hit counter script

كلمة الرئيس ميشال سليمان امام مؤتمر القمةالعربية في بغداد

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٢ - 15:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى "وجوب ان تعتمد القمة العربية قرارات تدعم مسيرة الاصلاح والتنمية وتجمع الشمل العربي وفقا لمقاصد ميثاق جامعة الدول العربية"، مشيرا الى ان "احداث العالم العربي بدأت تثير بعض المخاوف الناتجة عما تشهده المرحلة الانتقالية في عدد من الدول العربية من مظاهر تشرذم وانقسام ومن مخاطر انحراف نحو منزلقات الاحادية والغلو".

ورأى حاجة قصوى للالتزام بالفكر القومي الجامع، وبالعروبة الديموقراطية الحقة، وبقواعد الحكم المبنية على المواطنة والمساواة؛ مع ضرورة المحافظة على التنوع من ضمن الوحدة في المجتمعات التعددية، معتبرا ان المكونات البشرية المتنوعة للعروبة ومن بينها المكون المسيحي، مساهمات جوهرية في بلورة الفكر القومي وتحقيق النهضة العربية، وفي الدفاع عن قضية العرب الأولى، قضية فلسطين، في مجالات الفكر والفن والأدب والديبلوماسية، وكذلك في ساحات المواجهة والنضال، لافتا الى ان لبنان الرسمي والشعبي يواكب تطورات الأحداث في سوريا باهتمام بالغ، وهو الذي يرتبط معها بعلاقات أخوة وجوار مميزة ومصالح مشتركة. وقد ارتأت الدولة اللبنانية أن تنأى بنفسها عن التداعيات السلبية لهذه الأحداث، حرصا منها على المحافظة على استقرار لبنان ووحدته الوطنية، املا في أن تؤدي المساعي الحثيثة القائمة، ومهمة كوفي انان، إلى حل سياسي ومتوافق عليه للأزمة السورية، انطلاقا من جوهر المبادرة العربية، بما يسمح بوقف كل أشكال العنف وتحقيق الإصلاح والعبور إلى ما يريده السوريون من ديموقراطية، تمكينا لسوريا من استعادة استقرارها وموقعها ودورها، مؤكدا على وجوب متابعة البحث عن العدالة في فلسطين ورفع الظلم عن شعبها المناضل، مذكرا انه لا يمكن فصل الامن القومي العربي عن مشروع التكامل الاقتصادي العربي.

مواقف الرئيس سليمان جاءت في الكلمة التي القاها في خلال مشاركته في اعمال القمة العربية التي انعقدت في بغداد في دورتها الثالثة والعشرين. وبعد اخذ الصورة التذكارية لرؤساء الوفود، التأمت القمة في جلستها الافتتاحية في قاعة بغداد في القصر الحكومي العراقي.

الرئيس سليمان
والقى الرئيس سليمان كلمة لبنان في القمة وجاء فيها:

"في زمن التحديات والأزمات والتحولات الكبرى، كتلك التي يشهدها العديد من دولنا العربية، تبرز الحاجة الى القرارات الحكيمة والشجاعة. وهذه قرارات تتخذ على الصعيد الداخلي، من ضمن اعتبارات السيادة ومستلزمات الحكم الرشيد، بما يضمن تلبية المطالب المشروعة للشعوب، بعيدا من التطرف والعنف. كذلك تتخذ على المستوى العربي الأشمل، كلما دعت الحاجة الى تفكير جماعي وقرارات مشتركة تسمح بدرء الأخطار التي تواجه الأمة ككل، وتتهدد أمنها ووحدتها واستقرارها ومصالحها. وقد التزمنا جميعا احترام دورية القمم العربية في دوراتها العادية، ومبدأ القمم الاستثنائية الطارئة".

اضاف: "من هنا تلبيتنا دعوة الأخ الرئيس جلال طالباني الى المشاركة في أعمال القمة العربية الثالثة والعشرين على أرض العراق العزيزة. وهي مناسبة كي نتقدم منكم سيادة الرئيس بكامل الشكر على حسن استقبالكم ووفادتكم، وعلى الجهد الذي بذلتموه لتنظيم هذه القمة، التي تكرس مكانة العراق الإقليمية والدولية، وذلك بالرغم من الظروف الدقيقة التي تحوطها، متمنين لكم النجاح في إدارة أعمالها وفي تسهيل عملية صوغ واعتماد القرارات التي تخدم خير بلداننا ورفعتها. وقرارات تدعم مسيرة الإصلاح والتنمية، وتجمع الشمل العربي، وفقا لمقاصد ميثاق جامعة الدول العربية التي نلتقي في إطارها اليوم، والتي يشير اسمها بالذات إلى وظيفتها الموحدة والحاضنة.

وتابع: "لقد اختار العراق الجديد طريق التوافق والمشاركة والتعددية من ضمن الوحدة، بعيدا من مخاطر الدكتاتورية أو التقسيم أو الهيمنة. وهو إذ يسعى جاهدا لتحقيق المزيد من الأمن والاستقرار على كامل أراضيه، وتدعيم بنيانه الوطني، فإنه يستحق منا كل دعم وتأييد للتغلب على ما زال يواجهه من صعوبات وتحديات".

وقال: "لقد طغت أحداث العالم العربي على المشهد الدولي منذ مطلع العام الفائت. وقد أحيت هذه التطورات الأمل في انبلاج فجر جديد من الحرية والديموقراطية التي تسمح بالتداول السلمي والدوري للسلطة، وبتحفيز فرص الاستثمار والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. إلا أن هذه الأحداث بدأت تثير في الوقت نفسه بعض المخاوف الناتجة عما تشهده المرحلة الانتقالية في عدد من الدول العربية من مظاهر تشرذم وانقسام، ومن مخاطر انحراف نحو منزلقات الأحادية والغلو".

اضاف: "وهذا يستدعي من القادة وأهل الفكر والرأي في هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا، تصورا دقيقا للخيارات الفضلى وللخطوط الإرشادية التي من شأنها المساهمة بتحقيق خير الدول العربية واستقرارها ووحدتها وعزتها".
وتابع: "ونحن نرى، تحقيقا لهذا الهدف، حاجة قصوى للالتزام بالفكر القومي الجامع، وبالعروبة الديموقراطية الحقة، وبقواعد الحكم المبنية على المواطنة والمساواة؛ مع ضرورة المحافظة على التنوع من ضمن الوحدة في المجتمعات التعددية. وهذا يستدعي تطبيق الديموقراطية بصورة تسمح بالمحافظة على المكونات البشرية المتنوعة للعروبة، والمتمثلة بمختلف الطوائف والمذاهب الموجودة على الأرض العربية منذ أقدم العصور، وتاليا إشراكها في الحياة السياسية، وفي إدارة الشأن العام، بصورة عادلة ومتكافئة".

وقال: "وقد كانت لهذه المكونات، ومن بينها المكون المسيحي، مساهمات جوهرية في بلورة الفكر القومي وتحقيق النهضة العربية، وفي الدفاع عن قضية العرب الأولى، قضية فلسطين، في مجالات الفكر والفن والأدب والديبلوماسية، وكذلك في ساحات المواجهة والنضال. وهي أعطت للعروبة معان ومضامين تتخطى الطائفية والمذهبية الضيقة، بحيث لا يعود من الجائز الحديث معها عن الأقليات، بل عن العناصر المتنوعة المكونة للذات العربية بمختلف أبعادها الحضارية والثقافية والفكرية والعلمية".

اضاف: "ذلك أنه يمكن للتنوع أن يكون مصدر غنى لا مصدر شقاق، وضمان للوحدة ولاحترام الخصوصية؛ وهو أقرب ما يكون الى حقوق الإنسان؛ ولا تعارض بينه وبين العروبة. والدليل الى ذلك أن بلدا متنوعا كلبنان يعتمد في دستوره نصا يؤكد أنه بلد عربي الهوية والانتماء، وهو جمهورية برلمانية تعتمد نظاما ديموقراطيا يحمي التعددية ويحافظ على الحقوق، علما بأن الديموقراطية هي قبل كل شيء نظام قيم وحريات واحترام للرأي ولكرامة الإنسان. يضاف الى ذلك أن واقع العولمة وتطور منظومة الاتصالات وحركات الهجرة المتنامية باتت تفرض على العديد من الدول في مناطق مختلفة من العالم واقعا تعدديا وحاجة متنامية الى مراجعة مفهوم الديموقراطية وطرق ممارستها كي تصبح أكثر تشاركية وتوافقية".

وتابع: "إن لبنان الذي اعتمد الديموقراطية الميثاقية منذ الاستقلال ويقارب موقع الحياد الإيجابي، مبتعدا عن المحاور والأزمات والصراعات، ما عدا ما يتعلق منها بالصراع العربي - الإسرائيلي وبقضية فلسطين وبكل شأن إنساني، يرغب في الاضطلاع بدور يتماهى مع رسالته وفلسفة كيانه القائمة على الحرية والتوافق والعيش المشترك، ويساهم بتعزيز روح التآخي ونهج الحوار. وكنت قد دعوت من على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 2008، من هذا المنطلق، الى جعل لبنان مركزا دوليا لحوار الحضارات والثقافات والديانات.

اضاف: "يواكب لبنان الرسمي والشعبي تطورات الأحداث في سوريا باهتمام بالغ، وهو الذي يرتبط معها بعلاقات أخوة وجوار مميزة ومصالح مشتركة. وقد ارتأت الدولة اللبنانية أن تنأى بنفسها عن التداعيات السلبية لهذه الأحداث، حرصا منها على المحافظة على استقرار لبنان ووحدته الوطنية. وإذ تناقش القمة العربية الموضوع السوري اليوم على هذا القدر من التركيز، فإننا نكرر الإعراب، من منطلق الأخوة والمصلحة القومية، عن الأمل في أن تؤدي المساعي الحثيثة القائمة، ومهمة السيد كوفي انان، إلى حل سياسي ومتوافق عليه للأزمة السورية، انطلاقا من جوهر المبادرة العربية، بما يسمح بوقف كل أشكال العنف وتحقيق الإصلاح والعبور إلى ما يريده السوريون من ديموقراطية، تمكينا لسوريا من استعادة استقرارها وموقعها ودورها".

وتابع: "بموازاة ذلك، نتابع جميعا باهتمام وقلق ارتفاع حدة التوتر في منطقة الخليج، والتي باتت تهدد الأمن والسلم الدوليين. وهذا يستوجب من قبلنا وحدة في الموقف، وتضافر جهود، من أجل تغليب لغة العقل ومنطق الحوار، وتعزيز فرص نجاح المساعي الديبلوماسية القائمة على قاعدة مبادئ القانون الدولي؛ إذ أن في الحروب والنزاعات المسلحة خسارة للجميع وهدر للطاقات والقدرات. هذا، ويعتز لبنان بعلاقات الأخوة والصداقة القديمة التي تربطه بدول الخليج منذ عقود، وهي التي وفرت على أراضيها المضيافة رعاية مشكورة وأطر عيش وعمل كريمين لمئات آلاف اللبنانيين، من جميع الطوائف والمذاهب، الذين اندرجوا بدورهم في حركة البناء والعمران والتقدم التي تمتاز بها هذه الدول النابضة بالحيوية".

واشار الى ان "الأحداث الجارية في العالم العربي وازدياد التوتر في منطقة الخليج، والانشغال المستمر بظاهرة الإرهاب الدولي الذي نحارب وندين، لا يمكن أن يصرف الاهتمام عن واجب متابعة البحث عن العدالة في فلسطين ورفع الظلم عن شعبها المناضل. فأين هو العالم اليوم من العدوان الاسرائيلي المستمر على غزة؟ ومن تهويد مدينة القدس؟ ومن بناء المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ وأين هو من الديموقراطية الحقة التي تقضي بقيام دولة فلسطينية حرة ومستقلة وذات سيادة على الأرض الفلسطينية احتراما لمبدأ تقرير المصير؛ تماما كما تقضي هذه الديموقراطية بالذات بقبول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة استجابة لرغبةالغالبية العظمى لدول وشعوب العالم!"

وقال: "دعونا نعمل بالتالي أيها الإخوة، مهما تكن الانشغالات، على توحيد الصفوف، وجمع القدرات. ولنخصص الوقت والجهد الكافيين من أجل خلق الظروف الضاغطة الكفيلة بفرض حل عادل وشامل لكافة أوجه الصراع العربي- الإسرائيلي على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، التي نلتزم بها، ومرجعية مؤتمر مدريد، والمبادرة العربية للسلام التي يصادف اليوم الذكرى العاشرة لإقرارها في قمة بيروت، وهي مناسبة كي نشكر الدول العربية الشقيقة على دعمها الدائم للبنان وقضاياه المحقة كما هو مثبت في مشروع القرار الخاص "بالتضامن مع الجمهورية اللبنانية" المعروض على هذه القمة، اكان ذلك في ما يتعلق بحماية سيادته ووحدته وسلامة اراضيه او بتنفيذ كامل مندرجات قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، او بمواجهة التحديات والتهديدات الاسرائيلية ورفض اي شكل من اشكال التوطين على اراضيه".

اضاف: "ويجدر التذكير هنا أنه لا يمكن فصل الأمن القومي العربي عن مشروع التكامل الاقتصادي العربي. وأنه من الضروري بمكان للقمة تخصيص الاهتمام اللازم لاعتماد قرارات تخدم هذا الهدف الحيوي، انطلاقا مما سبق اعتماده في قمتي الكويت وشرم الشيخ الاقتصاديتين، وتساهم بالتحضير للقمة العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية الثالثة التي ستعقد في السعودية عام 2013، خصوصا أن ما تواجهه الدول العربية من تحديات مختلفة الأبعاد يتجاوز قدرة أي دولة عربية منفردة".

وقال: "نسير معا، جنبا إلى جنب، على دروب محفوفة بالمخاطر، منفتحة الآفاق، يعلوها الأمل. فلنستفد من ظروف هذه المرحلة، لقيادة شعوبنا بصورة مستنيرة، نحو ما تصبو إليه من اصلاح وتقدم وحرية وديموقراطية؛ ديموقراطية تؤمن المشاركة والتنمية المستدامة، ولا تتنكر للمكتسبات التي حققتها البشرية في مجال حقوق الإنسان، ومن بينها حقوق المرأة، وتصون الحريات الأساسية، ومن بينها حرية الرأي والمعتقد والتعبير، وتعطي للشبيبة حقها في عملية صنع القرار؛ ديموقراطية تسمح بالتوفيق بين مقتضيات الحداثة ببعديها العلمي والفكري ومختزن العادات والتقاليد والقيم المكونة لهويتنا الحضارية. ولنعط العروبة بمفهومها الديموقراطي والإنساني حقها، فنعمل بهديها بعزم جديد، وهي عروبة، حال الاستبداد والفساد دون تمكينها من تثبيت نفسها وتحقيق أحلامها طيلة عقود".

وختم: "هكذا يمكننا، على ما نؤمن، والوقت لم يفت، تحويل تحديات المرحلة الراهنة إلى فرص للتأسيس والبناء، على مبادئ ورؤى، تدفع بمجتمعاتنا وشعوبنا إلى رحاب العلم والمعرفة والنهضة والرفعة".

الوصول
وكان الرئيس سليمان قد وصل الى مطار بغداد الدولي مترئسا وفد لبنان الى اعمال القمة العربية، يرافقه وفد وزاري ضم وزراء الخارجية والمغتربين عدنان منصور، الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس، والمهجرين علاء الدين ترو، اضافة الى عدد من المستشارين ووفد امني واداري واعلامي.

واستقبل رئيس الجمهورية على ارض المطار رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري ووزير البيئة ساركون لازار صليوا والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وعدد من السفراء العرب، حيث اقيمت مراسم استقبال رسمية عزف خلالها النشيدين اللبناني والعراقي ثم استعرض الرئيس سليمان ثلة من حرس الشرف مصافحا مستقلبيه. وبعد استراحة قصيرة في صالون الشرف تخللها محادثات مع المالكي تناولت الوضع العربي العام والعلاقات الثنائية والتحضيرات للقمة،انتقل رئيس الجمهورية والوفد المرافق الى القصر الحكومي حيث مقر الاقامة وانعقاد القمة.

وشارك الرئيس سليمان في الغداء الرسمي الذي اقامه الرئيس العراقي جلال طالباني على شرف رؤساء الوفود المشاركة في اعمال القمة، والذي اعقبه الجلسة الختامية للقمة.

وعلى هامش اعمال القمة عقد الرئيس سليمان سلسلة لقاءات، حيث استقبل في مقر اقامته، رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجفي، وجرى عرض للعلاقات الثنائية والاوضاع في العراق والتطورات في العالم العربي.

ثم استقبل رئيس الجمهورية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث تم البحث في الوضع الفلسطيني عموما والمصالحة وتوحيد الصف خصوصا، كما جرى التطرق الى العلاقات اللبنانية - الفلسطينية ولا سيما الوضع في المخيمات الفلسطينية في لبنان.

وعقد الرئيس سليمان اجتماعا مع امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وتم في خلاله عرض للعلاقات الثنائية الممتازة بين البلدين وآفاق تطويرها على مختلف الصعد. كما تم البحث في الوضع العربي الراهن، وجرى التأكيد على اهمية توحيد الموقف وتعزيز التضامن لدرء الاخطار المحدقة بالوطن العربي. 

  • شارك الخبر