hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون في عشاء هيئة قضاء الشوف في "التيار الوطني الحر"

الأحد ١٥ تموز ٢٠١٢ - 12:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقامت هيئة الشوف في التيار الوطني الحر عشاءها السنوي بحضور دولة الرئيس العماد ميشال عون الذي ألقى كلمة عبّر فيها عن سروره بلقائه أهل الشوف للمرة الثانية، وأعلن عن عزم التيار المشاركة باحتفالات قرى الجبل في عيد السيدة العذراء في 15 آب، ودعا المواطنين الى التواجد في قراهم في ذلك اليوم وتزيين كنائسهم والصلاة في أرض أبائهم وأجدادهم، وقال:

التقينا هنا منذ عام وتمنّينا أن تكون العودة إلى الشّوف هذا العام أكبر، ولكن لقاء واحد في السّنة لا يكفي، لذلك قرّرنا هذا العام أن يكون لدينا لقاءٌ آخر في عيدٍ يعيّده لبنان تحت شعار "سيّدة لبنان"، وأعني عيد السيدة العذراء الذي يصادف في 15 آب؛ نتأمل أن تشارك كلّ القرى الشّوفية وكل قرى الجبل في إحياء هذا العيد، وأن يكون يوم لقاء لأبناء الجبل، لأبناء عاليه، لأبناء بعبدا، لأبناء المتن.. حتى يعيّدوا جميعهم ويزيّنوا كنائسهم ويصلّوا في أرض أهلهم وأجدادهم وفوق ترابهم؛ فعليهم أن يلتزموا بهذه الأرض ليتمكنوا من إعمارها مجدّداً.

إخوتي وأحبائي،

صحيحٌ أنّنا نسهر سويّاً اليوم، ولكن إذا تطلّعنا حولنا نجد الأخطار في كل اتجاه، نتطلع الى الشمال نجد الخطر يتفاقم، الى الشّرق كذلك، نتطلّع إلى الجنوب نجد أخطاراً مزمنة ولا زالت جاثمة على حدودنا.. في هذا الجو، على الحياة أن تستمر، نسهر ونتناول العشاء سويّاً ونحتفظ بالأمل، ونظلّ على إيماننا الصافي بأنّ هذا الوطن سيستمر، سيستمر بالجهود الّتي نقوم بها يومياً، وأنتم تتابعوننا بها وتواكبوننا، وترتكز على عدم حصول صدامات في لبنان مهما فعل المتحرّشون.

ما يحصل اليوم في عكار ليس طبيعياً، ولكن نحن لن ننقاد إلى التّصرفات الشّاذة هذه. نسمع كلاماً غريباً عنّا: "دم ضحيتَين أهم من دم قادة الجيش والجيش"!! هذا كلام لا يُقال للجيش لأنّه عندما يستشهد من أجل لبنان لا يطلب ثمن دمه، ولا أحد بإمكانه أن يثمّن دم الجندي حتى يقارن به ويقرر أيّهما الأغلى وأيّهما الأرخص!

نسمع مطالب ومطالب، لكن العدالة في الشّارع ليست بعدالة، فالعدالة لا تُقام بناءً لمطالب شعبية! هناك قوانين ومحاكم هي المنوطة بإحقاق العدالة. لا يمكن أن تُقاس المحاكم بناءً لطلبات النّاس. القوانين تحدّد المحاكم الواجب تحويل القضايا إليها. إذن لا يمكن أن يُطرح "مجلسٌ عدلي" من أجل حادثٍ، مهما كانت نتائجه، أو محاكمة خاصة. هناك محكمة عسكرية مخولة إحقاق العدالة في هذه القضية. صحيحٌ أنه أياً تكن المحكمة التي ستحكم، سواء كانت المجلس العدلي، أو المحكمة العسكرية أو المحكمة المدنية، فكلّهم سيحكمون بناءً للوقائع وبناءً للقانون نفسه، ولكن ما يحصل غير مقبول لأنه يهدف الى المسّ بمعنويات الجيش؛ فهذه المحاولات لضرب معنويات الجيش والمطالبة بمحكمةٍ كما يريدونها وبالحُكم الّذي يريدونه مسبقاً، بصرف النّظر عن ماهية التّحقيق وبصرف النّظر عن حيثيات القضية، هي مرفوضة.

أما فيما يتعلّق بعكار وبأمن عكار، فأنا أنبّه أبناء عكار بكلّ محبّة وصدق، وهذا ليس تحذيراً، بل أتحدّث انطلاقاً من عاطفتي ومحبّتي لهم، لأنّ معظم "العكاريين" قاتلوا معي وكانوا في صفوف الجيش الّذي قدتُه، أقول لهم: أنتم وأهلكم وأرضكم معرّضون للخطر إذا انسحب الجيش من منطقتكم ولم يعُد هو المسؤول الوحيد عن حفظ الأمن على الحدود؛ فما يحصل هناك قد يتطوّر ويفلت عن السيطرة، والحادث الّذي حصل اليوم هو نموذج، لأنّه لا يمكن أن تحصل هناك اشتباكات على الحدود وتنقّلات من طرف لآخر على أرض فيها حرب بدون أن نُصاب بالشّظايا.

 هذا الأمر يمكن أن يتطوّر ، لذلك، أنا أنبّهكم بكلّ محبّة. قد نطلب نحن من الجيش أن يغادر غداً من هناك، لكن من سيحفظ أمنكم؟ إنتبهوا لما تقومون به. بسبب الإنفلات الّذي حصل في الجنوب، لا زلنا حتى اليوم نعاني من نتائجه. لا تفعلوا بالشّمال كما فعلوا بالجنوب لأنّكم وحدكم من سيتأذى. وطنكم يضمّكم كلّكم ويساعكم كلّكم، فلا تفتّشوا عن أهواء خارجية لإرضائها!

يدنا ممدودة لكلّ الأطراف السّياسية لإقامة السّلام والإستقرار في لبنان. قد نختلف وإيّاهم على أمورٍ كثيرة لكن الخلاف السّياسي لا يجب أن يتعدّى الخلاف السّياسي، بكلّ بساطة. نحن نعاني اليوم من مشكلات أمنية داخلية: هنا يُقفَل شارع، وهناك تُعطّل مؤسّسة، ويتمّ قطع الطّرقات.. هذه كلّها ليست قواعداً للتّعامل بين المواطنين.

أقول للمواطنين، جميعكم لديكم ممثّلون في البرلمان، وممثّلون في الحكومة. عندما يؤخّرون مشروعاً لكم حاسبوهم هناك، حاسبوا من انتخبتموهم. لا تحاسبوننا نحن، نحن نُحاسَب من ناخبينا. التّمثيل النّيابي والتّمثيل الحكومي يُحاسَبان من النّاخبين. في المستقبل القريب هناك انتخابات العام 2013، ومن لا يعجبه نائبه فَليُسقِطه ويأتي بغيره، ولكن لا يجوز أن ينزل ويقطع الطّريق على المواطنين، أو يقفل مؤسّسةً تشكّل مجموعة مصالح لكلّ الناس!

اللبنانيون اليوم مضلّلون كثيراً بالخيارات وبالسّلوك، يتوجّهون إلى الضّحايا ولا يقومون بأيّ عمل ضدّ المجرمين الّذين يسبّبون وقوع الضّحايا! ومثلٌ صارخ عن ذلك هو قضية كهرباء لبنان الّتي بدأت أزمتها في أوائل التّسعينيات واستمرت حتى اليوم. وزارة الطّاقة والموارد المائية وضعت خطتها وبرنامج التنفيذ في العام 2010، وأخذت موافقة الحكومة الّتي كانت تمثّل الوحدة الوطنية في حزيران 2010، وحذّرت جميع المسؤولين والمواطنين بأنه "إذا لم نقم بالأعمال اللازمة سنواجه أزمة كهرباء.."، وكلّ ليلة على شاشة الOTV تشاهدون التّواريخ المختلفة الّتي تكررت فيها هذه الإنذارات.

ولكن تقاعس الحكومة ومجلس النّواب عن تخصيص الموازنات اللازمة لإجراء الأشغال المقرّرة لإنتاج الكهرباء أوصلنا إلى هذه الأزمة، ولا نقبل أيّ ملاحظة ولا أيّ كلام بحق كتلة التّغيير والإصلاح وبصورةٍ خاصّة بحق وزير الطّاقة. والملفت أن أكثرُ المتبجّحين والمنتقدين اليوم هم أنفسهم الّذين أخّروا إقرار الموازنة والإعتمادات. لا يسمحون لنا أن نصلح أخطاءهم التي ارتكبوها خلال 20 عاماً. هذه مآثرهم السّيئة الّتي تركوها في لبنان، تركوها في الكهرباء وتركوها في المياه.

أيُعقَل أن بلداً مثل لبنان، يحصد سنوياً من خيرات الله 8 مليارات متراً مكعّباً من المياه، فيصرف مليار ونصف فقط والباقي يذهب هدراً إلى البحر بدون أن ينشئوا السّدود اللازمة؟! أيُعقَل أن يتخطّى المال المهدور والمسروق من ميزانيته نصف الدّيون المترتّبة علينا؟! والنّصف الثّاني المتبقّي من الدَّين هو نصف الفوائد الّتي دفعناها عن هذه الدّيون؟! استفيقوا! استفيقوا أيّها اللّبنانيون! إن كنتم من الشوف أو من عاليه أو من بعبدا أو من عكار أو من الجنوب، أنتم شعبٌ مسروق وليس مكسوراً، وأنتم من يجب أن تطالبوا بحقوقكم.

نحن لا يهمّنا كلام ولا يهزّنا افتراء، نحن جبال، نحن مثل جبال الشّوف. لكن، أقل شيء على ضميرنا يهزّنا ويؤرقنا، بينما المدافع الّتي تُطلق علينا لا توقظنا من النّوم عندما يتوجّب علينا أن ننام. نحن ضميرنا دائماً مرتاح لكن بالنا دائماً مشغول لأن هذا المجتمع يشغل البال.

 إذاً، من الآن فصاعداً أصغوا إلى الحقيقة، تطلّعوا وفتّشوا عن الحقيقة. لكلّ واحدٍ منّا في السّياسة تاريخه، ولا يمكن أن تقرأوا مستقبله إلا من خلال تاريخه. نحن فخورون بتاريخنا، فخورون بسلوكنا، فخورون بإنجازاتنا، ومن يريد أن يعيّرنا، فَليُرِنا تاريخه!

وأخيراً، أذكركم بموعدنا معكم في 15 آب لنعيّد سويّاً يوم اللّقاء في جبل لبنان: من الشّوف إلى عاليه إلى بعبدا إلى المتن..

عشتم وعاش لبنان.

  • شارك الخبر