hit counter script
شريط الأحداث

- جهاد الملاح

لبنانيون بين سكان الــ"فيسبوك"

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٢ - 07:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

دخلت مواقع التواصل الاجتماعي حياة الشباب العربي، لتناهز مرتبة الهواء والشمس والمطر، فنشأت بينهما علاقة تدرّجت من التسلية والابتذال، إلى الجدية في التواصل المنتج وفي لملمة أصدقاء العمر، وصولاً إلى الإبداع في كتابة جمل الكرامة الإنسانية بعد أن تلاحقت أجيال على أمل معرفة أشكال حروفها.
واستغل معظم الشبان العرب المضامين الصاعدة للعولمة التكنولوجية، على أكمل وجه، فجعلوا منها وسائل اجتماعية وسياسية رديفة، أخرجت النظام التربوي-الاجتماعي من خطوطه الحمراء، فأسهمت في صناعة انطلاقة جديدة، قد تحتمل النجاح أو الفشل، لكنها على الأقلّ ستسمح بمحاولة صياغة تجربة ديمقراطية حقيقية.
وإذا كان هذا الاستغلال الشامل، جعل شباباً عربياً من المحيط إلى الخليج يتمكن من تحويل حراك العالم الافتراضي إلى خطوات فعلية على الأرض، وإن بدرجات متفاوتة، فإن لبنان بقي شبه وحيد في الشذوذ عن هذا الأمر، حيث ظلت محاولات أبنائه لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي، تتحرك في إطار مجموعات وخطابات داخل ساحات افتراضية، ونادراً مع تحوّلت إلى حقيقة.
شارك اللبنانيون أقرانهم العرب على "فيسبوك"- باعتبار أن "تويتر" ما زال ضعيفاً في لبنان، في توزيع الحِكم والأقوال المأثورة عن السعادة والفقر والغنى والمرأة والحب، وفي نشر المواعظ والأدعية الدينية، وفي السخرية والتندر، وكلها أمور ربما تساعد في جعل صباح أو مساء من يقرأها، أفضل وأكثر إيجابية. لكنهم في المقابل، لم يتمكنوا من استغلال صفحات تسأل عن الحرية والمواطن والإنسان.
فالمجموعات السياسية والاجتماعية الإصلاحية التي يخلقها الشباب اللبناني على "فيسبوك"، لا تشهد تنظيماً وتنسيقاً جِديين لإخراجها من العالم الافتراضي. كما أنها ضعيفة وقليلة في مقابل المجموعات التي تمجّد الأحزاب والسياسيين، وبالتالي، فإن مساعي الضغط على السياسيين من أجل الإصلاح، تدور في حلقة مفرغة.
قد تتسرّع التحليلات في القول بأن جدلية النظام اللبناني الطائفي تمنع من تجمّع السلطة لدى طرف واحد ليشكل هدفاً واضحاً للانقضاض عليه، كما في حال "الربيع العربي".
لكن في الواقع، ليس من الضرورة النظر إلى مشاكل لبنان من خلال مقاربة شاملة فقط لا غير، حيث يُربط أي نجاح فعلي بالنجاح في تغيير كل الواقع السيئ، استناداً إلى قاعدة "الكلّ أو لا شيء". فإذا كانت المواقع الإلكترونية الاجتماعية قد قدّمت للشباب العربي وسائل لإسقاط الأنظمة أو تليين السياسات، فمن المنطقي أنها تستطيع مساعدة مجموعات من اللبنانيين على تنظيم أنفسهم وخلق آليات لتحقيق إنجازات ثانوية، تصبّ في إطار تحسين أوضاعهم في مجالات عديدة.
أما إذا كان الشباب اللبناني يعتقد أن وسائل التعبير الأصيلة متوفرة في بلده وتنفي الحاجة إلى استغلال المواقع الإلكترونية، فهذه مصيبة، لأنه يكون بذلك غارقاً في أوهام نظامه الديمقراطي، وفي أقنعة الحياة الملونة بأشكال الحرية بينما تخفي موتاً ويأساً ونفاقاً وعبودية.
المصيبة الأكبر أنه في بلاد الأرز والحضارة، في العقد الثاني من الألفية الثالثة، لا تنفع مواقع التواصل الاجتماعي في إعلاء فكر الإنسان وتعزيز فقه المواطن، فالطائفية تبقى هي، سيدة هذه المواقع وأمها وأبيها.


 

  • شارك الخبر