hit counter script

كلمة العماد ميشال عون خلال لقاء معه في المجمع الجامعي في الحدث بمناسبة عيد التحرير

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٢ - 19:47

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بمناسبة عيد التحرير أقامت التعبئة التربوية لـ "حزب الله" في منطقة بيروت لقاءً مع العماد ميشال عون، في المجمع الجامعي في الحدث، استعرض فيه الحروب الاسرائيلية على لبنان، والأوضاع السائدة في المنطقة، وأكّد أن ما يهم أميركا هو أمن إسرائيل وآبار النّفط، معتبراً أنّ "الصّراع في الداخل العربي الذي أمّن الهدوء والاستقرار لاسرائيل سيدوم حتى استخراج آخر برميل نفط من الدّول العربية!"
العماد عون الذي شدّد على أن لا عودة قريبة للاستقرار في الدول التي تضربها "الفوضى الخلاّقة" لكوندوليزا رايس، حذّر من يحاول توأمة الأحداث السّورية مع أحداث مماثلة في لبنان لخلق الفوضى فيه وضرب الإستقرار وإيجاد حالة من الاستسلام.

وفي ما يلي النص الكامل للكلمة:

أعزّائي الطّلاب، مستقبل لبنان،
جئت اليوم أحتفل معكم بانتصار المقاومة على العدو الإسرائيلي وجلائه عن الأراضي المحتلة في 25 أيار 2000.
في العام 1982، اجتاح الجيش الإسرائيلي الأراضي اللّبنانية، ومع هذا الإجتياح تكوّنت المقاومة وتنظّمت في ما بعد. 25 أيار 2000 لم يكُن مجرّد تاريخ، بل هو نتاج 18 عاماً من النّضال والصّمود والتّضحيات والمثابرة والسّهر والتّعب والدّم. لذلك هذه الذّكرى بالنّسبة إلينا اليوم هي فترة تأمّل، وأودّ أن أستعرض وإياكم مختلف المراحل منذ العام 1982 حتى اليوم.
نتذكّر حرب العام 1993، والتي كانت حرباً تهديمية لإذلال الشّعب وكسر صموده، ولكن إرادة المقاومة تغلّبت على الطّائرات وعلى القنابل الذّكية وعلى تهديم البيوت وعلى الألم. حرب نيسان في العام 1996 لم تكن أسهل، ونتذكّر فيها بصورةٍ خاصّة مجزرة قانا الأولى. كلّ هذه المراحل كانت مجبولة بالدّم ومجبولة بالشّهادة وبالتّعب وكانت معاناةً مستمرّة، لكن نتيجتها كانت انتصار 25 أيار 2000.
في العام 2000 ترك الإسرائيليون لبنان مرغمين، لكنهم ظلّوا مصمّمين على الثّأر من لبنان وضرب استقراره والعبث بوحدته الوطنية. من هنا، فإن حرب تموز 2006 لم تكُن صدفة بل كان قد خُطّطَ لها، ولقد اعترف الإسرائيليون بأنفسهم أنّهم حضّروا لهذه الحرب، ولكنّهم استفادوا من حادث حدود حتى يعلنوها.
وبمراجعة الأوضاع السّياسية الّتي رافقت الأحداث، نجد أن الوضع العربي في الحروب الأولى (1993 و 1996) كان تقريباً مؤيّداً وصامداً بدون الدّخول بالجوهر أو بالشّكل، أما في العام 2006 فبدأت المواقف العربية تهتزّ، منهم من قال إنّ هذه حرب مراهقين ومنهم من بدأ يطالب بالمحاكمة، وكذلك الحكومة اللّبنانية التي أصدرت بياناً غير متضامن مع المقاومة على الحدود. على الرَّغم من ذلك، صمدت الوحدة الوطنية وبقيت من دون تصدّع، واجتزنا مرحلة الحرب ووصلنا إلى انتصار 14 آب، بعد 33 يوماً من الحرب الضّروس ومن التّهديم، إذ كانت قد وصلت كثافة النّار على الأراضي اللّبنانية نسبةً لحجم القصف ولمساحة لبنان إلى مرحلةٍ أعنف ممّا حدث في العراق خلال حرب 2003.
أما في المرحلة الحاضرة، فقد أصبحت كلّ الجبهات العربية مفكّكة، وحرب 2006 أوجدت الكثير من "الغيارى" من المقاومة، سواء على صعيد العرب أو على صعيد الدّاخل، والهزّات التي حدثت بعد هذه الحرب أتت من لبنان، لأنّ العرب استفاقوا على هذه الكوارث الّتي رأوها منذ تأسيس إسرائيل حتى اليوم، ولكن مع الأسف تحوّل الأمر إلى صراعات داخلية واستفاد منها الغرب حتى ينقل الصّراع من عربي-إسرائيلي إلى عربي- عربي، وليس إلى سنّي- شيعي كما يحاولون أن يصنّفوه دائماً، فمصر ليست سنية وشيعية، ليبيا ليست سنية وشيعية، وتونس ليست سنّية وشيعية.. كلّ هذه المصطلحات ليست إلا لإثارة البلدان الّتي فيها سنّة وشيعة وفيها مسيحيين أي أنّها متنوّعة الأديان والمعتقدات، ولذلك حاولوا عدّة مرّات في لبنان أن يجذبوا المقاومة إلى صراعاتٍ داخلية، وهذا ما شاهدناه على مدار الأعوام منذ العام 2006 حتى العام 2012، ولكن العقلانية في معالجة الأمور الدّاخلية جعلَتنا نمرّ بالحدّ الأدنى من الخسائر ومن التّصادم الّذي لا يُعتَبَر بالنّسبة للصّدامات الكبيرة شيئاً يُذكَر. ولكن، المؤسف أنّ قسماً كبيراً من اللّبنانيين ابتعد عن خطّ المقاومة ونسي الخطر الإسرائيلي على لبنان وعلى كيان لبنان وعلى جبهة الممانعة الّتي تطالب بحق العودة وبحقها بتحرير أرضها. هذا ما نعيشه اليوم، ونواجهه كل يوم.
لقد اشتعلت كلّ الدّول العربية، وهناك اليوم من يحاول توأمة الأحداث السّورية مع أحداث مماثلة في لبنان حتى يعمّم الفوضى لضرب الإستقرار ولنصل إلى حالة من الإستسلام. إسرائيل تنعم بالهدوء والسّلام حالياً لأن لا أحد يزعجها. وهذا الصّراع في الداخل العربي سيدوم حتى استخراج آخر برميل نفط من الدّول النّفطية! عندها تزول أسباب الحروب في الشّرق الأوسط، حتى وجود إسرائيل قد لا يعود له موجب.
من هنا، فإن كل حركة سياسية تستهدف الإستقرار وتضرب الكيانات غايتها الحقيقية تأمين الإستقرار والأمن لإسرائيل. لا شك أنّ لإسرائيل مطامع في أرضنا وفي مياهنا، لها مطامع في سوريا، في أرضها وفي مياهها. كلّ الصّراع حول بحيرة طبريا ومياه حرمون الّتي هي مياه مشتركة بيننا وبين سوريا. كلّ هذه الأمور هي جوهر الصّراع. يخترعون له سبباً في كل فترة؛ سبب ديني، سبب سياسي، أو سبب مذهبي.. "كلّ الطّرقات بتوصّل على روما." وهنا كلّ الطّرقات ستؤدّي إلى خلق جوٍّ من الإستقرار والهدوء في إسرائيل.
ماذا يريد الغرب من الشّرق الأوسط؟ ماذا تريد أميركا من الشّرق الأوسط؟ يهمّهم هدفين: إسرائيل لا تريد دولةً تحمل اسم "فلسطين"، لأنّ اسم دولة "فلسطين" يزعجها ويعطي حقوقاً تاريخية للشّعب الفلسطيني ولو بعد حين. إذاً، لا يجب أن يكون هناك دولة فلسطينية، ويُستعاض عن ذلك ب"محميةٍ" في أرضٍ فلسطينية ويسمّونها دولة. هناك قسمٌ من الفلسطينيين لا يزالون في إسرائيل (عرب 1948)، هناك حالات "فوضى" تريد إسرائيل أن تتخلّص منها وأن ترميها خارج "أراضيها".. من سيتقبّلها؟ لبنان وسوريا وكلّ الأراضي الّتي تحيط بإسرائيل..هذا هو الهدف الأول، أما الهدف الثّاني فهو دول النّفط. أين نحن بالنّسبة لأميركا ولأوروبا؟ الفرنسيون يعتبرون لبنان كمية غير مهمة négligeable quantité ولطالما سمعتها منهم، أما الأميركيون فيعتبرونه غلطة فرنسية Lebanon is a French mistake..إذاً، نحن جميعاً، نعيش بالغلط هنا بالنّسبة إليهم! لكن مقاومتنا ستجعل من وجودنا حقيقياً ومحترَماً.
رسالتنا اليوم ليست فقط أن نحافظ على وحدتنا الوطنية – الشّيء المقدّس بالنّسبة إلينا – ولكن نقل رسالة توعية الى كل الدّول العربية، وخصوصاً المحيطة بنا، لأنّهم إذا أكملوا هكذا فستكون الفوضى الّتي وعدَتنا بها كوندوليزا رايس عندما أتت في العام 2006 إلى لبنان؛ "الفوضى الخلاّقة"! لم نسمع أبداً هكذا تعبير، إلا بالتّفكير الأميركي! أي أهدم كلّ شيء، لأصلحه على طريقتي! لذلك، فإن الإستقرار بعيدٌ جدّاً عن العودة إلى الدّول الّتي يُضرَبُ حالياً استقرارها. هل لدينا القوّة والإرادة والقناعة الّتي تجعلنا صامدين متّحدين؟ لبنان قائمٌ على الحريات، وأوّلها حرية المعتقد، كلّنا نحترم معتقدات بعضنا البعض، وهو قائمٌ أيضاً على حق الإختلاف، فحرية المعتقد تكرّس حق الإختلاف الّذي جعلنا مبدعين، فلو كنّا كلّنا مستنسخين لَما تمكنّا من القيام بأي جديد، لا هنا ولا في أيّ بلدٍ من بلدان العالم.. كما أنّه قائمٌ على الحريات بشكلٍ عام. لبنان مبنيٌّ على الفرادة وهذا ما يجعلنا منفردين بشخصيتنا، ولكننا نتشارك إنسانيّاً، وهذا ما يخلق جماعة. لماذا أتكلّم عن الفرادة؟ يوجد 7 مليار إنسان اليوم في العالم لديهم 7 مليارات صورة، 7 مليارات بصمة يد، و7 مليارات بصمة صوت، و7 مليارات بصمة عين. هذه هي الفرادة البيولوجية، وكذلك اثنان مؤمنان بنفس الشّيء ليس لديهما نفس الكثافة بإيمانهما ولا نفس التّعبير ولا نفس العطاء. إذاً الجماعة هي بمشاركتنا كلّنا سويّاً في شعورنا الإنساني والتزامنا الإنساني، والفرادة هي الّتي تعطينا حق الإختلاف وحق التّطور عبر جمع جهودنا مع بعض. إذا جمعنا فوارقنا نصبح أغنى الأغنياء، وإذا طرحناها أصبحنا شعباً مفلساً. فَلنجمع دائماً فوارقنا لنكون أثرياء.

ثمّ أجاب عن أسئلة الطّلاب:
س: تسلّمنا الحكومة فماذا فعلنا للشّعب؟
ج: لكلّ حكومة مهمّتَان: مهمّة منع الأذى عن الشّعب ومهمّة ثانية هي أن تلبّي له حاجاته، ولكن لبنان يعيش مرحلة فيها عُطب، والحكومة فيها عطل منذ ولادتها، تمكنّا أن نبعد الشّر عن النّاس لكن لم نتمكّن من أن نحقّق كلّ شيء أردناه. كلّكم تابَعتُم الأزمات الأساسية غير الأمنية الّتي كان وزراء تكتل التّغيير والإصلاح متسلّمين لها. حيث يوجد استقلالية مادية نجحنا، نجحنا بتوسيع قطاع الإتصالات، لأنّ وزير الإتصالات يقدر أن يصرف من أموال الوزارة حتى يطوّر شبكة الإتصالات، ولذلك حققنا الFibres Optiques فتوسّعت الشّبكة. عندما تسلّمنا الوزارة في العام 2008، كان هناك مليون و200 ألف مشترك بالخليوي، أما اليوم فتخطّى عدد المشاركين الثّلاثة ملايين و500 ألف. إذاً هذه الشّبكة توسّعت كثيراً. وهناك أيضاً شبكة الألياف الضّوئية، فقريباً ستتمكنون من مشاهدة المحطات التّلفزيونية عبر شريط التّلفون بدون أي صحن لاقط أو "دش" أو أي شيء. كما أنّ سرعة خدمة الإنترنت زادت 15 و20 مرّة أكثر مع أنّه يوجد بعض الأعطال الّتي حصلت بما أنّ الشّبكة لم تكُن مؤهّلة بل كانت بدون صيانة مذ تأسّست. إن شاء الله قريباً جدّاً، ستنتهي كلّ الأشغال وترَون أيضاً التّحسن الملموس. هذا بالنّسبة لوزارةٍ من الوزارات.
أما الوزارة الّتي كانت مهملة والكلّ يعتبر أن لا أحد يتجرّأ على تسلّمها، تسلّمناها، وهي وزارة الطّاقة. كلّهم تحدّثوا عن مخطّطات للكهرباء فيما لم نجد أيّ ورقة في وزارة الطّاقة عندما وصلنا اليها! لا أحد "يربحنا الجميلة" قائلاً لنا إنّه قام بخطّة وإنّ فلان قام بخطة! ولا ورقة وجدنا، قد يكونون فكّروا بخطط ولكنّنا لم نرَ أي شيء على الورق. خلال 10 أشهر وضعنا خطّةً شاملة وتبرمجَت ووُضِعَت مصاريفها ووافقت عليها الحكومة، ولكن وصلنا إلى مكان تتخطّى فيه الصّلاحية صلاحيةَ الوزير، لم ترصد الحكومة الأموال اللازمة ولا زلنا منذ آخر العام 2010 حتى اليوم "نتمرجح"! وهم يطلقون التّهم الباطلة والشّائعات حتى يوقفوا المشروع. تحديناهم وطلبنا أن يأتي كل منا بما يملك من وثائق الى القضاء والقضاء هو الفاصل، ولكنهم هربوا.
بالتّوازي، اكتشفنا حتى الآن في لجنة المال والموازنة ما يعادل ال30 وال35 مليار غير معروفة أين هي، وقد تكون أكثر، لذلك أردّد دائماً أنّ لبنان مسروق وغير مكسور، هو منهوب غير مكسور! ولا أزال أكرّرها بكلّ مسؤولية وأمامكم جميعاً، وفي المستقبل القريب سترَون الوثائق المالية فتقرؤون فيها المبالغ المفقودة أو المهدورة أو الّتي لا نعرف أين هي. إذاً من هذه النّاحية، حصّلنا أموراً كثيرة، أوّلاً وضعت لجنة المال والموازنة إطاراً حقيقياً وقانونياً لوضع الموازنة ولكن تبيّن لنا أن لا قطع حساب منذ العام 1993 حتى اليوم كي نتمكّن من أن نكمل وضع الموازنات، فكلّ ما حصل كان تخبيصاً وفوضى.
ليس سهلاً يا أحبّائي أن تعيدوا دولةً إلى السّكة الصّحيحة، بعدما خرجَت عنها برمّتها. الإصلاح أمرٌ صعب، على الكثير من النّاس أن يتخلّصوا من عاداتٍ مارسوها بشكلٍ سيء وتعلّقوا بها. كل تغيير يخلق جوّاً قلقاً لأنّ القلق من طبيعة الإنسان عندما يريد أن يغيّر. قد لا يعرف هو ماذا سيحصل، ولكن من يخطّط للتّغيير يعرف أنّه سيصل إلى حالة أفضل. اليوم كم شخص منكم ينزل للتّظاهر إذا دعيناه للتّظاهر ضدّ الفساد؟ ضد سرقة الهبات؟ ضد السّلفات والقروض الّتي لم تدخل الخزينة والّتي لا نعرف أين هي!! كلّ شيء غير مضبوط، "ومن يصرف بدون أن يحسب، يخرب قبل أن يدري"..
أوقفنا الهدر وأوقَفنا السّرقات وقمنا بالمشاريع الّتي تمكنّا من أن نقوم بها حيث توفّر لنا المال، أما زملاؤنا في أمل وحزب الله، فأيضاً وزاراتهم تنتج، ولكن عندما تجدون مثلّثاً لديه صلاحيات وضع جدول أعمال مجلس الوزراء وتوقيع مراسيم بدونها لا تتحقق المشاريع، تعرفون من الّذي يوقف سير الأمور.
بالأمس وقبل أسابيع قلت إنّ توقيف الإنفاق هو ضربٌ للدّورة الإقتصادية الدّاخلية وسيسبّب تفليساً وفقراً وبطالة. على الرَّغم من ذلك، لم نحصل بعد على المال! قلنا إنّ التّهجم على الجيش يضرب معنوياته فيحصل تفلّت، ورأينا ماذا حصل في عكار في الأيام القليلة الّتي مضت، تكلّمنا أنّ تفريغَ الإدارة من مسؤوليها يشلّها ويخلق نوعاً من التّعقيد، فالإدارة لا تسير والمسؤولون الأولون على رأس كلّ إدارة غير موجودين أي هناك شواغر كثيرة... إذاً كلّ هذه الأمور ليست سليمة في الدّولة، ومعروفٌ من الّذي يوقفها. إذاً، لا المال سليم، ولا التّعيينات، وقوى الأمن تُهَدّم معنوياتها.. كلّ هذا يُسَمّى المسار التّخريبي! قلنا ذلك ونردّده ومسؤولون عنه، ومن لا يعتبر الأشياء الّتي نسمّيها مساراً تخريبياً للدّولة، فَليتفضّل ويستدعي أساتذة من الجامعات والكليات العسكرية الّذين يعلّمون هذا النّوع من الحروب حتى نتناقش وإياهم أمام الشّعب اللّبناني كلّه. من يقومون بهذه الأمور هل يفعلون ذلك عن سوء نية أو عن جهل؟! في الحالتين أتذكر المثل الشعبي: "الغشيم أخو إبن الحرام".

س: كيف نكون كطلاب جامعيين الحصن المنيع الدّاعم للجيش اللّبناني بوجه كلّ التّحديات والتّهديدات بتقسيمه؟
ج: في مرحلةٍ أولى، عليكم كطلاب أن تنقلوا الرّسالة الّتي تؤمنون بها، أن تقولوا "نريد جيشاً منيعاً"، وأن تقفوا ضد كلّ ما يهدّم الجيش. بعدها، تكبر القناعات وأنتم تتابعون السّياسيين فعليكم أن تطوّروا حسّكم النّقدي حتى تقدروا أن تميّزوا ما هو الصّح وما هو الخطأ، وإجمالاً إذا أردتم أن تعرفوا مدى أحقية ما يقوله السّياسي عليكم أن تلاحظوا مسار حياته السياسية والعامة، أي كم يصدق معكم وكم يكذب عليكم، لأن هناك بعض السّياسيين الّذين يقولون إنّ الوعود الإنتخابية لا تُلزِم إلا من يصدّقها، فتصوّروا أنّ هؤلاء الّذين يترشّحون على الإنتخابات يعدونكم بأمورٍ كاذبة، وعلى الرَّغم من ذلك يُنتَخبون! أمامنا تجربة كبيرة في العام 2013، أتريدون الإصلاح والتّغيير؟ لديكم صوت، ضعوه في الصّندوق، وإلا سنظلّ نصرخ أنّنا غير قادرين أن نحوّل من سرقوا الأموال إلى المحكمة أو إلى التّحقيق. نحن الآن معلنين حرباً ضروساً على الفساد وعلى السّرقة، ومن أجل طبعاً تقوية الجيش اللّبناني، ولدينا الحمدلله مواقف في لجنة الحوار وقدّمنا مشروعنا، درسه كثيرون لكنّهم هربوا منه لأنّه يخلق تكاملاً بين الجيش وبين المقاومة، لذلك جلسنا على طاولة الحوار لمدّة سنة وسنتين، ولكنّنا لم نتوصّل لأيّ نتيجة، لأنّه كان يشبه حوار "الطّرشان".

س: لماذا الغياب النّسائي في الانتخابات النيابيّة في كتلة التّغيير والإصلاح؟
ج: هناك سببان في الواقع. السّبب الأوّل هو أنّه ليس هناك من إقدام من قبل السّيّدات للتّرشّح للإنتخابات النيابية، والسّبب الثّاني هو أنّنا لا نزال نعيش ضمن مجتمعٍ ذكوريّ. قد يتذكّر زملائي النّوّاب عندما طرحت هذا الأمر في العام 2008 في موضوع الإنتخابات، وكان لي مداخلة جدّ واضحة يومها عندما كانوا يبحثون بالكوتا النّسائيّة، فقلت "إمّا أن نزيل الفوارق القانونيّة بين المرأة والرّجل، وتنزل الى المعترك السّياسيّ بقواها الذّاتيّة، وعندها إمّا تفوز أو تخسر. وإلا، إن كنتم تريدون إعطاءها "كوتا" واعتبارها إنساناً يختلف عن الرّجل، فيجب أن تعطوها نصف المقاعد لأنها نصف المجتمع، أي يجب أن تكون الكوتا النّسائيّة بنسبة 50% لتكون عادلة. إذاً إختاروا ما تريدون، وشكّلوا الحركة النّسائيّة على هذا الأساس.

س: ما تعليقك على عمليّة اختطاف الزّائرين اللّبنانيّين البارحة في سوريا؟
ج: هذا عملٌ إرهابيّ. لو كان سبب الإختطاف أنّهم كانوا يقاتلون، لكنّا رأينا الموضوع من زاوية متساوية، ولكنّ خطف مدنيّين وأبرياء يُعتبر جريمة كبرى.

س: لماذا منع المحجبات من الإنخراط في السلك الأمني والعسكريّ في الدّولة؟
ج: هناك لباس رسميّ خاص بالمؤسسات الأمنيّة والعسكريّة في الدّولة، وهو لباس موّحد لا يستطيعون تعديله ساعة يشاؤون.

س: هل تأثّرت شعبيّة التيّار الوطني الحرّ في الشّارع المسيحي بعد التّحالف الإستراتيجي مع حزب الله؟ وما هو مستقبل العلاقة بين التيّار وحزب الله؟
ج: بالطّبع تأثّرت في بادئ الأمر، لأنّ الأحداث تسارعت يومها ولم نكن نملك الوقت لشرح حيثيّات التّفاهم للشّعب، وما يترتّب عليها من أمور، والفائدة التي سيجنيها الوطن والمجتمع منه. اندلعت الحرب، فاتّخذنا موقفاً معاكساً للتّصوّر العالمي والمحلّي، عندما قلنا في اليوم الثّالث على بداية الحرب "إنّ المقاومة ستنتصر، ويجب ألاّ تخافوا". وُصِمنا بالجنون يومها، فالجميع كانوا يقولون إنّه من غير الممكن أن تنتصر المقاومة في الحرب ضدّ إسرائيل لأنّ الأخيرة تشكّل أكبر قوّة في الشّرق الأوسط. كلّ هذه الأمور أدّت إلى اهتزاز الجمهور، ولكن بعد ذلك، عدنا لاسترجاع شعبيّتنا. خلال الانتخابات عنفت الحرب الإعلاميّة التي شُنّت علينا والشّائعات التي أُطلقت ومنها التّخويف من ولاية الفقيه، والتّخويف من فرض الحجاب على المجتمعات المسيحيّة، وقد أثّرت على النّاس. الدّعاية التي خُصّصت لهذا الموضوع كانت أقوى من أن يصدّقنا الشّعب. ولكن، اليوم، نسي الشّعب كلّ هذه المواضيع، وعادت كلٌّ الأمور إلى مكانها. قمنا بالإحصاءات ورأينا أنّ كلّ شيء عاد إلى مكانه، والنّقص الذي حصل بلغ ذروته في العام 2009. وصلنا إلى حدّنا الأدنى في العام 2009، وكانت نسبة المسيحيّين الذين اقترعوا للوائحنا تتراوح ما بين 52% و53% على كامل الأراضي اللّبنانيّة. اليوم عادت الأمور الى طبيعتها تقريباً، وقد ناهزت نسبة تأييدنا لدى المسيحيّين الـ 65%.  

  • شارك الخبر