hit counter script
شريط الأحداث

القهوة، الشاي... أو "هي"

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٠ - 07:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
أكتب هذه المرة من وحي السفر. فقد كنت مرّة في طائرةٍ المضيفات فيها من عمر جدّتي. وأعترف فوراً بأنّ هذه مبالغة، ولكنّ المضيفات لم يكنّ شابات حسناوات كما اعتدنا في الماضي، وإنّما نساء بين وسط العمر وأرذله، وأرجّح أنّهنّ لم يكنّ جميلات عندما كنّ شابات. وخدمتني عجوز أشفقت عليها وكدت أتولى خدمة نفسي بنفسي نيابةً عنها.في الماضي كانت المضيفة شابة حسناء، وبقي الأمر كذلك حتى بدأت المطالبة بحقوق المرأة، وأصبحت داعيات هذه الحقوق يدّعين أنّ الإصرار على الجمال تمييز جنسي ضدّ بقيّة النساء، وأنّ المفروض أن توظّف المرأة لقدرتها لا لحسنها. وهذا صحيح إذا كانت الوظيفة لمعلّمة مدرسة، حيث يتوقّع أن يركّز المراهقون على دروسهم وينسوا ما عداها. إلا أنّه ليس صحيحاً في المضيفة التي يفترض أن يلهي شكلها الحسن الركّاب عن التفكير في أنّهم ينطلقون بسرعة ألف كيلومتر في الساعة على ارتفاع 30 ألف قدم، فوق بحرٍ مليء بسمك القرش، وقد وضعوا أرواحهم في يدي طيّار، ربما جنّ أو أصيب بسكتة قلبيّة أو بفقدان الذاكرة. وبالتأكيد فالأعمار في يد الله، ولكن ماذا سيحدث إذا كنت في طائرة وحلّ أجل الطيّار؟ما هي نتيجة أن تجتمع مضيفة عجوز وأخرى بشعة في طائرة واحدة؟ النتيجة أن يفقد الراكب شهيّته، ويردّ الطعام. وفي هذا توفيرٌ كبير، فالطعام يسخّن ويقدّم الى ركّاب الرحلة التالية، وهؤلاء ينظرون الى المضيفات ويرفضونه، ويظلّ الطعام يقدّم ويرفض حتى تنتهي صلاحيّته، كما انتهت صلاحيّة المضيفات.أين ذلك كلّه من زمن نشرت فيه مضيفة أميركيّة كتاباً عن تجاربها في السفر عنوانه "القهوة، الشاي أو أنا"، وهو لقي رواجاً كبيراً وصدّق كثيرون أنّ مغامراتها المسجّلة حدثت فعلاً، وأقبلوا على السفر بأعدادٍ غفيرة فاستفادت شركات الطيران التي ربما تكون وراء فكرة الكتاب أصلاً.الفكرة استنفدت أغراضها، واليوم تستفيد الشركات من المضيفات العجزة أو البشعات في الحدّ من رغبة المسافر في الأكل وكلّ أمرٍ آخر. وهو في النهاية لم يركب الطائرة للأكل أو للأمور الأخرى، وإنما للانتقال من مكانٍ الى آخر. وهذا ما يحدث فعلاً، إلا إذا حلّ أجل الراكب... أو الطيّار!
  • شارك الخبر