hit counter script

أم ميشال... وكلام الناس

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١١ - 09:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
وحدها أم ميشال لم يرفّ لها جفن ولم تصب بالدهشة أو ترتسم معالم الهلع على وجهها وهي تتابع الحلقتين الأخيرتين من برنامج "كلام الناس" على شاشة المؤسسة اللبنانيّة للارسال، واللتين سلّطتا الضوء على انعدام الأمن الغذائي في لبنان وغياب الرقابة الصحيّة عن كلّ ما يدخل الى معدتنا.وقفت في وسط غرفة الجلوس كما تقف اللبوة في عرينها، ونظرت الى أفراد أسرتها واحداً تلو الآخر ونشوة النصر تعتريها. ردّت بيدها شعرها الرمادي عن جبينها الذي رسم الزمن عليه خطوطاً عميقة وتأهبت كما يتأهب الخطباء السياسيّون فور اعتلائهم المنبر: "شايفين حالكن شو عم تاكلو"، صرخت في وجه أولادها، فارتعب حفيدها الصغير وهرول الى حضن أمّه خائفاً.فيما كان أفراد الأسرة يوشكون على التقيؤ لدى مشاهدتهم كيفيّة إعداد النقانق و"الناغتس" و"الهوت دوغ" ولحم "الهمبرغر" وكيف يتمّ تنظيف الدجاج وإعداده ليباع في السوق، كانت أم ميشال تبتسم ابتسامة صفراء عريضة وتتبختر بنظراتها بين الحاضرين. فـ"الناغتس" و"الهوت دوغ" لا يعرفان الطريق الى مائدتها، والهمبرغر والنقانق والسجق موجودين دائماً في ثلاجتها ويحضرون على سفرتها عندما يشتهي أولادها أو أحفادها. وهي قبل أن تطبخ اللحوم والدجاج تسلقها في قدر ماء مغليّة قبل أن تباشر وضعها في وصفتها.وعلى الرغم من أنّها بيروتيّة أباً عن جد، ومن الأشرفيّة تحديداً، إلا أنّ أم ميشال في منزلها أشبه بسيّدات القرية القديرات. كلّ شيء تعدّه في المنزل من "المايونيز" الى المربّى على أنواعه والحلويات والفواكه المجفّفة وحبّات الشوكولا التي تقدّمها لضيوفها على الأعياد وأنواع العصير، وحتى الزهورات تصنعها بيديها. كما أنّ كيس القماش الأبيض المصنوع من الخام والذي تستعمله لإعداد اللبن واللبنة البلديّة حاضر دائماً في مطبخها.لا تعرف أم ميشال استخدام الفايسبوك أو التويتر، لكنّ كلمة حقّ أرادت إيصالها الى البرنامج، تعبّر عن آراء كثيرين وأنا واحدة منهم، ومفادها أنّ الدولة قد تكون مقصّرة والأجهزة الرقابيّة غير فاعلة، لكنّ ما هو في غياب تام هو ضمائر التجار وأصحاب بعض المطاعم والسوبرماركات الذين يقدّمون على عرض بضائع منتهية الصلاحيّة أو غير سليمة مع إدراكهم المسبق بأنّ جيرانهم وأقرباءهم وحتى أفراد أسرتهم هم من زبائنهم الأكيدين لا المحتملين.
  • شارك الخبر