hit counter script
شريط الأحداث

أنا نائب... ومن بعدي لبنان

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١١ - 08:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
انطلاقاً من نزَعات "فردية" لا تمت إلى الصالح العام بشيئ، هناك من لا يريد أن يتفهّم التعقيدات "الطائفيّة - السياسيّة" والتداخلات "الجغرافيّة - الديموغرافيّة" التي تحكم ميثاق العيش المشترك بين مكوّنات "الوطن" وأثرها على صناعة السلطة ونتائج ممارستها.ومع تنامي القلق من التغيير المتوقع في حال اعتماد "النظام النسبي" كنظام أمثل لتحقيق صحة وعدالة التمثيل، وما له من أثر حاسم في إزاحة ذوي الأحجام "التمثيليّة" غير الواقعيّة من درب مستحقيها، ضاقت صدور البعض برغبة الفوز بمقعد في مجلس النواب، مع كامل مترتباته، فلهجت بها الألسن - من دون إحتساب وطني - وصاغت سلالم من إقتراحات انتخابية بغية الوصول إليه، وكأنّ المقعد النيابي "سفينة نوح" والطامح إليه يمنّي النفس، ومن حرقة رغبته به، بـ "أنا نائب ومن بعدي لبنان".من أسوأ مفاعيل بعض الاقتراحات الانتخابيّة ذات التقسيمات الفرديّة، المناطقيّة غير المتكافئة انتخابيّاً أو ذات "الفصل الطائفي"، أنّها جعلت من القانون الانتخابي "وسيلة نقل ديمقراطي عام إلى محطات المصالح الفرديّة الخاصّة" غير آبهة بمستقبل ومصير الوطن والشعب والدولة.إنّ اعتماد لبنان دائرة انتخابيّة واحدة على أساس "الفصل الطائفي"، يفتح منفذاً انتخابيّاً، غير مباشر، نحو فدراليّة عجزت عن فرضها حرب أهليّة دامت لأكثر من 15 عاماً. ويرمي "خميرة حرب" في عجين طائفيّة لا نريد خبزها.وهنا لا بد من لفت نظر المروّجين والداعمين لهذا الاقتراح الانتخابي أنّ التحالف قبل الانتخابات - ووفق المعطيات القائمة حالياً، وعلى الرغم من سوئها - هو تحالف الحاجة والضرورة بالاتجاه "شبه" الإيجابي، أمّا في مرحلة ما بعد الفوز بالمقاعد النيابيّة على أساس الفصل الطائفي الخالص، فلا حاجة ولا ضرورة ولا تحالف بين "الفراعنة الجدد"... والتوالي أفظع.كما وأنّ الدعوة إلى اعتماد الدائرة الفرديّة ليس إلا تعبيراً "صادقاً وصارخاً" عن فقر مدقع في حقيقة الحجم التمثيلي الوطني و/أو ضمن الطائفة نفسها، واستعمالاً للخرطوشة الأخيرة في سبيل التربّع على العرش الطائفي للمقعد النيابي بالقليل من الجغرافيا والديموغرافيا، وبالتمنّي نفسه "أنا نائب ومن بعدي لبنان"، مع سبق الإدراك بأنّ الرابح "المنفرد" هو من توفرت له دائرة فرديّة من لون طائفي واحد، والتي سرعان ما ستتحوّل إلى متراس طائفي بشري، يُحصّن به مصالحه الخاصّة، على حدود متراس آخر من لون طائفي مختلف.أما الدائرة الفردية المتنوّعة غير المتكافئة أو المتقاربة طوائفيّاً، فلن تكون إلا ساحة لاندفاع من أجل فرض هيمنة من هنا، ولدفاع من أجل رفع غبن من هناك، والنتيجة في الحالتين لن تخلو من "الشرذمة الحمراء"، ومنفذاً آخر للتسلل نحو فدراليّة كامنة، مع ضربة قاسمة للصيغة التعدديّة وللميثاق بـ "الدائرة القاضية".وخلاصة القول إنّه، ليس لائقاً بوطنيّة اللبنانيّين، ووحدتهم المتنوّعة، التجاوب مع هكذا نوع من التفكير والسلوكيّات والاقتراحات، الذي سيودي بالبلد وشعبه - من منافذ انتخابيّة عدّة - إلى "فوضى فدراليّة".فهل من "حكماء" يطلقون صافراتهم الوطنيّة لدرء هذه الأخطار عن السلم الأهلي؟وإن كان لا أحد أكبر من وطنه، فليس من الوطنيّة تصغير الوطن إلى أفراد.
  • شارك الخبر