جرائم اغتيال زعماء لبنانيين، ولها صلاحية النظر في كل جريمة متلازمة مع اغتيال الشهيد الرئيس الحريري.
سنتوجه إلى المحكمة الخاصة بلبنان لنطلب إليها ضم ملف اغتيال جبران تويني إلى الملفات التي تنظر فيها، نظراً للتلازم بين هذه القضية وقضية اغتيال الرئيس الحريري.
كما سنتابع ملف التحقيقات أمام القضاء اللبناني بانتظار أن تتخذ المحكمة الخاصة بلبنان موقفاً من مطلبنا هذا، فإذا وافقت على الطلب يفترض أن يرفع القضاء اللبناني يده عن الملف ويحيله إليها، أما في حال لم توافق على طلبنا، يكون القضاء اللبناني قد أطلق التحقيق وطلب من المدعى عليهم المثول أمامه، وفي حال تمنعهم عن المثول، سنطالبه بإصدار مذكرات توقيف غيابية بحقهم وتحويلها إلى الأنتربول لتنفيذها.
كان من الطبيعي أن نتوجه إلى الحكومة اللبنانية لتضغط لتسليم المتهمين السوريين، إلا أننا، وإدراكاً منا لتاريخها السيء في التعاطي بملفات شبيهة، كما تصرفت في ملف محاولة اغتيالي شخصياً، عندما سكتت على موقف حزب الله الرافض لتسليم أحد كوادره للإدلاء بإفادته حول هذه الجريمة، ما عطّل سير العدالة حتى الآن، وهو ما جعلها شريكة في تعطيل سير العدالة والقضاء، فإدراكاً منا لعجزها وتواطئها مع من يحمي المجرمين، ولأننا لا ننتظر منها موقفاً يصون كرامة لبنان ويفعّل سلطاته، ولا سيما القضائية منها، سنمتنع عن أي طلب إليها، وسنكتفي بإحالتها إلى محكمة الرأي العام التي ستدينها ولا شك.
وأخيراً يهمني أن أتوقف عند بيان حزب الله الذي ينفي أية علاقة له من قريب أو بعيد بمسألة أغتيال جبران تويني، وتأكيده إدانته للإغتيال السياسي وانتظاره أن يقول القضاء كلمته في هذا المجال. وكنت أتمنى على حزب الله لو أنه يحاول تفسير عدم السماح لأحد كوادره المشتبه به بالاشتراك بمحاولة أغتيالي بتسليم نفسه للعدالة،إلا أنني ومع تمنياتي أن لا يكون للحزب أية علاقة بالجريمة النكراء، أطلب إليه، وهو الذي يعلن إنتظاره لحكم القضاء، أن يسلّم المتهمين باغتيال الرئيس الحريري للقضاء أولاً وينتظر قوله، وأن يسلّم المطلوب بمحاولة أغتيالي إلى القضاء لاستجوابه، لأنه إذا ما استمر في عرقلة سير العدالة الدولية وعرقلة سير العدالة اللبنانية، فكيف يمكن للقضاء أن يقول كلمته، ولا سيما أن حزب الله يصنف القضاء والقضاة كما يشاء ووفقاً لمصلحته فيتهم القضاء الدولي بأنه أداة أميركية صهيونية، ويتهم القضاة اللبنانيين، إذا مارسوا صلاحياتهم، بأنهم متورطون فاسدون، يتلقون الأوامر من جهات سياسية للإساءة إليه.
وأخيراً أسمحوا لنا التأكيد على أننا سنسعى إلى كشف كل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب اللبناني أمام القضاء، وإذا تعذّر ذلك، فإلى عدالة السماء نتوجه. إنما خوفنا سيبقى كبيراً على لبنان، لأن لا حياة للبنان إذا استمرت مؤامرة قتل أحراره، وإذا استمر قسم من أبنائه بالقبول باستباحة سيادته واستقلاله ودافعوا عن هذه الاستباحة. وإذا بقي العنف والقتل أداة لإسكات أصوات أحراره. فلبنان يبقى إذا بقيت الحرية ولبنان يزول عند سقوطها، وإذ ذاك يكون الجميع خاسرين نادمين في وقت لا يعود ينفع فيه الندم.

  

  • شارك الخبر