hit counter script

- جهاد الملاح

"حلف بغداد"... بين ظلال بابا عمرو

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٢ - 07:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عندما كانت المعارك محتدمة في حي بابا عمرو في حمص، كان الشدّ والجذب يشتدان تدريجياً في مواقع أخرى، على أوتار الطائفية المُغلّفة بالسياسة أو العكس، من لبنان إلى العراق وصولاً إلى الخليج.
وإذا كانت الطوائف في لبنان تبقى دائماً في وضعية الاستعداد لتلبية أول صوت إقليمي يتحدث صدفة أو عن قصد، عن مسلمين ومسيحيين أو سنة وشيعة، لتصطف وتُمعن في الاستقطاب، فإن العراق الذي لم يخرج بعد من جراحه المثقلة، يبدو أنه يتقدّم عبر جناحه الرسمي، نحو كباش طائفي مع الخليج، أكبر بكثير من ذلك الذي كان يستند، خلال السنوات القليلة الماضية، إلى موقعه الجغرافي ضمن ما سُمي بـ "الهلال الشيعي"، والعلاقة مع إيران والتوتر مع السعودية ومحاربة جماعات "القاعدة".
ويُظهر سير الأحداث أن الأمور لم تكن بدايةً متجهة إلى هذا النحو، إذ إن بغداد، التي حاولت الوقوف إلى جانب النظام السوري تحت عنوان "الاستقرار" وتجنب حدوث فوضى تزيد من أزمات العراق، عادت لتأخذ موقفاً مؤيداً لإجراءات جامعة الدول العربية بحق دمشق، وتعمل كل ما في وسعها لإنجاح القمة العربية التي تستضيفها لأول مرة منذ العام 1990، وصولاً إلى أنها ارتضت عدم دعوة سوريا إلى هذه القمة، أو دعوة الجارة إيران كضيف.
إلا أن الأهواء العربية إزاء قمة بغداد سارت بما لا يشتهيه العراق، إذ غاب عنها بشكل خاص التمثيل الخليجي الجيد، باستثناء حضور أمير الكويت صباح الأحمد الصباح لأسباب تتعلق بالعلاقات الحساسة بين البلدين. وبالتالي، كل ما قدّمه المالكي، من الابتعاد عن تأييد دمشق إلى منع التظاهرات ضد نظام البحرين، لم يؤد إلى رفع مستوى الحضور الخليجي.
وأكثر من ذلك، فقد وجّه رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم آل ثاني، قبل ساعات من انعقاد القمة، انتقاداً لاذعاً إلى الحكومة العراقية، متهماً إياها بتهميش السنة، فردّت الأخيرة برفض التدخل في شؤونها، ثم لجأ المالكي إلى مهاجمة السعودية وقطر لدعوتهما إلى تسليح المعارضة السورية.
وبالتالي، تبلور الاصطفاف بشكل غير مسبوق بين الحكومة العراقية والخليج، لتأتي قصة نائب الرئيس طارق الهاشمي المطلوب للقضاء في بلاده، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فعمّقت الخلافات وحرّكت الهجمات الإعلامية على خط بغداد – الدوحة – الرياض، حيث طغى الحديث المذهبي، الذي حمله الهاشمي معه في رحلته بين كردستان وقطر والسعودية. ومن غير المستبعد أن تكون الكويت الساحة التي قد تعكس هذا الاصطفاف، كونها في منتصف الطريق بين كافة الأطراف وفيها الشيعة والسنة و الكثير من الحرية السياسية.
بالطبع، إن قصة الهاشمي كانت قصة جاهزة للاستخدام. وإن لم تكن موجودة، لكانت هناك عشرات غيرها جاهزة لدفع الكباش المذهبي الإقليمي، الذي سينعكس أولاً على العراق، حيث كانت أول مؤشراته إلغاء عقد "المؤتمر الوطني" الهادف إلى بحث الخلافات بين الكتل السياسية. إلا أن الانعكاس الأخطر سيكون على المنطقة، التي لم تتوقف عن قرع طبول الحرب بين إيران والغرب، ودخلت منذ أيام في شبح "الدرع" الخليجية –الأميركية.
في المحصلة، بين أزمة سورية والتوتر المذهبي وقضية الهاشمي، يبدو أن العراق وجد نفسه خارج "القمقم" الذي التزمه لسنوات بسبب مشاكله الداخلية، وهو يسعى إلى استعادة دوره القديم في المنطقة مع تغيير خريطة التحالفات، علماً بأن آخر إعلاناته كان الرغبة في استضافة المفاوضات المقبلة بين طهران ودول "5+1" بدلاً من تركيا.
فهل يحيا "حلف بغداد" من جديد، لكن ببوصلة مختلفة هذه المرة؟  

  • شارك الخبر