hit counter script

- المحامي لوسيان عون

ابتسم... أنت في ضيافة خاطفين محترفين

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٢ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مهما تعددت الاقاويل والتفسيرات، ومهما كان الخلاف بين الموالين والمعارضين على خلفيّات الاحداث الاخيرة، فثمّة قواسم مشتركة في أنّ الامن غير ممسوك والفلتان سيّد الموقف في لبنان من أقصاه الى أقصاه، والتسيّب يصيب الموالي كما المعارض في عمق داره وعلى الطرق والمفارق الرئيسة من دون هوادة، ومن دون أن يرفّ للارهاب أيّ جفن.
فالخطف بات على مدار الساعة، وذهول المواطنين يبقى من كمّ المعلومات التي بحوذة الخاطفين قبل الشروع في عمليّاتهم الارهابيّة، خصوصاً وهم باتوا يخرقون السريّة المصرفيّة، وعالمون كم باستطاعة المخطوف تسديد مبالغ ماليّة كفدية قبل مباشرة تنفيذهم لفعاليّاتهم – التجاريّة – التي تدرّ لهم الربح الوفير بحيث قلّ ما طالب خاطف بفدية أقلّ من اربعمائة دولار أميركي بل كانت المبالغ المطالب بها تصل الى ستّة ملايين دولار أميركي في عصر بات مكشوفاً تقنيّاً وهاتفيّاً وتكنولوجيّاً، وكشف الجرائم، التي يحلو للأجهزة كشفها، لا يستغرق أكثر من ساعة من الوقت في حين تبقى "تجارة الخطف" والابتزاز عاصية عن الكشف والملاحقة وقد ضربت قطاع السياحة كما الحركة الاقتصاديّة في الصميم نظرأً لسهولة ارتكابها من قبل عصابات قطاع الطرق وخصوصاً الذين يتحدّون هيبة الدولة ويرتكبونها على الطرقات الرئيسة الدوليّة من دون أن يرفّ لهم جفن.
يكاد لا يخلو الشريط الاخباري اليومي من أخبار الخطف، يتخلّله اطلاق الرصاص لترويع المختطفين وعائلاتهم، فيحوّلونهم الى طرائد بشريّة يصطادونها بكلّ رباطة جأش وثقة بالنفس، وعلى السطوح فيجتازون بها عشرات الكيلومترات سواء في بيروت أم في المناطق من دون رقيب أم حسيب، ويمتعونها بـ "ضيافتهم" و"كرمهم" المفرط متصلين بأهل المخطوفين عبر هواتف خلويّة فارضين عليهم "بعد الاعتذار" و" بأسلوب حضاري" فدية لاطلاقهم " وإلا "مهدّدين بذلك مجتمعاً بأسره لا بل موقعين إيّاه في الاسر، علماً أنّ عناء ارتكاب عمليّاتهم لا يشمل فقراء الحال وذوي الدخل المحدود، بل ميسورين بعد طول مراقبة وترقب، كي تكون الغلّة ثمينة، وهو بازار حديث تبادر الى الاذهان فأضحى "بيزنس" من الطراز الرفيع، أدواته البشريّة مسلحين ثلاثة أم أربعة على الاقل يجنون مئات الآلاف من الدولارات يوميّاً، وربما كان ذلك تعويضاً عن خسارة زراعة حشيشة الكيف، أم تطبيقاً لمبدأ فرض التساوي بين مكوّنات المجتمع، فلن يبقى ثريّ وفقير، بعدما يدرك الثريّ بأنّ لا خبز له في جني الثروات والتنقل على الطرقات، ليقتصر الامر على الفقراء الذين سوف يكونون بمأمن عمّا يحصل في مطلق الاحوال.
أما الاختلاف على جنس الملائكة كمثل ما حصل عقب ورود معلومات عن محاولة اغتيال النائب العماد ميشال عون، فهو كيفما اختلفت الآراء والتكهنات والنظريات والفرضيات، وصمة عار على جبين الدولة اللبنانيّة التي ما زالت عاجزة ايضاً وأيضاً عن حماية الطرق الرئيسة التي تربط أوصال الوطن من جنوبه الى شماله ومن غربه الى شرقه، وكم من حوادث وقعت على الطرقات الرئيسة وبقي الفاعل مجهولاً أم مجهّلاً.
فمن شباط من العام 2005 حتى تاريخنا الحاضر، كم من عمليّة اغتيال حصلت وكم من محاولة اغتيال وكم من قتيل وقع على الطرقات الرئيسة وتحت أعين الكاميرات بينما بقي المجرمون يسرحون ويمرحون، حتى أولئك الذين تعرّف إليهم اللبنانيّون بأمّ العين وشاهدوا أفعالهم مباشرة عبر الهواء كمن أحرق محطة "الجديد"، ولم يستقرّ في السجن لأكثر من شهرين وأخلي سبيله بكفالة زهيدة. أما ما نخشاه فأن نكون اليوم على قاب قوسين من اختطاف وطن برمّته، من اختطاف الضمائر على أبواب الانتخابات النيابيّة، من اختطاف الكرامات، فنصبح يوماً في وطن بلا هويّة، كسفينة تتقاذفها الامواج، نخشى أن نكون بلغنا زمن قلب المفاهيم وإرساء الباطل مكان الحق. نخشى أن نكون وصلنا الى وقت يسيطر فيه الشواذ على حساب القاعدة، فهل نبلغ يوماً زمناً تشرّع فيه زراعة المخدرات، وتخفض فيه عقوبة جرم الخطف، ويقرّ عذر لمن يقدم على خطف إنسان لدوافع ثأريّة أم انتقاميّة، ويبرّأ من يقدم على قطع الطرقات وإحراق الإطارات في حال انقطع عنه التيار الكهربائي؟
ننتظر أجوبة ممّن هم مؤتمنون على سلامة الناس واستقرارهم وأمنهم لأنّ ما وصلنا اليه خطير للغاية ويستوجب فوراً تشديد بعض من العقوبات الجزائيّة الى الاعدام، رأفة بالناس وبالوطن .

  • شارك الخبر