hit counter script

ورشة عمل في بكركي عن "الميثاق الاجتماعي والكنيسة"

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٢ - 19:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظم مكتب الشؤون الاجتماعية والإنمائية في البطريركية المارونية ومركز "قدموس" المواكب للميثاق الاجتماعي منذ انطلاقته، ورشة عمل بعنوان "الميثاق الاجتماعي والكنيسة" في الصرح البطريركي ببكركي بمشاركة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، رئيس مركز "قدموس" الوزير السابق سليم الصايغ، النائب البطريركي مدير عام المركز الماروني للتوثيق والابحاث المطران كميل زيدان، منسق مكتب الشؤون الاجتماعية والانمائية في البطريركية المارونية الاب لويس سماحة، وحضور الوزيرين السابقين منى عفيش ويوسف سعادة، النواب: جيلبيرت زوين، اسطفان الدويهي، غسان مخيبر ونعمة الله ابي نصر، الشيخ سامي ابو المنى من مؤسسة العرفان، الاميرة حياة ارسلان وحشد من الفاعليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنقابية والدينية.

بداية النشيد الوطني، ثم كلمة ترحيب لعريف الاحتفال الاعلامي ماجد ابو هدير، ثم كلمة للاب سماحة الذي قال:

"باسم مكتب الشؤون الاجتماعية والانمائية في البطريركية المارونية ومركز "قدموس" الجامعي أرحب بكم جميعا في ورشة العمل هذه التي تؤكد على "الميثاق الاجتماعي والكنيسة".

ليس بجديد في الكنيسة ان تتطرق الى الميثاق الاجتماعي، فالالتزام المسيحي يقوم على الايمان بالعقيدة وعلى العمل بمقتضياتها في حيز الممارسة اليومية، والمحبة تتجلى في ما تنجزه من مؤسسات واعمال اجتماعية وانمائية وتربوية وصحية. كيف لا، وقد اختصر السيد المسيح الوصايا بحب الله والتعبير عنه عمليا بمحبة القريب، لا سيما اولئك الصغار والمرضى والمعوزين وذوي الحاجات، وفي المجال عينه يسعدني ان اذكر الميثاق الاجتماعي الذي اطلقه صديقنا الدكتور سليم الصايغ، حين تولى مهمات وزارة الشؤون الاجتماعية.

لكن الجديد يكمن في تأوين الكنيسة للتعليم الانجيلي. نقرأ في الارشاد الرسولي:"رجاء جديد للبنان، في ما يخص الكنائس البطريركية، يترتب عليها ان تتنظم لكي تقدم مساعدات فعلية ومادية وروحية واخلاقية لجميع الذين هم بحاجة الى ذلك، مهتمة بادارة املاكها ادارة صحيحة".

في هذا السياق بالذات، يحدد النص العشرون من مقررات المجتمع البطريركي الماروني 2006 في الكنيسة المارونية والشأن الاجتماعي، المحبة المسيحية على الشكل التالي:"المحبة التي يتكلم عليها الانجيل ليست محبة بالكلام او بالعاطفة او بالشفقة او الاحسان، بل محبة بالعمل والعطاء والعدالة على نحو خاص. فالكنيسة تسعى لتجسد هذه المحبة في الارض، في ابناء البشر، لان رسالتها تكمن في أنسنة هذا الكون بشرا وطبيعة ومقدرات وفي الدعوة الى العمل في سبيل إنشاء "حضارة المحبة في هذا العالم" ان واجب الكنيسة كي تقوم بهذه المهمة احسن قيام، ان تتفحص في كل آن علامات الازمنة وتفسرها في ضوء الانجيل.

عملا بهذا الواجب وفي اطار مؤسسة العمل الاجتماعي في الكنيسة المارونية، انشأ غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، الدوائر البطريركية ومنها مكتب الشؤون الاجتماعية والانمائية، الذي ما برح يتلمس علامات الازمنة للسيد بعض حاجات المجتمع اليوم ويقوم بما أنيط بها من مهمات. في مقدمة هذه المهمات التركيز على الاستفادة من استثمار اراضي الاوقاف والرهبانيات والابرشيات، لاطلاق مشاريع انسانية وانمائية تجسد عمل الكنيسة على الصعيد الاجتماعي وتشدد على تثبيت الاهالي في قراهم ومناطقهم لا سيما النائية منها.

في هذا الاطار اتمنى ان يسود التعاون والتنسيق بين مكتب الشؤون الاجتماعية والانمائية في بكركي وسائر المؤسسات الاجتماعية في الكنيسة لوضع مخطط استراتيجي ورزنامة عمل تطبيقية لتنفيذ مشاريع انمائية وانسانية تغطي المناطق اللبنانية الاكثر عوزا وتحاول ان تساعد الاهالي على البقاء في ارضهم وكسب معيشتهم عبر العمل والانتاج فيها.

ويجب التركيز على المناطق والمدن والقرى المسيحية التي تسيج وتحتضن لبنان من شماله، كالقبيات وعندقت والقرى المارونية ومنطقة الجبة بشري، مرورا بجبلة في جرود جبيل والبترون، الى بقاعه الشمالي بدءا من القاع الى دير الاحمر وغيرهما من القرى وصولا الى جنوبه في عين ابل ورميش ودبل والقوزح.

هذه الاهتمامات بالمناطق التي ذكرناها حملها غبطته مذ كان مشرفا على كاريتاس لبنان من قبل مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك، ثم رئيسا للجنة الاسقفية لتنسيق العمل الاجتماعي التي اصبحت في ما بعد "اللجنة الاسقفية لخدمة المحبة". وغبطته مستمر بعمله لقناعة ثابتة بان الكنيسة هي في صميم العمل الاجتماعي وان الانماء هو ايضا عمل رسولي نطل معه على الآفاق الجديدة ونلاقي من خلاله الرب على دروب المستقبل.

بذلك نحاول ان نؤمن عمل الكنيسة الاجتماعي في يومنا هذا فضلا عن إتمام مشيئة الواقفين على حقيقتها وتنفيذ النيات الاصيلة التي تمت على اساسها انشاء الاوقاف، ونحن اليوم مؤتمنون على تفعيلها واستثمارها خدمة للمعوزين الذين وكل الينا السيد المسيح مهمة خدمتهم عبر تلبية حاجاتهم".

وختم سماحة بالقول: "أكرر الترحيب بكم جميعا، وعسى ان يفضي اجتماعنا ودراساتنا الى مشاريع ملموسة ومحددة تقرن القول بالعمل".

الراعي

بعدها تحدث البطريرك الراعي عن إشكالية سعي الكنيسة لميثاق اجتماعي جديد فقال: "نحن هنا اليوم للتداول بموضوع اساسي هو الميثاق الاجتماعي الجديد الذي اتطلع اليه شخصيا كمنطلق، وأملنا كبير ان نصل الى ميثاق وطني جديد، والكل ينطلق من الميثاق الوطني 1943 حيث ارتضى المسيحيون والمسلمون على بناء دولة مدنية تختلف عن الشرق انها دولة مدنية تحترم الله وكل الاديان ويختلف عن الغرب بدولة مدنية تحترم الله ايضا، ونحن بأمس الحاجة لهكذا ميثاق وطني اليوم اساسه سيكون هذا الميثاق الاجتماعي الجديد. وهنا أحيي الوزير سليم الصايغ الذي كان هو صاحب الفكرة وهو عمل في سبيلها عندما كان وزيرا للشؤون الاجتماعية".

أضاف: "سأكتفي بطرح الإشكالية لاقول ان كل تعاليم الكنيسة الاجتماعية وكل السعي اليوم وحاجتنا اليوم والإشكالية المطروحة لعقد اجتماعي جديد المحور هو كرامة الشخص البشري وكرامة العائلة، والإرشاد الرسولي الذي أتى على ذكره الاب لويس سماحة عندما يتحدث عن الشأن الاجتماعي يحضر العمل الاجتماعي تحرير الانسان من كل ما يعيقه روحيا واجتماعيا وما يعيقه في تحقيق ذاته".

وقال: "الميثاق الاجتماعي الجديد يتمحور حول الانسان، يحرر من كل ما يعيق نموه الشخصي، فعلى المستوى الثقافي تحريره من الامية، وعلى المستوى التربوي تحريره من اللااخلاقية، وعلى المستوى الاقتصادي تحريره من الفقر، وعلى المستوى الاجتماعي تحريره من الظلم والاستبداد والاهمال، وعلى المستوى الوطني تحريره من كل شيء اسمه تبعية. واذا تطلعنا اليوم نرى ان العمل الاجتماعي هو العمل الاساسي في لبنان، ويدخل العمل السياسي لتطبيق هذا التحرير الاجتماعي، واذا تطلعنا الى واقعنا اللبناني نجد ان الامور "مخلوطة" ببعضها، ولا نعرف كل واحد اين موقعه، لكن الأمر من كل هذه الامور انه في لبنان هناك إهمال كامل للانسان".

أضاف: "ان اول محور اساسي في العمل الاجتماعي هو كرامة الشخص البشري وتحريره من كل ما يعيق نموه تربويا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا ووطنيا، والمحور الثاني يرتبط مع كرامة العائلة التي هي الخلية الاساسية للمجتمع، وضحية كل ما يجري في لبنان منذ العام 1975 وحتى اليوم هو الانسان والعائلة، العائلة هي المجتمع الاول والاساسي دونها لا مجتمعات لدينا، والله سبحانه وتعالى أسس العائلة قبل اي مجتمع، وهناك أمران يخصان الله الانسان كانسان: الزواج والعائلة.

العائلة اليوم "مفككة" بسبب الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والعائلة هي مثل الحطب مكسرة سياسيا، وحتى دخل على قلب العائلة الانشطار السياسي الموجود في لبنان وليس بغريب على احد انه في احدى المرات كنا بواجب عزاء وهو أب لعائلة وأعرفها جيدا وسألت عن فلان لماذا ليس موجودا في دفن أبيه، فكان الجواب ان والده قال له لانك لم تنتخب من قلت لك وكانا على اختلاف بين 14 و8 آذار لا تأتي الى دفني عندما أموت. يعني هذا أمر مبكي، العائلة مشقفة سياسية ومن خلال الهجرة مع كل مآسيها. ومن خلال هذا الميثاق الاجتماعي الجديد اذا لم نتوصل لنتمحور ونجد كل السبل لحماية كرامة الشخص البشري وتحريره من كل ما يعيق نموه الشامل روحيا وثقافيا واجتماعيا وتربويا واقتصاديا ووطنيا، واذا لم نحم الخلية الاساسية للمجتمع وهي العائلة بوحدتها وكرامتها وعيشها الكريم نكون عندها لم نفعل شيئا، وآمل من هذه الندوة ان توصلنا الى وضع الميثاق الاجتماعي ونعمل معا كي يتوصل السياسيون في لبنان الى ميثاق وطني ويكون هدف العمل السياسي بأجمعه هذين المحورين، والا نكون نضحك على بعضنا، والعمل السياسي "طالع " من كل جوانبه ومن كل معانيه ومبرراته، والعمل السياسي الذي يهدف لخدمة الانسان والعائلة مفقود لا بل بالعكس موجود لهدم الانسان وتكسير العائلة، نأسف ان أتكلم هكذا، ورأينا في زياراتنا الى الخارج اين هو شعبنا ورأينا اننا في الخارج أكثر من الداخل، طبعا نعتز بهم في الخارج لانهم يحملون ما أعطاه الله للانسان اللبناني، الإبداع حيث ينطلقون من الصفر ويصلون الى القمة، وعندما يأتي الى لبنان يفككونه "كالبراغي"، وفي لبنان لا قيمة لك ولا تستطيع عمل اي شيء، وانت اذا كان لونك هكذا لك قيمة واذا كان لونك غير ذلك لا قيمة لك ، "منا وجر"، وهذا لا يمكننا ان نقبل به بعد اليوم، واذا كنا فعلا نبحث على مسعى لا يمكننا القبول بهذا، وهكذا نوع من العمل السياسي في لبنان يتلاعب بالانسان ويكسره وبالعائلة ويكسرها أرفض من هذا الكرسي البطريركي كل هذه المساعي التي تحطم الانسان والعائلة، وآمل ان نواجه هذه الإشكالية في هذه اللقاءات، وأشكركم اليوم على حضوركم الذي يدل على اننا جميعا نحمل هما كبيرا وهو كيف نحمي هذا الوطن الذي كانوا يقولون عنه "نيال الذي عنده مرقد عنزة بلبنان"، وهل نستطيع اليوم ان نقول "نيال الذي عنده مرقد عنزة بلبنان"، فالواقع مثل ما هو يقول لنا لا، ولكن لدينا أمل اننا قادرون فعلا بمسؤولية وبكبر وبكرامة ان نتحمل مسؤولياتنا، الوطن بحاجة الى رجالات ونساء غير عاديين وغير عاديات، لبنان منذ العام 1975 وحتى اليوم "برم" 180 درجة على كل المستويات، ونحن لا نستطيع ان نعالج أمورنا بسطحية، فاما نكون رجال ونساء هذا العصر وان شاء الله نكون لانه لا ينقصنا شيء او لا نكون، والتباشير الموجودة على الارض ان لا نكون، آسف ان أقول هذا، لست متشائما ولكن لا يجوز ان نبقى في المستوى الذي نراه، ولا يمكننا ان نبقى في هذا المستوى الذي نعيشه في لبنان على كل الاوجه. وانتم تعيشونه اكثر مني، لكن أريد ان اقول ان الموضوع اليوم اتى في وقته لنطرحه "ميثاق اجتماعي جديد يحمي الانسان والعائلة، ونأمل ان نصل الى ميثاق وطني جديد ويعود ويتصالح العمل السياسي مع دوره وان يتصالح اللبنانيون مع الميثاق الذي منه انطلقوا".

زيدان

بعدها كانت قراءة المطران زيدان عن الميثاق الاجتماعي على ضوء الندوة التمهيدية للمركز الماروني للتوثيق والابحاث، حيث قال: "يسعدني ان افتتح معكم هذه الندوة التي ينظمها مشكورا مكتب الشؤون الاجتماعية والتنموية في البطريركية المارونية بالاشتراك مع مركز "قدموس" الذي واكب مشروع الميثاق الاجتماعي منذ انطلاقته، ونزولا عند رغبة المنظمين سأحاول تقديم قراءة في "مشروع الميثاق الاجتماعي" وذلك في ضوء الندوة التمهيدية التي نظمت في المركز الماروني للتوثيق والابحاث، في شهر كانون الاول 2011، تحت عنوان "الميثاق الاجتماعي والكنيسة". دار النقاش وقتها حول كتيب "الميثاق الاجتماعي"، الذي أصدرته وزارة الشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع مبادرة المساحة المشتركة لتبادل المعرفة وبناء التوافق.

وقال: "من دواعي السعادة ان يكثر الكلام اليوم، وتكثر الكتابات، حول مفاهيم الدولة المدنية والعقد الاجتماعي والميثاق الاجتماعي، اني أرى في هذه الظاهرة وعيا أعمق لكرامة الانسان الفرد وحقوقه. لذلك اخترت في افتتاح هذه الندوة، حول الميثاق الاجتماعي، ان أبدي بعض الملاحظات التأسيسية انطلاقا من هذا الجو العام، ومن خلفية النقاشات التي دارت في الندوة السابقة، علها تسهم في جلاء المفاهيم المتداولة:

1- في اطار تصريح له، بتاريخ 2/2/2012 حول مفهوم العلمنة، يقول الكاردينال اندره فانت تروا التالي:

"ليس هدف العلمنة انتاج مساحة ليست لاحد لاي معتقد او عقيدة، بحيث لن توجد العلمنة الا اذا انتفى وجود المعتقدات".
بالمقابل، يرى الدكتور محمد السماك ان هذا الكلام ينطبق على مفهوم الدولة المدنية اكثر مما ينطبق على مفهوم العلمنة، فيتبنى مضمون تعابير وردت في شرعة العمل السياسي (صفحة 13-14) فيكتب في جريدة "النهار"، بتاريخ 19/5/2012 قائلا:"ان الضامن الوحيد لاستقرار ولنجاح اي مجتمع متنوع او متعدد، سواء كان ذلك في دولة صغيرة مثل لبنان، او في دولة كبيرة مثل الهند، هو في اعتماد نظام مدني يحترم الدين ولكن لا يحكم به ولا يتحكم بأهله، ولا ينتهك أديان الآخرين او يحجر عليها او يضيق على اهلها". ويدعم قوله هذا بالاعلان ان التاريخ: " لا يعرف تجربة واحدة صنع فيها الدين دولة دينية حققت العدالة بين الناس على اختلاف عقائدهم وانتماءاتهم، واحترمت حقوق الانسان وكرامته كما يقول بذلك الدين نفسه. هناك تجارب عدة تشهد بنجاح دين ما في إقامة دولة، لكن هذه الدولة كانت تنتهي دائما بكارثة على الدين وبمأساة على الدولة".
2- اذا كانت الدولة المدنية، هي الدولة التي يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، واذا كانت عملية التشريع، تقوم على إيجاد القاسم المشترك بين الجماعات المتنوعة، لا سيما في الدول التي تتعدد فيها الاتنيات والاديان والثقافات، فقيام الدولة المدنية يتطلب تمييزا عميقا وواضحا بين ما هو خاص وبين ما هو مشترك، وانجاح في عملية التمييز هذه شرط أساس لاستقرار الدول التي تتصف بالتعدد. يقول الفيلسوف هيرماس: "تقاس صحة الديمقراطية بالنسبة الى المساحة المشتركة التي ينتجها المجتمع".
3- نقرأ في المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا في مجال تحديده للعقد والعهد:ان العهد "الزام مطلق، بينما العقد إلزام على سبيل الاحكام". وقد جاء في تمهيد "الميثاق الاجتماعي" ان الميثاق يتخطى مفهوم العقد "الذي تقوم بموجبه قواعد الشراكة بين المواطن والدولة". فاذا كان مفهوم العهد، الذي هو أقرب الى الميثاق، يتخطى عملية التشريع، فهذا يجعله أشد ارتباطا بالمطلقات العميقة للجماعات الإتنية والدينية، وبالتالي يزيد في صعوبة التمييز بين ما هو خاص وما هو عام، الا اذا ارتضت هذه الجماعات ان تأخذ معيارا لصدقية عهدها وهو "ان تكون غاية العقد تحقيق انسانية كل انسان دون تمييز على أساس العرق والدين واللون".
4- تشتق كلمة ميثاق من فعل وثق وواثق. ويحمل الميثاق في بعديه اللغوي والمفهومي الثقة بالأخر، وبالتالي يتضمن بعدا شعوريا وجدانيا.فلا مكان لقيام ميثاق فعلي الا اذا ارتكز الى ثقة تربط بين الافراد والجماعات التي تواثقت وتعاهدت على العيش في اطار مشترك ارتضوه. واذا ارتبط الميثاق بوجدان الجماعة هل نستطيع فصله عن مطلقات تلك الجماعة في أبعادها الإتنية والدينية؟ فالثقة تتطلب قيام لغة مشتركة، ولقد قال احد المفكرين ان "ازمة مجتمع اليوم هي قبل كل شيء ازمة تواصل، انها في استحالة صياغة خطاب مشترك يحمل مفاهيم مشتركة تخرجنا من حالة بابل الى حالة العنصرة". ولن يتم ذلك الا اذا تحول التضامن في المجتمع الى فعل محبة، يحمل فيه القوي أثقال الضعيف ويبذل من ذاته في سبيل خير الجماعة.
وختم بالقول: "اذا كانت مطلقات الجماعات الإتنية والدينية تنبع من الانسان كقيمة مطلقة ، فمفهوم الميثاق يكون صالحا لبناء الدولة المدنية. ولكن اذا كانت هذه المطلقات تنبع من معتدقات دينية إيمانية لا مساحة مشتركة بينها قد لا يصلح مفهوم الميثاق لقيام الدولة المدنية.
لقد اخترت ان أسوق هذه الملاحظات وأثير بعض التساؤلات في بداية هذه الندوة علها تساهم في بلورة الخلفية المفهومية للقضايا المتداولة. وأتمنى ان تكون هذه الندوة مدخلا لنقاش أعمق ولتعاون أوثق".

الصايغ

والقى الصايغ كلمة عن مقاربة الميثاق الاجتماعي والفكر الاجتماعي للكنيسة قال فيها: "في الثاني من نيسان 2011، أطلقنا الميثاق الاجتماعي في حضور كل من شارك في وضعه من فاعليات نقابية وأهلية وحزبية، من القطاعات كافة، وعلى الرغم من الظروف الضاغطة، أيام حكومة تصريف الأعمال، والتهديد الدائم بعودة الحرب الأهلية، عملنا على نشر فكرة الميثاق أمام مكونات المجتمع اللبناني، وفي عدد من عواصم البلدان العربية، الخارجة حديثا من ثوراتها، وفي مقدمها تونس ومصر. وفي هذا الإطار كانت لنا لقاءات في مؤسسة العرفان في شوفنا الحبيب، وفي صيدا عاصمة الجنوب العزيز، وفي منتدى الفكر التقدمي حيث تناولنا فكر كمال جنبلاط والميثاق الاجتماعي، وفي المركز الكاثوليكي للإعلام حول "دور الاعلاميين في العمل الاجتماعي في ضوء الميثاق الاجتماعي". ثم في غرفة الزراعة والصناعة والتجارة في زحلة حول الزراعة والميثاق الاجتماعي، وفي المركز الماروني للتوثيق والأبحاث ندوة وحلقة دراسية، وندوة في غرفة الزراعة والصناعة والتجارة في بيروت حول دور القطاع الخاص والميثاق، وفي المؤتمر السنوي لمؤسسة الإمام موسى الصدر حول "الامام والتغيير الاجتماعي والميثاق الاجتماعي"، وفي بيت الكتائب المركزي حول فكر موريس الجميل والميثاق الاجتماعي" وفي جامعة الحكمة حول التربية والميثاق الاجتماعي، إضافة الى ندوات إعلامية أولها على أثير إذاعة صوت لبنان- صوت الحرية والكرامة، حول الميثاق الاجتماعي والمجمع الماروني، ثم في نهار الشباب، وفي نادي الصحافة في بيروت حول الصحافة في المسائل الاجتماعية. العنوان البارز هو التأكيد على أن إستتباب القضية الاجتماعية، يشكل الركيزة الأساسية، والمدخل الطبيعي للسلم الأهلي في لبنان. والخلاصة أنه ليس من أولوية بين الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية. وأثبتنا ان لا محل لمقولة أن نكون جاهزين قبل أن نطرح الاشكاليات الاجتماعية. ان قضايا الانسان والمجتمع لا تنتظر. لا تنتظر توافقا سياسيا، ولا تنتظر تسوية تاريخية يدخل اليها منطق القوة ويخرج منها منطق الحق ودور الانسان. قضايا الإنسان لا تطلب إذنا من أحد، لا من الداخل ولا من الخارج، أو بركة أو قرارا يشترك في صنعه عبدة الأصنام على حساب الانسان. المسألة الاجتماعية لا تنتظر! هي آنية، تقرع طبول الحق كما تهدد أبواب القصور، وتهز العروش الزائلة، لتريح الشخص المعوق، والمرأة والمسن، والطفل، والعامل المستضعف، والعاطل عن العمل، والمهاجر الى وطن يحفظ كرامته".

أضاف: وإذ يحمل مركز قدموس اليوم الميثاق الى بكركي، فلملاقاة سيد الصرح الذي كان قد أطلق دعوته لاعتماد ميثاق إجتماعي جديد، ينبثق عنه نظام يطمئن الناس ويعزز ثقتهم بالوطن. إننا نضع في عهدة صاحب الغبطة- لا بل صاحب الوزنات الكثيرة، مار بشارة بطرس الراعي، وزنة إضافية، يحملها اليه الكثيرون ممن شاركوا في إستيلاد هذا الميثاق. الكنيسة مؤسسة وطنية، وهي تجسد مجد لبنان، كما مجد الانسان في لبنان. هي التي حملت في تعاليمها أضلع الميثاق، وجعلت منه عقيدة حياة قبل أن يولد. وهنا يكمن عمق التلاقي بين مكونات الوطن، وتستبين المساحة المشتركة بين الكنيسة والمجتمع المدني التي يظللها "الميثاق الاجتماعي". أهمية هذا اللقاء تنهض من قدرتنا على التعرف الى هذا المشترك وتظهيره، لتتحول اللحظة الى حدث تاريخي، والى نفي لمقولة أن لبنان وطن الفرص الضائعة. لقاؤنا اليوم حول الميثاق الاجتماعي والكنيسة، في صرح المحبة، هو فعل إيمان ومشروع حياة:

1- فعل إيمان: هو فعل إيمان، لأن في الإيمان تأملا وصلاة، وفي التأمل إرتقاء، وفي الصلاة رجاء. وأما الارتقاء في الميثاق، ففيه تحويل وتطوير أبعد من جدلية التاريخ، الى حيث لا تناقض ولا الغاء أو استبدال، فالارتقاء عندنا تراكم يفعل ويتفاعل، تتناغم فيه الاضداد وتسقط الأغصان اليابسة في الأضداد. تسقط الأغصان اليابسة، لتنمو فيه حبة الحنطة، وملح الأرض منه ملحا صالحا: التحويل هنا، بقوة الحبة ينقل الجبال كما يجعل من الماء خمرا، ومن الآفة فضيلة ومن العلة دواء. أما التطوير في الميثاق فهو فقه لمعنى التجدد الدائم في قيامة دائمة. ان في الصلاة رجاء، رجاء بتعزيز الكرامة، وتفعيل الحرية وإطلاق العدالة وتحقيق المساواة. أما الكرامة فمطلقة كما الله. وهو أرادنا أن نكون على صورته، ومن صورته سمونا، ومن سمونا كرامتنا. فانتقاص الكرامة تشويه لصورة الله، وامتهانها تجديف على إسمه. إن ادراك وتحسس أهمية المحافظة على الكرامة الانسانية، يفرض على الفرد سلوكا متطورا ونهجا أخلاقيا. وهي مسؤولية فردية تتممها مسؤولية الجماعة، ما يستوجب إيجاد الأطر الكفيلة بتذليل الصعوبات التي تعيق عملية تنمية الانسان بكل أبعاده.
تعزيز الكرامة إذا، لا يكون إلا بفعل الحرية. فالحرية هي المدى الحيوي لتحقيق كرامة الانسان. وهي في لبنان أكبر من مفهوم، وأهم من وصف أو نعت أو صفة. إنها في ذات الوقت جامع مشترك للمجتمع، كما أنها من رحم الوطن، وهي متأصلة في الطباع اللبنانية، ولا نغالي إذا قلنا ان الحرية عندنا رسمت الجغرافيا وكتبت التاريخ، وهي التي حدثت الحلم ليصبح رؤيا، وزرعت الصخر فغدا خصبا، وطفت الشرارة فتحولت نورا.

هذه الأرض الحرة، نضجت بما ومن فيها، فإستمرت حرة لأن فيها أحرارا، وهي تفقد حريتها عندما تفقد أحرارها. تحرير الأرض متلازم مع تحرر الانسان المرتكز الى الحق: "تعرفون الحق والحق يحرركم". فلا حرية دائمة للأرض ولا تحريرا كاملا، كلما كان الانسان مهدد الحرية، مسلوب الإرادة، محروم اللقمة. ان تحرير الانسان واجب، ومن دونه لايقوم مجتمع ولا يستقيم ميثاق ولا ينجز تحرير للأرض. إن الانسان الحر هو من يحافظ على الأرض، وهو من ينمي المجتمع، وهو من يكبر الاقتصاد، وهو من يبني الدولة القديرة. ان فعل الحرية، واجب سياسي ووطني، كما أنه حق إجتماعي وإقتصادي.
أوليس هذا ما دعا اليه بالضبط، المحرر الأول للانسانية، يسوع المسيح، يوم بدأ بتحرير الانسان أولا، وتاليا تحرير الهيكل من التجار واللصوص؟ ألم يكن هم المجمع الماروني الأول عام 1736 وكل المجامع التي سبقته وتبعته تنظيم مشروع الحرية في لبنان، تجسيدا لإرادة وتعاليم الثائر للحق يسوع المسيح؟ ألا تفترض الحرية، أن نصنع الشراكة الوطنية من دون ذوبان، وأن نطور حوار الحياة الفعلي من دون نسيان، وأن نعزز الحياة معا حيث يكون فيها المسيحيون على قدر قامة المسيح؟ ألا تعني الحرية أننا خرجنا الى غير رجعة من العصور المادية وخرجنا معها من كل الحتميات التاريخية والجغرافية خاصة، لندخل عصر الانسان؟ نعم إن لهذا العصر، حتمية أخرى، تصالحنا مع العهد الجديد، وهي حتمية الرجوع الى مركزية الانسان في المجتمع والدولة. فالكل مشدود ومربوط الى خدمة كل إنسان، لا بل كل الانسان، بأبعاده الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. إنسانية الانسان في العهد الجديد المتجدد، هي الموضوع والمرتكز والهدف. إنه الانسان المتمكن من تخطي ذاته، وهو فريد ومتميز تتعامل معه الدولة والمؤسسات كقيمة بحد ذاتها وليس كمجرد شخص طبيعي. فعندما نحدد مفاهيم الكرامة والحرية، نكون قد حددنا أي إنسان نريد؟ والانسان الذي نريد، هو الانسان الواعي لأهميته ككائن متمتع بالكرامة وساع الى الحرية. من هنا نطرح السؤال: أي مجتمع نريد؟ ولربما نكون قد قطعنا منتصف الطريق لندرك أي وطن نريد؟ أي مجتمع نريد: أجابت عنه العقيدة الاجتماعية للكنيسة، والمجامع المارونية ورسائل البطاركة، تماما كما جاء في الميثاق الاجتماعي.

يدفع الميثاق المجتمع نحو إدارة أفضل للتعددية والاختلاف. وهو يشكل مساحة للحوار الديمقراطي وبناء المواطنة وحقوق الانسان. فالمجتمع العادل، هو القادر على إزالة كل ما يعوق نمو الانسان بكليته وكل إنسان بخصوصيته". إن الضامن الوحيد لهذا النمو الانساني، هو مبدأ المساواة في الحد الأدنى لتحقيق العدالة الاجتماعية، وفي الحد الأقصى هو مبدأ تكافؤ الفرص، لتحقيق التقدم الاجتماعي والنمو الدائم. إنطلاقا من هذه المسلمات ندخل الى مشروع الحياة الذي ينادي به الميثاق الاجتماعي، كما الكنيسة في رسائلها وإرشاداتها.

2- مشروع الحياة:
إن مرتكزات مشروع الحياة لإنسان العهد الجديد المتجدد كرامته، هي سبعة سنعرضها من الميثاق الاجتماعي، وكأنها قراءة في العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية أو في المجامع وتوصياتها.
أولا: المجتمع الديمقراطي والمحافظ على التعددية:
إن دخول العهد الجديد المتجدد، يدعونا الى قراءة متأنية في الديمقراطية. فالديمقراطية هي أكبر من نظام سياسي وأعمق من عملية تكوين للسلطة وأوسع من مجرد فصل للسلطات.
إن الديمقراطية هي هدف وطريق، تكبر مع نمو الانسان، وتتجذر مع وعي المجتمع وتتوسع مع إنتشار المعرفة، وهي تقوم على ركيزتين اثنتين: تداول السلطة واحترام حقوق الانسان. ولئن كان التداول منوطا بالنظام السياسي وإنتظام المؤسسات، فإن احترام الحقوق مسؤولية مجتمع برمته وهو متعلق بالميثاق الاجتماعي. فإدراج تطبيق الحقوق في إطار الديمقراطية، يحتم إحترام مبدأ التعددية ومبدأ المواطنة. فالتعددية تقوم على الاختلاف في النوع والثقافة وتفاوت الأجيال كما في المؤهلات الطبيعية المتفاوتة بين الناس. التعددية لها طابع فردي في بعض الأحيان، ونسميها تنوع، وطابع جماعي في أكثر الأحيان تميز بين الجماعات وتؤكد على خصوصيتها. أما المواطنة، فهي عقد فردي بين الدولة والانسان، بحيث يطبق مبدأ المساواة المطلقة من دون تمييز على الجميع، مع الدولة المحايدة تجاه الجميع.

ثانيا: مفهوم الخير العام:
إن دخول العهد الجديد المتجدد، يؤكد على إعادة الاعتبار لمفهوم الخير العام. وهذا ما جاء في الميثاق الاجتماعي، وكأنني أقرأ في العقيدة الاجتماعية للكنيسة ما يلي: "...إن مسؤولية بلوغ الخير العام والمحافظة عليه وتطويره هي مسؤولية جماعية. وهو التعبير الأفضل عن تحقيق الذات، بحيث من شأن تخطي هذه الذات وتخطي مفهوم الخير الفردي، أن يعطي الانسان البعد الاجتماعي الحضاري وينعكس على تنظيمه بدءا بوحدة الأسرة، مرورا بالمجتمع ثم الى الجمعية أو المؤسسة الاقتصادية أو التربوية وصولا اى السلطة المحلية ثم المركزية..." إن معايير الخير العام ليست مادية فقط، بل معنوية وأخلاقية ونفسية، تعزز من توق الانسان للحياة بفرح وسعادة.

3- التمتع بالموارد الطبيعية:
إن دخول العهد الجديد المتجدد، يتطلب المحافظة على أرزاق الله. إن ثروة الأوطان هي لكل أبنائها وهي وسيلة لتنمية الوطن والمواطن، وجزء من هذه الثروة الوطنية، هو المسكن الخاص. فهو الإطار الذي يحفظ إستقلالية الانسان وخصوصية عائلته حيث تشكل شخصية الانسان في أسرته. من هنا أهمية سياسة إسكانية تستهدف ذوي الدخل المحدود والفقراء منهم. ولهذا بعد وطني، إذ إن الملكية الفردية تعزز الدمج الاجتماعي والشعور بالانتماء.

4- الأصغرية:
إن دخول العهد الجديد المتجدد، يقضي بتجديد الانسان الأقل قدرة أو الأضعف، أو الأصغر من أجل تحقيق مبادرته الفردية، من واجب الأكثر قدرة وقوة. فالانسان المحرر يساهم في الاستقرار الاقتصادي- الاجتماعي. من هنا أهمية جو العائلة، إذ لا يستطيع المجتمع أو الدولة، أن تنزع من العائلة ما تستطيع فعله بمفردها. وحق العائلة مقدس ومن واجب الدولة أن تدعمها لتكون الحضن الآمن للضعفاء من مسنين وأطفال ومعوقين. فلا يتدخل المجتمع أو الدولة في العائلة. وعندما يفعل فهو لحماية الانسان إذا ما انتهكت حقوقه لأنه يبقى القيمة المطلقة بحد ذاته. فكما أن على الدولة أن تحمي الانسان من طغيان الجماعة بما فيها العائلة، فإن على العائلة أن تكون في خدمة الفرد الانسان وتساهم في نموه الخلاق، وكما أن على الدولة أن تعمل على خدمة هذه العائلة وتساهم في تنميتها وحمايتها فإن على العائلة أن تتحمل مسؤوليتها عبر التماسك والتضامن والمحبة.

5- الشراكة:
إن دخول العهد الجديد المتجدد يتطلب مقاربة مختلفة لموضوع الشراكة في تحقيق العدالة الاجتماعية. إن الحداثة قد أخرجت الدولة من حصرية الرعاية الاجتماعية لتدخلها الى الرعاية بالشراكة، مع القطاع الخاص والمجتمع المدني. وتكون الدولة عندها في موقع جديد كجهة ضامنة للشراكة والخير العام. وهكذا تتوسع المسؤولية الاجتماعية لتشمل كل القطاعات لتنمية إنسانية شاملة. فمثلا إن حق المواطن بالعيش في البيئة التي ترعرع فيها وهو هدف تنموي، يحقق العدالة الاجتماعية ولا يقوم إلا بتفعيل هذه الشراكة المثلثة العناصر. كذلك تكون المشاركة الحقيقية بالانتقال الميسور من عالم الاقتصاد بأبعاده المالية الضيقة والمتسم بالربحية والنفعية والانتهازية الى عالم المجتمع المدني التطوعي بحيث يتحول القطاع الخاص والمؤسسات ذات المنفعة العامة ولو كانت خاصة، الى قطاع مسؤول إجتماعيا وذي بعد إنساني.
من هنا، نقدم من لبنان، أنموذجا عن كيفية تعزيز الانتاجية والربح والمردود الاجتماعي عن النشاط الاقتصادي، وذلك على أساس القيمة الاجتماعية الأصيلة وليس القيمة الاقتصادية المضافة إجتماعيا.

6- التضامن الاجتماعي:
إن دخول العهد الجديد المتجدد، يكون باعتماد شبكات الأمان الاجتماعي بالحد الأدنى. لكن سر النجاح الحقيقي يبقى باعتلام طريق التنمية الانسانية والتمكين. وقد عملنا على وضع استراتيجية وطنية للتنمية الاجتماعية تتنتظر التنفيذ في أدراج الوزارات المعنية. ومجالات هذه الاستراتيجية هي: الفقر، العمل، الصحة، التعليم، لامشاركة، الحياة العامة، حماية الأسرة، مشاركة المعوقين، حماية المسنين، السكن، حماية الأطفال. وتأتي قضية العمل والعمال كأولوية مطلقة لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والسلم الأهلي. وبما أن التنمية هي لخدمة الانسان كل الإنسان فإن العمل يكون في خدمة العامل وفي المحافظة الاجتماعية التي ينتمي اليها لا سيما العائلة فيساعد على تمتين أواصرها ووحدتها وتوحدها لا على تشرذمها وحمايتها من التعرض للضغط الهائل الذي قد يحصل من طبيعة وظروف العمل نفسه والتي يمكن أن تكون في الكثير من الأحيان مدمرة لحياة الانسان الاجتماعية ومصدرا للضرر الذي قد يلحق بقدرته على الانتاج. والعامل هو المرأة كذلك، فإن تمكينها وحمايتها واجب المجتمع والدولة تجاهها، خاصة في فترة الأمومة وفي رعايتها لأطفالها وفي توفير ظروف عمل لائقة بها. وبالتالي فإن المحافظة على كرامة العمل نكون بالمحافظة على كرامة العامل. ان العمل إجتماعي في طبيعته "يخلق بيئة يؤثر فيها العامل ويتأثر بها. مما يعني ضرورة التكامل بين الرساميل المادية والانسانية والاجتماعية واستثمارها بشكل فعال وهادف. فالرأسمال المادي هو وسيلة بيد الإنسان وجدت لخدمته وتبقى القيمة الأصلية للعمل والحق الأول هو حق العامل".

7- الاقتصاد "المؤنسن":
إن دخول العهد الجديد، يحتم التفتيش عن إقتصاد مؤنسن فيه الأفضلية للمنتج. عندها تحتكم المبادرة الفردية الى معايير المساواة والعدالة الاجتماعية والخير العام كما الى معايير الربح، والانتاجية، والتنافسية. فيحقق هكذا التوازن بين المردودية الاقتصادية البحتة التي قد تقصيه في مجتمعه وتلحق الضرر بالعلاقات الاجتماعية. كذلك يكون الاقتصاد المؤنسن على مبادئ النزاهة والعدالة في إدارة الموارد العامة وتطبيق السياسات الضريبية، وهذه مسؤولية الدولة. أما عن المجتمع فمسؤولية المستهلك تكون في استهلاك السلع الصديقة للبئية والتي تحترم معانيها أو شركاتها حقوق الانسان لا سيما حقوق العامل. كذلك يكون الاقتصاد المؤنسن بعيدا عن الاستهلاكية، وهي تهدد كيان الإنسان الاجتماعي إذا لم يتم وضع الأطر الناظمة لها. إن المحافظة على الخصوصية المناطقية، والهويات الثقافية والطابع المحلي هي ضرورة إنسانية ومجتمعية وإقتصادية ووطنية".

وختم الصايغ: "غبطة البطريرك الكلي الطوبى، لقد ولد هذا الميثاق من رحم الخصوصية اللبنانية. ولم نكن نعرف أنه مشدود ومرتبط الى هذا الحد بتعاليم الكنيسة وخلاصتنا واضحة. في المجتمع اللبناني روح الله، وقدسية الأحرار والشهداء، وفي لاوعيه الجماعي التعاليم السماوية. وفي نمط حياته عقيدة الكنيسة الاجتماعية، فغدت مك ثقافي، يبقى، بعد أن نكون قد نسينا كل شيء".

الجلسات

بعد الجلسة الافتتاحية بدأت الجلسة الاولى التي حملت عنوان "التزام الكنيسة بالعمل الاجتماعي" وتحدث فيها كل من الدكتور ميشال عواد، الدكتور انطوان سعد والاستاذ جوزف فرح.

عواد

والقى عواد كلمة تطرق فيها الى "الشأن الاجتماعي في أوراق المجمع الماروني"، وجاء فيها:

"أولا- أوراق المجمع:
1- إن الموقع الذي يحتله الموضوع الاجتماعي في وثائق المجمع البطريركي الماروني مهم جدا إذ يتعدى ما جاء في الوثيقة الأساسية "الكنيسة المارونية والشأن الاجتماعي"؛ فعلى 23 وثيقة صدرت عن المجمع، هناك أكثر من النصف تتصل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالشأن الاجتماعي. 6 وثائق (15، 16، 17، 19، 21، 22) تتطرق بشكل مباشر لقضايا إجتماعية محددة: تربية، سياسة، إقتصاد، إعلام... وكذلك الوثائق 9، 10، 11، 13 وغيرها التي تعالج مسائل العائلة والشبيبة والعلمانيين والرعية والعمل الرعوي... تتطرق أيضا لنواحي عديدة من القضايا الاجتماعية.

ثانيا- المبادىء:
إن المبادىء التي يرتكز عليها تعليم الكنيسة الاجتماعي في لبنان تتماثل مع المبادىء التي يقوم عليها تعليم الكنيسة الاجتماعي في وثائق الكنيسة الكاثوليكية بوجه عام، وأهمها:
1- مبدآن لاهوتيان وكتابيان:
أ- الإنسان خلق على صورة الله ومثاله، وهو ابن لله، والبشر جميعهم أخوة بيسوع المسيح.
ب- هذا الإنسان هو كائن إجتماعي "فالله لم يخلق الإنسان كائنا متوحدا بل إجتماعيا".
وعليه تعتبر الكنيسة أن للإنسان أولوية مطلقة على الأشياء، وهي بهذا أمينة لتعاليم المسيح. لذلك إعتمدت الكنيسة موقفا مميزا ومتمايزا في ما يتعلق بموضوع الملكية الخاصة للأشياء.
2- مجموعة من المبادىء الاجتماعية، التي نكتفي بذكر بعض ما جاء حولها في وثيقة "الكنيسة المارونية والشأن الاجتماعي"، وأهمها:
أ- مبدأ الخير العام، "إنه العزم الثابت والدائم على العمل من أجل الخير العام، أي من أجل خير الكل وكل فرد، لأننا جميعنا مسؤولون حقا عن الجميع".
ب- مبدأ التضامن، "والكنيسة المارونية عاشت مبدأ التضامن هذا عبر تاريخها، عندما كان المسيحيون يمارسون نظام "العونة" في ما بينهم، وفي تأمين حاجات معيشتهم. كما أنها لا تزال تشدد عليه في مختلف الوثائق التي تصدرها، وتمارسه من خلال مؤسساتها الكنسية العديدة، والتي تطلب إليها مضاعفة جهودها باستمرار". ولقد شدد نداء الجمعية الخاصة لمجمع الأساقفة من أجل لبنان (1995) في المقطع الثالث على هذا المبدأ حيث يعلن: "لنتضامن واضعين ذاتنا في خدمة إخوتنا".
ت- مبدأ العدالة، "والكنيسة المارونية تتبنى هذين المفهومين للعدالة الطبيعية والعدالة الاجتماعية؛ ولا تنفك تدعو الأفراد والمؤسسات، الكنسية منها والمدنية، والدولة، للعمل على تحقيق هذه العدالة للجميع، خاصة الفقراء والمحتاجين والمعوزين الذين لهم الأفضلية في رسالة الكنيسة".
ث- مبدأ الإنماء والتنمية والترقي، "والكنيسة المارونية، عبر تاريخها، كانت رائدة في مجال إنماء مجتمعها وترقيه... وهي التي، من خلال نظام الشراكة، عممت الأعمال الزراعية، ونمت الأراضي الوعرة في الجبل اللبناني. وقد كان الرهبان، خاصة، يعملون قبل الشعب ومعه في الزراعة، وتربية المواشي، وصناعة الحرير…كما مارسوا الحرف على أنواعها، وعلموها عامة الناس، من طباعة، وحياكة، ونجارة، وصناعة فخار، وبناء، وحدادة... والدير في مفهوم الموارنة ليس مكان صلاة وحسب، بل مركز عبادة وعمل ومدارس للتعليم، ومنطلق رسالة حضارية. لقد كانت الأديرة نواة لتجمعات إقتصادية وإجتماعية هامة، يعيش فيها "الشركاء" في مزارع صغيرة تحولت، مع الوقت، إلى قرى كبيرة ومزدهرة. ولم يغب كاهن الرعية عن هذه الرسالة فكانت معه مدرسة تحت السنديانة".

ثالثا- المواضيع:
إن المواضيع التي تتطرق لها الوثائق العديدة، التي أشرنا إليها أعلاه، تطال مختلف المسائل والنواحي الاجتماعية؛ إنما مع التشديد على أن الكنيسة المارونية كانت دوما، عبر تاريخها، متماثلة بمجتمعها ومشاركة في كافة نواحي حياته، وهذا ما عبرت عنه وثيقة "الكنيسة المارونية والشأن الاجتماعي" في الفصل الأول الذي نقتطف منه ما يلي: "نشأت الكنيسة المارونية في مجتمع زراعي، واستمرت تنسج هويتها حتى بدايات القرن العشرين ضمن هذا المجتمع بالذات، وتستمد قيمها منه، وأهمها إثنتان تعلق بهما الماروني : أرض يستثمرها وقد سقاها أجيالا من عرقه ودماء أبنائه، وبيت يأوي إليه هو وأسرته...
"إن الظروف الصعبة التي نشأ فيها الموارنة بسبب حالة النفور والحذر التي كانت بينهم وبين إخوتهم في الدين المسيحي من جهة، واعتبارهم أهل ذمة ضمن إطار الدولة الإسلامية من جهة أخرى، جعلتهم جماعة متماسكة متحلقة حول كنيستها بقيادة بطريرك كان يشارك شعبه أتراحهم، وما أكثرها، وفقرهم، وما أشده، وزراعتهم، وما أقل إنتاجها في جبال صعبة... ولقد كانت الكنيسة إلى جانبهم في السراء والضراء...
وكانت الأديرة واحات استيطانية تشد المزارعين الموارنة إليها حاملين معهم يدهم العاملة ومهاراتهم الحرفية وحبهم للأرض التي عملوا على إحيائها وتحويلها من سفوح مجدبة إلى بساتين وحقول مخصبة. ونتيجة العمل اليدوي، وعبر شراكة المغارسة، تمكنوا، بعد بعض سنوات، من تملك الأرض بعرق جبينهم، لا بقوة السيف؛ فكانت ملكيات صغيرة للفلاحين ووقفيات لأديرة الرهبان، رسخت الموارنة في لبنان الحالي، وحتى في ما أبعد من لبنان.

أما المواضيع التي تتطرق لها هذه الوثائق فأهمها:
1- موضوع الملكية
إن الملكية الخاصة، في نظر الكنيسة، هي حق طبيعي يعطي الشخص البشري مسؤولية يتحملها وبذلك تنمو شخصيته. كما أن الملكية تساعد على ترسيخ أسس العائلة وتطورها، وهي تكيف المبادرة الاقتصادية لدى الأشخاص والجماعات، وتكون البنى الأساسية الضرورية لأي مجتمع حر. لكن هذا الحق ليس مقدسا ولا مطلقا، إذ إنه مرتبط بالغاية التي لأجلها خلق الله الكون، ووضعه بتصرف البشرية جمعاء.
وانطلاقا من هذه الغائية تسعى الكنيسة المارونية في لبنان ليكون تعاملها بممتلكاتها الخاصة متناسبا، من جهة، مع ما تعلمه الكنيسة والذي عبر عنه بوضوح البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة "الاهتمام بالشأن الاجتماعي" حيث يقول: فالكنيسة "ملزمة، من جراء دعوتها، بالتخفيف من بؤس الذين يتألمون، الأقارب منهم والأباعد، ذلك ليس فقط بما يفيض عنها، بل بما هو أيضا من صلب حاجتها. ففي حال العوز، لا يمكن أن نعطي الأولوية لما هو زائد من زينة المعابد وأدوات العبادة النفيسة، لا بل يمكن أن يكون من باب الإلزام التخلي عن هذه الممتلكات لتوفير المأكل والمشرب والملبس والمسكن للمحرومين منها"(عدد 31)؛ ومن جهة ثانية، مع ما جاء في الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" تحت عنوان "إدارة أملاك الكنيسة": "وغني عن البيان أن إدارة أملاك الكنيسة هي خدمة رسولية لا يمكن أن يكون من أهدافها الإثراء الشخصي أو العيلي أو الجماعي، إن مبدأ الأوقاف ونظامها القانوني وطريقة إدارتها واستثمارها يجب أن يعاد درسها وتقويمها. ولتسهيل إدارتها، يجب، أولا، القيام بجردة لوضعها الحالي وللأهداف الحقيقية لكل واحد من أنواع الأوقاف، ومختلف أنواع الخيرات الزمنية، والتحقق من إيرادها واستثمارها. ومن الضروري أيضا وضع تخطيط شامل للاحتياجات والاستخدام الصحيح للأوقاف، يتوافق والأهداف الأربعة لأملاك الكنيسة، وهي العبادة الإلهية، وأعمال الرسالة، وأعمال المحبة، وتأمين عيش رعاتها تأمينا صالحا"(104-105).

2- الحقوق الاجتماعية والاقتصادية
تعتقد الكنيسة أن للمواطن حقوقا أساسية تنبع من جوهر الأدوار والوظائف التي يطلبها المجتمع ويتوقعها منهم، ومن أهم هذه الحقوق:
أ- الحق في بناء عائلة: العائلة في المجتمع اللبناني متروكة لذاتها تجابه وحيدة معظم مشاكلها: فليس هناك تعليم مجاني، أقله في المراحل الأولى؛ ولا ضمان فاعل وكاف للطبابة؛ ولا ضمان للعمل والبطالة؛ ولا ضمان للشيخوخة؛ ولا سياسة سكن وإسكان. فأصبحت العائلة، خاصة المارونية، تشكو من قلة الإنجاب، وقلة الزيجات، وكثرة الهجرة إلى الخارج، وضعف التعلق بالأرض والبيت. لذلك تشجع الكنيسة المارونية قيام الحركات التي تهتم بالعائلة، في الرعايا والأبرشيات، وتعمل على مساعدتها بمختلف السبل المتوفرة لها.
ب- الحق في السكن: البيت هو الإطار الطبعي لنمو الإنسان والعائلة، فهو يؤمن الأمان والاستقرار، لأن الذي لا بيت له يشعر بعدم الثبات وبعدم الارتباط بشي له ديمومة. لذلك تشجع الكنيسة وتبارك كل عمل يؤول إلى حل هذه المشكلة الخطيرة، كما تضع إمكاناتها في سبيل تنظيم عمل مشترك، بين المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص والمؤسسات الدينية، لضم إمكاناتها ومقدراتها في وضع سياسة إسكانية متوسطة وبعيدة المدى وإنجازها وإنجاحها. كما أن الكنيسة، من خلال أبرشيات عدة ومؤسسات رهبانية ورسولية، أخذت على عاتقها تنفيذ مشاريع إسكانية عديدة أمنت آلاف المساكن للعائلات المسيحية، وغير المسيحية أحيانا.
ت- الحق في العمل: أهمية العمل تنبع من كونه النشاط الخلاق لكل إنسان، فبالعمل يؤمن الإنسان سبل عيشه واستمراريته على جميع الأصعدة: جسديا وماديا عليه أن يعمل ليبقى، ونفسيا عليه أن يعمل ليتوازن، وخلقيا عليه أن يعمل ليثبت ويقوى. كما أن العمل ضرورة إجتماعية : فلكي ينمو المجتمع ويتطور يجب أن يكون مجتمع عمل ونشاط وخلق وإنتاجية. لذلك تحث الكنيسة على معالجة هذه المشكلة بما يتناسب، مما يتطلب معالجة للوضع الاقتصادي برمته يتمثل في تنظيم جديد يشمل سوق العمالة وقانون العمل، وتحديد للأجر العادل الذي ينطلق من الحاجات الفعلية لمستوى معيشي كريم، وتصويب عمل مؤسسات الضمانات والخدمات الاجتماعية كي تصبح أكثر فاعلية.
ث- الحق في الصحة والطبابة : للإنسان حق مطلق بأن يتمتع بصحة جيدة، وأن يتحاشى الألم والوجع والمرض؛ كما له الحق بأن يحميه المجتمع من التعرض للأمراض التي يسببها التلوث البيئي والطبيعي، الناتج عن إهمال في السهر على الصحة العامة؛ كما له الحق بأن تتوفر له سبل العلاج الصحيح إذا أصابه مرض ما.
والكنيسة، التي تملك في لبنان، أهم مؤسسات الطبابة والاستشفاء، معنية مباشرة بهذا الوضع لتبث مؤسساتها روح التضامن المسيحي والخدمة المسيحية، وتشهد للكنيسة على أنها "كنيسة الفقراء والمحتاجين والمعذبين".
ج- الحق في التعليم وفي الثقافة : إن الكنيسة المارونية تؤكد أن التعليم والثقافة حق أساسي من حقوق الإنسان، خاصة في مجتمع أصبح مستقبل الإنسان، وطموحه، وتقدمه، مرتبطة أساسا بدرجة تعلمه ونوعية إختصاصه وسعة ثقافته. إن الكنيسة سوف تعمل بواسطة مؤسساتها، الكثيرة في هذا المجال، وهي كنز ثمين لها، وبالاشتراك مع السلطات الرسمية والمؤسسات الخاصة الأخرى المعنية، لتعيد إلى العلم والثقافة دورهما الريادي، ولتؤمن لكل إنسان، فقيرا كان أم غنيا، هذا الحق الأساس لأنها تدرك أن قوة إنساننا هي في نوعيته وليس في كثرة عدده. 

3- أي مجتمع؟
إن المجتمع الذي ترسم ملامحه وثائق المجمع البطريركي الماروني هو مجتمع يتألف من أشخاص أحرار ومتساوين ومسؤولين. إنه يقوم على ركيزتين أساسيتين:
- نظام قيم وأخلاق سليم.
- سياسة إجتماعية عادلة تقوم على أهداف ثابتة وعميقة.
ومن أجل تحقيق هذا المجتمع لا بد من العمل على تأمين المقومات الضرورية له، وأهمها:
أ- تحقيق نظام إجتماعي يقوم على احترام للإنسان، ومساواة في الحقوق والواجبات، وانفتاح ثقافي وروحي، وأمان مادي مستقر.
ب- تحقيق عدالة إجتماعية بتأمين مستوى لائق من العيش الكريم لكل أفراد المجتمع، وتمكين كل شخص من تنمية كفاءاته وقدراته، فيسمح له هكذا أن يشارك بحسب مؤهلاته في بناء مجتمعه وتحديد مستقبله.
ت- التثمير في الإنسان وإستغلال كامل للموارد المتوفرة في القدرة البشرية.
ث- تمكين الجماعة من إستغلال الثروات الطبيعية وزيادة الإنتاج في سبيل تأمين حاجات الجميع، وبالأخص المعدمين، والفقراء، والضعفاء، وغير المنتجين من أطفال وعجزة. كل ذلك من أجل الوصول إلى المجتمع العادل. والمجتمع العادل، كي يتأمن، يفترض حلا للمشاكل الأساسية وإزالة العوائق التي تقف في سبيل تحقيقه. ففي عملها الاجتماعي، تنطلق الكنيسة من موقف مبدئي بأنها لا تدافع عقائديا عن أي‍ة بنية للمجتمع بتفضيلها، بالمطلق، على بنية أخرى؛ وذلك لأن الإنسان "هو السبيل الأول والسبيل الأساسي للكنيسة".
ج- على الصعيد السياسي تعلم الكنيسة أن السلطة السياسية هي ضرورة إجتماعية أساسية للحفاظ على الحياة الاجتماعية، إذ بدونها ينفرط الرابط الاجتماعي؛ وبالتالي يزول المجتمع كحياة مشتركة بين جماعة من الناس. وهنا يبرز دور الدولة والسلطات العامة التي عليها، عملا بمبدأ "الإمدادية" (subsidiarité)، أن تحمي النظام العام وتدافع عنه بصورة فعالة. إنما ليس على الدولة أن تحل محل الأفراد والجماعات والتنظيمات الاقتصادية التي يمكنها أن تقوم بعمليات الإنتاج، والتوزيع، والتجارة... بل ينبغي أن تترك لها تلك الأعمال، وتنصرف إلى دورها الأساسي الذي لا يستطيع أحد سواها أن يقوم به، أي إلى دور الإدارة، والمراقبة، والتشجيع وكبح الجماح حيث تدعو الحاجة لذلك.
ح- على المستوى الاقتصادي ترى الكنيسة المارونية أن الحرية الاقتصادية في لبنان، والتي هي أساس النظام الاقتصادي، إنقلبت نظاما إستغلاليا فارزا لكل أنواع الظلم وقلة العدالة الاجتماعية. أمام هذا الواقع لا يمكن للكنيسة أن تقف صامتة، بل إنها تشجب بشدة هذا الوضع، وتدين المسببين له، وتعارض أي شطط يقود إلى الإستغلال واللاعدالة، وتسعى بكل وسائلها المعنوية والمادية إلى تغير هذا الأمر. لذلك تعمل الكنيسة في لبنان على أن تكون جميع مؤسساتها أكثر فعالية لتحقيق مجتمع عادل يتمتع فيه جميع المواطنين بحقوقهم الأساسية.

لم يكن إقرار وثائق المجمع البطريركي الماروني ونشرها رسميا نهاية المطاف بل بداية لمسار تتحقق فيه القرارات التي أقرت، ولقد بدأ ذلك بتحديد لاقتراحات عملية واضحة لكل وثيقة؛ كذلك تشكلت لجنة لمتابعة أعمال المجمع وتحديد السبل لوضعها موضع التنفيذ. ونأمل، نهاية، أن تسهم نشاطات قوى المجتمع المدني الكنسي واللبناني عامة، على غرار ورشة العمل في بكركي اليوم، بأن تساعد الكنيسة وتحثها على تحقيق خياراتها وتطلعاتها".

سعد

واعتبر الامين العام لجامعة الحكمة انطوان سعد في مداخلته انه "بين الكنيسة والثقافة الاجتماعية ترابط عضوي الى حد يستحيل معه تصورهما منفصلتين، فلا كنيسة خارج المجتمع ولا ثقافة اجتماعية قويمة وسليمة بمعزل عن المعطى الديني، ولاسيما المسيحي والكنسي.
من هنا فإن عنوان هذه المداخلة يشكل مدخلا واسعا الى موضوع اوسع من ان تحده حدود او تحصره دقائق وساعات، وإن الدخول اليه من الباب الواسع يقود الى خطر الغرق في تحليل هذه العلاقة بجوهرها وعناصرها وتجلياتها والنتائج، لذا استحسن ولوجه من باب آخر - قد يكون "الباب الضيق" الذي اوصى به المعلم - متوقفا عند محطات اربع تتآلف مع السياق الزمني لمسار هذه الثقافة منذ جذورها الاولى حتى عصرنا الحاضر.

المحطة الاولى: البدايات وثقافة المحبة
للثقافة الاجتماعية في الانجيل وفي المسيحية جذع واحد هو المحبة. عنها تتفرع كل الاغصان، ومنها تتوزع كل الثمار. ساحتها الاخر والمجتمع، مثالها إلاله الذي تجسد، وولد فقيرا في مغارة، وهرب لاجئا الى مصر ونما صبيا في الناصرة - وهو ابن النجار - وعاش قنوعا في خاصته -"وخاصته لم تقبله"- وعلم بالمثل والكلام، وحدب على "اخوته هؤلاء الصغار"، واعطاهم الطوبى في عظة الجبل، وصلى خائفا في بستان الزيتون، وبلغت محبته اوجها على قمة الجلجلة.

هذه المحبة التي قادت الاله الى الصليب "ليست فضيلة مسيحية بل هي "ام الفضائل"، وهي ليست ركنا من اركان الدين بل هي الدين كله وليست صفة من صفات ولا اسما من اسماء الله الحسنى، بل هي اسم الله الحقيقي، اسم العلم الالهي، وباقي اسمائه تعالى هي نعوت للمحبة لانها هي ذات الله " والكلام للاب ميشال الحايك.
ولئن كان تعليم الانجيل يدعونا الى العمل للحياة الاتية فإنه يعلمنا في الوقت نفسه ان العمل يبدأ من هذه الحياة ومع اخوتنا، مؤكدا الرابط الجوهري بين محبة الله ومحبة الانسان. إنه اللاهوت الاجتماعي او لاهوت المشاركة التي اعتبرها اللاهوتي الروسي سولفياف انعكاسا للمشاركة الافخارستية وارتقاء الى الكائن الاسمى.

من هذا المعين غرفت الكنيسة عبر اجيالها، ونشأت ثقافة متكاملة الحلقات، فاعلة في التاريخ، ومتفاعلة مع اهله، هي ثقافة المحبة.
والحقيقة ان ترسيخ الثقافة الاجتماعية المسيحية لم يكن حالة عارضة او طارئة او مستجدة في المسيحية، بل هو في صلب ايمانها وثوابتها، حمله الرسل الاولون، وركزته الكنيسة تعليما وممارسة فكان في فكر ابائها ولاهوتهم، وفي نصوص مجامعها وتعاليمهم وفي اعمال مناضليها وقد ملأوا التاريخ والجغرافية، مبشرين بإله الفقراء، ساعين الى احلال عدالة المجتمعات باعتبارها صورة محسوسة عن عدالة الملكوت، وان لهؤلاءالفضل في اعطاء المسيحية معناها والمحبة تألقها والكنيسة قوة دفعها.
من هذه الوجوه يطل من اواسط القرن الرابع وجه القديس باسيليوس الذي اعتبر ان الارض وما عليها تخص الله لا احد سواه وأنه يمكن استعمال المادة لخير الجميع، وهذه مرحلة راقية ومتطورة من الاشتراكية لانها لا تجرد المالك مما يملك بل تنزع عن الملكية صفة الديمومة وتمنعه من التسلط والاستئثار، ومن انجازاته "البازيلياد" التي ضمت مأوى ومشفى للبرص ونزلا للغرباء.
وهذا المفهوم المشترك اثاره ايضا الذهبي الفم معتبرا أن للفضيلة الحقيقية طابعا مشتركا واجتماعيا، وأن الصدقة ضرورة لسلام الغني وطمأنينته قبل ان تكون عطية للفقير، وقد باع ما غلا في قصره الاسقفي وبنى مستشفيات ومياتم ومآوى.
ومن آباء الكنيسة امبروسيوس اسقف ميلانو وهو من معاصري باسيليوس ، وقد اهتم شخصيا بتنظيم مساعدة المحتاجين، وقال فيه اوغسطينوس انه كان يصعب الوصول اليه لانه كان دائما محاطا بالفقراء، وقدم التضحيات لحماية المهددين ظلما، وباع الكؤوس الغالية ليفتدي الاسرى من ايدي البرابرة.
اما القديس اوغسطينوس، الوجه الساطع من القرن الخامس، فقد كتب وعلم وكان شغوفا في خدمة الفقراء واحلال العدالة الاجتماعية وقد باع املاك عائلته في سبيل ذلك.
ولن ننسى ما قاله توما الاكويني من ان المحبة هي شكل الايمان، وانها تبلغ الله ذاته وتستقر فيه.
وهل يمكن التحدث عن لاهوت الفقراء من دون مار فرنسيس الاسيزي، الشعلة المضيئة في الكنيسة، ومار منصور دي بول وفريديريك اوزانام وسواهم الكثيرين من القديسين والمناضلين والعاملين على ارساء الثقافة الاجتماعية على اساس المحبة والخدمة الرعوية؟.

المحطة الثانية: الثقافة الاجتماعية ثقافة الشأن العام
صحيح ان ليس للكنيسة ان تسن تشريعا اجتماعيا اقتصاديا ولا ان تتعلق بفلسفة اوعلم غير ما في الكتاب المقدس وتعاليم الآباء، غير ان الصحيح ايضا بل المطلوب هو ان تنفح الكنيسة روحية وأن تذكر بمبادىء وأن تؤونها وتحدثها على ضوء ظروف الزمان والمكان بحكمة منها وبالهام من الروح.

ان الثقافة الاجتماعية لم تعد شأنا رعويا وحسب بل اصبحت ثقافة الشأن العام وقد كان للاهوت التحرر انطلاقا من بلدان اميركا الجنوبية دور في جعل هذه الفلسفة جزءا من عمل الكنيسة خاصة عندما تغيب الدولة او تتراجع عن القيام بواجباتها تجاه المجتمع، ولنا في دور ايلدر كامارا واوسكار روميرو وسواهما امثلة معبرة.
اما مفتاح هذه الحقبة التي اصبحت فيها الثقافة الاجتماعية ثقافة الشأن العام فقد اتى بها البابا لاوون الثالث عشر في رسالته المفصلية: في الشؤون الحديثةrerum novarum الصادرة في 15 ايار 1891 وقد تطرقت الى مختلف القضايا العمالية ومشاكل المجتمع الصناعي في اعقاب الثورة الصناعية وابدت انحيازا اكيدا الى الطبقات الضعيفة المستغلة، فاحدثت ثورة في المفاهيم السائدة سبقت الثورات الاخرى التي تحركها ايديولوجيات ومواقف سياسية واحيانا ديماغوجية، والحق أن معظم التشريعات العمالية التي صدرت فيما بعد في دول كثيرة وفي مواثيق دولية مدينة لهذا البابا العظيم ولوثيقته الخالدة وقد اصبحت مبادىء هذه الشرعة الكبرى ارثا مشتركا للبشرية - بحسب ما جاء في رسالة "السنة المئة" centesimus annus التي احيا فيها يوحنا بولس الثاني مئوية هذا الانجاز العظيم.
وفي خدمة الشأن العام، واكمالا لهذه الرسالة تندرج الرسائل البابوية اللاحقة أبرزها:
"السنة الاربعون Quadregisimo anno 1931 للبابا بيوس الحادي عشر، التي وضعت في الواجهة بعض عناوين الرسالة السابقة واستلهمت بعضها الآخر، وكم كانت الحاجة اليها بعد تجربة الحرب الاولى والازمة الاقتصادية العالمية 1929.
أما رسالتا "أم ومعلمة 1961" السلام في الارض سنة 1962 للبابا يوحنا 23 فقد أسستا لمحطة رئيسية في الكنيسة مع المجمع الفاتيكاني الثاني، وأعطتا للعلمانيين دورا في العمل الاجتماعي انطلاقا من منهجية: انظر، احكم، وتصرف Voir, juger, agir، ومواجهة مشاكل بارزة كالاشتراكية والاستعمار ونمو الشعوب والخير العام.
ومع الفاتيكاني الثاني - العنصرة الجديدة للكنيسة المعاصرة - كان الدستور الرعوي فرح ورجاء Gaudium et Spes الذي جددالعلاقات بين الكنيسة والعالم من منظار التجديد الرعوي الذي أراده المجمع. لقد أصبح للانماء - انماء الانسان والمجتمع - مكانة أساسية في هذه الثقافة الجديدة.
وقد بلغ هذا الانماء أوجه في تعاليم البابا بولس السادس، خاصة مع رسالته الشهيرة Populorum Progressio (ترقي الشعوب) الصادرة سنة 1967 والتي شكلت منطلقا لنمو الشعوب الذاهبة الى العولمة.
فواكبت هذا الموضوع كما واكبته أيضا من منظار النمو الديمغرافي والولادات الرسالة الصادرة في السنة اللاحقة، سنة 1968، وعنوانها في الحياة البشرية Humanae Vitae.
المحطة الثالثة: الثقافة الاجتماعية ثقافة العولمة
مع التعاليم الكنسية التي واكبت وأعقبت الفاتيكاني الثاني اطلت الثقافة الاجتماعية في الكنيسة على ظاهرة العولمة.

فمنذ سنة 1971، مع رسالة بولس السادس "السنة الثمانون" Octogesima Adeveniens الصادرة احتفاء بمرور ثمانين سنة على الRerum Novarum، كانت معالجة للمستجدات العالمية كوسائل الاتصال الاجتماعية، ودور المرأة، والتراجع الايكولوجي، وسائر مشاكل البيئة، والتنظيم المدني وسوى ذلك. وقد تطرقت الثقافة الجديدة أيضا الى ظواهر مرضية بدأت بالظهور كالروح الفردية والانغلاق والاستئثار وتهميش الآخرين ولاسيما الغرباء والمهاجرين.
ومع رسالة "في العمل البشري Laborem Exercens (سنة 1981) ليوحنا بولس الثاني كانت اطلالة جديدة على شأن اجتماعي أساسي هو العمل، وعلى العلاقة بين العائلة والعمل وقد ادخلت عناصر تمييز على العمل بين مفهوميه الشخصاني والموضوعي.
ونتيجة ما أفرزته العولمة من هوة متزايدة بين الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب ايضا وفروقات طبقية حتى في البلد نفسه، جاءت رسالة يوحنا بولس الثاني الصادرة سنة 1987 بعنوان: الاهتمام بالشأن العام Sollicitudo rei socialis في الذكرى العشرين لترقي الشعوب لتلاحظ بألم معاناة عالم اليوم، وتركز المفاهيم الجديدة للتعليم الاجتماعي للكنيسة. ولا بد من الاشارة الى أن الكنيسة قد ربطت مفهوم العدالة بمفهوم الرحمة، فتتدخل هذه عندما تصاب تلك ببعض الشوائب. وهذا ما كتبه يوحنا بولس الثاني في رسالة "الرحمة الالهية" (1980): "ففي كل حقل من حقول العلاقات بين الناس يجب اخضاع العدالة إذا صح التعبير " لاصلاح" كبير تقوم به المحبة".
وعلى أثر انهيار الشيوعية اطلت "السنة المئة" Centesimus annus (1991) وانجيل الحياة Evangelium Vitae (1995) ووضعتا قضية الله في قلب المسألة الاجتماعية ودعتا الى التزام الجميع بنمط إنماء جديد يؤسس على كرامة الشخص البشري، وهي انعكاس لكرامة الخالق.
لقد واجه البابا الطوباوي في رسائله الاخيرة اشكالات الديمقراطيات المساعدات، وثقافة المواطنة، والمجتمعات الاستهلاكية، ومعالجة الابتعاد عن الله.
كما طالب البابا بحماية البيئة الانسانية، ولاسيما العائلة إزاء كل ما تتعرض له لئلا يسقط الانسان بين سندان الدولة ومطرقة السوق والاستهلاك، فالانسان هو رأسمال الانسان ومصدر ربحه الابقى.
أما الرسالة الاساسية التي تعتبر علامة مضيئة في تعاليم الكنيسة الاجتماعية المعاصرة فهي بدون منازع المحبة في الحقيقة Caritas in Veritate التي أصدرها سنة 2009 قداسة البابا بندكتوس السادس عشر.
ولان الدخول في هذه الرسالة يستغرق رحلة طويلة سيحرمنا وقتنا الضيق من التمتع بها اكتفي بالنظر اليها من الخارج ملاحظا ما يلي:
إن الرسالة التي حملت فلسفة الاب ريتسينغر وأكاديميته ومنهجيته شكّلت، من جهة أولى، ثقافة متكاملة تراكمية لكل ما جاء قبلها- ولاسيما " ترقّي الشعوب"- ومن جهة ثانية قراءة متأنية لكل المواضيع التي تواجه كنيسة اليوم وهي، في خطواتها العريضة تطال:
- النمو الانساني المعاصر
- النمو الاقتصادي والمجتمع المدني
- تطور الشعوب وموقع البيئة
- التعاون في الاسرة البشرية
- النمو البشري والتقنيات

كما قاربت مواضيع عالم اليوم، على تنوع اشكالها واشكالياتها، فكان لاقتصاد السوق وللمؤسسة الانتاجية موقع وللتضامن وللمساعدات الدولية ولدور السلطات السياسية ومنظمة الامم المتحدة موقع آخر، كما كان لها من الهجرة والعولمة والفقر والطاقة ووسائل الاتصال واخلاقيات علم الاحياء والتربية والسياحة مواقف ومعالجات تتقاطع وتتكامل، تحمل جوهرا أساسيا يركز على قيمة الانسان وكرامته، فهو محور الكون وسر الله وهدف الخليقة كلها.
وتنتهي الرسالة بنداء يؤكد أن النمو بحاجة الى مسيحيين، أيديهم ممدودة نحو الله، واعين أن حب الحقيقة، الذي منه النمو الاصيل ليس من نتاج البشرية بل هو عطية من الله.
المحطة الرابعة: الثقافة الاجتماعية في لبنان اليوم
الثقافة الاجتماعية ليست رسائل بابوية او تعاليم كنسية فحسب انما هي تربية ونمط عيش ، وليس من يجهل ما لكنيستنا المارونية ولتراثنا المجتمعي اللبناني من فضل في هذه التنشئة التي تتجلى في مظاهر شتى :
- فثقافتنا هذه متأصلة فينا، هي ثقافة "العونة " والتكاتف التي نقلها الينا اجدادنا ونتناقلها اينما حللنا.
- هي ثقافة الشراكة مع خيرات القادرين واراضي كبار الملاكين ولا سيما الكنيسة
- هي ثقافة التعاون والتضامن خصوصا عند وقوع خطب او حادث جلل.
- هي ثقافة الباب المفتوح والاهلا وسهلا والكرم وحب التلاقي واللياقات والصيت الحسن.
هذه الثقافة نمت في عائلة، وترعرعت في قرية او حي، وتربت في مدرسة ، وكبرت في جامعة مدعوة الى نقل المعرفة وعيش القيم مع الآخر المختلف.
وللرعية دور محوري في تعزيز هذه الثقافة وتركيزها من خلال الراعي - بالتعليم والمثل ومع الحركات الرعوية وسائر منظمات الكنيسة وهيئات المجتمع المدني، وهل من يجهل انجازات كنيستنا في خدمة المحبة من خلال المستشفيات والمياتم والمآوي والمشاريع السكنية والزراعية والانمائية وخاصة من خلال المدارس المجانية التي كان المجمع اللبناني اول من اوصى بها وحققها؟ هذه الثقافة يلعب الاعلام دورا بارزا في ترسيخها ونشرها، خلافا للرأي السائد ان الاعلام لا ينقل الا الظواهر المرضية في المجتمع وتلك التي تحمل الاثارة والتشويق وجذب المعلنين والمشاهدين، فهل من ينكر ما للاذاعة والتلفزيون من فضل وفعل في صناعة رأي عام داعم ومتضامن مع اخوتنا "هؤلاء الصغار"؟ ان شبكات البرامج في تيلي لوميار - مثلا لا حصرا - حافلة بكل ما يخدم الثقافة الاجتماعية سواء على مستوى حلقات التعليم والتوجيه ام على مستوى تغطية الانشطة الاجتماعية للمنظمات والاضاءة على المبادرات والدعوة الى المزيد منها وكذلك على مستوى ترجمة هذه الثقافة بافعال تضامنية ملموسة يعرفها ويقرؤها جميع الناس مثل مطاعم المحبة في برج حمود ومركز المعيصرة لأعادة تأهيل المدمنين ومركز لمرضى السيدا وآخر للعجزة ومركز للاصغاء وآخر لايواء المشردين وتطول اللائحة، وتبقى لائحة الحاجات اطول.
وفي الختام، قال سعد "ان الثقافة الاجتماعية تعني في جوهرها التزاما وشهادة وعيشا، عرفناها فيما مضى مع قديسين ومناضلين ونعرفها في حاضرنا مع امثال الام تريزا دي كالكوتا والاخت ايمانويل (التي كانت نزيلة سوق الزبالين في القاهرة) والأب بيار ومارثين لوتر كينغ وجان رودين أحد مؤسسي كاريتاس العالمية، وجون مايندروف اللاهوتي الارثوذكسي ، والبطريرك الياس الحويك الذي رهن خاتمه لاطعام الجياع.
ونحن نغرف من هذه الثقافة كل حين من خلال تعاليم ومعلمين. ان هذه الثقافة تسكننا وتشكل جزءا من هويتنا ولكنها تحتاج الى استراتيجية كنسية متجددة وتأهيل دائم وصيانة مستمرة لعلها تبدأ من هذه الورشة بالذات، مع يقيننا التام بأن الشراكة والمحبة علامة مضيئة لعهد بطريركي واعد والتزام كنسي مثمر وثماره تدوم".

فرح

وتحدث رئيس كاريتاس الشرق الأوسط وشمال افريقيا المحامي جوزف فرح، فقال متوجها الى البطريرك: "نمثل بين أيديكم الطاهرة مستشعرين الروح والبركة؛ ونتوجه إليكم ومن خلالكم إلى المشاركين الكرام الذين يعبر حضورهم عن الاهتمام بموضوع هذه الندوة، المتمثل ب"الميثاق الاجتماعي والكنيسة"، سعيا للإضاءة على عناية الكنيسة بالعمل الاجتماعي بشكل عام، وعلنا معا نفتح كوة في جدار الواقع الاقتصادي الاجتماعي الحاضر لوطننا والجماعة المؤمنة والملتزمة. من الواجب إذا أن نسعى معا في البحث، إلى شيء من التكامل؛ ولأنني لم أتبينه تماما في العناوين المطروحة، ولأن الموضوع الحاضر هو في الأصل "خلفية اهتمام الكنيسة بالعمل الاجتماعي"، رأيت، وفي سبيل هذا التكامل، أن أتجرأ إلى بعض التجاوز البريء والإضافة، فأتعرض إلى تعليم الكنيسة الاجتماعي، وتجسيده بكاريتاس وأمثالها، فأبقى ضمن العنوان العريض "الميثاق الاجتماعي والكنيسة". واسارع للقول بانني لو كنت مكان الدكتور سليم الصايغ، صائغا لموضوع هذه الورشة، لسبقت الكنيسة على الميثاق كونه يجد مضامينه في روحانيتها ومبادئها؛ مع وافر التقدير لصياغته "الميثاق" ولمبادرته هذه، يشارك فيها الاب لويس سماحة، الاليف مع العمل الاجتماعي في كاريتاس، والمختار باستحقاق للاهتمام به في الرحاب البطريركية".

أضاف: "من الواجب بداية أن نعبر معا وبصدق عن امتنان وتقدير كبيرين لهذه المبادرة المباركة الطبيعية في الكنيسة التي تبني إيمانها على الحب، لكنها تبدو استفاقة على المنهج العملي للشأن الاجتماعي، تتم في رحاب المؤسسة البطريركية، في حين أن هذا الموضوع لم يغب عن ضميرها يوما؛ على أنه اهتمام يحتاج إلى نهوض محدث يفي بالحاجة ويرضي الطموح ويحقق الاطمئنان للجماعة والمواطنين، فيغيب عنهم اليأس ويعود لهم الرجاء، ويقلعون عن الهجرة والتفلت، ويعودون إلى المؤسسة الجامعة المكونة من جماعة المؤمنين الملتزمين. فالكنيسة حيثما تواجدت، استوحت تعاليم السيد من الإنجيل، وأرست تعاليمها المكملة، بالحب المتجسد، واعتبرت قيام الجماعة المؤمنة يتحقق بالتضامن والتعاضد، هذا قبل أن تجد هذه المفاهيم رواجها الحاضر في المجتمعات الكونية المتنوعة، فأصبح ذلك ثقافة تدل على الحضارة والتطور؛ وما حقوق الإنسان سوى تشريع مبادئ نابع من التعاليم لخير البشرية وتطورها. والكنيسة المشرقية، والمارونية بالذات، وهي الأقرب إلى مصدر التعليم، نهلت من ثقافة الحب، ومارست "الشركة" والتضامن والعضد في مجتمعها العائلي والقروي والمناطقي، وتمددت إلى الإغترابات حيث كونت كيانات أهلية واجتماعية متراصة ومترابطة مع الأصول، بإيمان متجسد متمثل بتقاسم العيش والتساند المستمر، وبهذا حققت هذه الكنيسة إيمانها الصحيح المبني على الحب المتجسد، عملا اجتماعيا دؤوبا".

وتابع: "للاحاطة بالموضوع، أتحدث، أولا، عن "خلفية اهتمام الكنيسة الجامعة بالعمل الاجتماعي:
1- لا أخفي أن هذا العنوان، لم يرق لي، لأنني اعتقد أن الخلفية تكمن بديهيا في الإنجيل، وكلام السيد حول محبة القريب وكذلك البعيد، المحب لنا وغير المحب؛ فاهتمام الكنيسة بالعمل الاجتماعي هو نتيجة مباشرة لهذه الوصايا، وهو تجسيد لذلك الحب و"التطويبات" التي وردت في الإنجيل، والتي هي منبع تعليم الكنيسة الاجتماعي. تحقق هذا التعليم منذ سني المسيحية الأولى، بالمشاركة والتقاسم لمائدة الخلق بين الجماعة المسيحية؛ وما يعرف اليوم بالدياكونية هو حالة تراكمية عملية لممارسة العمل الاجتماعي منذ فجر المسيحية.
2- الحالة العقلانية في التعليم ليست مستبعدة بل حاضرة، لأن هذا التعليم يسعى لتقدم الإنسان والجماعة لغاية مادية وحياتية، تحقق السعادة في الأرض انطلاقا من روحانية الحب والمشاركة والتقاسم، وتحقق كذلك التطور والتقدم المستمر. فالحالة النبوية للإيمان، لا تتعارض مع العقل؛ فهما يتكاملان في الشريعة البشرية التي تتوق إلى الإسعاد، ومن ثم إلى الكمال المستوحى من الفكر النبوي الإلهي المسيحي.
3- وتعليم الكنيسة الاجتماعي، البادئ بالممارسة منذ العقود الأولى للمسيحية، استمر هكذا، حتى أصبح بعد قسطنطين، سواء لدى اليونان أو اللاتين، أصبح تبشيريا بمنهجه التعليمي في القرن الثالث عشر مع مار توما الأكويني والسادس عشر مع سواريز. الثورة الصناعية أحدثت ارتباكا لدى الكنيسة، بل قل لدى رجالاتها، الذين لم يكونوا مهيئين للجواب على تحديات الأنماط الحديثة؛ وقد استمر ذلك حتى أواخر القرن التاسع عشر، حين انبرى البابا الكبير، ليون الثالث عشر، الذي ثمر تقاليد اجتماعية مسيحية قديمة بتقديمه أفكارا حديثة تتلاءم مع المجتمع الصناعي.
4- ويستمر الاهتمام مع البابوات الذين عايشناهم، ونعايشهم، مع البابا بنديكتوس الحالي الذي يبدي العناية الخاصة بالعمل الاجتماعي في رسائله الأخيرة؛ ويبقى أن التحدي الكبير كان دوما في تطبيق المفاهيم الإنجيلية والإنمائية على واقع التطور المتسارع، واستيحاء تلك المفاهيم المباركة في تطوير النهج التطبيقي في التشريعات والقوانين، ولعل "الميثاق الاجتماعي" الذي تعب في صياغته معالي الدكتور سليم الصايغ، هو من هدى تلك "التعاليم الاجتماعية"، بغاية تكوين مواطنية ناهضة في الوطن الصغير، مبنية عليها وعلى ممارسات كنيستنا المشرقية والمارونية بالذات في مجالات التطبيق.
5- كنيستنا المارونية المشرقية، ذات الخصوصية الاجتماعية والحياتية، المتميزة بتعايشها مع التعددية الدينية وربما العرقية في هذا المشرق؛ فقد سعت دوما وغالبا، إلى عيش الحب المسيحي في الشأن الاقتصادي والاجتماعي، بما يتوافق مع الإيمان. تمثل ذلك بإرساء وتطبيق ثقافة التضامن والعضد والعون بين أفراد "الجماعة"، حيث كان المؤمنون يتقاسمون الخيرات والخبرات فيما بينهم، مجسدين تطويبات المحبة الإنجيلية. والشركة أو مؤسسة "الشراكة" بين البطريركيات والأديرة وبين جماعة الناس الشركاء، هي في الأصل مؤسسة اجتماعية نابعة من "التعليم الاجتماعي" الإنجيلي، حيث تقاسم المائدة والإنتاج، والتوق الدائم نحو التطور الصناعي والحرفي والزراعي، في سبيل مواكبة العصور الحضارية المتعاقبة، وتوسيع التواجد، تأمينا للاكتفاء. وجاء المجمع ألبطريركي الماروني الأخير، بعد مجمع اللويزي السابق، ليفرد في النص العشرين منه، فصولا وتوصيات بالغة الأهمية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي تغطي كل أوجه الحياة، وتؤدي أن طبقت، إلى حل الكثير من مشاكل المسيحيين وغيرهم، لاسيما الهجرة، والتحلل السياسي والمجتمعي، اللذين ينذران بشر مستطير، وليس هنا مجال البحث بكل ذلك.

ثانيا: كاريتاس ومثيلاتها وليدة "التعاليم" وتجسيد لها:
لا أقحم نفسي بالكلام عن كاريتاس لبنان، المؤسسة المتميزة في منطقة كاريتاس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي انتخبت رئيسا لهذه المنطقة بناء على ترشيحها، فالكلام بهذا يعود لرئيس كاريتاس لبنان الخوري سيمون فضول إلذي يخلف بمنتهى الجدارة رؤساء سابقين، كالمؤسس المطران سمير مظلوم، والمثلث الرحمات المطران فؤاد الحاج، والأب لويس سماحه وسواهم. أركز بايجاز تحت هذا الباب على كاريتاس في العالم وفكرها الكاثوليكي الكوني وانتشارها وتطورها، وهي بنت الكنيسة العاملة بالشأن الاجتماعي عمل المؤمن بالمسيح، والسائر بالعمل والمثل على خطاه.
1- سنة 1897 تأسست أول كاريتاس في فريبور ألمانيا، باسم ترجمته "جمعية المحبة لألمانيا الكاثوليكية". وقد اعترفت بها السلطة الكنسية الكاثوليكية في ألمانيا سنة 1919؛ ورغم انكفائها في زمن الاشتراكية القومية، إلا أنه تم الاعتراف المدني بها سنة 1933، ونمت أثناء الحرب العالمية الثانية في مجال الخدمات الطارئة، ولا تزال تنمو وتتقدم في الخدمة المحلية والكونية باسم الكنيسة.
2- على الصعيد العالمي نشأت كاريتاس في البدء بسويسرا- لوسرن 1924، وبعد أن تقلصت عادت فانطلقت مجددا 1947 على يد أمين سر الدولة في الفاتيكان المونسنيور مونتيني (بولس الثاني عشر لاحقا) وكانت أول جمعية عمومية لكاريتاس العالمية، سنة1951، بمساندة الفاتيكان.
3- بكتابه البابوي الذي منح كاريتاس العالمية الشخصية القانونية، تحدث قداسة البابا يوحنا بولس الثاني عن كاريتاس والأعمال الانسانية التي تقوم بها.
4- تضم كاريتاس العالمية اليوم 164 كاريتاس وطنية، كل منها في دولة، موزعة على سبعة مناطق، أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (وهي منطقتنا)، وأميركا الشمالية واوسيانيا؛ يعمل فيها في العالم 40000 موظف و125000 متطوع، وتبلغ ميزانية اعضاءها المجمعة بضعة مليرات من الدولارات ، هي حصيلة محبة المؤمنين المتجسدة وتضامنهم العالمي، تقاسما للمقتنى. تطور عمل المحبة، متجسدا ببرامج ومشاريع كاريتاس على الصعيد المحلي الوطني، والمناطقي، وفي المجال الكوني، والتي هي مشاريع طواري وإنماء، والتي جعلت منها الذراع الأمثل للكنيسة للعمل الرعوي الاجتماعي، كان لا بد أن يستدعي تطورا في هيكلتها القانونية، أي النظام الأساسي والداخلي. وقد بادرت من جانبها بهذا التطوير بناء على قرار جمعيتها العمومية التي انعقدت في روما سنة 2007، فيما بادرت الكنيسة إلى رعاية واحتضان هذه المبادرة، إلى أن صدر مؤخرا وفي 2 أيار 2012 النظام الأساسي والداخلي المعدل الجديد، والإرادة الرسولية المتعلقة بتطبيق هذا النظام على المستوى الدولي، مع الدعوة إلى أن تنسجم الكاريتاسات الأخرى الوطنية والمناطقية بجوهر هذه القوانين الجديدة. التشريع الجديد، يبرز اهتمام الكنيسة الجامعة بمختلف أجهزتها بكاريتاس، تطويرا للانصهار العضوي بين تلك الأجهزة، (أمانة سر الدولة والكور اونوم Cor Unum) وبين الهيكلية النظامية لكاريتاس الدولية. وهكذا، وعلى كل صعيد، ينصهر عمل كاريتاس بالمؤسسات الكنسية، بطريركيات وأبرشيات ورعايا ورهبانيات، وما سوى ذلك من مؤسسات كنسية، ويكون هذا الانصهار جوقا واحدا، يصلي ويبتهل، ويعمل من أجل الإنسان والجماعة، بفكر التضامن والشراكة والمحبة المتجسدة، وبالتعاضد المرجو، في خدمة الأخوة الصغار، وإنماء للمجتمعات بروح الإنجيل".

وختم فرح: "نحن اذا بحاجة في كنائسنا الشرقية إلى تزخيم الجهد والعمل الجاد؛ لنواكب الكرسي الرسولي، بالانخراط في العمل من أجل الحب المتجسد، رجاء لانساننا واوطاننا. بهذا يعرفنا "السيد" اننا تلاميذه".

خضرا

اما الجلسة الثانية كانت بعنوان "التنظيم الميداني للعمل الاجتماعي التنموي للكنيسة حيث تحدث رئيس مؤسسة "لابورا الاب طوني خضرا فقال: "يعتبر الانخراط في الوظائف العامة في لبنان من اهم الركائز التي تدعم الالتزام المسيحي في العمل الميداني وبالتالي الوطني وذلك لعقود كثيرة وليس لفترة محدودة اذ تعتبر الوظيفة العامة في لبنان مهنة يلتحق بها الموظف حتى نهاية الخدمة اي سن التقاعد 64 سنة.
تختلف طبيعة عمل الموظف العام عن سائر الوظائف والمهن، اذ تتصف بالخدمة العامة وتخضع لقانون خاص بها، اي نظام الموظفين غير قانون العمل الذي يفصل مجموعة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الموظف العام".

تتسم الوظيفة العامة بالديمومة والاستقرار وتؤمن لصاحبها مجموعة حقوق وضمانات وامتيازات تقابلها التزامات بواجبات ومسؤوليات معينة من جهته، لذلك تكمن اهمية الدخول الى الوظيفة العامة على الصعيد الفردي، في ان موظف يتمتع بحقوق مختلفة مثل الحقوق المالية وحقه في التقدم في الوظيفة وحقه في الحصول على الاجازات الادارية والعائلية والصحية اضافة الى التعويضات والمخصصات المساعدات المرضية.

اولا: اهمية الوظيفة العامة
1 - اهمية وضرورة التوزيع الطائفي في وظائف القطاع العام (ملحق رقم 43).
2 - المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية الوطنية والمساهمة الفاعلة بتنفيذها للمصلحة العامة.
3 - بناء الدولة ومؤسساتها على اسس صحيحة ومستقلة وشفافة بعيدة عن المحاصصة السياسية والفساد (ملحق رقم 27)
4 - خدمة مجتمعنا وابنائه في مختلف المجالات الحياتية: طبابة - امن - تسهيلات - منح ومساعدات.
5 - ضمان المستقبل الامن والوجود الحر والمحافظة على الشعب والارض والحرية.
6 - تأمين مردود مالي ثابت وضمانات وظيفية تؤمن حركة اقتصادية ضامنة للوجود (ملحق رقم 50،51).
7 - تزايد ديموغرافي سليم ومزدهر نتيجة تأمين الموارد اللازمة والضرورية للبقاء من موارد وتقديمات واجتماعية متنوعة (ملحق رقم 8)
ثانيا: اهمية القطاع العام عند المسيحيين
1 - يدعو المجمع البطريركي الماروني في النص التاسع عشر الكنيسة المارونية والسياسية في الفقرات 46 - 47 - 48 الى المشاركة الكاملة في القطاع العام وربط ذلك بمصير الوطن حيث اورد في نصوصه "ان الوطن لن يبقى على صورته اذا فقد المواطنية المتساوية لكل ابنائه، والمشاركة الكاملة في الدولة والحكم"، واوصى بضرورة المشاركة في الشان العام.
2 - يدعو مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك الى "تنشئة المؤمنين على المشاركة بالحياة العامة في كل قطاعاتها" تدعيما للحضور المسيحي.
3 - يلح الارشاد الرسولي على المشاركة في الحياة العامة "فلا يجوز للعلمانيين التخلي عن المشاركة في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والادارية والثقافية المتعددة الاشكال والتي تهدف الى تعزيز الخير العام عضويا ومن خلال المؤسسات".
ثالثا: سلبيات عدم المشاركة في الوظيفة العامة
1 - ان تناقص الشباب في القطاع العام في لبنان يتصاعد بسرعة، بالرغم من ان هذا القطاع يستوعب افواجا من طالبي الوظيفة، غير ان الشباب لم ينجذب اليه لعدم علمه بمنافع ومداخيل القطاع العام، مما انعكس سلبا على واقعنا وادى الى هجرة استنزافية وخسارة كبيرة لفرص عمل وتخاذل في خدمة الوطن وفراغ في التمثيل المسيحي ولد خللا في ميزان القرار المتعارف عليه تاريخيا بين الطوائف اللبنانية (ملحق رقم 29)

2 - ان انعدام التوازن والعدالة على المستوى الوطني من شانه ان يخرج المسيحيين من معادلات المؤسسات العامة وبالتالي من الحياة السياسية فالقضية ليست تاثير في الشان العام فحسب انها تتعلق بصلب الرسالة والوجود المسيحي حيث تتهاوى القيم والمناقبية في السلوكيات وللابقاء على الفضائل فعالة في المجتمع، لابد من حضور مسيحي فاعل اجتماعيا وحضاريا من خلال الوظيفة العامة (شركة كهرباء لبنان ومشروع تثبيت 2650 عاملا).

3 - ان الغياب عن ميدان الوظيفة العامة هو تنازل عن الحق بالاستمرار وتخل عن لبنان الرسالة وبالتالي عن حضورنا.
4 - ان الغياب عن الوظيفة العامة يضعف الالتزام المسيحي بالعمل الميداني وبالتالي الوطني.
رابعا : دور لابورا الاستراتيجي
تقوم لابورا بتوعية المسيحيين حول ضرورة انخراطهم في مؤسسات القطاع العام لتأكيد التزامهم بالعمل الميداني ولتأكيد تمسكهم بارضهم معتمدة الاساليب التالية:
1 - الاعلان عن وظائف القطاع العام (ملحق رقم 102)
2 - توجيه ومساعدة الراغبين في التقدم بطلب الى مجلس الخدمة المدنية.
3 - اعداد دورة تدريبية مخصصة لكل متقدم مسيحي الى هذه الوظائف لمساعدته في النجاح في مباريات مجلس الخدمة المدنية (ملحق رقم 101).
4 - متابعة نتائج الناجحين ومواكبتهم بعد تعيينهم في الوظيفة العامة (ملحق رقم 102)
5 - توجيه وتوعية المسيحيين على حقوقهم في الدولة وعلى كيفية الاستفادة من خدماتها العامة وكل ذلك بهدف تثبيت المسيحيين بالعمل الميداني والوطني (ملحق رقم 44 و45)".

وختم خضره بالقول: "ان الالتزام المسيحي بالعمل الميداني يتم بواسطة انخراط المسيحيين اكثر فاكثر في مؤسسات الدولة اللبنانية ليحافظوا على ارضهم، لكن هذا الالتزام يستدعي العمل دون السقوط في الاصطفافات السياسية والحزبية الضيقة اضافة الى عمل اجتماعي استراتيجي وميداني جامع.

ان العمل الميداني المسيحي في القطاع العام يشكل خيرا للجماعة المسيحية ولا يتحقق الا بقدر ما يصبح عملا جماعيا موحدا وهذه ميزة الرسالة المسيحية الاولى نعم نحن المسيحيين بحاجة الى عمل ميداني جماعي وتنسيق دائم بين جماعتنا ومجموعاتنا لكي تنجح في ادائنا في الخدمة العامة وفي تثبيت وجودنا في الدولة اللبنانية.

فضول
ثم كانت مداخلة رئيس كاريتاس - لبنان الاب سيمون فضول الذي تحدث عن كاريتاس لبنان- جهاز الكنيسة للعمل الاجتماعي مع المجتمع المدني:
وقال: "تحية تقدير وشكر لمنظمي هذا المؤتمر الذي يجمعنا في بكركي برعاية وتوجيه صاحب الغبطة البطريرك بشارة الراعي الذي ما برح منذ اليوم الأول لتوليه السدة البطريركية يدعو إلى إيجاد ميثاق اجتماعي جديد للمجتمع اللبناني يرسم آفاق المستقبل ويضع الخطط الاستراتيجية لعمل متكامل مبني على نظم اجتماعية متكاملة في مختلف المناطق اللبنانية.
باسم كاريتاس لبنان أتوجه بالشكر من صاحب الغبطة، ومن سيادة المطران كميل زيدان المشرف على الهيكلية الادارية، ومن مدير المكتب الاجتماعي في بكركي الأب لويس سماحة، كما أوجه الشكر للوزير السابق الدكتور سليم الصايغ الذي أراد أن يشرك الجميع بثمرة فلسفته الاجتماعية التي دفعته كي يقوم بعمل جدي ودؤوب مع فريق عمل متخصص ليخلص إلى الميثاق الاجتماعي الذي بين أيدينا".

وتابع: "منذ 40 عاما بدأت كاريتاس مسيرة العطاء المجاني باسم المسيح والكنيسة. كانت البدايات في مدينة صيدا في الجنوب في العام 1972، وفي العام 1976 تبناها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان لتكون جهاز "الكنيسة الرعوي الاجتماعي الوحيد المشترك المعتمد رسميا لمساعدة الأشخاص والجماعات ولمساندة النشاطات الخيرية والاجتماعية والانمائية" (مجموعة القوانين والانظمة - المادة 2). انطلاقا من هذا التحديد الهادف شقت كاريتاس طريقها للعمل داخل المجتمع وبالتعاون مع عدد من هيئات المجتمع المدني، فقامت بتوفير المساعدة لمن احتاجها في مختلف المناطق اللبنانية وعبر الحروب كافة التي اجتاحت وطننا منذ 1975. وقد تمكنت كاريتاس لبنان، من خلال عملها المركزي وعمل أقاليمها الستة والثلاثين ومراكزها المختلفة والمنتشرة على امتداد خريطة الوطن اللبناني، وبالرغم من ظروف الحرب وذهنية الطوارئ وثقافة المجانية التي عرفت بها والتي، على إيجابيتها وصوابيتها، أثرت أحيانا على نجاح بعض برامجها ومشاريعها الإنمائية الهادفة، تمكنت من تنظيم ذاتها وكوادرها بحيث توزعت خدماتها على عدة قطاعات منها:
1.الصحة من خلال مستوصفاتها الموجودة في كل مناطق لبنان (9 مراكز صحية/اجتماعية) وعياداتها المتنقلة (9 عيادات تجوب ما يزيد على ال650 قرية) وتوفيرها الدواء والمعاينات لآلاف المسنين والفقراء في كل المناطق اللبنانية.
2.العناية بالأشخاص المهمشين والمعرضين لشتى أنواع الإهمال وسوء المعاملة، من مسنين وأطفال ونساء وعائلات تعيش في فقر مدقع، وذلك بواسطة عمل عاملاتها الاجتماعيات ومراكزها المتخصصة ومئات المتطوعين الذين يقومون بعمل المحبة بدافع المحبة ليس إلا، كما من خلال المراكز النهارية وموائد الصداقة، ودار المحبة للمسنين في عكار.
3.التربية المختصة لذوي الاحتياجات الخاصة والصعوبات التعلمية من خلال مركزي فغال وزحلة (وقريبا مركز في المتن الشمالي)، والتربية الوقائية من خلال برنامج الدروس المسائية الهادف إلى الوقاية من التسرب المدرسي في الأحياء الفقيرة، وبرنامج التبني لحوالي ال400 ولد في مدرستهم وعيشهم، ومؤخرا في 8 مدارس رسمية حيث اتسع نطاق الفائدة ومداها ليطال البناء المدرسي والبرامج التربوية وقدرات المعلمين،
4.الدفاع عن حقوق الانسان ومحاربة الاتجار بالبشر خاصة بجانب العمال الأجانب في لبنان، والعمل مع اللاجئين إلى أرضنا هربا من جحيم الحروب وتوفير المأكل والمسكن والاستشفاء لهم بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (العراقيون والسوريون).
5.بناء السلام والمصالحة من خلال برنامج يهدف إلى بناء القدرات القيادية والتواصلية لدى الشبيبة وتوفير فرص اللقاء والحوار لهم فيصبحوا سعاة سلام في مجتمعاتهم.
6.المشاريع الانمائية وبناء القدرات: بهدف المساهمة في بقاء اللبنانيين في أرضهم وقراهم ومكافحة الهجرتين الداخلية والخارجية، تقوم كاريتاس لبنان منذ سنوات بعدد من المشاريع الإنمائية الهادفة في المناطق الريفية والحدودية موفرة التدريب المهني والإرشاد للمزارعين، وعاملة على بناء قدرات المرأة الريفية وتمهينها لتمكينها من دخول سوق العمل لمساندة الرجل بإعالة العائلة من جهة، ولإتاحة الفرصة لها كي تحقق ذاتها وتجد من الاكتفاء المعنوي الذاتي والاستقلالية المادية ما يسمح لها بأن تكون نصف المجتمع بالفعل حيثما حلت. في هذا المجال، حققت كاريتاس حتى الآن ما يزيد على العشرين مشروعا في مناطق لبنان كافة من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال فالبقاع وبيروت موفرة عددا لا بأس به من فرص العمل، كما حركت الجماعة المحلية باتجاه الاهتمام بالقطاع الزراعي وتطويره، نذكر من هذه المشاريع على سبيل المثال: قروض الأعمال الصغيرة (3-10 ملايين ل.ل.)، معاصر زيت الزيتون في الجنوب والبقاع، مصنع صابون في الكورة، مصنع عصير التفاح في الشمال، تربية النحل وصناعة العسل، مركز التصنيع الزراعي في دير الأحمر، مركز إرشاد زراعي وحضانة زراعية في الشوف مع معدات زراعية لاستعمال المزارعين الذين لا يملكون المال لإقتناء معدات خاصة، مختبرات زراعية ثابتة ومتنقلة، زراعة الزعتر وتجفيفه وطحنه وتوضيبه، باتيسري الجعيتاوي لإنتاج الحلويات، الاشغال اليدوية في مركزي فغال وزحلة حيث يعمل الأولاد على تصنيع الشوكولا والشمع والبورسلان، وغيرها من المشاريع.

في الخلاصة، لا نستطيع مواجهة موجة إهمال الأراضي وبيعها وهجرة القرى إلاَّ بإيجاد فرص عمل في المناطق تسمح لأهلها بالبقاء فيها، وهذا الأمر يتطلَّب رؤية استراتيجية واحدة يعمل الجميع باتجاه تحقيق الأهداف التي يتم التوافق عليها ضمن هذه الرؤية. التحديات كثيرة والمشاكل الاجتماعية الناجمة عن هجرة الناس لأراضيهم وقراهم عميقة ومتشعبة تطال الفرد والعائلة، خاصة وأن أجيالا برمتها ولدت ونشأت في المدينة وباتت تشعر بغربة عن القرية التي تركها الأهل مجبرين أيام الحرب والتهجير، والتي يغادرها اليوم من عاد إليها لأن الدولة لا تلتفت إلى حاله من كل النواحي ولأن البنى التحتية الانسانية والاجتماعية والتربوية غير متوفره في هذه المناطق".

وتابع:"الكنيسة مدعوة لتقوم بدور قيادي في هذا المجال خاصة وأن غبطة السيد البطريرك لا ينفك يدعو إلى قراءة مشتركة للحاجات وتصويب هادف من قبل الجميع نحو إيجاد السبل الكفيلة للاجابة على هذه الحاجات بشكل سليم وفعال مما يسمح لشعبنا بالبقاء في قراه أو العودة إليها. الدعوة موجهة إلى مؤسسات الكنيسة فحسب، فهي وحدها لا تستطيع أن تقلب المعادلة، لكن معا، مؤسسات الكنيسة وأصحاب رؤوس الأموال والصناعيين وكبار المزارعين والتجار وأبناء هذه المناطق، معا نستطيع فعل الكثير، معا نستطيع إحداث الفرق.
كاريتاس تعبر عن إرادتها إن تكون جزءا من عمل جماعي متناغم تقوده الكنيسة المترفعة عن كل مصلحة ذاتية، كما تضع ذاتها، بإمكانياتها وكوادرها ومتطوعيها ومراكزها ومشاريعها بتصرف الجماعة مبادرة إلى إطلاق الدعوة إلى التعاون ومد اليد إلى كل من يرغب بمشاركتها الوقوف إلى جانب الأكثر حاجة من أبناء الكنيسة والوطن لأن "من حقن نوقف حدن".

نادر

ثم كانت كلمة الاب نادر نادر عن مشاريع الصندوق الاجتماعي الماروني، فقال: "الصندوق الإجتماعي الماروني مؤسسة بطريركية عمل منذ تأسيسه عام 1987 على خدمة أبناء الكنيسة من ذوي الدخل المحدود - وبدون اي ربح.
وتوجهت ادارة الصندوق مؤخرا، وبعد ان انجزت حوالي 2000 شقة في منطقة جبل لبنان- نحو المناطق اللبنانية - بالتعاون مع المؤسسة العامة للاسكان، وعن طريق بعض المصارف ضمن الخطة السكنية المتعاونة".

وتابع: "ان السينودوس من اجل لبنان افرد فقرة واسعة حول أهمية وضرورة استثمار الارض ايمانا منا بأن الارض هي الاطار الذي اعدته العناية الالهية لحياة الانسان، ولان الارض مقدسة مثل الانسان، وهي تحتوي اعمال الانسان، وعمل الله من اجل الانسان. دأب الصندوق الاجتماعي الماروني على مساعدة الانسان للتجذر في أرضه وفي منطقته، مساهمة في احياء المناطق وتعزيز سبل العيش المشترك في وطن الرسالة. والمجمع الماروني الذي توقف مطولا في النص 23 حول أهمية الارض ودورها - كل هذا رسخ فينا القناعة بأن قوة المسيحيين اليوم هي في مدى انتشارهم وليس في تقوقعهم.
لذلك نحاول بالتعاون مع الابرشيات والرهبنات والعلمانيين الملتزمين، تأمين مساكن، تساعد على بناء عائلات مسيحية وبالتالي التجذر في ارضهم ومناطقهم".

وأردف نادر: "ان الدعوة اليوم موجهة الى كل ابناء الكنيسة لاعادة النظر بهذه العلاقة بيننا وبين الارض، وهي دعوة ملحة جدا، تدق على ضمائرنا وعلى قلوبنا، فلنشرع لها الابواب.
أما وقد توجهت المؤسسة بنشاطها إلى المناطق ولأنه لا يمكن إعتماد مبدأ البرامج الذي كان معمولا به في السابق، فقد رأت المؤسسة أن تتعاون مع المؤسسة العامة للاسكان عن طريق بعض المصارف، التي أجرت عدة لقاءات مع إدارتها وكان بنتيجتها أن تنتهج المؤسسة المراحل التالية:

أولا: المرحلة التحضيرية (حوالى الثلاثة أشهر):
ويتم خلالها إختيار العقار الملائم لجهة الموقع والمساحة وإقبال المنتسبين إليه إضافة إلى توافقه مع أهداف المؤسسة.
كما يتم قبول المنتسبين وفقا لإستمارة خاصة ترسل إلى المصرف لدراسة أوضاعهم ومدى إمكانية قبولها لاحقا لدى مؤسسة الإسكان.

ثانيا: مرحلة الإنتساب:
وتمتد من الإنتساب وحتى تاريخ توقيع إتفاقية بيع الشقة قيد الإنجاز على الخريطة ووفقا لمواصفات موضوعة. فيودع المنتسب في مالية الصندوق إشتراكات ودفعة أولى بسيطة من الثمن.

ثالثا: مرحلة توقيع إتفاقية الشراء وحتى التسجيل النهائي:
حيث توَّقع إتفاقية ثلاثية بين المؤسسة والمصرف والمنتسب من أهم خطواتها العريضة :
- أن يقوم المصرف بمنح الشاري تسهيلات مصرفية فيدفعها إلى المؤسسة من ثمن الشقة في كل ما تتطلبه لإنجاز أعمال البناء.
- أن تودع المؤسسة السندات المحرَّرة لأمرها من ثمن الشقة قيد التحصيل في المصرف عينه ولحسابها.
- أن تتعهد المؤسسة بعدم تسجيل الشقة على اسم الشاري إلا بعد إجراء التأمين عليها من قبل المصرف.
- أن يقوم الشخص الثالث بتوقيع وكالة غير قابلة للعزل لصالح المصرف.

أما وبعد إفراز الشقق إلى حقوق مختلفة يقوم المشترك بإستلاف رصيد ثمن الشقة من مؤسسة الإسكان بواسطة المصرف المعتمد بحيث يسدد مصاريف المؤسسة الإجتماعية المارونية، وتصبح العلاقة بين الشاري والمصرف ومؤسسة الإسكان.

وتابع: "إن هذا التعاون الذي قام بين المؤسسة الإجتماعية المارونية وبعض المصارف والتي منها (بيروت ش.م.م. والبنك اللبناني للتجارة ش.م.ل. و البنك اللبناني الفرنسي ش.م.ل. ) وفَّر للمؤسسة سيولة جعلتها قادرة على تحقيق أهدافه،ا سيما إذا كان التعامل مع مالك العقار يتم وفق بروتوكول خاص مثلما الحال في مشاريع أرده، العبادية وزحلة حيث:
1- في مشروع أرده :
وضع صاحب السيادة المطران جورج أبو جوده 14000 الف م2 من منطقة أرده العقارية على أن يتم قبض ثمنه نقدا أو عينا بعد الإنتهاء من إنجاز الأبنية وهو ما وفَّر للمؤسسة سيولة أكبر من أجل إنجاز البنايات على إعتبار أن الحاجة إلى السيولة النقدية تكون جد عالية في فترة إنجاز البناء بينما التحصيل يكون متواضعاً قبل توقيع إتفاقيات الشراء ودون أن ننسى أن بعضهم لا تتوفر فيهم شروط الإستدانة من الإسكان، لكن المؤسسة الإجتماعية ترى نفسها قد أنشئت من أجلهم ولا يمكنها إستبعادهم . وقد وضعنا حجر الاساس بتاريخ 13 كانون الثاني 2012، وقريبا جدا يتم التلزيم بعد ان عدلنا القسم الاكبر من الخرائط.
2-في مشروع العبادية :
قامت المؤسسة بعدة إجتماعت مع عدد من أبناء بلدة العبادية إضافة إلى رئيس بلديتها ومختارها وكان أن عرضوا ثلاث عقارات مع عدد كبير من الراغبين بالإنتساب، أما المهم في ما قدم للمؤسسة هو تقديم عقارين بحوالي الثلاثة آلاف مترا مربعا لا يقبض مالكوها أثمانها إلا بعد إنجاز الأبنية ودفع الثمن للشقق من مستحقيها.

3-في مشروع زحلة:
بعد عدة اجتماعات مكثفة، توصلنا الى شراء 19 الف متر مربع في منطقة ضهور زحلة، ويقوم المشتركون بالمشروع بتسديد مبلغ عشرة الآف دولار كدفعة اولى وقد تم توقيع اتفاقية انتساب مع الصندوق منذ فترة قصيرة ونقوم حاليا بتحضير الخرائط والتراخيص من اجل التلزيم في القريب العاجل.

4- في مشروع القبيات:
وضع صاحب السيادة المطران جورج بو جوده 28000 الف م2 من منطقة القبيات - عكار وكلف المهندس قبلان دحدح وضع التصور الاولي للمشروع وقد عقدنا اكثر من اجتماع مع المنتسبين الذين بلغ عددهم حوالي 70 منتسبا، وسيتم في الايام القادمة توقيع الاتفاقيات معهم. 

  • شارك الخبر