hit counter script

كلمة السيد حسن نصرالله خلال افتتاح "مجمع السيدة زينب"

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٢ - 19:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

القى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلمة في حفل افتتاح مجمع السيدة زينب بنت علي، في ذكرى مولدها في بئر العبد، الضاحية الجنوبية قال فيها:"ارحب بكم جميعا في هذا الحفل المبارك، وأتوجه إليكم وباسمكم بالتبريك بمناسبة هذه الذكرى العظيمة، ذكرى ولادة سيدة جليلة عزيزة من سلالة رسول الله، حفيدة النبي سيد الرسل وابنة أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين السيدة زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الذكرى مناسبة طيبة لعمل صالح صادق على الطريق نفسها وفي خدمة الأهداف نفسها.
نحن اليوم نقيم مراسم افتتاح هذا المجمع المبارك الذي يضم مسجدا ومنشآت أخرى في ذكرى السيدة زينب وباسم السيدة زينب عليها السلام.
يجب أن نتوجه بشكر خاص إلى أحد الإخوة الذي لم يشأ أن يعلن اسمه وهو المتبرع الأساسي في بناء هذا المجمع، وهذه الأرض كانت ملكا لحزب الله منذ سنوات طويلة، ولكن هناك متبرع أساسي تكفل بتكاليف هذا البناء وهو لا يرضى أن نذكر اسمه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب إحسانه هذا في صدقة السر، وأن يتقبله في الدنيا والآخرة، فله الشكر والدعاء بالقبول إن شاء الله.

بالأساس بالنسبة لنا وبحسب انتمائنا الديني والإيماني فإن عمارة المساجد وبيوت الله تشييدا وبناء، إذا تحدثنا على مستوى الإيجاد المادي والخارجي، وإحياء وعمارة بالصلاة اليومية وبالجماعة وبتلاوة القرآن وبالتلاقي وبالذكر وبالحضور، هذه من الأمور الأساسية التي أكد عليها كتاب الله والسنة الشريفة، وعليها إجماع المسلمين. كل المذاهب الإسلامية وعلماء المسلمين والإتجاهات الإسلامية تؤكد على هذا المعنى وعلى أهمية المسجد والحضور إلى المسجد والمشي إلى المسجد والصلاة في المسجد وعمارة المسجد وإحياء المسجد وتلاوة القرآن في المسجد إلى حد أن الرسول وآله كما ورد في بعض الأحاديث أنه قال: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد". ولولا وجود الروايات وأدلة أخرى لكان يفهم من هذا الحديث أن الصلاة لجار المسجد في بيته ليست صلاة وهي صلاة باطلة وأصلا معدومة، ولكن حكم الفقهاء أن هذا من باب تأكيد الإستحباب بالصلاة في المسجد والحضور في المسجد.
إذا بمعزل عن أي اعتبار آخر وأي شأن آخر وأي خصوصية أخرى، هذه المسألة بالنسبة لنا هي مسألة اساسية جدا، وهذا المعنى ورد فيه آيات وروايات وأحاديث وأكتفي بقوله تعالى:"إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين".

لكن يبقى لهذا المجمع، في هذا المكان، في هذه الظروف، خصوصية هي التي أردت أن أتوقف عندها قليلا، بلحاظ المكان وبلحاظ الأحداث وبلحاظ الظروف التي أحاطت بهذا المكان.
قطعة الأرض التي بني عليها المجمع تقع في حارة حريك من الضاحية الجنوبية. بتعبير آخر هي جزء من الأرض التي سميت سابقا المربع الأمني لحزب الله وهي لم تعد مربعا أمنيا وهي منطقة مفتوحة، والذي يريد أن يدخل بإمكانه الدخول ومن يريد الخروج بإمكانه الخروج، أو مربع شورى حزب الله كما اشتهرت في حرب تموز.
هذه المنطقة بالتحديد ـ وهذا الجزء من حارة حريك من الضاحية الجنوبية خلال حرب تموز ـ تعرضت لقصف وتدمير كبيرين، وهذا كان متعمدا ولم يكن صدفة.
الإسرائيليون في الأيام الأولى بدأوا بقصف المنطقة، مراكز حزب الله وبيوت مسؤولين في حزب الله دمرها الإسرائيليون، لكن كثيرا من الأبنية الموجودة بالمنطقة لم يكن فيها مراكز لحزب الله ولا بيوت لمسؤولين في حزب الله، ومع ذلك تعمدوا تدمير هذه الأبنية وهذه البقعة من الأرض لأهداف مفهومة ومعلومة. هم أرادوا تدمير الحياة وأن يدمروا الإرادة وأن ينالوا من الروح المعنوية وأن يجعلوا سكان هذه المنطقة وأهلها في موقع من يدفع الثمن باهظا، فقط لأنهم آمنوا بهذا الخط أو كانوا جيران من يؤمن بهذا الخط. الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة من خلال هذا التركيز، بل تذكرون أنه في تلك الأيام هناك أبنية قصفت مرة واثنتين وثلاث أي أن الدمار كان يعاد قصفه، لم يعد إمكانية حياة ولا تواجد، لكن رسالة القصف سياسية ومعنوية ونفسية، وطبعا كان هناك آمال كبيرة عند العدو، نتيجة تركيبة لبنان ووضع الحكومة والنظام السياسي والظروف الخاصة في لبنان كان هناك تقدير أنه كلما اتسع الدمار، خصوصا في الضاحية وفي حارة حريك، فهو سيبقى لسنوات طويلة، وسوف يعجز سكان هذه المنطقة أو أهل المقاومة أو أهل البلد عن إعادة إعمارها في وقت قريب. أيضا هذا جزء من الرسالة. أي أن الموضوع يستمر لسنوات، التأثيرات النفسية والمعنوية والسياسية تستمر لسنوات.

كان هذا يحتاج إلى رد، وكان الرد منذ اليوم الأولى لانتهاء الحرب. كان البدء بالترميم والبناء وإصلاح الأحياء والطرقات مما ساهمتم . كان الرد من خلال الإصرار على إعادة الإعمار وكان مشروع وعد ، عندما أخذنا القرار بناء المجمع كان التوجيه للأخوة أن يأخذ البناء وقته بحيث أننا عندما نختتم مشروع وعد نفتتح مجمع السيدة زينب. أي أنه حتى هذا الزمن الذي أخذه بناء المجمع كان مقصودا، وكان يمكن أن ينتهي بسنة أو سنتين، ولكن خشية من أن يقال أن حزب الله جعل أولويته بناء المجمع وتأخر ببناء الأبنية السكنية، فقد تقرر أن يسير البناءان بالتساوي. وإن شاء الله خلال الأسابيع القليلة المقبلة من المفترض أن مؤسسة وعد تكون قد سلمت آخر الشقق لأصحابها وسكانها وسنقيم بذلك اليوم، ويمكن أن يكون بشهر أيار، احتفالا شعبيا، مبدئيا في باحة الشورى، لنذكر أنه هنا كانت باحة الشورى، بحضور السكان والأهالي، ونعلن للعالم أنه هنا إرادة الحياة وهنا ثقافة الحياة وهنا الحياة الكريمة والعزيزة والشريفة.

بعد انتهاء الحرب، وهذه المنطقة تحمل هذه الدلالة والرمزية، جرى نقاش طويل بين الإخوة أنه يجب أن نعمل شيئا في حارة حريك، البعض اقترح بناء نصب تذكاري في أرض واسعة، والبعض الآخر قال بالإحتفاظ بواحدة من الأبنية المهدمة ونعمل عليها عملا فنيا لنذكر بأيام الحرب، المهم كانت هناك أفكار طويلة عريضة، وانتهى الأمر بالعودة إلى قيمنا الإسلامية والإيمانية والنبوية، ونحن خرجنا من حرب العدو هزم فيها حقا وهو يعترف أنه هزم، ونحن انتصرنا فيها حقا ونحن نعتبر أننا انتصرنا، فكيف نتصرف؟ الله سبحانه وتعالى أدب أنبياءه وعلمهم أن يتصرفوا، ونحن أتباع الانبياء، أن يقابلوا هذه الحالة بالإستغفار والتحميد والشكر والتمجيد والتسبيح والتعظيم وإقام الصلاة وهذا موجود في عدد من سور القرآن الكريم، وهذا هو الأدب الإلهي والأدب النبوي، أنه أمام نعمة النصر يجب أن تبرز ما يعبر عن شكرك وحمدك لله وتعظيمك له وخضوعك له وإقام الصلاة، وأكتفي ببعض الآيات كشاهد :" أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور".
الإجراء الطبيعي هو أن نقيم مكانا للصلاة. هذا المجمع يا إخوان هنا خصوصيته، يختلف عن أي مجمع آخر في الضاحية الجنوبية أو في لبنان نشيده أو نقيمه. إنه يحمل هذه الدلالة، هذه الرمزية. هذه هي الرسالة، رسالة الشكر ورسالة العبادة والخضوع لله سبحانه وتعالى على نصره الذي من به علينا.
هم أرادوا إبادتنا، أرادوا سحقنا، أرادوا تدميرنا، أرادوا إماتة وحينا، أرادوا محو ذكرنا في حرب تموز، ونحن من خلال هذا المجمع نقول إن هذا هو ردنا، هذه هي رسالتنا وهذه هي حياتنا وهذا هو بقاؤنا، هذا هو استمرارنا. واخترنا إذا الرمزية هنا في إقامة الصلاة، في الشكر. هذه رمزية المكان. واخترنا لهذا المجمع اسم السيدة زينب سلام الله عليها. أيضا هذا ليس بالصدفة، وإنما هو اختيار واع. لأن هذا المجمع له هذه الرسالة اخترنا له هذا الاسم، هذا الاسم لهذه الشخصية العظيمة هو طوال التاريخ، كاسم الحسين عليه السلام، فيه دلالة ورمزية، وفيه معنى من معاني الثبات على الحق، التمسك بالحق، المضي في طريق الحق، الصبر على المصائب، تحمل المصاعب، التغلب على الشدائد، الأمل بالله، اليقين بالمستقبل، الإستهانة بالطواغيت.
اسم زينب هو رمز طوال التاريخ لكل معاني الجهاد والصمود والمقاومة والإرادة والعزم والشموخ والتحدي والحياة والبقاء والأمل.
ولذلك أردنا هذا الاسم لينطق بنفس هذه الروح وهذه الثقافة. هم أرادوا سحقنا ونحن نقول لهم اليوم من مجمع السيدة زينب، نقول لهم: بالإعمار، بالإحياء، بالحضور، بالعزم، بالتصميم، بالصلاة، بالجهاد، بالعبادة، نحن هنا باقون، وأنتم إن شاء الله الى زوال. نقول بلسان زينب بنت علي لكل معتد اثيم: فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا. وهل رأيك إلا فند وأيامك الا عدد وجمعك إلا بدد؟ وهذا هو حال الصهاينة الذين أرادوا إماتة وحينا ومحو ذكرنا، والمستقبل بيننا وبينهم هو مستقبل حاسم إن شاء الله.
من نفس هذه الروحية أدخل إلى بعض النقاط بالاختصار. بنفس هذه الروحية نطل اليوم على مناسبة كبيرة وعزيزة على الأمة العربية والإسلامية، وهي ما يسمى بمناسبة يوم الأرض، وهذا يوم من أيام فلسطين ويوم من أيام القدس. وجرت العادة أن يخرج إخواننا الفلسطينيون سواء في داخل فلسطين المحتلة أو في الشتات ليتظاهروا في مثل هذا اليوم، ويتضامن معهم آخرون من العالم العربي والعالم الإسلامي ومن مناطق مختلفة في الأرض.
طبعا دلالة هذا الإحياء وأهميته كبيرة جدا، هي تعبير صحيح، هي مظاهرة أو اعتصام أو حضور لساعات وإلقاء بعض الخطب وترديد بعض الشعارات، لكن هو عبارة عن تعبير عن التمسك بالحق، التمسك بالقضية، التمسك بالمقدسات، التمسك بالأرض.
ماذا يريد المحتلون ومن خلفهم من المستكبرين والطواغيت ومن يتآمر معهم ومن يدلس معهم ومن يخادع معهم؟ ماذا يريدون من الشعب الفلسطيني ومن أمتنا؟
يريدون أن تنسى فلسطين أصلا وأن تصبح من التاريخ والماضي. لم يعد أحد يتحدث عنها أو يذكرها أو يسأل عنها، أن تخرج أساسا من دائرة الاهتمام. أولا أن تخرج من دائرة الأولويات، ثم تخرج من دائرة الاهتمام، ثم تنسى. أن ييأس أهلها من استعادتها وأن يستسلموا للأمر الواقع وأن يقبلوا بالفتات، ما يبقى، ما يبقيه لهم الصهاينة هم يقبلون به، رغم أن الصهاينة اليوم وفي الإعلام يقولون إن هناك نية لدى حكومة العدو بمصادرة آلاف الدونمات في الضفة الغربية.طبعا هذا مزيد من الاستهزاء بالعالم العربي والوضع العربي والقمم العربية والحكومات العربية.
هذا المطلوب، المطلوب إذا أن تنسى فلسطين، وبالتدرج أن تخرج من دائرة الأولوية، بمعنى أن كل شعب، وكل بلد يهتم بشؤونه "ما لنا شغل بفلسطين"،
ثانيا أن تخرج من دائرة الاهتمام، وليس فقط من دائرة الأولوية، ثالثا أن تدخل في دائرة النسيان، يعني أن تخرج من دائرة الذكر أصلا ووقوع اليأس والاستسلام، طبعا هذا الأمر لم يوفقوا له بفعل الجهاد والنضال على الجبهات المتعددة، على المستوى السياسي والإعلامي والثقافي والفكري والفني والاجتماعي. هذا كله له تأثيراته في إبقاء هذه القضية حية، ولكن يأتي في مقدمة العوامل التي أثرت على بقاء هذه القضية حية عامل المقاومة الميدانية، دماء الشهداء، جراح الجرحى، عذابات الأسرى الذين يضرب بعضهم عن الطعام لشهور، معاناة المحاصرين، التضحيات الجسام التي قدمت وتقدم، هذه الدماء النازفة، هذه الدماء التي تهز ضمير هذه الأمة وتستنهض هذه الأمة هي التي أبقت هذه القضية حية إلى الآن، وفشلت كل محاولات المستكبرين وعملائهم وأدواتهم في عالمنا العربي والإسلامي في إنهاء هذه القضية وتصفيتها رغم أنه أنفق من أجل تصفيتها مئات مليارات الدولارات في كل الدوائر وساحات التواطؤ والتآمر على هذه القضية، على حضورها الخارجي وعلى حضورها الوجداني. واليوم الفلسطينيون يعبرون عن هذا الثبات، عن هذا التمسك، عن هذا الإصرار، وهذه نقطة مشرقة جدا، لأن الأهم هو أن يتمسك الفلسطينيون ومن وراءهم ومعهم الأمة. لكن لو تخلى الفلسطينيون أنفسهم عن أرضهم، عن مقدساتهم، عن وطنهم، عن قضيتهم، سيقال لكل آخر أيا يكون هذا الآخر، هل أنت ملكي أكثر من الملك؟
إذا من شروط بقاء هذه القضية حية هو العامل الفلسطيني، التمسك الفلسطيني، الحضور الفلسطيني، وهذا ما تعبر عنه مسيرات يوم الأرض.
اليوم مجددا تعود القضية الفلسطينية لتقرع أبواب كل العرب والمسلمين ولتقول إنها هي الامتحان الإلهي وهي الحجة الإلهية وهي المسؤولية التاريخية في رقبة الجميع، حكاما، حكومات، أنظمة، جيوشا، شعوبا، وأحزابا وقوى سياسية ونخبا. والأمة ـ للأسف الشديد ـ في الكثير من مساحاتها وساحاتها لا تتحمل هذه المسؤولية، مع أن الأمة قادرة. نحن نعتقد أن الأمة قادرة على صنع الانتصار. ببساطة، الموضوع ليس صعبا أو معقدا، أي أن هذه الأمة العربية أمة "الكذا مئة مليون عربي" وأمة "المليار وكذا مئة مليون مسلم"، هذه الأمة ـ بالنسبة لقدرتها على استعادة القدس وفلسطين ـ تملك قدرة هائلة وتستطيع أن تنجز هذا الأمر ببساطة. هذا لا يحتاج إلى استدلال.
في يوم من الأيام، الإمام الخميني قدس سره الشريف، ومن باب تبسيط الفكرة ـ وحتى ليس تبسيط ربما إذا حسبها جماعة الفيزياء جيدا ربما يكون هذا الكلام دقيق ـ يومها الإمام قال: لو كل مسلم من مليار مسلم حمل دلو مياه، وجئنا في وقت واحد، نحن المليار مسلم، ورميناها على اسرائيل ـ وحيدنا الفلسطينيين ـ لجرفتها السيول. الموضوع بالنهاية تعبير رمزي، نحن لسنا محتاجين لا أن نشتري بستين مليار دولار سلاحا وطائرات من أمريكا، ولسنا محتاجين لكل هذا الانفاق العسكري، ولسنا محتاجين لسلاح نووي، ولسنا محتاجين لكل هذه الجيوش العظيمة. بكل بساطة هذه الأمة تستطيع أن تنجز نصرا عزيزا مؤزرا، والدليل ـ بحسب جماعة الفلسفة والمنطق: الوقوع دليل الإمكان ـ هناك أمر حدث في أمة المليار مسلم أو 300 400 مليون عربي: فئة من اللبنانيين وفئة من الفلسطينيين توفر لهم دعم محدود، نسبة لإمكانات الأمة العربية والإسلامية، دعم محدود نسبة للامكانات لكن مبارك، وقفت الى جانبهم بعض الدول، الجمهورية الإسلامية وسوريا، قدمت لهم إمكانات، قاتلوا، صمدوا، ناسهم تحملوا معهم، فصنعوا انتصارين كبيرين وتاريخيين في لبنان وفي غزة. ونحن نتحدث عن جزء متواضع من الأمة، جزء متواضع جدا، إذا بحثنا بالنسبة المئوية يتبين انه صفر فاصلة بالنسبة المئوية لما هي إمكانات هذه الأمة؟
أنا أحب اليوم أن أقول، بعد القمة العربية في بغداد بيوم واحد، أريد أن أقول: منذ احتلال فلسطين عام 1948 حتى 1967 وحتى اليوم، كل ساعة، كل لحظة تمر وأرض فلسطين تحت الإحتلال والمقدسات تنتهك وأهلنا يعذبون والأسرى في السجون سيسأل عنها وقبل كل شيء الحكام في العالمين العربي والإسلامي، وبعدهم جيوشهم وشعوبهم، سيسألون يوم القيامة. قد يتفاجأ الناس: نحن ما علاقتنا؟ لا كلنا لنا علاقة، وكلنا معنيون وكلنا مسؤولون، وهذه الأمة كانت قادرة على رفع الظلم والحيف وتحرير المقدسات ولم تفعل وهي لا تفعل حتى الآن.
نعم يبحثون على غير الأولويات على غير المسؤوليات المباشرة، لا نود أن نفتح هذه الأمور. الطريق واضح ولكنه يحتاج إلى الإرادة وإلى العزم.
وعلى كل حال نحن نعتقد أن مستقبل شعوب هذه المنطقة هو مستقبل هذا الفكر وهذه الثقافة وهذه القيم وهذه المقاومة، وبيننا وبينهم الفاصل هو زمني فقط ونحن من الذين يؤمنون بأن هذه النتيجة قطعية إن شاء الله.
في وضع سورية ـ باعتبار اننا نحن في لبنان بالنسبة لنا هذا الموضوع مهم جدا وبكل المنطقة مهم ـ من الواضح أن الوضع في سورية يحظى باهتمام إقليمي ودولي وعالمي.
أمس، في يوم واحد، كان هناك قمة البريكس التي تضم دولا كبيرة جدا اجتمعوا، وكانت القمة العربية في بغداد وكان ما يمكن أيضا أن نسميه بالقمة الإيرانية التركية في طهران أو في إيران. هناك ثلاث قمم لقوى ودول مؤثرة جدا في العالم وفي الإقليم والمنطقة، وموضوع سورية كان حاضرا بقوة في كل هذه القمم.
هذا طبيعي، لأنه في النهاية، موضوع سورية ليس موضوعا مفصولا أو منعزلا، وعلى كل حال ما يجري فيها أو أي اتجاه تأخذه الأحداث سيؤثر، وله تداعياته الكبيرة على أوضاع المنطقة بشكل كبير وحاسم.
في اللحظة التي نحن فيها، ولا نود الإعادة، أنا أحب أن اقول الخلاصة التالية لأنه سيرتب عليها أثر، بالخلاصة التالية هناك شيء أصبح واضحا يعني بعضه حسم نهائيا، يعني حسم سلبا، وبعضه تراجع الحديث عنه الى آخر حد، إلى آخر مدى.
على سبيل المثال: التدخل العسكري الخارجي. هذا خلال الشهور الماضية كان خطرا حقيقيا، وكلنا كنا نعرف أن التدخل العسكري الخارجي في سوريا كان سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على كل المنطقة.
الحمد لله، من اللحظة يمكننا أن نقول إنه من الواضح في الجو الدولي والاقليمي أن هذا الموضوع يمكن القول إنه انتهى بشكل حاسم أو تراجع. يمكن أن يهول الاميركيون به من بعيد، وهم بالمناسبة أعجز جهة عن أن تقوم بتدخل عسكري في سوريا أو غيرها، هم في الحقيقة خرجوا من العراق مهزومين ويفتشون عن مخرج في أفغانستان و"الجماعة حالتهم حالة"، إذا هذه النقطة نقطة مهمة جدا. المنطقة التي كانت قبل أشهر على حافة أو أمام احتمال تدخل عسكري أجنبي قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة جدا على الأمن والاستقرار الإقليميين، هذا الاحتمال انتهى.
ثانيا: حكاية إرسال قوات عربية الى سوريا أيضا إنتهت، ولا يوجد هناك داع أن نعلق عليه أكثر من هذا.
ثالثا: تسليح المعارضة في سوريا. موضوع التسليح من الواضح مخاطره على مجمل الوضع السوري أيضا. هذا واضح أنه على المستوى الدولي تقريبا إنتهى. حتى أمس، في القمة العربية كان واضحا، أنه لا يوجد تبن لخيار التسليح، ومع أنه يوجد هناك دولتان أو ثلاث أو أربع دول تتبنى خيار التسلح، هذا شأنها. ولكن الجو الدولي والجو الاقليمي ابتعد عن خيار التسليح. موضوع إسقاط النظام بالقوة العسكرية أو بالخيار العسكري أيضا هذا إنتهى، واضح من خلال الوضع الدولي والوضع الاقليمي، يعني أنكم عندما ترون أنه بالموقف الدولي، غير الموقف الروسي والصيني أو موقف إيران على سبيل المثال، عندما نلاحظ وجود تراجع بالموقف الدولي، فهذا يتأثر بالاوضاع الميدانية، بنتائج الميدان، بالوقائع الميدانية. أصبح واضحا انه لا يوجد إمكانية لذلك، فالمعارضة المسلحة هي عاجزة عن إسقاط النظام. نعم هي قادرة أن تحتل قرية أن تحتل بلدة ثم يستعيدها الجيش السوري، هي قادرة على قتل عميد وعقيد ونقيب ومدير كما تفعل الآن بشكل يومي، هي قادرة على أن ترسل سيارات مفخخة أو أن تنفذ عمليات إنتحارية، لكن هذا لا يسقط نظاما، الجهد العسكري المسلح لإسقاط النظام أصبح واضحا أنه لا يوجد له أفق، ولا يوصل الى أي مكان. وبالتالي الرهان على العمل العسكري لإسقاط النظام هو رهان خاسر وأعباؤه كثيرة جدا: المزيد من نزف الدماء، من الضحايا، من الخسائر البشرية والمادية بلا طائل.
وصل العالم والاقليم إلى مكان أنه المطلوب في سوريا هو حل سياسي، هذا ما كنا نطالب به منذ اليوم الاول. منذ اليوم الأول كنا نقول إن مصلحة سوريا، الشعب السوري، كرامة هذا الشعب، دماء هذا الشعب، مستقبل هذا الشعب، موقع سوريا القومي والاستراتيجي، أن يتبلور حل سياسي في سوريا.
طبعا، البعض تكلم في الحل السياسي في المرحلة الاولى، ولكنه وضع شروطا هي تساوي سقوط النظام، على سبيل المثال تنحي الرئيس الاسد. أعتقد أن المناخ السياسي اليوم، الدولي والاقليمي، تجاوز هذه المرحلة، لذلك فإن بعض أطراف المعارضة السورية الذي سمعناه اليوم يقول إن شرط الدخول في حوار هو تنحي الرئيس الاسد، يعني أنه يقوم بالعودة الى الخلف. اليوم، الوضع الدولي والوضع الاقليمي وحتى القمة العربية أمس في بغداد تجاوزت هذا الموضوع، في اللحظة التي جاء بها كوفي عنان إلى دمشق مبعوثا من الامم المتحدة ومكلفا من مجلس الأمن الدولي وممثلا لجامعة الدول العربية، ولعلها المرة الاولى في التاريخ على ما أظن، أن غير عربي يصبح ممثلا لجامعة الدول العربية، طبعا نحن ليس لدينا شيء من العنصرية ولكنها تأتي في سياق الملاحظة "لفتة"، ففي اللحظة التي أتى بها كوفي عنان ولم يستند الى مرجعية قرارات ومبادرات وأطروحات جامعة الدول العربية، هذا يعني أن هذا الموضوع إنتهى. والأمر الآن في سوريا تجاوز هذه المرحلة، الكلام اليوم أنه المطلوب أن يكون هناك حوار بين النظام والمعارضة، يعني النظام الذي يرئسه الرئيس الاسد.
كنا نحن نقول هذا منذ البداية، كنا وفرنا كل هذا الدماء، كل هذه المواجهات وكل هذه الخسائر، وأنا قلت لكم في أكثر من مناسبة إن القيادة السورية كانت حاضرة للدخول في مفاوضات حتى مع جهات في المعارضة السورية قد لا يتصور البعض أن هذه القيادة تقبل بالتفاوض معها، لكن هذا الخيار كان مفتوحا منذ البداية.
على كل حال اليوم المطروح هو الحل السياسي، الحل السياسي يقوم على قاعدتين: القاعدة الأولى حوار بين السلطة بين النظام أي القيادة السورية، الحكومة السورية، سموها ما شئتم، والمعارضة.
والأمر الثاني هو إجراء إصلاحات أو التوافق على إصلاحات جدية وحقيقية، وتنفيذ هذه الاصلاحات.
هذا الذي يحل الوضع في سوريا، إذا نحن العرب ودول المنطقة بشكل أساسي من إيران الى تركيا إلى السعودية إلى الدول العربية في الخليج إلى شمال أفريقيا إلى الدول العربية والإسلامية، كل دول المنطقة إذ كنا حقا نريد سلامة المنطقة وإستقرار المنطقة، إذا كان حقا هناك من يخفق قلبه للشعب السوري، لرجاله ونسائه وصغاره وكباره، اليوم المسؤولية أصبحت واضحة: الحل واحد، هو الحل السياسي، من خلال الحوار والإصلاح "نقطة على أول السطر".
لا يوجد حل ثان، من كان مخلصا في موقع من المواقع كان عليه أن يقدم المساعدة في موقعه الدولي، في موقعه العربي، في موقعه الاقليمي، في موقعه الاعلامي، في موقعه السياسي، في موقعه الاجتماعي، من خلال صداقاته، من خلال علاقاته، كل أحد يستطيع أن يقدم مساعدة ما لتذهب سوريا باتجاه الحل السياسي وإستعادة الأمن والاستقرار والاصلاح.
هذه هي المسؤولية التاريخية، بالاعتبار الاسلامي الشرعي، بالاعتبار القومي، بالاعتبار الاخلاقي. وغير هذا لا هي مصلحة سوريا ولا شعبها ولا هي مصلحة فلسطين ومقدساتها ولا هي مصلحة الأمة ولا مصلحة أحد، نعم هي مصلحة إسرائيل، مصلحة كل من يستفيد من تفتيت منطقتنا وإدخالها في الفوضى الشاملة في زمن الضعف الاميركي والغربي. هذه هي المسؤولية، وهذا يتطلب عندما نتكلم بالمساعدة أنه يجب وقف التحريض الاعلامي، بمعزل عما إذا كان ما ينقله كذب أو صدق، وقف أشكال النميمة والإيقاع بين السوريين،السعي إلى تقريب وجهات النظر، السعي إلى إقناع كل الأطراف الدخول إلى حوار جدي ومخلص وصادق.
هذا هو الذي ينقذ سوريا وينقذ معها المنطقة.
أيضا في الوضع العام أريد أن أقول كلمة في الوضع البحريني... طبعا أنه من الطبيعي أن تحظى سوريا بكل هذا الاهتمام الدولي والإقليمي وفي جامعة الدول العربية أو في القمة العربية، هذا طبيعي، ولكن من غير الطبيعي ومن المستهجن والمستغرب أن لا تكون قضية البحرين ولو نقطة على جدول أعمال القمة العربية، أولا لأن البحرين دولة عربية، ثانيا لأن شعب البحرين شعب عربي، ثالثا لأن ما يجري في البحرين هو مأساة وطنية. يوجد مئات الآلاف يتظاهرون، يوجد شعب في أغلبيته غاضب، يطالب بالإصلاح، يطالب بالحل، لديه أسقف سياسية متفاوتة، حتى لا أدخل مثل العادة في أسقفهم السياسية، ولكن ما زال مصرا على الحل السلمي.
ولكن هو يقتل في كل يوم، يعني ما هو الفرق بأن يقتل شخص بالرصاص أو يقتل بالغازات السامة، هذه الغازات التي تستخدمها الآن القوات البحرينية أو قوات درع الجزيرة "أو لا أدري من، الله يعلم من أين أتوا أيضا بقوات من أين استعاروهم، مرتزقة"، هذه ليست غازات تستخدم عادة في الدول المتمدنة لتفريق المظاهرات، لا، هذه غازات قاتلة، فقط أنهم لا يقولون أنهم يطلقون الرصاص، وإن كانوا أحيانا يطلقون الرصاص، حسنا في كل يوم يوجد قتلى تقريبا بالغازات السامة، لا تلقى هذه الغازات أو القنابل على المتظاهرين، بل تلقى على البيوت أيضا، وفي البيوت نساء وعجزة وكبار وأطفال، يظل يوجد في الشارع العام في الهواء المفتوح تأثيرها خطر ولكن يوجد إمكانية للتهرب منه، ولكن هؤلاء النساء أو الأطفال الموجودون داخل بيت مغلق مقفل وترمى عليه الغازات السامة، هذا قتل عن عمد.
حسنا، يوجد كارثة من هذا النوع في البحرين، لا يوجد نقطة على جدول أعمال القمة العربية. لا يوجد، لماذا؟ لأنه إذا وضعت نقطة للنقاش بمعزل عن النتائج، يمكن أن تكون النتيجة إدانة الشعب البحريني، ممكن ، وتأييد حكومة آل خليفة، حتى في هكذا نقطة ممنوع النقاش، يعني ممنوع الاعتراف أنه يوجد مشكلة، وإلا فإن بعض الدول العربية تهدد بمقاطعة القمة، أنظروا هذا الذي نتوقع منه الإصلاح، يجب أن نتوقع منه إصلاحا، لا يقبل أن تكون البحرين نقطة على جدول الأعمال بمعزل عن نتائج النقاش، مع العلم أنه في البحرين مثلما عدنا وكررنا لا أحد يحمل السلاح ولا أحد يطلق النار ولا أحد يريد أن يمزق البلد ولا أحد يريد أن يدمر البلد ولا أحد يريد أن يبيع البلد ولا أحد يريد أن يعير البلد ومع ذلك يوجد هذه المظلومية.
لكن على كل، هذا التجاهل أنا أعرف وأنتم تعرفون أنه لن يؤثر، هذا يزيد المظلومية والغربة، ولكنه لن يمس من معنويات وإرادة وعزم وتصميم الشعب في البحرين الذي يعيش هذه الغربة منذ سنة، منذ إنطلاقة حركته ونهضته وانتفاضته، وهذ الشعب أثبت أنه شعب مسالم قادر على الاستمرار ولديه نفس طويل وثبات وإخلاص وشجاعة، والله ـ سبحانه وتعالى ـ بالتأكيد سيفتح أمامهم الأفق وينزل عليهم النصر، لأنهم يثبتون يوما بعد يوم إلتزامهم بالضوابط الوطنية والشرعية والإنسانية والسياسية التي وضعوها لأنفسهم بحسب فهمهم ولأنهم مصرون على المواصلة، ولأنهم يتحملون هذا المستوى من التضحيات والمظلومية والغربة.
في الوضع اللبناني: أول نقطة أؤكد عليها هي أن بعض المنتظرين في لبنان لنتائج الأحداث في سوريا صار عليهم أن يعيدوا التقييم، يعني أصبح واضحا ما تكلمت عنه في الموضوع السوري، الاتجاه العام في سوريا للأحداث والأوضاع أصبح محسوما، هناك تفاصيل، هناك مشاكل، لمعالجة الوضع الامني. يتطلب الأمر وقتا إلى أن يعيد الناس لم شملهم، وليحصل حوار وحل سياسي.
لا نقول إن سوريا رجعت كما كانت قبل سنة، لكن الاتجاه العام للأحداث أصبح واضحا، إذا ليس هناك داع أن يضيع الناس في لبنان الوقت، ويكملوا في رهانات فاشلة وخاسرة.
في لبنان، نحن منذ البداية، قلنا إننا لا نريد أن نخرب بلدنا، وهذه تسجل لكل الذين كانوا بالفعل حريصين على عدم تخريب البلد.
نحن وقوى أخرى كنا مختلفين على سوريا، لكن هذه ليست مشكلة، كل واحد يعبر عن موقفه، وبرأيي هناك أناس ذهبوا بعيدا بالتعبير عن موقفهم، يستطيع الانسان أن يعبر عن موقف سياسي ومختلف تماما ولكن أحيانا ذهبت الأمور إلى أماكن ترتبط بالتجريح الشخصي.
(يمكن الاختلاف) ضمن الضوابط التي تحفظ الأمن والاستقرار في لبنان، وعدم انتقال المواجهة الى لبنان.
وفي النهاية، لسورية في لبنان حلفاء وأصدقاء ولها خصوم وأعداء، ولا أعرف هم ماذا يصنفوا أنفسهم، يمكننا أن نختلف على سوريا و"نطبش بعضنا" ونخرب بلدنا، ويمكننا أن نختلف على سوريا، وكل واحد يساند الموقف الذي يراه مناسبا للحفاظ على لبنان ما أمكن. طبعا إن نظرية "تخريب لبنان يخدم سوريا" نظرية لا تتبناها سوريا ولا يتبناها حلفاء سوريا في لبنان.
حسنا، وصلنا إلى هذه النقطة، أعود وأكرر، إن هذه الرهانات تتطلب إعادة تقييم، ومن المؤكد أنها تترك أثرا على المواقع السياسية، على الرؤيا السياسية، على المقاربات السياسية للملفات الداخلية وللأوضاع الداخلية في لبنان. أكتفي بهذه الاشارة.
النقطة الثانية: في الوضع المحلي، وهو طبعا الشأن الحكومي، وأوضح مسألة أننا والإخوة في حزب الله تجنبنا منذ فترة المقابلات الصحافية في الإعلام، فعادة من خطاب الى خطاب نحن، أنا والإخوة أيضا، نحاول شرح موقفنا.
نحن في رأينا أن بقاء الحكومة ـ كما تكلمنا سابقا ـ واستمرارها هو في مصلحة البلد وأمن البلد واستقرار البلد في هذه المرحلة.
دائما نطالب الحكومة أن تكون جادة، أن تقوم بانجازات وتشتغل وتعمل، ليس لأنهم يقولون إنها "حكومة حزب الله"، هذا انتهى، كل الناس يعرفون أنها ليست حكومة حزب الله، لكن في النهاية ستكون مسؤولة ومعنية أن تعالج الأمور من الكهرباء إلى ملف المأكولات الفاسدة، إلى ملف النفط والغاز، إلى ملف االمحروقات وأسعارها، إلى ملف المستشفيات والوضع الصحي والبطالة والمطالب العمالية والنقابية والاساتذة، بالنهاية هذه الحكومة معنية بأن تعالج هذه الاوضاع.
نحن ما نطالب به هذه الحكومة دائما هو الجدية، لكن أنا سأكون صريحا، نحن أداؤنا يختلف، نحن نحرص ما أمكن أن لا ننتقد هذه الحكومة، هذا لا يعني أنه ليس لدينا ملاحظات، ليس لدينا تقييم مختلف، لكن طالما نحن جزء منها طالما اننا نرى بان المصلحة الوطنية للبلد تقتضي بقاءها، ويمكن للآخرين أن لا يروها هكذا.
طالما نطالبها بالجدية وبالعمل فالطريق الصحيح هو الذي نحن نتبعه، العمل الجدي، النصيحة، التواصل، تدوير الزوايا.
طبعا نحن وآخرين نتعاون، ولكن أتحدث عن جهتنا أنه كيف نقدر أن نوفق؟ كيف نقدر أن نجمع الآراء؟ كيف نقدر أن نصل إلى نتائج؟ كيف نقدر أن نحلحل المشاكل دون توتر، دون أن ندخل في صدام، دون أن يؤدي هذا إلى إسقاط الحكومة. ليس لأجل عيون أحد إنما لأجل عيون البلد. عندما تكون مصلحة البلد هي الإبقاء على هذه الحكومة حتى إشعار آخر، فنحن نتبنى العمل الضمني، العمل الجدي، تقريب وجهات النظر، نقاش الملفات، معالجتها بالتي هي أحسن.
المهم أن نصل إلى نتيجة: في الكهرباء نريد كهرباء للناس "لكي تنور"، الآن هناك وجهات نظر متعددة، إذا الحل هو الجلوس للنقاش، نناقش ونتحاور.
والآن أريد أن أقول كلمة للناس: إذا الحكومة كانت رأيا واحدا "وصبة وحدة مثلما يقولون" يقولون عنها شمولية، وحكومة الحزب الواحد، وحكومة السلاح "وماشية بالقوة" ـ وفي حال كان السلاح يأتي بالكهرباء عال "الناس مش لازم يزعلوا" ـ هناك من قال إن هذا الاتفاق صار تحت قوة السلاح في الحكومة، لا والله، "لا سلاح ولا شيء" الناس تناقشت وتحاورت واقتنعت و"تزحزحت" ودورت الزوايا، ووصلت إلى نتيجة. لكن اذا كان السلاح يأتي بالكهرباء، فمرحبا بالسلاح، ما المشكلة بهذا الموضوع، لقد تبين أن السلاح يبني دولة ولا يعطل بناء الدولة، ولا يعطل المجيء بالكهرباء، لكن هذا افتراء، غير صحيح .
بكل الأحوال فاذا كانت الحكومة "صبة واحدة" يقولون إن هذه حكومة حزب واحد، حكومة شمولية، "حكومة لا أعرف من"، رئيسها فلان.. حسنا، إذا كانت حكومة فيها آراء مختلفة ومتنوعة وتتناقش وأحيانا تختلف وشفافة "زيادة عن اللزوم"، يعني يمس بالوزراء بالتلفزيونات وعلى المنابر، يمكن هذا فيه إيجابية في مكان ما، شفافية وديمقراطية وحرية التعبير والأدبيات المعاصرة، أيضا هذه الحكومة التي تقولون عنها حكومة حزب الله فيها الى هذا الحد تنوع وتعدد آراء وفيها تعبير عن الرأي ونقاش بهذا الحجم، فهذا ممتاز، إذا يعني هذا شكل متقدم على أي حكومة ديمقراطية في أي بلد.
على كل، نحن الذي نقوله هو هذا: نعم هذه الحكومة مسؤولة، الوزراء هذه الحكومة، النواب في مجلس النواب الناس مطلوب منها أن تعالج، تشتغل، أما أنه الرهان على فشل الحكومة (فهذا خطأ).
أنا أحب أن اقول لكم في لبنان يا اخوان، الحكومات سواء كانت منتجة أو فاشلة، الحكومات تسقط بالسياسة وتبقى بالسياسة، الحكومات بلبنان ـ (هكذا تقول) التجربة، وهذا رأيي، ويمكن أن يكون هناك آخرون لديهم رأي آخر ـ من خلال ما تعرفنا عليه، أنه حتى لو كانت الحكومة منتجة ومنجزة وممتازة وعظيمة جدا، فإذا ما تغيرت وتبدلت التحالفات السياسية والتركيبة السياسية والقوى السياسية فستسقط الحكومة. الحكومة منجزة أو غير منجزة، فاشلة أو ناجحة، ما يبقيها هو السياسة، والذي يطيح بها هو السياسة. ولا تصدقوا أن الدواليب أسقطت الحكومة أو المظاهرات شعبية اسقطت الحكومة. هذا المظهر، هذا الديكور، السياسة في لبنان هي التي تسقط الحكومة. اقرأوا التاريخ.
إذا، ليس الرهان على فشل الحكومة هو الذي يسقطها أو يبقيها، بل السياسة هي التي تبقيها وهي التي تسقطها. نحن لا نقول إن الحكومة يجب أن تنجز (كي تبقى)، نقول إن الحكومة يجب أن تنجز لأن مسؤوليتها أن تنجز سواء كان ستبقى أم لا، طالما هي حكومة وطالما هي تحظى بثقة المجلس النيابي وطالما هي تتحمل المسؤولية الوطنية فهذا يعني أنها يجب أن تنجز وأن تعمل في الليل وفي النهار، حتى لو كان في اليوم التالي هناك طرح ثقة بالحكومة وستسقط.المنطق الإنساني والوطني والديني والأخلاقي والشرعي يقول هذا، ونحن حرصنا على أن تنجز الحكومة.
الآن، عندما يكون هناك نجاح، للأسف الشديد في لبنان يصبح هناك "النكايات"، وهي التي تعطل المشاريع والكثير من الانجازات وكثير من الايجابيات، النكايات الشخصية والحزبية والفئوية والحسابات. هذا في الوقت الذي نرى أن هناك الكثير من الأمور الواضحة، وعلى الوزراء فقط أن يجتمعوا ويتخذوا قرارات.
ما أدعو إليه، في المعطى السياسي الذي أعتقد أنه يقول إن هذه الحكومة مستمرة، وليس كما يقول البعض أن حزب الله اتخذ قرارا ببقاء الحكومة، لا، حتى لو اتخذ الحزب قرارا من هذا النوع فليس من المعلوم أن تستمر الحكومة. المعطى السياسي الذي ترك الحكومة تستمر الى الآن من الواضح أن هذا المعطى السياسي سيجعلها تستمر حتى إشعار آخر وربما لمدة طويلة. ومثلما تحدثت في النقطة الاولى بالوضع اللبناني أن الاحداث بسوريا تتخذ هذا الاتجاه، وهذا له انعكاسه في لبنان .
أنا أدعو كل مكونات الحكومة والسلطة، من فخامة رئيس الجمهورية، إلى دولة رئيس مجلس الوزراء، إلى الوزراء، وإلى من يقف خلف الوزراء، كلنا مدعوون يا اخوان: "بدنا همة" "بدنا جدية" وهناك مسؤولية يجب أن نتحملها تجاه الناس، نريد أن نتفاهم، ويجب أن نتحدث مع بعضنا البعض، يجب أن نصل إلى نتائج.
هذا يحمي البلد وهذا مصلحة البلد.
يمكن في لبنان، نتيجة التركيبة الطائفية والمذهبية والحزبية، لا أحد يحاسب أحدا، ولكن أنا كطالب علوم دينية، أذكر الجميع أن هناك يوم قيامة، وهناك مسؤولية شرعية وهناك وقفة بين يدي الله سبحانه وتعالى ....
اليوم، أمن الناس، كرامة الناس، شرب الناس، أكل الناس، رزق الناس، صحة الناس، حياة الناس، هي مسؤولية هذه الحكومة، وسنسال عنها جميعا يوم القيامة ....
من هنا نرجع إلى المسجد، لمجمع السيدة زينب (ع). هناك تعمد، نحن عادة في مساجدنا ومجمعاتنا نتجنب الجماليات والديكور، لكن هذا المجمع، لأنه في هذه المنطقة، لأن هناك رسالة معنوية وسياسية، أنا من الناس الذين تسامحوا بهذا الديكور والجماليات لنقول لهم: نحن نعيد بناء مساجدنا أيضا ومجمعاتنا أفضل مما كانت، هذه كانت الرسالة التي أردنا إيصالها".  

  • شارك الخبر