hit counter script

دفاعاً عن رئاسة وليس عن رئيسٍ فحسب

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١١ - 03:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
خلقنا رجالاً لا أرجل في خدمة أجساد أو أمجاد، وولدنا أحراراً لا أغناماً خدمة لمشاريع تسويات وصفقات وسمسرات. ولدنا في وطنٍ سيّدٍ حرٍّ مستقل، تحت سقف دستور وفي ظلّ نظام يتمتّع بضوابط.في اليوم التالي للعام الدراسي الاول الذي يتمّ في خلاله تدريس مادة الحقوق في الكليّات العاملة، تتلى على الطلاب القواعد العامّة ومقوّمات الدولة السيّدة المستقلّة التي تتألف من الشعب والارض والمؤسسات، وضمن تركيبة الاخيرة يحدّد دستورها آليّة تداول السلطات وصلاحيّة المسؤولين فيها ومن بينهم صلاحية رئيس الجمهورية. وفي لبنان تحديداً، في ظلّ نظامنا الطائفي، وما دام هذا النظام قائماً شئنا أم أبينا،والى حين تعديله أم فرط عقده وتأسيس آخر، منصب هو رئاسة الجمهوريّة تمّ الاجماع على أن يكون وفق العرف لماروني، يتمتّع بصلاحيّات نصّت عليها مواد متعددة من الدستور اللبناني المعدل. هذا المنصب يتولاه اليوم شخص اسمه العماد ميشال سليمان انتخب لستّ سنوات منذ العام 2008 وتنتهي ولايته في العام 2014، وعلى هذا الاساس، وانطلاقاً من هذا الواقع وتلك المسلّمات والقواعد الدستوريّة،وخلافاً لكلّ ما يحاوله البعض إثارته من محاولات انقلابيّة من هنا، وتقصير ولاية الرئيس من هناك، ثمّة حقائق تاريخيّة ودستوريّة ومنطقيّة وسياسّية، ومنها ما يتعلق بالاستقرار السياسي وبحقوق الطوائف في لبنان، وبالتوازنات المتّفق عليها وهي :أنّ رئيس الجمهوريّة حكم ورمز اسندت اليه مهمّة تطبيق الدستور ورعايته ورعاية الميثاق الوطني والعيش المشترك وله صلاحيّات أوسع مما نصّ عليها الدستور حصراً كونها جاءت غامضة نسبيّاً وغير دقيقة بما فيه الكفاية، وهذا ما حدا بالبعض لاستغلاله، لكن كان من الحكمة أن يقدّم المجتمعون في الطائف، الذين قاموا بإدخال التعديلات الدستوريّة الاخيرة في العام ،1990 على توزيع الرئاسات الثلاث على طوائف ثلاث كبرى مع كل ما أعطي لرئيس الجمهوريّة من تفويض لتوقيع المراسيم المختلفة، وهذا ما يدفعنا الى مناقشة مدى صلاحيّة من يتولّى التوقيع على أيّ مرسوم أم إجراء ما من حيث التدقيق في مدى مخالفته للدستور أم القوانين أم الانظمة المرعيّة، وهنا مكمن الخلاف بين من كان له رأي يفضي الى أنّ رئيس الجمهورية "كاتب" في الدولة اللبنانيّة لا يحقّ له الدخول في مضمون أيّ مرسومٍ أم قرارٍ صادر، في حين أنّ رأياً آخر يعتبر أنّ ثمّة رابط بين حيثيّة الموقع وما تمّ تخصيصه لطائفة ما، مع ما يستوجب الحفاظ عليه معنويّاً وسياسيّاً  خصوصاً أنّ حفظ التوازنات كمبدأ متعارف ومتوافق عليه كان العنوان العريض لهيكليّة النظام القائم منذ العام 1990 إلا إذا كان من قوى سياسيّة ترغب اليوم في الدخول في تعديل الدستور لفرط عقد هذا التوافق والتأسيس لمثالثة أو مرابعة أو خلافهما خدمة لسياسة معيّنة أو لمآرب معينة كذلك .نحن لم نقل إنّ هذا النظام نموذجي وخلاّق ومثالي، لكنّه كالكوب المشعور، لكنّ الماء تستقرّ بداخله الى أجل غير مسمى ويخدم مرحلياً وهو مؤقت الى حين التوافق بين أطياف المجتمع اللبناني على نظامٍ بديل.لكن ما لم تزل الطائفيّة من النصوص كما من النفوس، ثمّة مركز تمّ تكريسه من ضمن السلّة المتفق عليها، للطائفة المارونيّة لتكون من نصيب أحد أفرادها عن طريق الانتخاب في المجلس النيابي.والى أن يتمّ فصل الدين عن الدولة سيبقى كل ماروني مندفعاً للدفاع عن كرسي الرئاسة كما يندفع الشيعي للدفاع عن كرسي رئاسة مجلس النواب وكذلك السنّي للدفاع عن منصب رئاسة الحكومة. وفي هذا الصدد، وبمعزل عن الاولويّة التراتبيّة على مستوى الرئاسات والبروتوكول المنظّم لها، فإنّ ثمّة مساواة في الجوهر بين المداميك الثلاثة في النظام اللبناني، وعلى هذا الاساس،لا يحقّ لأيّ فرد أو قائد أو مسؤول مهما علا شأنه، ولأيّ سبب أو تبرير كان، التطاول على مقام رئاسة الجمهوريّة لأنّ هذا المنصب باقٍ ما بقي التوافق بين اللبنانيّين على دستور الأمة جمعاء، وإنّ الاشخاص يتناوبون على المناصب لكن ثمّة حرمة خاصّة ومميّزة واستثنائيّة كرسّها الدستور نفسه لرئيس الجمهوريّة وإنّ قوّتها وفرادتها مرتبطة بالمنصب نفسه، وهو على هذا الاساس منع ملاحقة رئيس الجمهوريّة إلا في حالة الخيانة العظمى، وإنّ المناعة تلك تنسحب على الطائفة التي حفظ لها إطارٌ معنويّ ليس مرتبطاً بالشخص .بين الرئاسة والرئيس رابط معنوي، وطالما حافظ الرئيس على المبادىء ولم يفرّط بحقوق المسيحيّين فلا يجوز تحويله الى مكسر عصا، بل واجب على كلّ مسيحيّ ولبناني بشكلٍ عام المحافظة على كرسي الرئاسة وتحصين الرئيس من التطاول عليه لمآرب خاصّة ومعروفة الاهداف لأنّ رئاسة الجمهوريّة باتت منذ العام 1990، تاريخ إقرار الاصلاحات الدستوريّة في الطائف، إحدى الركائز الثلاث التي يجسم عليها ويستقرّ نظامنا الطائفي، أكنّا من مؤيّديه أم من عداد المعارضين له.


  • شارك الخبر