hit counter script
شريط الأحداث

- جهاد الملاح

أزمة سوريا... لمَ العجلة؟!

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٢ - 07:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تواصل الأزمة السورية سفك الدماء ونشر النار وقرع الحديد بالحديد، في موازاة سياسات دولية تدور في مكانها وتعاود في كل حين الإمساك بنقطة البداية، فتارة تعلن قرب انهيار نظام الرئيس بشار الأسد ثم تعود إلى الحديث عن مبادرات لوقف إطلاق النار، وطوراً تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لترفض لاحقاً ما يُسهّل إنجاز هذه الحكومة.
في الواقع، في ظل غياب مراكز الأبحاث السياسية المتطورة وذات المصداقية في العالم العربي، بحيث تبقى الدراسات في كنف أجهزة الدولة الفاسدة، أو تنحصر في تحليلات عشوائية ومجتزأة، يصعب إيجاد دراسة موضوعية تقدّم تصوراً واضحاً لخريطة التفاعل الدولي مع الأزمة السورية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن محاولة استقراء الموقف الدولي وأبعاده، ممكنة من خلال مراقبة التصريحات المختلفة بشأن الأزمة منذ آذار 2011، في إطار رسم بياني أو جدول توضيحي، حيث يظهر تناقض صارخ وتلاعب بالعبارات السياسية من قبل الدول الكبرى المعارضة للنظام السوري، إن من ناحية مقاربتها لطبيعة الأزمة أو من ناحية نظرتها إلى النظام.
فمواقف هذه الدول تعاني تذبذباً وصراعاً ذاتياً مستمراً إزاء ما يجري في سوريا، بينما يحافظ المبعوث كوفي أنان على حديثه عن ضرورة وقف إطلاق النار، مع العلم أن هذا الأمر يكاد يكون حالياً من سابع المستحيلات، بعد أن انتشر السلاح بين الكبار والصغار في أنحاء البلاد، وتبعثر النسيج الوطني وارتفعت مشاعر الثأر والانتقام بين خطوط الأحياء والقرى.
وقد برزت في موازاة مهمة أنان المستحيلة، دعوة إلى تشكيل حكومة انتقالية، يمكن أن تشق طريقها إلى حيز التنفيذ، في حال بذلت الدول الكبرى جهداً دبلوماسياً. إلا أن الأمر انتقل فجأة إلى مبادرة جديدة للمبعوث الدولي نالت لأول مرة تنازلاً تفاوضياً من قبل النظام السوري، لكنها اصطدمت برفض واشنطن إشراك طهران في الحلّ، علماً أن الإدارة الأميركية سبقت أن فتحت الأبواب على مصراعيها لإيران، حين كانت بحاجة إلى تحقيق نتيجة في العراق.
إن الإصرار على إسقاط النظام ورفض الحوار معه، ثم القبول بحكومة انتقالية تجمع المعارضة والنظام، وصولاً إلى رفض مبادرة تتناسب مع فكرة الحكومة الانتقالية، وغيرها من الأقوال والأفعال المتضاربة في مواجهة أزمة تُسقط عشرات القتلى يومياً، لا يمكن أن تُبرَّر بكل بساطة، على أنها نتيجة للانقسام بين القوى الكبرى، أو نتيجة للطريق الوعر الذي تسلكه هذه الأزمة والقيود الجيوسياسية التي تحيط بها.
فماذا تريد الدول الكبرى، ومتى تحسم موقفها من النظام السوري بشكل عملي وجاد، سلباً أم إيجاباً، علماً أنها قادرة على فعل ذلك على خط واشنطن – طهران – موسكو - دمشق، من خلال ملفات تملؤها الخطط البديلة؟
وسؤال آخر يطرح نفسه: هل وجد الغرب ضالته في أن يدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح، مع الحرص على أن يكون دعماً مدروساً، يبُقي القتال ولا يَحسمه؟ من المرجح أن يكون ذلك صحيحاً، لأن كل يوم من القتل والدمار في سوريا سيحتاج سنوات من إعادة الإعمار في النفوس والبنى التحتية وفي السياسة والعسكر. وبالتالي لمَ العجلة؟ فبعضٌ قليلٌ من الموت الإضافي، سيمنع النظام الحالي من إعادة بناء نفسه، وسيشغل أي نظام جديد سنوات طويلة في لملمة شظايا المأساة، فيرتاح في المحصلة الغرب، كما إسرائيل، من عبء ترقب المستقبل.
ألا تذكرون لبنان، الذي تُرك لخمسة عشر عاماً، في حربٍ أقسى من كل الطغيان، إلى أن ظهرت فجأة طاولة في مدينة سعودية؟!


 

  • شارك الخبر