hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون في البترون

الأحد ١٥ أيلول ٢٠١٢ - 13:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أعلن دولة الرئيس العماد ميشال عون أنه لا يستغرب أن يحاولوا اغتياله جسدياً بعد أن فشلوا في اغتياله معنوياً وسياسياً، وقال تعليقاً على حادثة اطلاق النار على موكبه في صيدا: "المتضررون منّا كثر، وتسألون بعدُ لماذا يريدون اغتيالي.. لأننا عصينا على مجتمعٍ فاسدٍ ومافياوي ولأنّنا نسير عكس السّير في المنطقة"
العماد عون الذي كان يتحدث في العشاء القروي الذي نظمته هيئة قضاء البترون في التيار، أكد أنه لن يتراجع عن أي جهدٍ طالما أنّ هناك شعباً يؤيّده، وأن اليد النظيفة لا يمكن لأحد أن يلويها، وقال:

إخوتي وأحبّائي،
أنا سعيدٌ اليوم أن أكون بينكم في هذا العشاء القروي، وأحمل لكم معي تحيّات الجنوب.
تحيّة جزّين وأهلها، جزّين المدينة وجزّين القضاء، كما البترون، البترون المدينة والبترون القضاء. أخاطبكم الآن وأنا بكامل صحّتي، فلا تشغلوا بالكم بالحادث الذي تعرّضنا له. إنّه أمرٌ مُرتقَب، وليست المرة الأولى التي يقومون فيها بمؤامراتٍ علينا، ولكن والحمدالله، وبعيداً عن مخاطر الحرب التي كادت أن تكون مميتة في أيِّ لحظةٍ، الله نجانا منها وحفظنا بصحّةٍ طيّبة.
لقد تعرّضت إلى 3 مؤامرات اغتيال، والحمدالله يبدو أنّني الوحيد الذي تمكّن من كشف الفاعلين، بعد أن فشلت المحاولات. وهذه هي المرّة الرابعة، حيث فشلت المحاولة ولكنّنا لم نكشف الفاعلين بعد، ولكن ان شاء الله قريباُ سيُكْشَفون.
لماذا يريدون اغتيالي؟! أنا لم أغتل أحداً.. أنا لم أسرق أحداً، لا" في المفرّق ولا في الجملة".. لم نقتل أحداً لا "في المُفرّق ولا في الجملة"...
من المؤكّد أنّنا عصينا على مجتمعٍ فاسدٍ، مافياويٌّ بتصرُّفاته، وستعرفون قريباً جميع إنجازاته في هدر الأموال وسرقتها وإخفائها. هذا هو السّبب الأوّل ولكن ليس الأخير.
السّبب الثاني هو لأنّنا نسير في عكس السّير. يشعلون النار في الشّرق كُلِّه وحوض البحر الأبيض المتوسّط، وهذا ما يريدون فعله في لبنان. ولكننا في لبنان، استطعنا إيقاف هذا الحريق. أوقفناه حتّى لا يخرُجَ من عندنا أثناء حرب تمّوز ال 2006 وبعدها، واليوم لن نتلقّاه من أي دولةٍ أخرى.
سنكون النموذج على الرَّغم من الخطابات الناريّة، وعلى رَغم التّحريض. لن يستطيع أحدٌ "زحزحزتنا" عن تصميمنا بالمحافظة على الإستقرار في هذه البلد.
نشهدُ في كلّ يومٍ مآسٍ على قاب قوسين، ولكنّنا نحاربها بصمودنا وبصمتنا، فحتّى ولو تعرّضنا لكلّ التجنّي الموجود على الأرض، فلن نتجنّى على أحد، ولنا قدرة على استيعاب أيّ كلمة شر وأي كلمة أذى، رغماً عن الذين لا يريدون استقرار هذا الوطن.
لا تخافوا من هؤلاء الذين يجمّدون أنفسهم، كي يروا نتائج الحرب في سوريا؛ فيضيّعون الوقت ويضربون الإقتصاد ويخرّبون الوطن. نحن نقاوم مخططاهم وكل العراقيل التي يضعونها، وكل الصّعاب التي نواجهها في الحكم، ونجحنا في مقاومتهم؛ ولكننا نعمل بصمت، ولسنا كما البعض، نصيح كالدّجاجة عند كل "بيضة".
نحن نعملُ بصمت ونترك المواطنين ليروا ويقدّروا، ولكن على الجميع أن يعلموا أنّ هذا الإستقرار الذي ننعم به، صحيحٌ أنّه من صنع الله، ولكنه من سعْي بشرٍ أيضاً يعملون على تحقيقه، لأنّ المعجزة الإلهيّة لم تتحقّق يوماً إلاّ بسعي إنسان وقبولٍ إلهي.
مجتمعنا اليوم بحاجةٍ إلى الإستنهاض؛ فعندما نتحدّث عن الفساد يعتبرون الأمر تسلية، وأنا لا ألوم أحداً، لأنّ تُهم الفساد يتراشقها الناس في الإذاعة والصّحف والخطابات حتى فرغت من معناها. ولكن، عندما نتكلّم نحن عن فساد، فكلّ كلمةٍ، وأي اتّهام لأيّ شخص من قبلنا، مدعمون بالوثائق، ولكنّ عجز الحكم وعجز القضاء الحالي، الذي يحتاج إلى تغيير، هو الذي يعرقل المحاسبة لأنّه خاضعٌ لسلطةٍ سياسيّةٍ فاسدة. فحتّى لو كان القاضي من أطهر الناس، فهو لا يملك الجرأة لفتح ملفٍ والتحقيق فيه، وهذا الأمر ليس ادّعاءً أو تشهيراً بأحد، إنّما هي تجربةٌ عشناها ونعيشها، وسترون قريباً كم من القضايا نائمة لأنّ المتورطين فيها لا يزالون هم المؤثّرون في الحكم.
من هنا يمكننا فهم تأخير التّشكيلات وعدم إمكانيّة التغيير الجذري حتّى يتمّ إصلاح الدّولة، ولكنّنا على الرّغم من ذلك، نقوم بإصلاحات كثيرة، منها المنظور ومنها غير المنظور. فالوزرات التي نمرُّ بها، كلُّ شيءٍ يتغيّر فيها، حيث نبدأ من تنظيم العمل وهيكليّة المؤسّسة إلى العمل الجدّي والإنتاج.
أيضاً في موضوع المال، هناك إصلاحات عديدة أُنجِزت في لجنة المال وأُرسلت إلى الوزارة يتهربون من تطبيقها، هذا بالإضافة الى تغيير طبيعة العمل على الأرض، فلا بُدَّ أن تكون الإنجازات سليمة توفيرأ للمال.
لذلك، المتضررون منّا هم كثر، وتسألون بعدُ لماذا يريدون اغتيالي؟! لأنّهم لم ينجحوا في اغتيالي لا سياسيّاً ولا معنويّأً، فاليد النظيفة لا يستطيع أن يلوِيَها أحدٌ في أيّ "مكابشةٍ" يريدون خوضها. هذا هو تحدّي التيار الوطني الحر والحالة العونيّة وحلفائنا.
نحن لن نتراجع عن أي جهدٍ طالما أنّ هناك شعباً يؤيّدنا، وسنكرّس أنفسنا له، وعندما يملُّ الشّعب منّا، نشكره للفترة التي أعطانا فيها ثقته، ونظلُّ نحبُّه ونتنحّى ساعتئذٍ كي نستريح.
بعض الخصوم السياسيين اليوم يحاولون التّشهير بنا بشكل مستمر، ولكني أتساءل لماذا لا يقومون اليوم، أو لم يقوموا بعملٍ أفضل من عملنا عندما كانوا في الحكم؟! فعندما يتمكن المرء من إنجاز عملٍ أفضل من عمل الآخر "يغلبه" بدون أن ينطُق بكلمة.
المواطنون يرون ويقدّرون.. فلماذا يستغشمونهم؟! لماذا يحتقرون ذكاءهم وتفكيرهم؟! يمر 50 و 60 عاماً على أمرٍ لم يُنجز، وعندما نقوم نحن بإنجازه، ينكرون سعينا ويقولون أنّهم سبق وفكّروا بالموضوع ووعدوا بشأنه. كذلك الأمر عندما تُزفّت الطّريق، فينسبون التزفيت لأنفسهم، ولكن من أين أتوا بالزّفت؟! كل المنجزات تأتي في الموازنة، والموازنة مدروسة في الحكومة.
يضحكون على المواطنين، فيدّعون أنهم قاموا بالتزفيت، وتُرسَل إليه برقيّات شكر، فيتملّك الطّريق ويتملّك الإنجاز. هذا هو الدّجل القائم الذي يحرّكون المجتمع فيه.
ليس بالأمر المهم أن يرسلوا برقيّة شكرٍ لشخصٍ لا علاقة له بالطّريق، فهو لن يربح العالم.. ولكن هذا الأمر يدلُّ على عقليّةٍ إستفزازيّة نفعيّة، فكل الذّهنيّة فيها فاسدة غير مبنيّة على ثقافة مرتّبة تحترم العمل والنّاس.
نحن بحاجةٍ إلى إكمال معركة التحرُّر. عندما كنت أخاطب الطّلاب من المنفى، كنت دائماً أذكرهم أن هناك 3 مراحل من عملنا، وكانوا يتعجّبون عندما كنت أقول إنّ أبسط وأسهل مرحلة هي التّحرير، ذلك لأنّنا نعرف فيها العدو والصّديق وإطار العمل، إذ يكون هناك قوى يجب أن يتمّ إخراجها من الأراضي اللبنانية، ولا يكون هناك أي التباس في ذلك، ولكن المعركة الثانية هي معركة التحرّر، وهي الأكثر صعوبة لأنّها تدخل في صراعٍ مع الذات والنّفس، كوننا نخضع بتصرّفاتنا لضغوط نفسيّة تُفرض علينا من المجتمع والعائلة، وتمنعنا من اتّخاذ قراراً حرّاً. هناك أشياء نرثها عن أهلنا، فقسم كبير منّا يمرّ في وصيّة الإرث، إذ تُحسب عائلة معيّنة على مرشّح أو نائب معيّن، فيما تُحسب عائلة أخرى على مرشّح أو نائب آخر. يحوّلونكم عن طريق الإرث الشخصي من مالكٍ لآخر. أمّا بالنسبة لنا كتيار وطني حرّ، كلّ فرد هو قيمة بحدّ ذاته، لا يمكن تجييره لأيّ أحد، كما لا يمكن لأيّ كان أن يغتصب ضميره. لذلك، ممنوع قسم اليمين للإنتساب للتيار الوطني الحرّ، لأنّ الإنتساب هو اختيار حرّ ويستطيع أيّ كان التراجع عنه ساعة يشاء. نريد بناء هذا النموذج في المجتمع لكي يبقى الإنسان حرّاً، وغير مغتصبٍ لا معنوياً ولا ماديّاً ولا سياسيّاً ولا بأيّ قاعدة إجتماعيّة تضغط عليه، فتزوّر إرادته أو تفكيره. نحن نعتمد على تحرّر المواطن اللّبناني الذي يعبّر عن نفسه في الإنتخابات. يجب أن يرفض الأمور التي ذكرتها لكي يكون التمثيل صحيحاً. يجب أن يعبّر عن رغباته الحقيقيّة، لأنّ طبيعة اللّبنانيّ هي بِعَيشه ثلاث حالات متناقضة، وشخصيّته ممزّقة، فهو يفكّر بشيء، ويعبّر بشيء آخر، ويعمل على شيء ثالث. هكذا تكون الشّخصيّة المبعثرة. نريد أن يكون للّبنانيّ الجرأة في أن يفكّر ويعبّر عن تفكيره الصحيح ويعمل بحسب تفكيره هذا. عندما نصل إلى هذا المستوى، نستطيع أن نبني مجتمعاً سليماً ودولة سليمةً، وعندها تكون مسيرة التغيير والإصلاح قد وصلت إلى نهاياتها سعيدة.
عشتم وعاش لبنان. 

  • شارك الخبر