hit counter script
شريط الأحداث

- جهاد الملاح

هل الحلّ قريب في سوريا؟

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٢ - 13:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

على وقع الغليان الذي تشهده سوريا، تتواصل التحركات السياسية في الأروقة العربية والدولية إزاء الأزمة، تحت عنوان مُعلن هو "الحلّ"، بينما تتكدس خلفه عناوين وآراء متداخلة ومتقاطعة ومتناقضة، طبقاً لرؤية كل طرف عربي أو دولي، وهدفه، ودوره في الأزمة.
وأفضت هذه التحركات إلى مسار أصبحت فيه الأزمة "مُدّولة" عن بكرة أبيها، بين الدول العربية والدول الكبرى ومجلس الأمن وكافة الأجهزة الأممية، وصولاً إلى "حلف شمال الأطلسي" الذي أعلن التزامه "واجب الدفاع" عن تركيا، فيما حمل كوفي أنان لواء وقف إطلاق النار، وحصل تدريجياً على تعهد من الطرفين بتطبيقه. لكن هل من الممكن لأي "وقف نار" أن يبقى سارياَ في ظلّ معطيات الأزمة السورية؟ وهل توحي ظروف هذه الأزمة بإمكانية الحلّ القريب؟
أولاً، من الصعب، بل من المستحيل على المعارضة السورية العسكرية، أن تقبل التوقف عن العمليات المسلحة لوقت طويل، فذلك يعني نهايتها. وهي كالهاوي الذي يركب دراجة هوائية بسرعة كبيرة، سيقع عندما يتوقف عن الدوس، إلا إذ كان قد رسّخ قدميه في الأرض.
وعلى أي حال، فإن هذه المعارضة ليست جيشاً نظامياً لتنضبط مجموعاتها ويلتزم أفرادها الأوامر، بل هي تتحرك في مناطق شاسعة وتخضع لفوضى تنظيمية ولأهواء أفراد تقودهم أهداف كثيرة لا يغيب عنها الثأر والانتقام. وبرهنت الحروب القريبة والبعيدة أنه عندما يحمل الشباب السلاح فجأة، فمن الصعب تركه بسهولة أو التحكم بوضعيته اليومية.
من ناحية أخرى، إن أنان هو مبعوث مشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وبالتالي، يجب أن يكون وقف إطلاق النار مستنداً إلى القانون الدولي، الذي يوجب "اتفاقاً مكتوباً" يحدّد ما إذا كان الأمر دائماً أو مؤقتاً، ويتضمن قواعد خاصة في حال أراد أي طرف استئناف القتال، من إنذار وغيره. فعلى أي قاعدة جرى الاتفاق على وقف النار؟
أما بالنسبة للجناح السياسي للمعارضة، فقد خرج من "الكهف" ولن يقبل العودة إليه. ويعلم جيداً، كما العسكر، أن التراجع يعني الموت، بل هو يستلهم قوته ومقومات قدرته من عمليات المعارضة العسكرية.
بالطبع، تراهن المعارضة على أن وقف النار سيسمح بالتظاهرات الشعبية، لكن من يضمن سلمية هذه التظاهرات وحسن سيرها، وخلوّها من الأشخاص "غير المنضبطين" وغياب الطابور الخامس؟ فهذه التظاهرات قد تنجرّ في أي لحظة إلى إراقة الدماء، خاصة أن النظام احتفظ بحق الردّ على أي اعتداء على الأمن أو الممتلكات.
وعلى خط المولاة-المعارضة، فإن الاختلاف المثقل بالآراء والهواجس المتناقضة يُصعّب من حلّ الأزمة، خاصة أن سوريا، كما جميع دول العرب، لم تحظ، على مرّ العقود الماضية، بفرصة تَراكم العقود الاجتماعية السليمة، لتنعكس حراكاً سياسياً منتجاً، وتفاعلاً حضارياً ناضجاً يقوم على مبادئ احترام الاختلاف وتقبل الآخر.
ثانياً، إن الواقع العربي لا يسمح بإيجاد حلّ للأزمة السورية على قاعدة كوفي أنان، خصوصاً أن معظم الدول العربية التي دخلت على الخط، لا يبدو أنها ستتراجع عن مواقفها.
فمصر منشغلة بأحوالها، وليبيا تقف مع المعارضة السورية حتى آخر قطرة. أما قطر والسعودية، فمصممتان على إسقاط النظام، وقد دخلت الحكومة العراقية في معركة "مذهبية" معهما ستؤدي إلى زيادة الاصطفاف في أزمة سوريا. وللدول الأخرى ظروف يصعب تغييرها بسهولة، ومنها على سبيل المثال، الكويت، التي لا تترك القطار الخليجي، كما أن حكومتها لن تدخل في متاهة مع الأغلبية البرلمانية، هي في غنى عنها.
وعلى الصعيد الدولي، استدعت تركيا "الأطلسي" للدفاع عن حدودها، بينما تتحدث إيران عن اقتراح بإجراء انتخابات برلمانية في بلد المعارضة فيه غير مستعدة لأي حلّ مع النظام الحالي. أما روسيا والولايات المتحدة، فتتجاذبان المواقف في الوقت الضائع، في انتظار استلام فلاديمير بوتين الرئاسة من جديد الشهر المقبل، ثم انتهاء باراك أوباما من عقبة التجديد في تشرين الثاني، خصوصاً أن استطلاعات الرأي لا تعطيه أكثر من أفضلية خمس نقاط مئوية على حساب ميت رومني.
في المحصلة، لا تُرجّح المعطيات إمكانية أن يدوم أي اتفاق حالي أو مقبل على وقف النار في سوريا، ليجري الالتزام بالعملية السياسية، حتى مع انتشار المراقبين. ولا يبدو أن الحلّ قريب، فالأمور لم تنضج بعد، والقوى لم تتعادل حتى ينعقد "طائف سوري"، فيما أصبح الوضع أصعب من "اتفاق دوحة" جديد أو حلّ يمني آخر. وبالطبع، لن تتجرأ الدول الكبرى على الاقتراب من أنياب "الفصل السابع"، طالما بقيت إيران على حالها.
ووسط كل ذلك، من غير المعلوم على ماذا يعتمد كوفي أنان، وهل إذا كان بالفعل مقتنعاً بإمكانية إيجاد حلّ في الوقت الراهن، إلا إذا كان يحرص فقط على تخفيف حصيلة ضحايا العنف، في انتظار معجزة تصيب سوريا، أو حلّ مبتكر يقدّمه النظام.
 

  • شارك الخبر