hit counter script
شريط الأحداث

القرى تعمر بأهلها!

الإثنين ١٥ آب ٢٠١١ - 05:35

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
تكاد تبدو معظم القرى اللبنانية خلال فصل الشتاء شبه خالية ومقفرة،  ظلمتها مبكرة وصباحها متأخر، يومها قصير وليلها طويل طويل. لكن هذا المشهد سرعان ما يتبدّل مع حلول فصل الصيف الذي يحمل "جمعاته" وخيراته ومنتوجاته الى أهالي الريف، فضلاً عن النسمات العليلة في القرى المرتفعة نسبياً والتي تفتقدها المدينة على مدار السنة.وعلى الرغم من مغريات المدينة ونشاطاتها الصيفيّة المتعددة، إلا أنه يبقى لموسم الصيف نكهته الخاصة في القرية، وتبدو العطلة الصيفيّة من دون أسبوع راحة فيها على الأقل غير ذي جدوى. فالقرية تبقى لكل من تحدّر منها بمثابة بيئته الحاضنة، يغيب عنها طويلاً لكنّه ما أن يحضر اليها حتى يشعر أنه يعرف كل تفاصيلها وملامحها وحجارتها وأشجارها، يعرف ناسها وناسها يعرفونه. لا تتغير القرية كثيراً وإن كان مفهوم القرية التقليدية لم يعد حاضراً، لا تتبدّل طباع أهلها ولا عاداتهم.انقطاع الكهرباء، انعدام أماكن التسلية، قلّة النشاطات، الهدوء القسري، غياب الخدمات الرئيسيّة، كثرة البرغش، وجلسات القيل والقال... كلها لا تسلب القرية مكانتها وخصوصيتها. في المدينة، يجد إبن الريف نفسه أشبه برقم أو بآلة، أشباهه كثر وهو لا يقدّم ولا يؤخّر في دورة انتاجية ضخمة. في القرية، يجد المرء نفسه جزءاً من جماعة تعرفه ويعرفها. يشاركها عاداتها وتقاليدها، همومها وهواجسها. "القرى تعمر بأهلها"، قال كاهن بلدتي الجنوبية أمس، مرحباً بكل من شارك في قداس الأحد من أبناء الرعيّة في لبنان وبلدان الاغتراب. تذكرت منزلنا الذي يشهد زحمة زائرين هذه الأيام مع قدوم أفراد عائلتنا من البرازيل، وأقربائي الذين توجهوا من بيروت الى القرية لاستقبال المغتربين وفتحوا منازلهم. القرى تعمر بأهلها، الذين تركوها بمعظمهم رغماً عنهم، بحثاً عن لقمة عيشهم أو لتحصيل دروسهم الجامعية، فخطفتهم المدينة وأسرتهم بفرص لا تزال معدومة في قراهم بفعل غياب الدولة عن الاهتمام بشؤونهم واقتصار مفهوم الانماء المتوازن على الخطب السياسية من دون أن يجد ترجمته العمليّة بعد.
  • شارك الخبر