hit counter script
شريط الأحداث

- ملاك عقيل

بارود لموقع "ليبانون فايلز": حكومة ميقاتي لم تنجز أكثر من حكومتَي الحريري والسنيورة

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٢ - 07:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترشّحي للانتخابات وارد ولكن غير محسوم
قانون الانتخاب حتى الآن "طبخة بحص"
مقولة إنّ حكومة اللون الواحد "منتجة" سقطت
من غير القانوني إحالة حادثة قتل الشيخ عبد الواحد الى المجلس العدلي
 

يقف الوزير زياد بارود، كما غيره من اللبنانيين، حائرا امام "الالغاز" التي طوّقت قضية المخطوفين اللبنانيين في حلب. يقول وزير الداخلية السابق "كنت اتمنى ان ارى دولة تدير ازمة لا "ازمة ادارة" لملف المخطوفين". وامام السباق القاتل بين الامن والاستقرار، الذي تشكّل الانتخابات احد عناوينه، يرى بارود ان ما يهدّد هذا الاستحقاق "ليس الوضع الامني بل التوافق على قانون الانتخاب والاكثرية المفترضة الممكن ان ينتجها"، معتبرا "ان القانون حتى الان هو عبارة عن طبخة بحص". لم يحسم زياد بارود حتى الساعة مسألة ترشيحه في دائرة كسروان. يربط الامر بـ "ظروف احدّدها". ويقول "اريد الحفاظ على استقلاليتي وقناعاتي، ولا اقفل الباب على التحالفات شرط ان تكون منطقية. المروحة واسعة من الترشّح منفردا الى التحالف السياسي".

بتقدير بارود "ان ترحيل كافة ملفاتنا الخلافية الى طاولة الحوار، بما فيها قانون الانتخاب، سيؤدي حكما الى تعطيل الحوار". وردا على مطالبة "تيار المستقبل" بعدم انعقاد هيئة الحوار في ظل الحكومة الحالية تساءل "وهل حصوله في ظل حكومة جديدة سيؤدي الى حلّ كافة الملفات الخلافية؟".
في حديث شامل اجراه موقع "ليبانون فايلز" مع الوزير زياد بارود اكد عدم جواز احالة حادثة الكويخات الى المجلس العدلي لانها ليست من اختصاصه، معتبرا "انه من الخطير برأيي تصوير الجيش بانه الفريق الجاني والمعني بالمحاكمة امام المجلس العدلي".
واذ رأى ان المطالبة من قبل المعارضة باستقالة الحكومة "امر طبيعي"، اكد "ان هذه الحكومة بالرغم من كونها من لون واحد لم تستطع ان تنجز ما انجزته حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة"، مشيرا الى ان مقولة "ان حكومة اللون الواحد هي منتجة سقطت على ما اعتقد".
وامام المطالبات المتكرّرة باستقالة الحكومة يقول بارود "يجب ان لا تكون المطالبة باستقالة الحكومة هدفا بحد ذاته، بل يجب ان يستمكل الامر بما بعد الاستقالة". واذ اعتبر "ان الحكومة الحالية جاهزة تقنيا للاشراف على الانتخابات"، تساءل "من الناحية السياسية هل تستطيع هذه الحكومة ان تضمن ان الفريق الاخر غير الممثل فيها لن يطعن بنتائجها او هل سيشارك اصلا فيها؟"، لافتا في الوقت عينه الى انه "من واجب حكومة تصريف الاعمال (في حال وصلنا اليها) ان تجري الانتخابات التي هي من صلب عملها".

مواقف الوزير زياد بارود جاءت في حوار اجراه موقع "ليبانون فايلز" معه هذا نصه:

هل تعتقد ان مجمل الاحداث الامنية التي تعصف بالبلاد قد تؤدي الى تأجيل الانتخابات النيابية؟
لا شك ان هناك ترابط عضوي بين الامن والانتخابات. ولا يمكن فصل الحالة الامنية عن الحالة الانتخابية. لكن من دون ان يعني ذلك تهديد الانتخابات لمجرد حصول اهتزاز امني، اذا حصل ضمن حدود مضبوطة. من المبكر جدا ومن الخطأ الحديث الان عن تأجيل الانتخابات، ونحن على بعد ما يقارب السنة عنها. الانتخابات استحقاق دوري لا بد من اعتباره قائما حتى اشعار آخر. وازمة هذا الاستحقاق ليست في اجرائه او عدم اجرائه، بقدر ما ترتبط بقانون الانتخاب والاكثرية المفترضة الممكن ان ينتجها. وهذا الموضوع هو الذي يهدّد الانتخابات وليس الوضع الامني. الكلام عن قانون الانتخاب بدأ مبكرا، وهذا جيد وكان دليل صحة. وبدأنا الحديث عن قانون جديد للانتخابات ثاني يوم الانتخابات عام 2009. ووزارة الداخلية اعدّت مشروع قانون وسلّمته للوزير مروان شربل خلال التسلّم والتسليم الذي حصل في حزيران 2011. والوزير شربل استكمل خطوات الاعداد لهذا القانون، وقبل نهاية السنة كان يملك مشروعا رفعه الى مجلس الوزراء. وبالتالي فان وزارة الداخلية قامت بما عليها على مستوى الاعداد لقانون الانتخاب ضمن مهلة معقولة جدا، ولكن النقاش توقف اواخر العام 2011 بعد ثلاث جلسات نقاش بشأنه. مما ادخل القانون في دائرة الخطر، وجعله من المواضيع الاشكالية التي يقول البعض اليوم بضرورة ان تدرج على جدول اعمال طاولة الحوار. وهذا موضوع خاضع للنقاش، وغير محسوم بالنسبة إليّ.
ان الحديث عن الدعوة الى الحوار من قبل رئيس الجمهورية هي خطوة ضرورية وفي محلها نظرا للتحديات الكبيرة التي يواجهها البلد. في المقابل، الحديث عن نتائج هذا الحوار مبكر جدا. الرئيس عندما يدعو الى هذا الحوار يقوم بخطوة استباقية مهمة ومحاولة جدية لمعالجة مواضيع شائكة وتجنيب البلد خضات عديدة، لكن لا يُرد على الدعوة الى الحوار باستباق الحديث عن نتائج هذا الحوار. الدعوة شيء، ووضع جدول الاعمال شيء آخر، والمناقشة شيء آخر أيضاً، والنتائج "شيء اخير". وبالتالي لا يمكن الدخول الى الحوار مع نتائج محسومة مسبقا.

هل انت مع ادراج موضوع قانون الانتخاب على جدول أعمال هيئة الحوار؟
موضوع الانتخاب على ترابط اصلا مع المواضيع المطروحة على طاولة الحوار. يقول بعض الفرقاء اليوم بعدم جواز حصول الانتخابات في ظلّ وجود السلاح، والاستراتيجية الدفاعيّة جزء من بنود الحوار، لكن أن نتحاور حول قانون الانتخاب أمر مبالغ فيه لسببين: اولا، لان مجلس الوزراء لم يستنفد البحث في هذا الموضوع على مستوى المشروع المقدّم، وثانيا لان المكان الصحيح للبتّ بقانون الانتخاب هو مجلس النواب. لذلك اعتقد ان ترحيل ملفاتنا الخلافية الى هيئة الحوار سيؤدي حكما الى تعطيل امكانية ان تبحث هيئة الحوار في اي امر. لذلك، ارى حصر المواضيع بما طرحه فخامة الرئيس ثم مناقشة جدول الاعمال عندما تنعقد طاولة الحوار، على اعتبار ان انعقاد الحوار بحد ذاته يمكن ان يقود الى البحث في جدول الاعمال نتيجة المناقشات. ولكن لا يمكن برأيي وضع شروط مسبقة على مبادرة حميدة تحاول تجنيب البلد الاسوأ.
والكلام عن ان الحوار لا يمكن ان ينعقد في ظل الحكومة الحالية هو كلام يستبق بعض الشيء امكانيات الحوار. لان ليس وجود الحكومة او عدم وجودها هو الذي يؤثر على الحوار. فاذا حصل الحوار في ظل حكومة جديدة هل ستحلّ كافة المواضيع الخلافية؟ ان الحاجة الى الحوار تتخطى برأيي الحكومة وشكلها ولونها.

إذاً أنت مع بدء الحوار الآن من دون ربطه بتغيير الحكومة الحالية؟
أنا مع الحوار بالامس قبل الغد. اللبنانيون يجب ان يختاروا الحوار لأنّ البديل يعرفونه جيّداً. وإذا كان هناك حوار داخلي نرفضه، فلماذا نقبل لاحقاً بحوار مفروض (او نفرضه على انفسنا) من خارج الحدود، تماما كما الظروف التي ادّت الى اتفاق الدوحة.

هناك فريق ينادي اليوم بحوار من دون شروط مسبقة وفريق يتمسّك لفرض شروط لها الحوار..
إذا كان الهدف من الشروط تحصين الحوار وتحسين ظروفه فهذا امر مرحّب به. اما اذا كانت شروط من شأنها ان تؤدي الى عدم حصول الحوار، فأنا ضدّها. اعتقد ان لا احد اليوم ضد الحوار بالمطلق. ولا احد يستطيع ان يرد على البادرة الايجابيّة لرئيس الجمهوريّة برفض المشاركة في الحوار.

يشترط فريق 14 آذار بنداً وحيداً على جدول الاعمال هو بند سلاح حزب الله، فهل هذا الشرط من شأنه تعطيل الحوار؟
اعتقد أن اعادة اطلاق الحوار يمكن أن تتمّ من النقطة التي وصل اليها، ومن ثم في الجلسة الاولى تناقش كل هذه الامور، وتصبح الشروط والاضافات جزءاً من الحالة الحوارية.


هل ممكن أن تضعنا في المرحلة التي وصلت اليها لجنة بكركي؟
هناك ثلاث ملاحظات: اولا اكرّر انه ليس من مهمة بكركي وضع قانون الانتخاب، بل هي قدّمت مساحة مشتركة وظروف مؤاتية للنقاش وللتلاقي. ثانيا، لقاء بكركي الموسّع قال بضرورة التشاور مع سائر المكونات الوطنية بشأن قانون الانتخاب. وهذا امر جيد، حيث انفتحت بكركي من خلال لجنة المتابعة على كل الفرقاء المعنيين بالقانون الانتخابي، حيث كانت اللقاءات ايجابية ويبنى عليها. ثالثا، الموضوع ليس محصورا فقط على مستوى لجنة بكركي. هو يتخطى هذه اللجنة وحتى مجلس الوزراء، وبات من المواضيع التي تحتاج اما الى توافق واما الى غالب يفرضه على مغلوب، وهذا مستبعد ومرفوض. واما ظروف تساعد على انتاج قانون انتخاب يرضي نوعا ما جميع القوى وهذا امر صعب. السؤال هل سنتمكن من وضع قانون انتخاب يعتمد معيارا واحدا، ام سنذهب الى تقسيم الدوائر كما المعتاد، ونذهب الى قانون يعتمد القانون الاكثري بدون تلطيف لهذا النظام؟
اتفهّم بعض هواجس من يرفض النسبية، لكن البديل لا يكون في نظام اكثري بلوائح فضفاضة على مستوى عدد المقاعد. دائما قانون الانتخاب في لبنان اما يطبخ على نار حامية آخر لحظة، واما يطبخ في الخارج ويقدّم على الطاولة اللبنانية. الى الان قانون الانتخاب هو طبخة بحص، لم تنتج شيئا. وطبعا كثرة الطباخين "تنزع الطبخة".

هل سيقدّم التقرير الذي سترفعونه الى البطريرك بشارة الراعي أو يؤخّر في مسار القانون؟
لا شك انه سيقدّم. كونه يشكّل مقاربة تشاركية موحّدة للقوى المسيحية التي تتنافس في الانتخابات. وهذا الامر يبنى عليه على المستوى الوطني. انا ارى انه من واجب الجميع ان يظل يبحث في قانون الانتخاب، لان عقارب الساعة لا تتوقف عند الاحداث الامنية. كل يوم يمرّ يؤدي الى ادخال قانون الانتخاب في غرفة العناية الفائقة. مثلا حضرّنا القانون في انتخابات 2009، بما فيه من ايجابيات وسلبيات، قبل 8 اشهر من التاريخ المحدّد، وقد اقرّ في 8-10- 2008، والانتخابات كانت في 7 حزيران 2009.

هل تعبتر ان القوى المسيحية هي جادة في مطالبتها بالمناصفة الحقيقية، لكن حين تأتي ساعة الحسم ستكون مقيّدة بارضاء رغبات حلفائها؟
مطلب المناصفة دستوري ووجودي ومطلب يتعلق بالدور ومعنى لبنان. هذه حقيقة ما تبحث فيه القوى المسيحية. ولا مصلحة لاي مجموعة مسيحية ان لا تقرن هذا القول بالفعل. ولا مصلحة لاي فريق ان يخفي شيء وراء هذه المطالبة. ولا مصلحة لتقديم مصلحة الحلفاء، على اهمية التحالف، على هذا المطلب المحق وغير الطائفي.

في الموضوع الانتخابي ايضا. هل انت مرشح للانتخابات النيابية؟
قد اكون مرشح. هذا احتمال وارد، لكن غير مؤكد، وحتى الان لم تكتمل عناصر الاجابة على السؤال بشكل واضح. لا اقفل الباب امام امكانية الترشّح، لكن من ضمن ظروف احدّدها، وضمن رؤية اما ارى نفسي قادرا على مواكبتها واما لا.

ما هي الظروف التي ستحملك على اعلان ترشيحك في كسروان؟
اريد الحفاظ على استقلاليتي وعلى قناعاتي. لا اقفل الباب على التحالفات شرط ان تكون منطقية، وتشبه ما اسعى اليه من استقلالية. المروحة واسعة من الترشّح منفردا الى تحالف سياسي.

هناك مطلب صريح اليوم من قبل نواب وشخصيات في "تيار المستقبل" ومرجعيات دينية لاحالة حادثة مقتل الشيخين احمد عبد العال ومحمد حسين مرعب الى المجلس العدلي، فهل ترى ان هذه المطالبة صائبة من الناحية القانونية؟
اتفهّم سبب المطالبة بما ترمي اليه من ان تكون معالجة الموضوع على مستوى عال. لكن هذه المعالجة لا تعني ان تحال القضية الى المجلس العدلي لسببين على الاقل: الاول لان المجلس العدلي ينظر في الجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي والخارجي. وثانيا لان الطرف المعني بهذا الموضوع هو الجيش اللبناني. ومن الخطير برأيي ان يصبح الجيش هو الطرف المعني في المحاكمة امام المجلس العدلي. ثمة اصول لمحاكمة ضباط وعناصر الجيش في حال ارتكابهم اي جريمة محددة في القضاء العسكري. وما يطالب به اهالي الضحايا يمكن ان يؤمّنه القضاء العسكري في حال ارتكب خطأ. المجلس العدلي ليس دائما افضل المخارج، واحالة القضية اليه قد توحي بان الجيش هو الطرف الجاني وكأنه كان يهدف الى ضرب الامن القومي والداخلي للبنان. وبطبيعة الحال فان عدم احالة القضية الى المجلس العدلي لا تعني ابدا "لفلفتها"، كون القضاء العسكري هو الجهة المخوّلة بتّ هذه المسألة عبر اجراء محاكمة عادلة.

هناك دعوات صريحة لاستقالة الحكومة، والاجتماع الاخير لقيادات 14 آذار اتى ليتوّج مساراً من المطالبات المتكرّرة باستقالة حكومة نجيب ميقاتي من قبل هذا الفريق. هل انت مع استقالة هذه الحكومة؟
اي فريق في المعارضة من حقه المطالبة باستقالة من في الحكم. لكن المطالبة بالاستقالة شيء والدفع باتجاهها شئ آخر، وامكانية اقالتها امر آخر. اعتقد ان ثمة حرصا لدى الكثير من القوى على الحكومة، لدرجة انهم كانوا على استعداد للتنازل عن الكثير من الامور حماية لهذه الحكومة ولبقائها. فاصبحت هذه الحكومة في مرحلة معينة اهم من المحكمة، وبات من المقبول ان نتعاون مع المحكمة ونموّلها و ان لا نسحب القضاة ولا نعدّل البروتوكول حرصا على بقاء الحكومة، ربما لان سقوط هذه الحكومة او اسقاطها او استقالتها قد يؤدي الى حكومة تصريف اعمال في ظل ظرف صعب. انا عشت في ظل حكومة تصريف اعمال وادرك مدى صعوبتها، حيث تضيع بوصلة القرار، وتصبح ممارسة مهام الوزراء اصعب بكثير. اضافة الى ان تشكيل حكومة جديدة ليس بالامر السهل ودونه عقبات، والفراغ في الحكم هو دائما اسوأ بكثير من قيام حكومة كائنا من كانت هذه الحكومة.
المطالبة باستقالة الحكومة امر طبيعي، وكنت لاستغرب لو لم يحصل ذلك. لكن المطالبة شيء وامكانية الوصول الى هذا المطلب شئ آخر.

تحمل هذه الحكومة كمّاً من العوامل التي تسهّل تفجيرها من الداخل، ويكفي الاشارة الى الخلافات القائمة بين مكوّناتها اضافة الى التحديات التي تواجهها. ما الذي برأيك يبقي هذه الحكومة على قيد الحياة؟
وضع المنطقة بشكل أساس، وعلامات الاستفهام القائمة على اكثر من صعيد في الموضوع السوري واللبناني اللبناني والموضوع الانتخابي والتعيينات... هذه الحكومة، على الرغم من كونها حكومة لون واحد لم تستطع أن تنجز اكثر مما انجزت حكومة الوحدة الوطنية الاخيرة (حكومة سعد الحريري) وقبلها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

هل تعتبر انها حكومة لون واحد؟
هي حكومة لون واحد لكن بتلوينات مختلفة. هي مجموعة فرقاء ينتمون الى تحالفٍ واحد. لكن هذه الحكومة لم تستطع ان تنجز ما انجزته سابقاتها. وبالتالي مقولة إنّ الحكومات تنتج في لبنان، اذا كانت من لون واحد سقطت على ما اعتقد. وسيمهّد هذا الموضوع، إذا كنّا تفتّش فعلاً عن تدوير الزوايا بين اللبنانيّين، أمام حكومات من لون واحد خلافاً لكلّ ما يقال ويشاع. ودائماً بعد الازمات كنّا نرى حكومات وحدة وطنيّة، ليس فقط في لبنان انما في دول اخرى ديموقراطية. لكن كل الحكومات في لبنان لم تحكم. استعيد عنوان وزير الداخلية الاسبق صلاح سلمان، كتب في حكومة لم تحكم، وكأنه كان يتكلم عن حكومته التي شارك فيها، ولكن اعتقد ان بامكاننا ان نطبقها على كل الحكومات من 1943 حتى اليوم.
في لبنان ليس هناك حكومة تحكم ومعارضة تعارض. هناك اقليتان برأيي، وبيضة قبان اسمها اليوم وليد جنبلاط، وممكن ان تكون المسيحيين في مرحلة اخرى او مستقلين. لكن ليس عندنا اكثرية، بمعنى الاكثرية التي تحكم، خصوصا من الـ 90 حتى اليوم.

مع اي خيار حكومي يقف اليوم زياد بارود. بقاء هذه الحكومة لضرروات اقليمية، او استقالتها او اقالتها في الشارع...؟
اي خيار يجب ان يتخطى اعتبار مجرد اسقاط الحكومة، واي خيار من هذا النوع يجب أن يستكمل بما بعد اسقاط الحكومة. اسقاط الحكومة لا يجب ان يكون هدفا بحد ذاته، لانه لا يؤدي الى ما هو مطلوب. اسقاط الحكومة هل هو لقيام حكومة اخرى؟ ما هو عنوانها؟ تركيبتها؟ كيف ستعمل؟ باي عناوين؟ لذلك اعتقد ان الظروف لم تكتمل والصورة غير واضحة حتى بالنسبة للمطالبين باسقاط الحكومة، لانهم غير مدركين للصورة التي ستؤول اليها الاوضاع الاقليمية ولبنانيا. لكن انا اقرأ في هذه الدعوات لاسقاط الحكومة تمهيدا للمرحلة التي تسبق الانتخابات، لان السؤال الابرز هو هل تستطيع هذه الحكومة ان تنظم وتجري الانتخابات وتشرف عليها. السؤال لا يرتبط باداء وزارة الداخلية واداء الحكومة، بل يرتبط بكلام سياسي. اذكر جيدا ان جزءا اساسيا مما استوجب قيام حكومة وحدة وطنية عام 2008 بعد اتفاق الدوحة، جزء اساسي من اتفاق الدوحة نفسه كان ان يكون هناك حكومة وحدة وطنية وان تكون وزارة الداخلية على الحياد.
اليوم هل سيطرح هذا الموضوع مجددا؟ بدأنا نسمع اصواتاً تطالب بحكومة حياديّة لاجراء الانتخابات. برأيي، لو استطعنا منذ سنوات ان ننشئ الهيئة المستقلة للانتخابات لما كنا اليوم بهذه الحالة من المطالبة.

هل حكومة نجيب ميقاتي مؤهلة للاشراف على الانتخابات المقبلة؟
تقنيا نعم. سياسيا هل تستطيع هذه الحكومة ان تضمن ان الفريق الاخر غير الممثل فيها سيكون مستعدا للقبول بنتائج هذه الانتخابات؟ فكما قال رئيس الجمهورية في خطاب القسم، الاهم من الانتخابات هو القبول بنتائجها. هل سيقبل الفريق الاخر بنتائج هذه الانتخابات؟ هذا هو السؤال.

هل تفترض ان الفريق الاخر في هذه الحالة قد يعمد الى الطعن في الانتخابات او في بعض نتائجها؟
المروحة واسعة من الطعن الى عدم المشاركة اصلا والمقاطعة... كل الاحتمالات ستكون واردة من قبل الفريق غير الممثل بالحكومة. لكن دستوريا، لا شئ ينص على ان حكومة وحدة وطنية او حيادية هي التي تشرف على الانتخابات...

شخصيا هل تعتقد ان الحكومة الحالية هي "حكومة فريق" ولا يجوز ان تجرى الانتخابات في ظلها؟
لا اقول ذلك، وانا لست فريقا في هذه المسألة. هناك فريق سياسي عنده تحفظات وهو يعبّر عنها. انا اعرف ان الحكومة لان فيها "تلوينة" هذا يقدّم بعضا من الضمانات. لكن اذكر ايضا ان حكومة وحدة وطنية كانت تحلّ الكثير من الملفات على طاولة مجلس الوزراء كان بالامكان ان تنفجر في الشارع. احدثك عن تجربة قبل الانتخابات النيابية وقبل الانتخابات البلدية. فعدد من الامور التي كادت ان تؤدي الى انفجار في الشارع كانت تحلّ على طاولة مجلس الوزراء من قبل كل الفرقاء الممثلين فيها.
اكثر من ذلك، انا اسأل ماذا لو كنا في ظل حكومة تصريف اعمال؟ هل تستطيع حكومة تصريف اعمال ان تجري الانتخابات؟ انا برأيي انه من واجب حكومة تصريف الاعمال ان تجري الانتخابات، وهي من صلب عملها، لان تصريف الاعمال يدخل ضمن نطاقه الامور الملحة والطارئة التي لا يمكن تأجيلها. الانتخابات استحقاق كبير وعدم اجرائه يؤدي الى فراغ في السلطة التشريعية، ما لم يذهب مجلس النواب الى قانون واستصدار تشريع يؤجل تلك الانتخابات.

ما رأيك بالمشهد الذي اعقب اختطاف اللبنانيين في سوريا وتعليقك على اداء السلطات اللبنانية وتضارب المعلومات بشأن هذه القضية؟
لا اريد ان اكون قاسيا في ما اقوله، لكن انا كمواطن وليس كسياسي، انظر الى الدولة كضامنة لحقوقي. ما حصل على مستوى المعالجة الاجرائية لما حصل في حلب، وليس على مستوى الاهتمام الرسمي، ان مشكلتنا في الازمات هي دائما مشكلة ادارة الازمة. كمشكلة سقوط الطائرة الاثيوبية. كان هناك اهتمام عاطفي ورسمي، لكن لم يكن هناك ارتقاء لما يسمونه "الاجراءات الاعتيادية في حالات الازمات". نحن اليوم امام حالة خطف، واكثر من دولة معنية فيها. اعتقد ان اللبنانيين واهالي المخطوفين كانوا شعروا انهم بحال افضل لو كان هناك "غرفة عمليات" تعرف مهماتها وما عليها القيام به، وان يكون هناك ناطق رسمي واحد يتحدث امام الاعلام والاهالي، وهذا من ابسط العناوين في ادارة الازمة، وليس الخروج بمجموعة تصاريح احيانا متناقضة ولا تؤدي الى نتيجة. كنت اتمنى ان ارى ناطق رسمي واحد باسم الحكومة اللبنانية، واناس اخصائيين ومندوبين اجتماعيين وعلماء نفس يتعاطون مع الاهالي. هكذا من المفترض ان نتعوّد ان نواكب ازماتنا. كنت اتمنى ان ارى دولة تدير الازمة، لا ازمة ادارة غائبة عن امكانيات الادارة الحديثة للازمة.

من يتحمّل المسؤولية مباشرة لما حدث وعن التضليل الذي حصل. الجانب التركي او الدول المعنية بالتفاوض مع الخاطفين ام الاطراف في الداخل؟
التذرع بالتضليل امر سهل. اي دولة من واجبها التدقيق بصحة اي معلومة ترد اليها. لست مطلعا على التفاصيل كي احكم، فكلبنانيين لم يخبرنا احد من فاوض مع من، ومصدر المعلومات، ومن يتولى التفاوض باسم الحكومة اللبنانية، ام هي مجموعة من المفاوضين لا نعرفها. هناك الكثير من الاسئلة ولا نجد اجوبة عليها. هذا ما يعاني منه اهالي المخطوفين. علما ان ما شهدناه على مستوى التضامن اللبناني اللبناني في اللحظات الاولى هو امر جيد ويبنى عليه. لكن بالمقابل نحن نحتاج فعلا لالية لادارة ازماتنا.

في ازمة كازمة المخطوفين ما هو دور وزارة الداخلية تحديدا؟
دور وزراة الداخلية هو دور مواكب لا شك لكل الدولة. اذا الامر حصل في الخارج، واضح ان الدور الاكبر هو لوزارة الخارجية. وفي حال تفاوض دولة مع دولة هذا يفترض دورا لرئيس الجمهورية وفق المادة 52 (التفاوض حول المعاهدات)، من منطلق تمثيل رئيس الدولة للدولة في تفاوضها مع الخارج. لكن واضح ان التفاوض ن الليس مع دولتين. لذلك الدور الابرز يجب ان يكون لوزارة الخارجية.
 

  • شارك الخبر