hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون في عشاء هيئة التيّار الوطني الحر في عاليه

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٢ - 22:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بمناسبة عيد الجيش اللّبناني، أقامت هيئة عاليه في التيار الوطني الحر حفل عشائها السنوي بحضور دولة الرئيس العماد ميشال عون الذي ألقى كلمة، قال فيها:

نعيش اليوم فترة استثنائية محاطين بالدم والنار والأخطار، وهناك بعض اللّبنانيين استساغ أحداث السبعينيات ويسعى لاستنساخ الماضي وقد بدأ بمحاولات تهديم الجيش، القوة الجامعة والضامنة للهدوء والإستقرار، والحامية للتناغم بين مكونات المجتمع اللبناني. ولأن اليوم يشبه الأمس، أبدأ كلامي معكم باستعادة ما توجهت به الى العسكريين في الأول من آب سنة 1988 إذ قلت:

"ما بين الأول من آب، لسنوات خلت، وهذا الأول منه، مسافة زمن متأرجح ما بين الغصّة والفرح، واليأس والأمل، يومذاك كنّا وطناً برسم الاضمحلال، وجيشاً برسم الاحتلال، وشعباً غارقاً في الخوف من الزوال، لكنكم، ضباطاً ورتباء وأفراداً ومدنيين، لبّيتم دعوة الصمود والصبر، فصمدّتم على عريكم وتعريتكم، وصبرتم على جوعكم وتجويعكم، وكبرتم على ما أُصبتم به من جراح وتجريح، ووجِّه إليكم من شك وتشكيك.

وعلى الرغم ممّا كان يجري حولكم في الداخل ويحاك ضدّ وطنكم في الخارج، من تجاذب مصالح، متصادمة حيناً، ومتوافقة غالباً على تعطيل شرعية الوطن، وتعميق التمزّق في بنيته الكيانية والوحدوية، فإن إيمانكم برسولية دوركم وشمولية قسمكم جعلكم القوة الأقوى والحق الأنصع، هكذا تجلّيتم نموذج وحدة وتماسك لشعب تضافرت على تفكيكه وتمويت قدراته، عواصف وموجات، هي أبعد ما تكون عن طموحات اللبنانيين وتوقهم للوطن القوي السيد.

وفيما اصطدمت معالجات شؤونكم الملحّة بالكثير من المعوقات والعراقيل، تجلّيتم مثالاً في الانضباط الخلقي والمناقبي، وممارسة المسؤولية. بهذه المثالية الراقية، نجحتم في إسقاط الرواسب والترسّبات، التي تراكمت نتيجة اللا أخلاقيات الناشئة عن إحلال الغرائز محل العقل، وتغليب المصالح الأنانية على المصلحة الوطنية العليا، وسرعان ما فعلت مواقفكم الرسولية في شعبكم الطيّب المتعطش للأصالة، فعل الخمير النظيف في العجين الخيّر، فبتم فيه ضميراً، وأمسى هو لكم هدفاً ومصيراً."

أحبائي:

إن هدفنا من إنعاش الذاكرة هو عدم تكرار الخطأ؛ فكلٌّ منا لديه شهادة بهذا المعنى، وعليه أن يشهد أمام الله والتاريخ والشعب اللبناني بها ويناشد الجميع الاتّعاظ مما حدث.

لا أخشى على القدامى منا نحن العسكريين، الذين عايشوا تلك المرحلة، من السقوط جرّاء ما يسمعون اليوم من دعوات تهديمية للجيش، ومن تحريض مذهبي واستحضار للفتنة، خوفنا هو أن يتأثر بعض من في المؤسسة بهذه اللغة التآمرية للنيل من وحدتها والمسّ بوحدة الوطن وزعزعة استقراره.

فالأخطار التي تواجه الوطن، أرضاً وشعباً ومؤسسات، كثيرة:

- اسرائيل الجاثمة على حدودنا الجنوبية وتتوعدنا.

- الفلتان الأمني في الشمال والاعتداء المُمنهج على الجيش والنيل من معنوياته.

- تعطيل الدولة والمسّ بمصالح اللّبنانيين من خلال عرقلة المشاريع بواسطة تحالف في قلب السلطة تكلم عنه أحد النواب وأعلن صراحة أنه يهدف الى "فرملة" مشاريعنا الانمائية.

- قطع الطرقات عبر الاعتصامات وحرق الإطارات ونصب الخيم من أجل عرقلة التواصل بين اللبنانيين وضرب مصالحهم.

- احتلال مؤسسة كهرباء لبنان ومنع الصيانة وتعطيل دورة العمل الطبيعي في دوائرها، ما أدى الى انخفاض في تأمين الطاقة، وسيؤدي حتماً الى التعتيم الكامل إذا استمر احتلال المؤسسة.

- فرض تسليم داتا الهاتف الخليوي، واستباحة خصوصيات المواطنين خلافاً لما تنصّ عليه مقدمة الدستور اللبناني كما المادتان الثامنة والرابعة عشر منه.

إن التخلّف عن حماية مصالح اللبنانيين ومنع استباحة خصوصياتهم لا مبرر له، ويشكّل مخالفات جسيمة ترقى الى حد الجريمة التي يعاقب عليها القانون. أما التبريرات والذرائع التي نسمعها يومياً لتبرير التقاعس فلا تنطبق على الواقع ولا تقنع أحداً؛ فالجريمة فردية دائماً، ويتحمّل مسؤوليتها من يرتكبها، لا طائفته، أما نتائجها فتطاول المجتمع بجميع مكوناته. من هنا يجب على القوى التي أوكلت إليها، قانوناً، مهمة حماية مصالح اللبنانيين، ألا تختلق الذرائع للتهرب من واجبها، سواء كان ذلك على مستوى القرار أو على مستوى التنفيذ، وهم يتحمّلون المسؤولية الكاملة لأي تقصير ولن يفيدهم التهرّب من تأدية الواجب والتذاكي في خلق المبررات أمام الرأي العام.

ليعرف الجميع أن العسكري ليس أداةً تحمل بندقية بل هو رسول في وطن لم يعد ينقذه إلا الأبطال المترفعون عن الدنايا والمتفانون في حماية الأرض والشعب. وأخشى ما أخشاه أن تكون السلطات المختصة من أصحاب قرار وقوى تنفيذية على الأرض، مشاركة طوعاً أو إهمالاً أو جهلاً أو نأياً بالنفس، عن اتّخاذ القرارات لمنع هذه التصرفات – الجريمة التي تعطل الحياة الطبيعية على أراضي الوطن، وتؤدّي إلى تسييب مؤسّساته.

شعارنا، نحن العسكريين، ضباطاً ورتباء وأفراداً، غني جداً بمعانيه ورموزه وتماسكه: شرف تضحية وفاء" وأي مسٍّ به هو مسّ بالوطن والمواطن؛ فحامل هذا الشعار هو من يحمي سيادة الوطن وحريته واستقلاله وهو الضامن لأمن المواطن وحقوقه وكرامته.

إن عديمي الشرف يهاجمون الجيش لأنه أقسم يمين المحافظة على علم بلاده،

ويهاجمه الخونة المضحّون بالوطن لأنه أقسم يمين الذود عنه،

أما المفتقدون للوفاء فيهاجمون وفاءه لأنهم يجهلون معنى الفضيلة

الجيش يا أحبائي لا يقاتل من أجل راتب ولا من أجل مكسب، ولا شيء في الدنيا يساوي الحياة التي يقدمها الجندي مجاناً للذود عن الوطن وعن أهله، وقد جاء في الانجيل المقدس ليوحنا: "ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم من أن يبذلَ نفسه في سبيل أحبائه"

فتحية إكبار ومحبة لجيشنا، مِعجن التضحيات، ورمز السيادة والإستقلال. ووعد من شعبه أن يبقى في وجدانه، الحاضن والحامي ورمز العزة والكرامة والعنفوان.

عشتم، عاش الجيش ليبقى لبنان". 

  • شارك الخبر