hit counter script

كلمة العماد ميشال عون خلال إفطار هيئة بيروت في "التيار الوطني الحرّ"

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٢ - 09:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اعلن العماد ميشال عون أن القانون الانتخابي على أساس النسبية هو الأفضل من ناحية تأمين التمثيل الصحيح والعادل لكافة مكونات المجتمع، معتبراً رفض المستقبل والقوات والكتائب له غير مقبول، وأوضح أن التكتل يقدّم تضحية كبيرة في قانون النسبية لأنه سيخسر ما يقارب العشرة مقاعد في جبل لبنان. مشيراً الى ان العودة الى قانون اللقاء الارثوذكسي اصبحت طبيعية بعد رفض القانون النسبي، لأنه أيضاً يؤمّن التمثيل الصحيح.

العماد عون الذي كان يتحدث في حفل إفطار أقامته هيئة بيروت في التيار الوطني الحر في فندق السان جورج لفت الى أن لبنان تحوّل الى ساحة مفتوحة للمخابرات الدّوليّة وللحروب الثّانويّة داعياً الى عدم الرهان على الأحداث في محيطنا بل الرّهان على أنفسنا، لبناء الوطن وإنقاذ حياتنا المشتركة"

وقال:أرحّب أوّلاً بممثّلي أصحاب الدّولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس كرامي،

معالي الوزراء، أصحاب السيادة، إخوتي وأحبائي..

نلتقي اليوم في هذه اللّيلة السعيدة من ليالي رمضان الكريم، وفيها نرى المشهد اللّبناني كاملاً.. فنحن المشرقيّين، نسجنا مجتمعاً تكوّن عبر التّاريخ من طبقات متراكمة للأديان السماويّة وأعني هنا المسيحيّة والإسلام. وقد نسج ثقافة مشتركة خوّلتنا العيش في لبنان وفي المناطق القريبة منّا، كما خوّلتنا إعطاء نموذج متقدّم في العيش المشترك مقارنة بالعالم أجمع. العالم حديث جدّاً، وقد تأخّر كثيراً في معرفة هذا النوع من التعايش والحياة المشتركة، وباتت كلّ الأمم اليوم تسعى لحريّة الفكر الديني وحرية المعتقد وحريّة الضّمير وحريّة الكلام والإعتراف بحقّ الإختلاف. وإن كنّا نولد ونموت متساوين، فإنّنا نعيش مختلفين، وفنّ الحياة والحكم وكلّ شيء في هذه الدّنيا هو فنّ إدارة هذا الاختلاف، ولا يتمّ إلاّ بالإعتراف لكلّ منّا بحقّه في الحياة وبحقّه بممارسة فرادته ضمن الجماعة. يضم العالم اليوم 7 مليارات إنسان، وجميعهم يتمتّعون بالمكوّنات الجسدية للإنسان، ولكن، لكلّ منهم صورة، وهذا ما يدلّ على الفرادة. لكلّ منهم بصمته الخاصّة، لكل منهم بصمة إصبعه الخاصّة، وبصمة عينه الخاصّة وبصمة صوته الخاصّة، ولكن ما يجمعنا هو إنسانيّتنا، وعلينا أن نعيش ضمن هذه الإنسانيّة. نحن اليوم نتشارك الخبز والملح، وهذا يعني وفقاً لتقاليدنا الوفاء، وفاء كلّ منذا للآخر، ولذلك، من سبقونا كانوا يستعملون هذا التّعبير كثيراً، إذ كانوا يقولون "في خبز وملح بينّا وبين هالإنسان، ومش لازم نحكي بحقه ولا كلمة". أرجو أن يعود هذا التعبير ليعمّ بين جميع اللّبنانيّين، لأنّهم، من خلال هذه الأخلاقيّات، يستطيعون أن يؤمّنوا من جديد تضامنهم واستقراراهم.

الوضع اللّبناني صعب جدّاً اليوم؛ فلبنان تحوّل الى ساحة مفتوحة للمخابرات الدّوليّة وللحروب الثّانويّة على أرضه، لأنّ المفاعيل الثّانويّة للحرب الدّائرة في سوريا تؤثّر علينا كثيراً. سبق واعتمدنا في الحكومة سياسة النّأي بالنفس، ولكن تحوّل هذا النّأي بالنّفس إلى نأيٍ عن المواضيع التي تخصّنا والتي نعيشها يوميّاً، وهذا لا يجوز أبداً. لا يجوز القيام اليوم بأيّ صراع داخليّ، وعلينا أن نحكّم عقلنا ونحافظ على هدوء أعصابنا. إيّاكم أن تصدّقوا انّ الجميع يريدون الإستقرار في لبنان، ولكن عندما يريدون قتل احدهم، يغسلون أيديهم من دمه ويحمّلونه مسؤوليّة أعماله.... أنا لا أستطيع تخيّل لبناني ينتسب لأي مجموعة بشريّة، ويعمل لتأمين مصلحة تتعارض مع مصلحة الوطن والوفاء للمجتمع الذي يعيش فيه. أمّا إذا حصل، فهو إنسان خائن. خائن بالمطلق، وإلاّ لماذا العيش المشترك؟!

 مطلوب منّا النأي بالنّفس، ولكن النأي عن إيذاء بعضنا البعض. من المؤكّد أنّ كل موضوعٍ يسيء إلى جوارنا نتأثّر به، ولكن لا يُفتَرض على هذا الأمر أن يوقف حياتنا اليوميّة ونشاطنا، ويعيّشنا في فترات انتظار ترقّباً لمن سيفوز لنقف الى جانبه، أو لمن سيخسر حتّى نبرّر له الخسارة.

أحبّائي،

 الوطن لا ينتظر.. والوطن هو أرضنا، هو شعبنا هو نحن..

من هنا، يجب أن نعمل باستمراء لبناء الوطن، هذه هي الغاية التي يجب أن نسعى إليها. ومهما كانت النتائج في الخارج فهي لن تنعكس علينا إلا من خلال الأعمال التي قمنا بها خلال هذه الأحداث.

لا يجب الإنتظار لعمل الخير، لا يجب الإنتظار للعمران، لا يجب الإنتظار لنرى من هو الذي سينتصر لنُراهن عليه... يجب أن يكون الرّهان على أنفسنا، لبناء الوطن وإنقاذ حياتنا المشتركة.

أما فيما يتعلّق بقانون الإنتخاب، فلا شك أن القانون القائم على النّسبية هو الذي يؤمّن التمثيل العادل لكلّ فئات المجتمع، وليس للطوائف فقط. ففي كلّ طائفة هناك أقليّةٌ وأكثريّة. الأكثريّة يجب أن تأخذ حجمها وكذلك الأقليّة. وبالنتيجة مجموعة الأكثريات هي من تحكم ومجموعة الأقليّات هي من تعارض. المجتمع نسبي.

 

القانون النّسبي يسمح بتمثيل الجميع، ليس فقط الأحزاب الصّغيرة أو الطّوائف الصّغيرة، بل حتى المعارضة في داخل الطّوائف الكبيرة، فهذه من يمثّلها إن لم يكن هناك قانونٌ نسبي؟ إذاً هو النّظام العادل لجميع النّاس، ونحن تمكّنا في مجلس الوزراء عبر وزرائنا ووزراء الزّملاء أن نقر مشروع قانون على أساس النسبية وبدوائر متوسطة، وأعتقد أنّ هذا هو الحل الّذي اعتمده المسيحيون – فمع الأسف نحن نظامٌ طائفي – واعتمدَته الأكثرية الحالية، طبعاً باستثناء بعضهم، كي نطرحه على مجلس النّواب ويقرّه المجلس أو يعدّله بعد أن يناقشه بالأساس.

صرنا نسمع أصواتاً رافضة! لمَ رافضة؟ في اجتماع بكركي، أنا لم أكن مع قانون أن تنتخب كلّ طائفة نوّابها، ولكن هناك عدّة أفرقاء منهم القوات اللّبنانية ومنهم الكتائب طرحوا قانون اللّقاء ألأرثوذكسي ونحن طرحنا النّسبية. في النّهاية، قلنا إنه لدينا شركاء في الوطن، نريد وإياهم أن نتّخذ قراراً مشتركاً. هذا القرار لا يُتّخَذ أحادياً لفئة أو لطائفة. مشروع اللّقاء الأرثوذكسي لم يحصد وفاقاً ولم ينتِج وفاقاً. لم يتوافق عليه اللّبنانيون، لذلك بقيت النّسبية، وهذه النّسبية تجلّت في مجلس الوزراء في تقسيم الدّوائر المعلنة.

صرنا نسمع أصواتاً: تيار المستقبل رفض، القوات رفضت، الكتائب رفضت.. هذا الأمر بالنّسبة إلينا ليس مقبولاً، بالنّسبة إلينا ليس مقبولاً أن تُرفَض النّسبية؛ فهناك شعب ينتظر كي يُمَثّل كلّه، لا نريد قانون انتخاب غير عادل. إذا كان هناك قانوناً آخر، فلهم الحق أن يطرحوه، ولكن يجب أن يكون عادلاً لكلّ الطّوائف ولكلّ الأقليات سواء كانت من طوائف كبيرة أم من طوائف صغيرة.. من هنا، وفي حال رفض النسبية فإن العودة إلى قانون اللّقاء الأرثوذكسي تصبح طبيعية. هذا الأمر الّذي لم نكن نرغبه، ولكن لا أحد له الحق أن ينكر علينا التّمثيل الصّحيح.

نحن بطرحنا النسبية قمنا بتضحيةٍ كبيرة، وسأعطيكم مثلاً في جبل لبنان: أقضية جبل لبنان الّتي فيها نواب مسيحيون كنا نربحها بشكل كامل، وإذا اعتمدنا النّظام النّسبي فسنخسر على الأقل ما يقارب العشرة نواب، ولكننا قبلنا بالنسبية كي تتمثل كلّ الأقليات في مجلس النواب، وأعود وأكرّر ليست الطّوائف هي الأقليات فقط، بل الأقليات في الطّوائف الكبرى الّتي لا تتأمن لها الأصوات الكافية لتنجح. كيف يُعقَل أنّ الفئة التي تنال 51% من الأصوات تنال كل المقاعد والفئة التي تنال 49% من الأصوات لا تتمثّل أبداً؟؟ في النظام النسبي تبقى أكثرية ولكن بنسبة الأصوات التي تنالها. هذه هي العدالة بالتّمثيل.

وإذا اعتُمد القانون النسبي يكون لبنان قد وصل لنظامٍ فيه تمثيل صحيح، الأكثرية النّيابية تمثّل أكثرية شعبية مختلطة من جميع الطّوائف، والأقلية أيضاً من جميع الطّوائف، الأولى تحكم والثّانية تعارض. هذا هو النّظام الّذي يجلب الإستقرار لأنّه يلغي حكماً الخطاب الطّائفي الّذي نحن بأمسّ الحاجة لإلغائه، يجب أن نلغي الخطاب الغرائزي ونعود لأن نتطلّع لبعضنا البعض كما نتطلّع إلى المرآة، فنرى الآخر في صورتنا ويرى هو فينا صورته.

عشتم وعاش لبنان.

  • شارك الخبر