hit counter script
شريط الأحداث

كلمة النائب إبراهيم كنعان في الندوة الإقليمية لإطلاق الدليل البرلماني حول الأهداف الإنمائية للألفية

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٢ - 15:41

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السياسات المالية وأثرها على الأهداف الإنمائية للألفية

كلمة النائب إبراهيم كنعان في الندوة الإقليمية لإطلاق الدليل البرلماني حول الأهداف الإنمائية للألفية

أيها الحضور الكريم،
يسرني أن أكون بينكم اليوم للتداول في شؤون عزيزة عليّ بصفتي ممثلاً للشعب وأعمل لما فيه خيره ومصلحته، وبصفتي أنتمي إلى تكتل برلماني اتخذَ من التغيير والإصلاح مساراً لعمله داخل البرلمان وخارجه، وهدفاً يسعى إلى تحقيقه في كل حين، عنيت بهذه الشؤون الأهداف الأساسية الثمانيةالتي أعلنتها الأمم المتحدة للألفية، ودور السياسات المالية المعتمدة في تحقيق هذه الأهداف.
ولئن كان إعلان الأمم المتحدة قد حدد الأهداف الثمانية للألفية على الوجه التالي:
1.    القضاء على الفقر المدقع والجوع
2.    تحقيق التعليم الابتدائي الشامل
3.    تشجيع المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من أسباب القوة
4.    تخفيض معدل وفيات الأطفال
5.    تحسين صحة الأمهات
6.    مكافحة فيروس ومرض الإيدز، والملاريا وغيرهما من الأمراض
7.    ضمان الاستدامة البيئية
8.    إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية
ولئن كانت الأهداف الإنمائية للألفية غايات تعهدت الحكومات بالوصول إليها بحلول العام 2015 ضمن جهودها للتصدي للفقر وحماية البيئة، بحيث تولي الاهتمام الكافي للبيئةوللفئات الأكثر تهميشاً وإقصاءً، وتضمن أن يحصل كل شخص، على الأقل، على الحد الأدنى الأساسي من الرعاية الصحية والسكن والغذاء والماء والصرف الصحي والتعليموالعمل والبيئة السليمة وسواها...،
ولئن كان المقصود بالسياسة الماليةتحديد الدولة لمصادر دخلها وأوجه إنفاق هذا الدخل،أي بإيضاح أكثر من أين تتغذى خزينة الدولة وأي مصادر تغذيتهاهو الأهم، وأين ينفق دخل الدولة، وأي قنوات الإنفاق هي الأهم،مما يتيحللدولة تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي خططت لبلوغها،
فإن دور السياسة المالية في تحقيق الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية يكبر أو يضمر بقدر ما تتوافق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها من جراء تحديد مصادر مداخيلها من جهة، ومن جراء الإنفاق العام الذي تقوم به من جهة ثانية، أو بعبارة أوضح، من خلال نظامها الضريبي وموازنتها وسياستها النقدية.
1-    فالضرائب التي تعتبر المصدر الرئيسي لتمويل النفقات العمومية تحولت من كونها مجرد أداة مالية للحصول على الإيرادات لتصبح وسيلة بيد الدولة لتحقيق أهدافها العامة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإنمائية:
-    فعلى الصعيد الاجتماعي، تستخدم الضرائب لغايات اجتماعية عديدة منها إعادة توزيع المداخيل بين طبقات المجتمع، وتقليل الفوارق بينها عن طريق فرض الضرائب المباشرة التصاعدية على الطبقات الغنية، كالضرائب على الملكية وتداولها والضرائب على الدخل، مع إعفاء الطبقات الفقيرة من الضريبة، وفي مقابل ذلك إعطاء معونات لهذه الطبقات الفقيرة، ومنها الحد من الميل لزيادة بعض السلع عن طريق فرض الضرائب المرتفعة على إنتاجها واستيرادها، ومنها الحد من التزايد السكاني أو تشجيعه عن طريق فرض الضرائب المرتفعة على العائلات من جهة، أو عن طريق إعفاء العائلات الكبيرة من الضرائب ومنحها معونات لتشجيعها على الزواج والإنجاب.  
-    أماعلى الصعيد الاقتصادي، فتؤلف الضرائب أداة تدخل في حياة المواطنين الاقتصادية لتوجه نشاطاتهم نحو نشاطات معينة وتصرفها عن نشاطات أخرى، كما أنها وسيلة هامة لتأمين توازن العرض والطلب، ومكافحة التضخم، والتحكم بالأسعار، هذا إذا أحسن استخدامها.
-    وأما على الصعيد الإنمائي، فغالباً ما تستخدم الإعفاءات الضريبية لتشجيع الاستثمار في مناطق معينة بغرض تنميتها وخلق فرص عمل جديدة يستفيد منها أبناء هذه المناطق بصورة خاصة.
2-    أما دور الإنفاق العام في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية فلا يقل عن دور الضرائب، إن لم يفقه تأثيراً. فقد لا تتأثر الفئات الأكثر تهميشاً وفقراً بارتفاع معدلات الضرائب أو بانخفاض هذه المعدلات لأن لا ملكية لديها ولا دخل لها لتكلف بالضريبة على ما تملك أو تجني، وقد لا تتأثر برفع معدلات الرسوم الجمركية أو بانخفاضها لأن قدرتها الشرائية شبه معدومة، إلا أنها تتأثر ولا شك بالإنفاق العام لاسيما في كنف دولة العناية والرعاية حيث لم تعد الموازنات مجرد أرقام بل أصبحت رؤية اقتصادية واجتماعية ومالية وتنموية، وحيث أصبحت الموازنات تخصص اعتمادات للوقاية من الأمراض وللرعاية الصحية وللتعليم الرسمي والمجاني وللعناية بالصحة الإنجابية وللمحافظة على البيئة، كما تخصص اعتمادات أخرى للتنمية التي يفترض أن تنفق على أساس خطة شاملة وخطط قطاعية تحقق الإنماء المتوازن والمتناغم على صعيد الوطني.
3-    ولا بد في مجال الحديث عن أثر السياسات المالية في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية من كلمة عن تأثيرالسياسة النقدية على تحقيق هذه الأهداف. فالسياسة النقدية التي تعرّف عادة بأنها "مجموعة الإجراءات والمبادرات التي تتخذها السلطات النقدية لإدارة عرض النقود وسعر الفائدة وسعر الصرف والتأثير في شروط الائتمان لتحقيق أهداف اقتصادية معينة"، تهدف غالباً إلى تحقيق استقرار في مستوى الأسعار، وتحقيق معدلات عالية من العمالة، وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي، ومكافحة الاختلال في ميزان المدفوعات، والمحافظة على سعر الصرف.
والسياستان الماليةالمالية والنقدية قد تتفقان فتتحقق الأهداف المرجوة من كل منهما، وقد تتتعارضان، فينعكس ذلك على السياسة المالية في معظم الأحيان، وبالتالي على الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها هذه السياسة، لأن الدول، لاسيما التي هي في طور النمو، غالباً ما تعطي الأولوية للسياسة النقدية على السياسة المالية، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على سعر الصرف والحد من التضخم.
أما في لبنان، حيث تطغى الضرائب غير المباشرة، ولاسيما الضرائب على الاستهلاك، على مكونات الهيكل الضريبي المعتمد، وحيث يطغى الإنفاق الجاري على الإنفاق الاستثماري، وحيث يكاد الإنفاق اللاستثماري ينحصر في العاصمة بيروت وبعض الضواحي القريبة منها، وحيث التغطية الصحية الشاملة مازالت هدفاً يرتجى، وحيث ما يخصص من اعتمادات لدعم الأسر الفقيرة يكاد لا يذكر قياساً على نسبة من هم دون خط الفقر، وحيث تعمد السياسة النقدية إلى امتصاص الفوائض من الودائع المصرفية بدلاً من توظيفها في القطاعات الاقتصادية المنتجة، وحيث تتآكل المساحات الخضراء بصورة متسارعة، فمن المنطقي أن يكون تحقيق الأهداف الإنمائية للإلفية بحلول العام 2015 مجرد حلم جميل.
 

  • شارك الخبر