hit counter script
شريط الأحداث

- جهاد الملاح

الخطأ الشائع: من أفضل للعرب؟

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٢ - 07:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا تشغل المأساة المزمنة الشعوب العربيّة عن ترقب الانتخابات في الدول الكبرى، وسط آمال بأن يصل رؤساء يفيدون العرب، وهي آمال اعتادت أن تسكن العقول منذ أن ترعرع الآباء والأجداد في أرض اليأس والظلمات، بدايةً تحت حكم الاستعمار ثم تحت أذياله.
وعلى الرغم من حلول العام 2011 على العرب، حيث تمّ تقطيع بعض تلك الأذيال، يدور النقاش من جديد حول الانتخابات الرئاسية في فرنسا، وعمن هو أفضل سياسياً للشعوب العربية: نيكولا ساركوزي أم فرنسوا هولاند؟
إن توالي الأزمات وانتشار الطغيان، منعا العرب من إعادة النظر في هذا النوع من الأسئلة المزمنة، لفحص مدى صوابها في الشكل والمضمون. لكن أي سرد زمني بسيط من شأنه أن يشير إلى أن التبدلات داخل الدول الكبرى، لم تأت يوماً بفوائد مهمة للشعوب العربية.
فقد ظلت هذه الشعوب تعيش الظلم والفقر، كما بقيت معاناة الفلسطينيين في تصاعد اطرادي، مع تبدل أرباب البيت الأبيض بين الجمهوريين والديمقراطيين، أو تغير ميزان القوى في فرنسا بين اليمين واليسار، أو انتقال السلطة في بريطانيا من العمال إلى المحافظين.
فأولاً، وبعيداً عن تكرار الحقيقة المفرغ منها بأن لا أحداً يفيد العرب إذا لم يفيدوا أنفسهم وأن لا أحداً سيحافظ على ثرواتهم وسيادتهم إذا هم تخلوا عنها، فإن وصول رئيس جديد إلى الحكم في دولة كبرى، لن يؤدي إلى إلغاء السياسات والآليات المتبعة على مدى عقود، والقائمة على مبدأ التابع والمتبوع. وبالتالي، فإن هذه السياسات والآليات، الممتلئة بأشكال التنازل والتخلي من قبل معظم الأنظمة العربية، لا تسمح للاشتراكي هولاند، حتى وإن أراد، بأن يسهم في حال وصوله إلى الإليزيه، في إفادة العرب أو تغيير الموقف من القضية الفلسطينية.
ولعلّ أهم دليل على ذلك يتمثل في وصول باراك أوباما، الديمقراطي وذات الأصول الأفريقية والمسلمة، إلى سدة الحكم، وهو أكثر ما يمكن أن يتمناه الشعب العربي. فماذا فعل لهذا الشعب، أو للقضية الفلسطينية، غير التصريحات المتكررة التي تحركت إسرائيل بين طياتها، لتزيد الاستيطان والتهويد وتمعن في التعنت مقابل التنازل الفلسطيني – العربي الرسمي الذي لا ينتهي؟
ثانياً، توحي فكرة تفضيل وصول رئيس بدلاً من آخر، كونه سيفيد العرب، بأن هناك نظاماً عربياً إقليمياً أو مصالح عربية مشتركة. لكن هذا الأمر لم يحصل إلا بشكل محدود جداً في سنوات متفرقة بين الخمسينيات والسبعينيات. وما عدا ذلك، فتناقضات وخلافات وصراعات، أسهم فيها الغرب وأدخلها في صلب آلياته الحاكمة للتعامل مع الأنظمة العربية.
ثالثاً، إن تغير موازين القوى في فرنسا، والذي ظهر في الجولة الأولى من الانتخابات، عبر صعود جبهة اليمين المتطرف التي يدعمها كثير من أبناء الطبقة الفقيرة، استند إلى برامج انتخابية داخلية تتعلق بالأوضاع الاقتصادية، بينما كانت القضايا الخارجية شبه غائبة، أو محصورة بالحديث الفضفاض عن ضرورة استعادة قوة فرنسا في العالم.
وبالتالي، فإن تأثير هوية الفائز على السياسة الفرنسية تجاه العرب لا يستدعي عناء التفضيل بين المرشحين، مع الإشارة فقط إلى أن وصول هولاند، ربما يسهم، في حال بقاء أوباما في السلطة، في التخفيف من نسبة حصول حرب جديدة في المنطقة، مع إيران. وإذا كان يُنظر إليه على أنه سيقلّل من حدة الإجراءات المتخذة ضد المهاجرين العرب في فرنسا، فإنه لم يوفر شيئاً لاستجلاب عطف اليمين المتطرف، من التعهد بمنع اللحم الحلال في المدارس إلى منع فصل مواعيد السباحة بين الرجال والنساء.
في المحصلة، لا تحتمل الانتخابات الفرنسية أو الأميركية المقبلة أو غيرهما، عبء الآمال العربية وأسئلة التفضيل المزمنة، إذ ستبقى علاقة التابع والمتبوع قائمة، علماً أن الدول الكبرى هرولت لتركب الثورات العربية، في محاولة للمحافظة على هذا النوع من العلاقة.
ووحدها الشعوب العربية قادرة على أن تلغي مبدأ التبعية، فقط من خلال التخلي عن أنظمة اعتادت عرض أرضها وثروات شعوبها في مزاد علني من طينة الشياطين، حيث يدفع البائع ويقبض المشتري.
 

  • شارك الخبر