hit counter script
شريط الأحداث

نص مبادرة قوى "14 اذار" التي تم تقديمها لرئيس الجمهورية اليوم

السبت ١٥ حزيران ٢٠١٢ - 11:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان،
إنها ساعة الحقيقة وتحمل المسؤولية.
تتصاعد في المدة الأخيرة الاهتزازات الأمنية وتتنقل عبر المناطق اللبنانية يغذيها وجود السلاح وتفشيه، بالتوازي مع التآكل المستمر في بنية الدولة والتلاشي المتسارع في مناعتها وهيبتها واحترامها، فضلاً عن تراجع مستويات الثقة بالوضع الحاضر وبالمستقبل بشكل كبير بسبب سوء أداء الحكومة الحالية الذي انعكس سلباً على كافة الصعد الوطنية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وبعد أكثر من عام على انتفاضة الكرامة والديمقراطية في العالم العربي وما يمكن أن تشكله هذه الانتفاضة من فرص وآفاق جديدة للبنان، ولكن أيضا ما يمكن أن تحمله فترة المخاض والتحول هذه من مخاطر وآخرها ما يتعلق بما تواجهه سوريا وشعبها المصمم على تحقيق حريته وديمقراطيته، ولاسيما مع لجوء النظام المتهاوي في دمشق إلى تكليف مجموعات مسلَّحة تابعة له بحرف الانتباه عما يقوم به في سوريا عبر محاولته إشعال الفتن في بعض المناطق اللبنانية.


ومع استمرار تلبد غيوم الصراعات الإقليمية والدولية الأخرى وتداعياتها القائمة والمحتملة على لبنان.
لذلك فإنه لا يسعنا بداية إلا إبداء التقدير والاحترام الشديدين لتحسسكم بالمسؤولية الوطنية ودفعكم باتجاه تعزيز دور الدولة القادرة والعادلة وتكريس الوفاق الوطني.

فخامة الرئيس،

لقد حرص ائتلاف قوى الرابع عشر من آذار على مدى الفترة الماضية على متابعة السعي من أجل التوصل إلى وفاقٍ وطني جامع يمكن البلاد من العبور إلى الدولة الواحدة القادرة والعادلة، السيّدة والحرة والمستقلّة، وذلك استناداً إلى وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والدستور. ولقد كان ذلك هدفها منذ بداية نضالها الوطني وما يزال. وعليه فقد بادر ائتلاف قوى الرابع عشر من آذار إلى المشاركة في حكومة الوفاق الوطني الأولى بعد انتخابات العام 2005 برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، ثم شارك في تلبية الدعوة إلى طاولة الحوار التي دعى إليها الرئيس نبيه برّي في 20 آذار 2006، كما استجاب للترتيب التوافقي الذي عبّر عنه اتفاق الدوحة بعد أحداث أيار في العام 2008. وكذلك ورغم انتصار فريقه السياسي في انتخابات العام 2009 النيابيّة، واصل العمل بالتوجه الوفاقي من خلال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري حتى الانقلاب على ما تمّ التعهد به في اتفاق الدوحة وإسقاط تلك الحكومة في الظروف والملابسات التي لا تخفى على أحد.


خلال كل هذه المرحلة، تعرض ائتلاف قوى الرابع عشر من آذار، وبالرغم من جنوحه الدائم إلى ترجيح مبدأ التسوية الداخلية، لسلسلة من الاغتيالات والاعتداءات أدّت إلى استشهاد نخبة من قادته ورجالاته.

فخامة الرئيس،

على الرغم من كل ما جرى، فإننا نرى من واجبنا الوطني أن نعمل جميعاً بكل جدية وصدق من أجل بناء درع واقية للبنان واعتماد خطة وطنية لإنقاذ الوطن ومستقبله، مما أصبح يتهدده حقيقة على أكثر من صعيد وطني وأمني واقتصادي ومعيشي.
ومن هذا المنطلق، فإننا نتوجه بهذه المبادرة إلى جميع الشركاء في الوطن أي إلى كل اللبنانيين بمن فيهم حزب الله وكل قوى الثامن من آذار انطلاقاً من المبادئ الأساسية التالية المنبثقة عن ثوابت الميثاق الوطني والدستور، والتي يمكن أن تشكل بالتالي قاسماً مشتركاً وقاعدةً لشبكة أمان وطنية جامعة تهدف إلى وقاية لبنان وحمايته من التداعيات والضغوط والأخطار كافةً التي تحدق به.
وبناء على ذلك، نرى ضرورة التأكيد على المبادئ التالية:
أولاً: التزام جميع الأطراف بالسلم الأهلي وبالاستقرار الأمني، والحرص على عدم الانزلاق بالبلاد إلى الفوضى أو إلى أي اقتتال داخلي يعلم اللبنانيون جيداً كم كانت تجاربهم مريرة في هذا المضمار وكم كلف ذلك الاقتتال لبنان في الماضي من خسائر هائلة وضياع للفرص الكبيرة التي كانت سانحة بما كان يمكن أن يتيح للبنان واللبنانيين ولوج المستقبل باقتدار وتحقيق التقدم والازدهار المستدام.

إن هذا الالتزام ضروري، بغض النظر عن الاختلافات والتباينات السياسية الداخلية بين مختلف شرائح اللبنانيين والمترافقة مع التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة والتي تتعارض مواقف الأطراف اللبنانية منها.

ثانياً: تفهم المجموعات والأطراف اللبنانية لهواجس بعضها بعضاً، وكذلك تفهمهم لشعور بعضهم بالغبن المتراكم أو بالخوف من نزعة البعض إلى الهيمنة والتسلط. إن هذا التراكم أدى إلى مستوى غير مسبوق من الحدة والتوتر مما يحمل معه مخاطر حقيقية على الوطن ووجوده. لذلك فانه من الضروري العمل بجد وثبات من أجل خفض مستوى التوتر والسعي الجاد للتقريب بين اللبنانيين.

ثالثاً: تأكيد الإيمان بلبنان الوطن الواحد والدولة الواحدة، وأن وحدة الدولة تعني وحدة السلطة ووحدة قرارها ومرجعيتها ووحدة مؤسساتها وأن تكون هي المظلة الوطنية التي تجمع وتحمي اللبنانيين على مختلف طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم السياسية وان تكون سلطتها بما فيها سلطتها الأمنية والعسكرية كاملة وحصرية على أراضيها كافة التزاماً باتفاق الطائف وبالقرارات الدولية حول لبنان.

رابعاً: التأكيد على أن إسرائيل هي العدو الحقيقي، الذي يشكل خطراً على سيادة لبنان ووحدة أراضيه وعلى مصالح الشعب اللبناني. وبالتالي فإنّ التصدي لإسرائيل، هي مهمة وطنية نبيلة، أجمع اللبنانيون على القيام بها، وان الدولة اللبنانية تشكل المرجعية وهي التي تعبر عن كل اللبنانيين فيما تنتهجه من سياسات وما تؤمنه من موارد وإمكانيات.

وعلى ذلك، فإنّ مواجهة إسرائيل والدفاع عن لبنان لا يمكن أن تنفرد بها فئة أو طائفة من مكونات المجتمع اللبناني، بل هي مهمة وطنية جامعة، تتولاها الدولة اللبنانية، باسم كل اللبنانيين ممثلة بأجهزتها العسكرية والأمنية.

خامساً: التأكيد على التزام لبنان الكامل بالقضية الفلسطينية، وبالموقف العربي المشترك بالنسبة لقضية فلسطين ومسألة النزاع العربي- الإسرائيلي وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. كما والتأكيد في الوقت ذاته بأن قوة لبنان وحمايته تكمن في إبعاد لبنان الدولة ولبنان الأرض عن مختلف المحاور والنزاعات الأخرى في المنطقة والعالم دون أن يعني تخلي لبنان الأخلاقي عن التزامه بالمواثيق الإنسانية والدولية وبشرعة حقوق الإنسان التي ساهم لبنان في صياغتها، وعلى أن لا يعني ذلك أيضاً امتناع اللبنانيين كأفراد أو أحزاب عن اتخاذ مواقف متعارضة ولكن سلميّة إزاء التطورات الخارجية وخصوصاً بالنسبة لما يحدث في سوريا والمنطقة.

انطلاقاً من هذه المبادئ الأساسية التي ترتكز على الميثاق والدستور وعلى وحدة الدولة والوطن والتي لا يجوز ولا يمكن أن تكون موضوع جدل أو حوار، وانطلاقاً من قناعتنا بان اللبنانيين يؤمنون بهذه المبادئ انطلاقا من إيمانهم بلبنان الواحد ، فإن ائتلاف قوى الرابع عشر من آذار يبادر وبكل صدق وجدية ومسؤولية إلى:
1- دعوة جميع الذين يؤمنون بهذه المبادئ والأهداف والمنطلقات إلى أن يعبروا عن ذلك ويشاركوا في تحويلها إلى إعلان وطني جامع بقيادة رئيس الجمهورية.


2- التأكيد مجدداً على ما تمّ الالتزام به بين الأطراف المتحاورين في جلسات الحوار السابقة ولاسيما منها: دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتعاون معها والالتزام بما يصدر عنها؛ إنهاء تواجد السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وضبطه داخلها تحت سلطة الدولة اللبنانية؛ المبادرة إلى ترسيم الحدود اللبنانية- السورية.

3- اعتماد هذا الإعلان الوطني أساساً لوضع خطة تنفيذية شاملة لمعالجة موضوع السلاح بجميع أشكاله وجوانبه عبر آليات محددة يتفق عليها وبرمجة زمنية تؤمن الاحتفاظ بالقدرات العسكرية المتاحة حالياً ولكن ضمن كنف السلطة الحصرية للدولة اللبنانية ومؤسساتها وخاصة مؤسسة الجيش اللبناني الجامعة لمختلف أطياف اللبنانيين والحائزة على ثقتهم بوطنيتها ومناقبيتها وتحت إمرتها.

4- أن يتوجه لبنان بالإعلان الوطني المذكور وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع السلاح والالتزام بإبعاد لبنان عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية، إلى المجتمع العربي والدولي للتعبير عن هذه الإرادة الوطنية بمختلف مكوناتها والطلب إلى الجميع في المنطقة والعالم احترام هذه الإرادة اللبنانية الجامعة.

 


فخامة الرئيس،

أن المخاطر الكامنة والمتعاظمة أمامنا والمسؤولية التاريخية لدرئها عبر خطة وطنية جامعة لحماية لبنان وإنقاذه لا يمكن أن تواكبها حكومة من لون سياسي واحد، فاقدة لثقة قطاع عريض جداً من الشعب اللبناني، هي في نظر الكثير من اللبنانيين حكومة يسيرها حزب مسلح، ويسيطر عليها النظام السوري لاستخدامها في معركته مع شعبه وللتغطية على محاولاته الإيقاع بين الطوائف اللبنانية أو بينها وبين مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، حكومة أظهرت مراراً وتكراراً لجميع اللبنانيين عجزها عن أداء دورها حتى في الأمور الاعتيادية فكيف بمتطلبات هذه الفترة الحرجة؟

مما لا شك فيه أنه قد بات على رأس متطلبات هذه المرحلة وجود حكومة تحوز على ثقة اللبنانيين جميعاً. حكومة إنقاذ حيادية لا فئوية تجسد القواسم الوطنية المشتركة وتشرف على انتقال اللبنانيين إلى مرحلة جديدة بعيدة عن التوتر والمواجهة في الشارع رغم التباين والاختلاف السياسي.
حكومة تكون عنصراً مساهماً في عملية الإنقاذ بدل أن تكون عنصراً إضافياً من عناصر الانقسام والعجز وانعدام الثقة وتكون بالتالي قادرة على معالجة القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والمالية الملحة والمتفاقمة بالفعالية المطلوبة.

 


فخامة الرئيس،

إن قوى الرابع عشر من آذار إدراكاً منها للمخاطر الداهمة التي تحدق بلبنان الوطن وبالدولة وهيبتها وكرامتها وبالمواطنين وبأمنهم وأمانهم تتقدم لطرح هذه المبادرة الإنقاذية آملة أن تتلقفها الإرادات الطيبة من أجل التوافق حول هذه المبادئ مؤكدةً أن المدخل الأساسي والدليل على الجدية واستعادة ثقة المواطنين لدولتهم ومستقبلهم هو قيام حكومة إنقاذية حيادية خلال فترة زمنية محددة تجسد القواسم الوطنية المشتركة وتتحمل أعباء المرحلة القادمة وتتصدى لتحدياتها.
مع خالص التقدير والاحترام

أحزاب وقوى الرابع عشر من آذار
 

  • شارك الخبر