hit counter script

كلمة العماد ميشال عون خلال عشاء هيئة قضاء جزين في "التيار الوطني الحر"

الأحد ١٥ حزيران ٢٠١٢ - 09:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقامت هيئة قضاء جزين في التيار الوطني الحر عشاءها السنوي في حضور رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي ألقى كلمة عبّر في بدايتها عن فرحه بلقائه أهل جزين، المدينة والقضاء، لأنه "لقاء مع الأصول والجذور"، وقال:
أشعر اليوم وكأنّني ألتقي مع عائلتي، وكلّ الذين كانوا بالقرب منّي في قيادة الجيش أو عند إبعادي من لبنان يعرفون كم كان اهتمامي كبيراً بمتابعة قضايا جزّين، لأن هذه المنطقة كانت دوماً ضحية الأحداث، وعرفت جميع أنواع الإحتلالات: الفلسطيني، ثم السّوري، والإسرائيلي.. ثمّ عدّة ميليشيات لبنانية من كلّ الأطراف، وأسميتُها "جزين المقهورة"، جزين الّتي كانت نائمة على ضيم. حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي، لم تتمكن من استعادة شخصيتها ولم تسترجع كرامتها ورأسها الشّامخ، لم تعُد جزين إلى موقعها الحقيقي إلا في العام 2005 عندما اختارت بنفسها من يمثّلها في المجلس النّيابي اللّبناني.
عانت جزين من الحرمان، ولم تنل الاهتمام الّتي كانت تستحقه من السّلطات المركزية، أوّلاً بالمعاناة الّتي عانَتها وبالمحاكمات الّتي طالتها، إذ لا يمكن أن يُحاكَم شعبٌ لأنّه فُرِضَ عليه الإحتلال. جزين لم تذهب إلى إسرائيل بل إسرائيل أتت إليها، وذلك بسبب عجز الحكم اللّبناني عن الدّفاع عنها ولأنّه لم يُقَدّم لأهلها خياراً آخر كي يدافعوا عن أنفسهم، فكان جزاؤهم محاكمة أبنائهم الّذين زُجَّ بعضهم في السّجن، وهرب بعضٌ آخر إلى الخارج.
لمدّة 25 عاماً ظلّت الدّولة غائبة وأهل جزين، أو بالأحرى كل الجنوب كان يصارع للبقاء. كان أمامه حلَّان: إما أن يقبل بالأمر الواقع ويناضل ليبقى ويحافظ على أرضه، وإما أن يترك الأرض خالية ويغادر، وعندها لم يكن ليبقى فيها أحد ولضاعت من يد أهلها. لكنكم حافَظتُم على أرضكم، ويجب أن تستمروا في الحفاظ عليها. سبق ورفعنا شعارات، وهي ليست مجرّد شعارات بل هي حقيقة علينا أن نتذكّرها دائماً: "أرضي هويتي؛ فأنا لبناني لأنّ أرضي اسمها لبنان، وإلا لَكنت حملت هويةً أخرى باسم دولةٍ أخرى.."
أرضٌ بدون شعب تصبح مشاعاً، إذاً لا تهجروها، وشعبٌ بلا أرض يصبح لاجئاً، إذاً لا تهاجروا واحتفظوا بأرضكم واحتفظوا بهويتكم واحتفظوا بوطنكم. فهذا الوطن فريد بطبيعته الطّيبة وبعلاقات أهله مع بعضهم البعض.. لا تعرفون قيمته إلا بعد أن تعيشوا في الخارج وتعرفوا معاناة العيش في الغربة.
لقد عانت جزين من نقص كبير، وإن شاء الله سنتمكن من تعويضه. فالظّروف الحكومية الّتي عشناها بقيت على حالها حتى المرحلة الأخيرة. نحن نسعى الآن لاستنهاض بلديات جزين واتحاد البلديات، وتأمين حقوق مالية متأخرة لبلديات القضاء من عائدات الهاتف الخليوي. المرسوم أصبح في مجلس الوزراء حيث سيُقَر سريعاً.
اضاف: نحن في التّيار الوطني الحر لم نعرف اليأس أو الإحباط أو القنوط في حياتنا، وشبابنا يذكرون جيداً كم من الناس كانوا يقولون لهم في التسعينيات: "هل لا زلتم تحلمون بأنّ الجنرال سيعود وبأن سوريا سترحل؟!".. نعم، سوريا رحلت والجنرال عاد!
عندما كنت في باريس كان يزورني بعض الأصدقاء الفرنسيين ويقولون لي: "لماذا تبدو وكأنّك تعيش في مخيّم صيفي، لا يوجد شيء في بيتك؟" وكنت أجيبهم "إنّي أعيش في انتظار العودة.." البعض شكك والبعض صدّق، ولكن إيمان الشّباب وتصميمهم وثقتهم بنفسهم، هو الأمر الّذي جعلني أعود، وجعلنا الآن مجتمعين.
مهما كانت الظّروف، لا يمكن أن نيأس، ونحن بحاجة لكلّ يدٍ من أياديكم لتعمل معنا، ولكلّ صوتٍ من أصواتكم ليرتفع معنا. الدّولة بحاجة لنا، وهي بحاجة بالدّرجة الأولى لأخلاقنا ولأخلاقكم! لأنّهم يغرقون شعبنا بثقافة الفساد؛ تطلق شائعةٌ اليوم، فتدور من شمال لبنان إلى جنوبه وبالعكس وبأقصى سرعة ممكنة، ولكن إذا أُعلنت حقيقة تدلّ عن فساد في الدّولة أو لدى القائمين بمسؤوليّات في الدّولة، فلا يتداولها أحد ولا يستهجنها أحد، وكأنها أمر طبيعي.. ! فعلى سبيل المثال هل من أحد لم يسمع عن شائعة "الطائرة لجبران باسيل" انتشرت هذه الشائعة بسرعة خارقة! ولكن، 6 مليار و500 مليون دولاراً من الهبات، طارت، وغير معروف أين هي، أصبحت في حسابات خاصّة في المصارف، و15 مليار من زيادات في الموازنات صُرفت بدون فواتير بالصّرف! وقروض وُضعت خارج إطار الخزينة وصُرفت! كذلك الأمر في هيئة الإغاثة حيث صُرفت المليارات ولم يُعرف كيف صُرفت. كل هذه الحقائق المالية لا تحرك الرأي العام ولا يسأل حتى عما حدث!! هذه الوقائع من المفروض أن "تهزّ أعصابكم" أكثر بكثير من شائعة، فهذا مالُكم! عندما تطلبون أن نملأ "جورة" بالزفت، ونقول إنّه ليس هناك موازنة أو مال، أو عندما نريد إصلاح مدرسة ولا يوجد مال، فالمال غير موجود لأنه مسروق.. هذا الذي يسرق هو مالكم! الضّريبة ليست خُوّة تقدّمونها وتنسون أين ذهبت، أنتم من يتوجّب عليكم أن تسهروا عليها وتطالبون بها، الضريبة هي التي يجب أن تتحوّل لمستشفيات وطرقات ومدارس ومصانع.
وقال عون: لا يجوز أن تبقى الدّولة على هذه الحال، ولا يجوز أن يبقى الإهمال كما هو وكأنَّ ذلك أمرٌ مقدّرٌ لنا! كلا ليس هناك من شيء مُقدّر، ثقافتنا تدلّ على حريّة الإختيار، فبها نثبّت شخصيّتنا، ونكسب ثقتنا بأنفسنا، ونغيّر كلّ شيء على وجه الأرض، ولعل أسوأ ما فيها هو "سياسة الإنتظار"، الّتي أخذناها من أشخاص دجالين، يريدون منّا أن ننام، يقولون لنا "wait and see"، "إنتظر لنرى"! أسوأ ما يمكن أن يقع فيه المرء هو أن ينتظر بدون أي جهد. إنّ أهم ثروة أُعطيت للإنسان هي عمرُه، والعمر مثل السّيجارة لا يتوقف عن الإحتراق إلا عندما ينتهي، فهل نصرف أغلى ما في حياتنا عبر الإنتظار؟.
الإنتظار هو أكبر سجّان، فالعبد لا يتحرّر إذا انتظر أن يُحَرّر، بل عليه أن يعمل ليتحرّر، وإلا فهو يُمضي عمره عبداً ويموت عبداً، وكذلك الجائع، والقلِق وغيره... إذا لم نسعَ نحن لتغيير واقعنا وتغيير وضعنا في كلّ قطاعات الحياة الوطنية والخاصة، فلا يمكن أن يغيّرها أحد، وخصوصاً نحن في عقيدتنا المسيحية: الحياة شراكة بين إرادتنا وإرادة الله، لا يمكن أن يحدث شيء على الأرض إذا لم يسعَ إليه الإنسان ويقبل به الله.
تذكّروا السّيدة العذراء في قانا فهي لو لم تطلب وتلحّ على السّيد المسيح، لَما تحوّلت المياه إلى خمر. إذاً المعجزة الإلهية ليست مبادرة من الله، بل هي لقاءٌ بين سعي إنسانٍ وقبول إلهي. عندها تتمّ المعجزة ويحصل ما لا يمكن أن يحصل، فلو لم يسعَ الكسيح لأن يأتوا به إلى السّيد المسيح، لَما شُفِيَ ومشى، ولو لم يطلب لصّ اليمين المغفرة لما صعد إلى السّماء، بعكس لص اليسار.. إذاً السّعي والإصرار هما الّلذان يوصلاننا إلى غاياتنا وإلى أهدافنا.
طبعاً هذا الإصرار وهذا العمل اليوم يجب أن يتمّا في كلّ ميادين الحياة. في الإنتخابات يجب أن نصرّ أن يمثّلنا الأشخاص الشرفاء. لقد حاولوا جاهدين نشر ثقافةً "التعميم"، فصرنا نسمع دوماً من يقول إن "كلّ السّياسيين "زعران"! لماذا نشر هذا التعميم؟ لأنّ الزّعران حكموا وسرقوا البلد وليس بإمكانهم أن يرتفعوا إلى صفّنا، لذلك يريدون أن يشدّونا إلى صفّهم! كلا، يوجد "أوادم" فلكلّ شخص تاريخ في هذا البلد، اليوم نتحدّث عن فساد وعن مليارات، نتحدّث عن مليارات بحدود ال30 إلى ال40 مليار وسترَون ذلك قريباً بقيودها وبأوراقها الثّبوتية، نحن لا نتّهم أحداً بإمكانه أن يُكَذّبنا، ولا نقول كلمةً إلا وهي حقيقة تاريخية يجب أن يتم ذكرها في كتاب التّاريخ! الكذب في عالم السّياسة، نريد أن نوقفه! فإذا لم ترتكز السّياسة على احترام القوانين وعلى الأخلاق، تكون زعرنة وجريمة!
نتمنى أن يستمر لقاء العام 2005 معكم. لقد اتخذتم شعاراً لكم: "جزين القوية.. جزين الأقوى"، وبالتّأكيد جزين قوية وجزين أقوى، وارتباطها بالدّاخل اللّبناني كما هي اليوم أيضاً يجعلها أقوى وأقوى، لأنّ عزلتها تضايقها. لذلك، يجب أن تظلّ ضمن المجموعة الكبيرة الّتي نسعى لها دائماً، لتجمع اللّبنانيين كافة كي يقدروا أن يحققوا مطالبهم ويكونوا محترمين.
نأمل أن تبقى جزين ضمن هذه المجموعة الكبرى، وأن يُبعد الجزّينيون مجتمعين "الحرتقات" الصّغيرة ويفكّروا على مستوى الوطن ويحافظوا على كرامتهم الّتي رجعت بعد جفاءٍ طويل وبعد فقدان للحضور وللحقوق الّتي يستحقونها، نأمل أن تبقى جزين كلّها متّحدة وأن نظل وإياها على أطيب العلاقات كما كنا دائماً.
عشتم وعاش لبنان. 

  • شارك الخبر