hit counter script

نيويورك تايمز: الفنانون في لبنان يواجهون تشدداً أكبر في الرقابة

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٢ - 07:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عندما دققت جهات الرقابة الحكومية في لبنان في فيلم جديد بعنوان Beirut Hotel، لفتها مشهد واحد في شكل خاص، وفيه اشارة الى وحدة ذاكرة USB تحتوي على وثائق عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري العام 2005. ابلغت جهات الرقابة زملاءها في قسم آخر في المديرية العامة للأمن العام التي تعتبر جهاز الاستخبارات الداخلية، بالامر، فطلب هؤلاء من منتج الفيلم تسليمهم وحدة الذاكرة USB. بالطبع الفيلم خيالي، ولا وجود لوحدة الذاكرة. وعلى الرغم من ان الفيلم يحتوي على مشاهد جنسية جريئة مقارنة بالافلام اللبنانية الاخرى، منعته الرقابة لاسباب تتعلق بالامن القومي.
قالت مخرجة الفيلم، دانيال عربيد، انها انتقلت للعيش في فرنسا اشمئزازا. فيلم Beirut Hotel الذي صدر في اواخر العام الماضي، هو ثالث فيلم لها يمنع عرضه في لبنان، بعد حظر آخر فيلمين سينمائيين من اخراجها. وهي تنضم الى كوكبة من الفنانين الذين غادروا البلاد.
تشتد الرقابة اكثر فأكثر في عهد الحكومة الجديدة التي يسيطر عليها حلفاء "حزب الله" الذي طالما كان وكيلا لسوريا في لبنان. فقد منع عرض اربعة افلام جديدة خلال العام الجاري، وهذا رقم قياسي تسجله دائرة الاعلام والمسرح كما يسمى مكتب الرقابة رسميا في لبنان طالما كانت بيروت اكثر حرية على الصعيدين الفكري والفني من باقي الشرق الاوسط؛ لكن البعض يخشون انها مهددة الآن اكثر من اي وقت آخر. فمع صعود الاسلاميين الشيعة المنتمين الى "حزب الله"، يواجه المسلمون السنة في لبنان – المعتدلون تقليديا – تحديات متزايدة من المتطرفين، من الائمة السلفيين في صيدا الى تنظيم القاعدة في مدينة طرابلس الشمالية. وكلهم يقفون في مواجهة الحرية العلمانية.

يسأل أيمن مهنا، المدير التنفيذي في مؤسسة سمير قصير التي تعمل من اجل حرية التعبير وتحمل اسم الصحافي سمير قصير الذي اغتيل بعد الحريري وكان من منتقدي سوريا "لماذا اكثر حرية؟ لماذا اضافة كلمة أكثر؟" في الجزء الاكبر من المنطقة، حرية التعبير شبه معدومة او معدومة بالكامل.
وقد انضمت مجموعات مسيحية ايضا الى المطالبة بالرقابة. يعلق مهنّا "غالبية الشكاوى صادرة عن الكنائس. لعله الشيء الوحيد الذي يجمع عليه الافرقاء الدينيون لدى الاطراف كافة".
بعد انتهاء الحرب الاهلية العام 1990، لم يستعد لبنان قط دوره كمركز الثقل الاقتصادي في الشرق الاوسط، وكجسر طبيعي بين الشرق والغرب، مما ادى الى تعقيد الامور اكثر.
ثم بدأ الانهيار الاقتصادي للبلاد العام الماضي مع رفض الحكومة الجديدة التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان التي انشأتها الامم المتحدة والتي تحقق في دور سوريا و"حزب الله" في اغتيال الحريري، بعدما اصدرت مذكرات اتهام بحق مسؤولين في الحزب. وجاءت الانتفاضة في سوريا المجاورة لتزعزع ثقة المستثمرين اكثر فأكثر.
بالنسبة الى شركات كثيرة، وحتى مؤسسات ثقافية، بدت اماكن مثل الدوحة وقطر ودبي في الامارات العربية المتحدة رهاناً افضل، على الرغم من ان الرقابة منتشرة على نطاق واسع، والحريات السياسية شبه معدومة. وهكذا فتحت متاحف وجامعات غربية فروعا لها في دول الخليج الفارسي، وليس في المدينة التي كانت تسمى قبلا باريس العالم العربي. في بيروت، منعت جهات الرقابة كتاب "شفرة دافينشي" بحجة انه مناهض للمسيحية، والمسلسل التلفزيوني The West Wing بذريعة انه مناهض للعرب. وتتمتع مديرية الامن العام بصلاحيات واسعة في مجالات اخرى ايضا، فقد رفضت مثلا السماح للمخرج فرانسيس فورد كوبولا بالهبوط بطائرته الخاصة في بيروت العام 2009 لان المحرك يحتوي على قطع مصنوعة في اسرائيل؛ فاضطر الى الهبوط في دمشق والتوجه الى بيروت براً.
وقد كان للمشاحنات المذهبية بين الوزارات اثار سلبية على لبنان الحقت اضراراً كبيرة بالاعمال والمؤسسات الثقافية. فسرعة الانترنت هي من الاكثر تدنيا في العالم، اذ يحتل لبنان المرتبة 172 في هذا المجال، وفق Speedest.net
قالت عربيد في مكالمة هاتفية معها "لا شيء يعمل في هذا البلد ما عدا مكتب الرقابة". يقول مهنا ان هذه المشكلات في البنى التحتية تؤثر سلبا على الثقافة ايضا، ولا سيما في ما يتعلق بسرعة الانترنت – التي يعتقد ان الحكومة تتعمد عدم زيادتها انطلاقا من فكرة مضللة لدى جهات الرقابة التي تعتبر انه عندما يكون الانترنت بطيئا، يصبح من الاسهل مراقبة مثيري الاضطرابات.
عرضت الحلقة الاولى. من المسلسل الدراماتيكي الاسبوعي للحود بعنوان "ممنوع" الذي انتج بتمويل من هبة قدمها الاتحاد الاوروبي من خلال مؤسسة سمير قصير، يوم الاثنين الماضي، ليس على شاشة التلفزيون لان ذلك يتطلب الحصول على موافقة من المكتب الذي يسخر منه الوثائقي، انما على الانترنت، وقد روجت له مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول لحود "نعتقد انهم لن يتحركوا ضد المسلسل، ليس لانهم لا يريدون ذلك، بل لانهم لا يملكون القدرة".
رود نوردلاند من مقال شركة "نيويورك تايمز"
ترجمة نسرين ناضر (النهار)
 

  • شارك الخبر