hit counter script

بين ماراتون بيروت وماراتون السرقات

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٠ - 06:29

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
كلّما مرّ الوطن "بمطبّات توتّرية وبشحن مذهبيّ"، كلّما ازدادت علاّته ومشاكله... من الممكن أن نكون اعتدنا على نمطٍ، أصبحنا نعايشه باستمرار كلما شاءت الألاعيب والحسابات والمصالح الإقليميّة والدوليّة ذلك، لكن ليس بالإمكان أبداً الاعتياد على مخلّفات تلك الحسابات والمصالح بالداخل، من فوضى، وشغب، وإهمال، و"فلتان" بشتى أنواعه، والأهم من كل ذلك هو عمليّات السرقات التي تخطت الأحمر... بكافة خطوطه. سرقات يوميّة مختلفة الأنواع، وبوسائل عدّة تختلف من حيث الأساليب والطرق والتوقيت.وها نحن في مدينتنا الشويفات، وكمعظم المدن اللبنانيّة، نشهد يوميّاً سرقات منها ما يعلن عنها ومنها ما يبقى مجهولاً، إلا أنّه وفي الفترة الأخيرة أصبحت السرقات تتّصف بأدنى عبارات الوصف المتاحة، فلا شك أنّ السرقة سرقة، وأن اللص لا ديناً له ولا طائفة، إلا أنّ ما شهدته وتشهده المدينة وأهلها من "وقاحة" لدى اللصوص المحترفين، لم يُشهد له مثيلاً من قبل، فكما يقولون أصبحت السرقة "على عينك يا تاجر"، ولا ننتهي من خبريّة جديدة إلا وتكون الأجدّ خلفها تماماً...إذا أردنا الدخول في العلوم النفسيّة والاجتماعيّة، يقال إنّ ثمّة أسباب نفسيّة أو معيشيّة تجبر الإنسان على القيام بالسرقة، لكن ليس من مبرّر على الإطلاق لعمليّات السرقة... والموت جوعاً أشرف بكثير من اللجوء للعيش في الحرام، كما وبسبب كثافة تلك السرقات أصبح الشكّ يراوض أفكار الكثير من العامّة! أهي مقصودة؟ أهي محضّرة ومنظّمة؟ هل هناك مجموعات أصبحت تتقصّد الاستمرار بعمليات النشل اليوميّة؟ أم أنّ الصدف شاءت أن يظهر هذا الكمّ من اللصوص "أيّاً كانوا" في فترة لا تتعدى الشهر أو الشهرين؟فمع انتهاء النشاط الرياضي السنوي الرائع الذي تقيمه "جمعيّة ماراتون بيروت"، أصبحت التساؤلات تشير الى غيرة عند السارقين من هذا النشاط العالمي، فأصبح "ماراتون السرقات" ينافس الماراتونات الأخرى، وعلى ما يبدو السبب هو مجانيّته من حيث الاشتراك ومن حيث المحاسبة.يبقى السؤال الأخير: من المسؤول؟ ومن يحمينا؟ لطالما قلنا ونقول وسوف نقول دوماً إنّ رهاننا الأوّل والأخير يبقى على الدولة والدولة فقط! فهل سنلقى يوماً تلك الحماية؟ وإن لم يكن بيد الجهات المعنيّة حلول لهذه الكارثة، فما الحل؟ هل يجب مطالبة أمهاتنا وأخواتنا التزام المنازل ليلاً نهاراً؟ أو ثمّة حلول أخرى؟ وفي حال التزمن بيوتهن ما الضمانة ألا يحصل كما حصل منذ أسبوع مع السيّدة ر. ع. وهي تركن سيّارتها في موقف المبنى الذي تقطنه، بعد أن أحضرت أطفالها من المدرسة، وفجأة ترى رجلاً يأتي في وضح النهار ويدخل حرم المبنى ويحاول نشل حقيبتها بقوّة وشراسة لا يستخدمهما مقاتل في جبهة حرب، ولحسن حظها، وبعد صراخها وأطفالها المذعورين هرب مسرعاً قبل أن يحضر أحد السامعين، ولم يستطع النيل من شيء وعاد مستاءً إلى حيث أتى... على أمل أن نصل ليومٍ وفي القريب العاجل نشعر فيه بالآمان والطمأنينة. ونشعر أنّه ما زال هناك من يسمع صرختنا ويحمينا، وألا نصل ليوم نردّد فيه ذلك المثل الشهير: "لقد أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي".
  • شارك الخبر