hit counter script

حكّام يدمعون ندماً!

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١١ - 02:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
كل الساحات تحتفل بالضمير المشرق من جديد، وتستقبل بقبضات الورد الجرأة العائدة فجأة الى أزقة الحذر. فتتمايل الألسنة في تهجئة شعارات الحرية الغريبة عن الصغر، ويطرق القلب كل المستحيل، من الإصلاح الى النظام، لعلّ من يَسكن الطابق العلوي يسمع أشواقاً أمضت عشرات السنين تسأل عن معنى الإنسان في قاموس العرب. قبضات الورد تجاور حكاماً في الأعلى، ينشغل معظمهم في قوت الشياطين ويُهمل قوت الشعب وعقله. ومنه من يسلّي النفس بالاعتقاد أن لوم الشعب للحكام والمسؤولين هو "بالتأكيد" لومٌ لغيره!وذات ليلة بيضاء، لاح مستحيلٌ على شرفات لبنان العلوية، حيث خرجت إليها قبضات حكام، ربما غارت أو أصابها بعض من الضمير الراقص في الساحات، فنطقت ببراعم ثورة ضد التبعية والارتهان والاستقواء بالآخرين، ومن أجل تغيير مسار نظام جالَسَ كل أشكال العثرات وطوعته الآلام والأطماع.فبعد أن تناطحوا وعاثوا كذباً على شعب جريح، تداعى حكام لبنان للثورة على التبعية، في ساحة خاصة بهم اختارت أن تجتنب الشعب؛ لكن ما همّ الشعب بلون الساحة وعزلتها إذا كانت تختصر الطريق الى الضمير؟ حملوا لافتات كتبوا عليها بحبرِ يرى الشمس لأول المرة، أحرف الحرية، ملكة الكلمات. وارتجلوا شعارات غير الثرثرة، أملاً بصناعة الاستقلال في الساحات بعد أن احترفوا طعنه في قاعات القرار. نصبَ الحكام خيم التوبة، على مفارق القمع الذي ما زرعوا سواه، وفوق دماء سئمت السيلان بين ألفاظ الشاشات وأبواق الفتنة. وملأوا الخيم بكتب التاريخ ووصايا الديمقراطية ووصفاتها التي تصلح لكل مرض. فما إن يلوح اليأس، عند القراءة عن عشرات السنين التي احتاجتها ولادة النهضة في بعض أصقاع العالم، حتى ترفده صفحات الإرادة بالأمل، الذي يؤكد قدرة المضامين الجديدة للأمن الإنساني على اختصار هذه السنين التي راكمت بذور الديمقراطية وقواعد احترام الإنسان.وفي ليلة من ليالي ثورة الحكام، خرج مسؤول سياسي من خيمة التوبة الى شوارع مظلمة، وأخذ يقفز فوق لعنات المناصب ويدمع ندماً على جعل أم الشرائع عاصمة عالمية للفساد، ويصرخ: "الحكم يريد إسقاط التبعية" و"ارحل يا خارج".لكن صوته لم يُسمع، فالعار صمت أبدي حتى لو تحركت الشفاه وتطايرت الأيدي. وأصوات النشاذ لا تستقيم مهما تبدّلت الأقنعة. وأكثر ما تفعله هو أن توقظ المواطن من حلم غفوة أو أحلام يقظة صوّرت الحكام وهم يثورون على التبعيّة والارتهان!
  • شارك الخبر