hit counter script
شريط الأحداث

ثورة... لا تهوى التغيير

الأربعاء ١٥ حزيران ٢٠١١ - 07:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
الشوارع تزدحم بالنظرات الشاردة والتعب يتراكم على طرقات القوت، وظلم الرصاص يحضر بعدل في ذاكرة الجميع، ووحده شبح متعجرف يشغل العيون عن شرودها، فيُمسك بشعلة شياطين الأرض، محذراً: ناس الشوارع أجناس شتى... لأنهم طوائف ومذاهب!ارتقت شوارع بيروت إلى علياء الحرية وأبدعت عطاء ورقياً في محافل الإنسان، لكنها استعصت على أقدام النهضة الحقيقية، التي تربأ أن تدوس وحل التعصب وقذارة التفريق المذهبي والطائفي، وهي لا تزال ترسل المواعيد وتؤجلها، في انتظار أن تتعلم العيون كيف تتمايل وألا تُشدّ إلا الى أجناس البشر.بعض شباب لبنان عرفت عيونه نظرات الحرية والشغف الى الإنسان. منه من ألحد فما فرّق بين أديان البشر، ومنه من آمن، فآمن بصدق واستوعب رسالة السماء التي تمقت من يفرّق بين ناس الطوائف.تظاهر هؤلاء، وما زالوا يتظاهرون بين الحين والآخر، لملاحقة الطائفية في الشوارع الواسعة، عبر ضربِها بالصراخ الثائر، لكن دون إيقاع، فسقطوا في قصورٍ جعل الحق باهتاً خجولاً في حين ومشاكساً تائهاً أحياناً، دون مضمون يداوي الأسباب أو قطار يجذب الأنصار.إن الطائفية لا تُهزم في صراع وسط شوارع واسعة تتّسع للمتظاهرين وتضيق بتفاعل الناس، الذين ينسجون تجاربهم في الأزقة وقد يستوحون أفكارهم من أرباب شذاذ يشاغبون دائماً بين فوارق المذاهب والطوائف.وحتى لو اختارت هذه الشوارع خوض معركة التظاهر، فلعلها تتسلح بالأفكار والحقائق، لتداوي الداء بما كان هو الداء، فتخاطب الناس في حقيقة الدين السويّ ومعنى العلمانية السياسية وعلاقتها بالأمن الاجتماعي، وكيف تصان السماء بعيداً عن السياسة وكيف يُكفَر بها عندما تجد الطائفية طريقاً الى القلوب. عندها قد تنزع التظاهرات المسلحة بالحجج، أوهام من تربى على تصنيف المواطنين الى مذاهب وطوائف، فتحثه على المشاركة، وتملي الخطوة الأولى نحو المواطنة الحقة.  لكن الوفاء لحملة إسقاط النظام الطائفي يستدعي أيضاً العمل على استقطاب أكبر عدد من اللبنانيين نحو الهدف لجعله مشتركاً، وتعبيد الطريق الى التظاهرات، عبر صناعة حراك يتفهم طبيعة المجتمع وتفاعلاته مع أشكال الإنتاج والعيش إضافة الى الأسباب والدوافع وراء الرضا والسكوت على النظام المقيت. وهو أمر يبدأ أولاً بعدم تخيير اللبنانيين بين الانضمام الى التظاهر أو الانتماء الى حزب وتأييد زعيم طائفة، خاصة أن الارتباط بالطائفة أو الأحزاب التي "تشتمها" التظاهرات، يرجع الى إشكاليات اجتماعية سياسية عمرها سنوات وقد يرتبط بالمعيشة اليومية للمواطن وإن كان ممن يرفضون النظام الطائفي.فانتهاج مقاربة وأسلوب يركزان على الهدف - دون الغرق في شعارات رفض "الماكيافيلية" - من شأنه أن ينزع حواجز تسدّ مسالك التظاهرات، ليستقطب الحراك ضد الطائفية السياسية شريحة كبرى من اللبنانيين، ما يجعله ظاهرة لافتة تطرق باب نصوص الفصل والتمييز في الدستور والقوانين، لتزيحها.وفي انتظار بصيرة الشوارع الواسعة وفهم الأزقة أن للدين والوطن بعدين مختلفين لا تجمعهما لائحة أولوية، ستبقى الحياة في لبنان تسابق الدم في العروق، وينشغل المواطن باحثاً وسط الآمال المكدسة بين أكوام الحذر، عن أمل يضيء ما تبقى من قدر، لعلّ العين تبتسم، والدمع المتأهب عند كل مفرق، يتأجل.
  • شارك الخبر