hit counter script
شريط الأحداث

- المحامي لوسيان عون

منطق القوّة هو الغالب اليوم... والمغلوب هيبة الدولة

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٢ - 07:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بات من الثابت بما لا يقبل أيّ جدل أنّ منطق القوّة هو الرابح في استصدار القرارات التي يطالب بها أيّ فصيل أم فريق أم تجمّع في لبنان. فالاشهر القليلة الماضية أظهرت أنّ منطق القوة يفضي الى الغلبة على قاعدة المثل الفرنسي القائل: "منطق الاقوى هو الاكثر غلبة وله الافضليّة" كما أنّ "السمكة الاكبر تأكل الاصغر منها".
فمن أحداث مياومي شركة الكهرباء، الى أحداث معمل الزهراني الى أحداث طرابلس الى من طالب بالمخطوفين، الى المطالبين بجسر جل الديب، الى متظاهري المنصورية، الى أهل حلبا وعكار والقبيات، وبشري، الى سائر من نزل الى الشارع ولجأ اليه وسيلة للتعبير عن رأيه بمعزل عن كون هذا الرأي صائب أم لا أم قضيّته محقّة أم لا، وقام بحرق الاطارات وقطع الطرقات، فإنّ الشواذ بات قاعدة، والقاعدة المتبعة على هذا النحو ترتكز على منطق القوة، وها أنّ السلطات المعنيّة السياسيّة والعسكريّة والامنيّة باتت عاجزة عن مقاومة هذا المنحى التصعيدي الذي بات يلجأ اليه جميع الفرقاء من دون استثناء لفرض المطالب وإرغام السلطة على تحقيقها مع رفع بيارق القوّة و"كسر العظم" أيّاً كانت، سياسيّة أم معيشيّة أم إداريّة.
بيد أنّ ما وصلت اليه الامور من فلتان وفوضى كنّا نحذّر منه مراراً وهو جاء بالتدرّج من سنة الى أخرى حتى أخذ هذا المنحى التصعيدي وقد بتنا نشاهد صوراً مؤسفة تظهر وحدات من الجيش وقوى الامن الداخلي تقف بحيرة أمام المسلحين مكشوفي الرأس يحملون مسدسات وبنادق حربيّة، ولا تقوى على ممانعتهم أم قمعهم بحجة الخشية من تعريض السلم الاهلي للخطر.
هذا المشهد اعتاد اللبنانيّون عليه عندما رأينا النسوة يقذفون بالحجارة رجال قوى الامن في رومية وصور والضاحية الجنوبيّة في خلال أحداث قمع مخالفات البناء كما المطالبة بإطلاق سراح السجناء، وممّا لا شكّ أنّ تراخي بعض الاجراءات والاحكام القضائيّة أوصل الى ما وصلنا اليه، فاعتبر البعض أنّ اللجوء الى القضاء لن يجدي، وهو فضّل اللجوء الى الشارع لاستيفاء حقّه بعد أن بلغت المماطلة في الكثير من المحاكمات حدّاً خياليّاً فتمرّ السنوات الطوال وتبقى الدعوى في مراحلها الابتدائيّة، ولم يعد غريباً أن يستغرق البتّ بالدعوى عشرين عامأ أم أكثر أم يفصل بين الجلسة والاخرى عشرة أشهر أم أكثر، كما أنّ منطق تبرير اقتناء السلاح بات شائعاً وقضيّة ملحة بل مطلباً شعبيّاً في ظلّ انتشار الجريمة وازدياد الفلتان الامني.
وآخر الجرائم الشنيعة ما حدث في سدّ البوشريّة على غرار أفلام هوليوود حيث عمد القتلة، بدمٍ بارد ظهراً وأمام أعين المارة وعلى قارعة الطريق، على اطلاق رشقات من سلاح حربي على الضحيّة وإصابة اثنين بجروح ما تسبّب باهتزاز الامن في المنطقة ودفع شبّانها الى قطع طرقاتها بالاطارات المشتعلة استنكاراً، وحتى الى منع الاجهزة الامنيّة من تمثيل الجريمة حيث وقعت بعدما أوشك الامر الى تعريض حياة الجناة لخطر القتل من قبل أقارب الضحيّة وبعض الغاضبين، بينما دافع الجريمة كان خلافاً على كلفة تصليح دراجة ناريّة بلغت 47 دولاراً أميركيّاً.
وبموازاة ما تقدّم، والأشدّ خطورة هي هيبة الدولة التي اهتزّت من جبل لبنان الى الشمال فالبقاع الى بيروت بعدما تمّ التداول بإشاعات عن انسحاب الجيش اللبناني من عكار قبل أن يتمّ توضيح ذلك، بينما الاكثر غرابة ألا يتمّ توقيف أيّ مسلح على الرغم من كلّ ما جرى من أحداث.
بل أكثر من ذلك، والأكثر غرابة ومدعاة للتعجب، أنّ معظم المناطق اللبنانيّة تبدو كالجمر تحت الرماد في حين يبقى جنوب لبنان المنطقة الاكثر استقراراً وأمناً ما يرضي العدو الاسرائيلي ويبقيه مرتعاً للطمأنينة على ابواب موسم اصطياف ستزدهر في خلاله جنّات الدولة العبريّة وتكتظّ بالسيّاح والمصطافين بينما يخلو لبنان من أبسط مقوّمات الاستقرار والهدوء والطمأنينة والأمن.

  • شارك الخبر