hit counter script

الفتنة السياسيّة... والمعيشيّة

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٠ - 05:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
الفتنة هي العنوان الأبرز الذي يتكلم عنه اللبنانيون... يخافون منه، يتحسبون له، يحللون وقعه... لكنّه الحاضر الدائم على كل لسان وفي كل بال. تضجّ وسائل الاعلام بها في برامجها السياسية ومقدمات نشراتها الاخبارية لدرئها (وقد يكون لتغذيتها). تقاطر الى لبنان مسؤولون عرب ودوليون وزخت بها جداول اعمال اللقاءات العربية والدولية.السياسيون اللبنانيون، معارضون أم موالون، لا يفوّتون منبراً أو مناسبة واحدة للتحذير منها أو للتهديد بها.هناك قرار مرتقب صدوره عن المحكمة الدوليّة يدين عناصر في حزب الله أي، بمعنى آخر، حزب الله، وينتظر دولة عاجزة عن القيام بأبسط واجباتها أن تنفذه. فتردّ المعارضة بمحاولة كشف من زوّر الحقيقة طيلة خمس سنوات منصرمة عبر إحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي. ترفض الموالاة بكلّ بساطة، لأنّ من يفترض أن يحيل الشهود الزور الى المجلس العدلي هو من فبركهم. فهل من أحد يحيل نفسه الى المحاكمة؟في هذه المعمعة كلّها يتخبّط اللبنانيّون في مشاكلهم الإقتصادية والإجتماعية التي تتفاقم وتهدّدهم في عيشهم اليومي حتى أنّ بعضهم يتمنّى حدوث الفتنة علّها تعفيهم من قسطٍ أو فاتورة أو سندٍ مستحق!في ذلك كلّه السياسيون غير مهتمين إلا بانقساماتهم وبحفظ مقاعدهم في التسوية المرتقبة. فيبدو واضحاً أنّ الصراع اللبناني يدور بعيداً عن هموم الناس ومشاكلهم.في الواقع، تشهد أسعار عدد من السلع الاستهلاكيّة الأساسيّة في لبنان بما فيها الخضار والحبوب واللحوم ارتفاعاً كبيراً، كذلك أسعار النفط والعقارات وكلفة التعليم حيث أصبحت المعيشة في لبنان شبه مستحيلة، خصوصاً أنّ الشعب اللبناني فقد الميزات كلّها التي عُرف بها، من حماسه للوضع السياسي وعاطفيّته تجاه القوى السياسيّة، ولم يعد مهتمّاً سوى لوضعه الإجتماعي وكيفية تأمين لقمة عيشه. ويتساءل بعض المواطنين عن مدى أهميّة المحكمة الدولية في ظلّ غياب محاكم أو قضاء لبناني نزيه ومستقل يفرض العدالة ويصدر القرارات والأحكام لمصلحة الشعب اللبناني ويؤمن جميع حقوقه، معتبرين أنّه من غير المنطقي أن يبقى اللبناني مأسوراً بالمحكمة وبشهود الزور، مع عدم تمكّنه من متابعة تعليمه في ظلّ الأقساط المدرسيّة والجامعيّة التي لا تراعي أوضاع المواطنين.ويتّفق الاقتصاديّون أنّ المشكلة لا تكمن في القوانين بل في عدم تطبيقها في وقت تسيطر فيه القوى السياسية والطائفية على كل شيء وتساهم في منع تنفيذ أي من القوانين المتعلقة بمعيشة المواطن، فليس من الممكن تصحيح الأمور في ظلّ "مافيات" واحتكارات اقتصادية.فبين الاولويّات، من تأمين الطبابة، التعليم، ضمان الشيخوخة، ومعرفة حقيقة من ارتكب جريمة اغتيال الرئيس الحريري ومن وراء شهود الزور، عبَّر المواطن اللبناني عن خياره في احتجاجاته على الوضع المعيشي، على أمل أن يطبّق السياسيّون قول أرسطو "إشبع ثم تفلسف"، ولكن هذه المرة، يكون الشبع للمواطن.
  • شارك الخبر