hit counter script

- جهاد الملاح

مرسي... غزوة صيف أم نهج "إخوان"؟

الجمعة ١٥ أيلول ٢٠١٢ - 07:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يكد الرئيس المصري محمد مرسي يـتأكد من تثبيت خيوط "الإخوان المسلمين" في بعض المفاصل الحيوية للدولة المصرية، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، بما يجعل إسقاطهم عن الحكم أمراً غير سهل، حتى بدأ يجول بين الملفات الإقليمية، حيث خطف الأضواء بسرعة، من الخصوم، كما من الأصدقاء القديمين والمستجدين.

فمرسي، الذي يبدو أنه لم يتأثر بالانتقادات التي اعتبرته بلا كاريزما، وألصقت هذه الكاريزما، بشكل غير مفهوم، بسلفه حسني مبارك، أقدم في أقلّ من ثلاثة أشهر، على إلقاء عدد من الخطب الشعبية، وسعى إلى تمتين العلاقة مع الأميركيين، مراوغاً في الوقت الراهن، في الملف الإسرائيلي، ثم حطّ في بكين، ضيفاً كبيراً على الصينيين، قبل أن يُستقبل في طهران، بحفاوة بالغة، وكل ذلك بعد أن كان زار السعودية، حيث أبدى مقاربة جديدة للعلاقة بين "الإخوان" والرياض.

سرق مرسي الأضواء الإعلامية في مؤتمر حركة عدم الانحياز، بعد أن شنّ هجوماً عنيفاً على النظام السوري، من عقر دار حليفه الأساسي، ثم كرّر الأمر أمام الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، فاستطاع أن يزاحم بقوة، وهج موقف أنقرة في الشارع العربي، وثقل النسخة التركية لـجماعته. وهو تطوّر من شأنه أن يخفف من حدة الهجمات التي تستهدف "إخوان" مصر، مع العلم أنّ إسهام مرسي في تعزيز دور القاهرة الإقليمي سينعكس كذلك على رأي المواطن المصري، الذي، في طبيعته، يحبّذ هذا الأمر.

لا شك أن موقع مصر التقليدي، الذي غُيّب في عهد مبارك، قد يسمح لرئيسها بطرق أبواب عدة تناقضات في آن ولعب دور محوري على الخطوط الإقليمية والدولية. لكن تحركات مرسي الجيو - سياسية تبدو أكثر نجاحاً من مجرد الاستناد إلى موقع مصر أو إلى الرغبة الإقليمية والدولية في التعرف على الحكم "الإخواني" القادم إلى أرض الكنانة.

في الواقع، تدلّ العديد من المؤشرات، منذ أفكار حسن البنا، حتى وصول "الإخوان" إلى الحكم بعد ترشيح مرسي كبديل احتياطي، على أن الجماعة تتحرك في إطار تخطيط مسبق، يعالج المسارات المختلفة، وتملؤه الخطط البديلة. وهذا الأمر يشكّل علامة فارقة في الأدبيات الحزبية داخل العالم العربي، حيث اعتاد العمل الحزبي أن يتراوح بين العفوية وبين التخطيط غير المتقن والعشوائي والآني، ليتماهى مع السياسات الحكومية العربية التي قلّما تحمل منهجية علمية واضحة المعالم.

فجماعة "الإخوان"، التي أظهرت استدامة سياسية على مدى عقود، وكانت تنتظر الوصول إلى الحكم، تدريجياً أو حتى فجأة كما حصل في أعقاب ثورة "25 يناير"، تعمل طبقاً لما تقرّره أجهزتها الداخلية المتعددة، فيما يبدو أن الصخب الإعلامي الذي يقوم به بعض قياداتها وأنصارها لا يرتبط بالضرورة، بما يجري فعلياً داخل أروقة اتخاذ القرار.

وفي النتيجة، يتحرك الرئيس مرسي في هذا الصيف، طبقاً لذلك القرار، مستنداً في الوقت نفسه إلى التخطيط والتنسيق اللذين تجريهما الأروقة ذاتها، أولاً في إطار تثبيث حكم الجماعة داخل مصر، خصوصاً من خلال نسج خيوط العلاقة التفاعلية مع المؤسسة العسكرية، والتي لا تكفّ عن كشف المفاجآت، وثانياً في الإطارين العربي والإقليمي، وثالثاً في الإطار الدولي، وذلك عبر استراتيجية تضع الجماعة في خدمة الرئيس والأخير في خدمة جماعته.

في المقابل، تحتمل المسألة احتمالاً آخر يقول أن المنهجية الكاملة لحكم "الإخوان المسلمين" لم تتضّح بعد، وبشكل خاص ما يتعلق بمدى قدرتهم على التكيف السياسي وإظهار الليونة الفكرية في مقاربة العلاقة بين السياسة والدعوة. وبالتالي، فإن المعطيات والظروف الراهنة هي التي أسهمت في ارتفاع وهج مرسي، وسينحسر تأثيرها تدريجياً لمصلحة الصراع المتصاعد في ما يسمى بمعركة "أخونة" الدولة المصرية.

لكن، وعلى الرغم من وجود أكثر من مقاربة لتفسير سياسة "الإخوان"، فإن الأكيد أن الجماعة تميل إلى انتهاج التخطيط في انتظار الفرصة السانحة، في الشأن المصري، كما في شبكاتها القومية وعبر الوطنية، وبالتالي، فإن الخليج سيبقى هدفاً أساسياً لها، وصولاً إلى الأردن، ثم لبنان، حيث قد تعمل على تقوية "الجماعة الإسلامية" التي تمثلها رسمياً منذ العام 1964، أو تختار أن تتجدّد، على حساب السلفيين والقوة الشعبية الحريرية، أو ربما- ومن يدري- من خلال أحد أعضاء تيار "المستقبل".

 

 

  • شارك الخبر