hit counter script
شريط الأحداث

كلمة البابا بنديكتوس السادس عشر خلال توقيعه الارشاد الرسولي

الجمعة ١٥ أيلول ٢٠١٢ - 20:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 القى البابا بنديكتوس السادس عشر كلمة في خلال حفل توقيع الارشاد الرسولي في بازليك القديس بولس في حريصا، قال فيها: "فخامة رئيس الجمهورية، اصحاب الغبطة، اخوتي الاعزاء في الاسقفية واعضاء المجلس الخاص بسينودس الاساقفة من اجل الشرق الاوسط، حضرة ممثلي الطوائف الدينية وعالم الثقافة والمجتمع المدني، اخوتي واخواتي في المسيح، اصدقائي اعبر عن امتناني للبطريرك غريغوريوس لحام لكلمة الترحيب التي القاها. اشكر الامين العام لسينودس الاساقفة المونسنيور نيكولا ايتيروفيك على الكلمة التي القاها.

كل تحياتي للبطاركة والمطارنة الشرقيين واللاتين الذين اجتمعوا في بازيليك مار بولس، وتحياتي لاعضاء المجلس الخاص لسينودس الاساقفة من اجل الشرق الاوسط. انا مسرور لوجود وفود ارثوذكسية اسلامية درزية ووفود من عالم الثقافة والمجتمع المدني. احيي بمحبة طائفة الملكيين الكاثوليك التي تستقبلني. وجودكم يجلل توقيع الارشاد الرسولي للسينودس الخاص لمجمع الاساقفة من اجل الشرق الاوسط، ويشهد على هذه الوثيقة المخصصة للكنيسة الجامعة ويتمتع باهمية خاصة للشرق الاوسط.

انه لعجائبي ان يقع هذا التوقيع في يوم عيد الصليب، والذي يتم الاحتفال به في الشرق منذ العام 335، في يوم اهداء بازيليك القيامة التي بناها الامبراطور قسطنطين الكبير على الجلجلة وقبر السيد المسيح. الامبراطور قسطنطين الكبير الذي تجلونه كقديس. بعد شهر واحد سوف تحتفلون بالعيد 1700 للظهور الذي جعل الامبراطور قسطنطين يرى الميرون الملتهب في الليلة الرمزية لعدم ايمانه، ويسمع صوتا يقول له "بهذه الاشارة سوف تكسب!".

وقد وقع قسطنطين لاحقا مرسوم ميلان، واعطى اسمه للقسطنطينية، يبدو لي ان الارشاد الرسولي ممكن ان يقرأ ويترجم على ضوء عيد الصليب المقدس، وبخاصة على ضوء الميرون.
قراءة مماثلة يمكنها ان تؤدي الى اعادة اكتشاف حقيقية لهوية المعمد والكنيسة، وتشكل في نفس الوقت دعوة الى الشهادة في ومن خلال العمادة. اليست العمادة والشهادة المسيحيتان مبنيتين على سر الفصح، الصلب، الموت وقيامة المسيح؟

هنالك صلة قوية بين الصليب والقيامة التي لا يمكن للمسيحي ان ينساها من دون هذه الصلة، تمجيد الصليب كان من الممكن ان يعني تبرير العذاب والموت لكي لا نجد فيهما سوى نهاية محتمة. بالنسبة للمسيحيين تمجيد الصليب يعني المشاركة في المحبة غير المشروطة التي يكنها الله للانسان. انه فعل ايمان! تمجيد الصليب، في منظور القيامة يعني الرغبة في العيش وفي التعبير عن هذه المحبة، انه فعل محبة! تمجيد الصليب يؤدي الى الالتزام بالتحول الى رسل المناولة الاخوية والكنسية ومصدر الشهادة المسيحية الحقيقية، انه فعل رجاء. عندما ننظر الى وضع كنائس الشرق الاوسط الحالي نجد ان آباء المجمع الكنسي تمكنوا من التفكير بافراح واحزان كما مخاوف وآمال رسل المسيح الذي عاش في هذه المنطقة. وقد تمكنت الكنيسة بهذه الطريقة من سماع صرخة القلق والانتباه الى نظرة العديد من الرجال والنساء اليائسين والذين يعانون من اوضاع بشرية ومادية صعبة، والذين يعيشون توترات قوية في الخوق والقلق ويريدون ان يتبعوا المسيح، الذي يعطي معنى لوجودهم، والذين وجدوا انفسهم ممنوعين عن ذلك.
في الوقت نفسه تمكنت الكنيسة من اكتشاف ما هو جميل ونبيل في هذه الكنائس على هذه الارض. كيف لا نشكر الله على كل لحظة من اجلكم كلكم (الفقرة الاولى من الارشاد الرسولي) يا مسيحيو الشرق الاوسط؟ كيف لا نمجده من اجل شجاعتكم في الايمان؟ كيف لا نشكره من اجل شعلة المحبة اللامتناهية التي تحتفظون بها مشتعلة في هذه الاماكن التي كانت الاولى التي استقبلت ابنه المتجسد؟ كيف لا نعبر له عن تقديرنا للشراكة الكنسية والاخوية والتضامن البشري مع كل اطفال الله؟

ان الكنيسة في الشرق الاوسط تجعل اعادة التفكير في الحاضر من اجل التطلع نحو المستقبل في أعين المسيح مجالا ممكنا. من خلال الارشاد الانجيلي والرعوي تتم الدعوة الى تعميق التأمل الروحي والكنسي والدعوة الى التجدد الديني والليتورجي، كما انها تدعو الى الحوار، الارشاد يشير الى طريق لاعادة اكتشاف ما هو اساسي: ان تتبع المسيح حتى في الحالات الصعبة احيانا والمؤلمة التي تؤدي الى اغراءات لتجاهل او حتى نسيان تمجيد الصليب.

اننا مدعوون هنا للاحتفال بانتصار الحب على الكراهية، والتسامح على الانتقام، والخدمة على السيطرة، والتواضع على الكبرياء، والوحدة على الانقسام.

في ضوء احتفالنا اليوم، ونظرا للتطبيق المثمر للارشاد احضكم جميعا على الا تخافوا وان تمسكوا بالحقيقة ونقاوة الايمان. هذه هي لغة الصليب المجيدة، هذه هي محبة الصليب بجنون: محبة يمكنها ان تحول الآمنا الى اعلان عن حب الله ورحمة لجيراننا، محبة جنونية قادرة على تحويل هؤلاء الذين يعانون بسبب ايمانهم وهويتهم الى اناء من فخار جاهز للامتلاء بعطايا إلهية أثمن من الذهب. ولا نتكلم هنا عن لغة محض شعرية، بل عن نداء عاجل للقيام بأفعال حسية تشبه دائما المسيح، أفعال تساعد مختلف الكنائس لتعكس جمال جماعات المؤمنين، أفعال تشبه الأمبراطور قسطنطين الذي استطاع تقديم شهادة واخراج المسيحيين من التمييز، لمساعدتهم على عيش ايمانهم بالمسيح المصلوب والقائم من الأموات بحرية وانفتاح.

ان الكنيسة في الشرق الأوسط تقدم عناصر يمكنها ان تساعد على القيام بفحص ضمير شخصي وجماعي وبتقييم موضوعي للالتزام والرغبة في القداسة لكل تلاميذ المسيح.
ان الارشاد يظهر انفتاحا على حوار حقيقي بين الأديان، مبنيا على الايمان بالاله الواحد الخالق. كما انه يساهم بعمل مسكوني مفعم بالحب والعطاء.

ان الارشاد في كل مكوناته يسعى الى مساعدة كل واحد من تلامذة المسيح ليعيشوا على أكمل وجه وان ينقلوا بشكل حقيقي الى الآخرين ما أصبحوا عليه بعد العماد. كما يسعى الارشاد الى تطهير الايمان من كل ما يشوهه، ومن كل شيء يحجب نور المسيح.

ان كنائس الشرق الاوسط لا تخاف لأن الرب معها حتى النهاية. لا تخافوا، لأن الكنيسة العالمية تسير الى جانبكم وهي قريبة منكم انسانيا وروحيا.

انني بهذه الكلمة المليئة بالأمل والتشجيع، أودع نهار الأحد الارشاد الرسولي الى البطاركة والمطارنة والكهنة، وأطلب من الله ان يفيض بنعمه عليكم".

ايتروفيتش
وكان سبق كلمة البابا كلمة أمين السر العام لسينودس الأساقفة المونسنيور نيكولا أيتيروفيتش قال فيها :"يا سيد، نريد أن نرى يسوع" (يوحنا 12,25)، بهذه الكلمات توجه بعض اليونانيين للمؤمنين بالله وقالوا لفيليبوس: هكذا يستقبل السيد في أورشليم بالترانيم. أن نرى المسيح يعني أن نعرفه أن نؤمن به، لنحل على ملكوت السماوات ونعلنه للناس. من خلال إرادة الآب السماوي أصبح المسيح مخلصا على خشبة الصليب وخلاصه لكل المسكونة، لا فرق بين يونانيين ويهود، الخلاص لكل من يعرف ويدرك حكمة الله، حكمة المخلص الذي فدانا مصلوبا وقام محولا موتنا إلى قيامة لنمجده في قيامته".

اضاف:"قداسة البابا، من خلال وعد الرب يسوع الذي قال لنا "كلما اجتمع اثنان باسمي أكون في وسطهم" (متى 18,20)، نحن أيضا أعضاء في هذا الشرق الأوسط، أعضاء سينوديس الأساقفة، نقول إننا رأينا المسيح، في كل اختبارات صلاتنا، في كل تفكيرنا، في تبادل آرائنا، خلال انعقاد مجلس السينودس من 10 إلى 24 أوكتوبر 2010. ونحن نشهد جميعا لقدسية ترؤسكم هذه المجلس المقدس في روما".

وتابع: "قداسة البابا، إن كل أساقفة الشرق الأوسط بشراكة وشهادة، بحيث أن تعددية كل المؤمنين بالله على الرغم من اختلافهم هم قلب واحد، وروح واحدة، لندرك كلنا معا، أننا أعضاء جسد المسيح السري، وعلامة لصليبه الذي جعلنا نتغلب على كل الاختبارات والخبرات المؤلمة، والممزوجة تارة باللاعدالة وطورا بالألم، والمختلطة بالمعاناة والعنف، وأحيانا كثيرة بالحرب. ولكننا نقول إننا بنعمة الروح القدس، ما زلنا وسنبقى حاضرين ومؤمنين بأن صليبنا هو طريق الخلاص لجميع من يريدون سلوك هذه الطريق وبحرية أبناء الله. في هذه المناسبة الكريمة والمبجلة، نجتمع فيها في بازيليك مار بولس للروم الكاثوليك وتضج بنا الحياة، وقد امتلأنا من اختبارات التاريخ. أجدني شاكرا بواجب الأخوة والمحبة كل آباء السينودس بحضورهم الفعال، وكل إمكاناتهم ليعكسوا صورة الكنيسة في هذا الشرق الأوسط".

واشار الى ان "ما يجمعنا هو العمل والمحبة والشراكة من أجل تخطي كل الصعوبات وملء الفراغات وسط آلام هذا الدهر، لكي نتمكن من معالجة كل ما ينقصنا فيولد الربيع المشرقي الجديد وهو وليد الارشاد الرسولي الصادر عن قداستكم ونؤمن أنه دستور حي لاحياء الكنيسة".

وختم:"قداسة الحبر الأعظم، باسم كل أعضاء مجلس بطاركة وأساقفة الشرق الأوسط، يشرفني دعوتكم الكريمة لامضاء الارشاد الرسولي ليكون لنا طريقا جديدة في شرق أوسطي جديد مزروع في قلب كل مسيحي".  

  • شارك الخبر