hit counter script
شريط الأحداث

بشير أيقونة أم...؟

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٠ - 07:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
غريب هذا الإختلاف حتى التناقض في النظرة الى بشير الجميل. هو شيطان البعض وملاك الآخرين. وهو القادر في كل الأحوال على أن يجد لنفسه مكاناً على صفحات الحاضر. لقد سقط بشير الجميل لكنه على ما يبدو لم يمت في وجدان شريحة من المسيحيين.لقد تحوّل الى تلك الصورة التي لا تشيخ. الى ما يشبه الأيقونة المقدّسة التي يجب عدم لمسها او انتقادها لأنها بالنسبة الى كثيرين بلغت مرتبة القداسة. حتى ان المغالين في رسم معالم تلك الصورة يذهبون الى حد التوقف عند معاني اليوم الذي مات فيه بشير. لقد ارتفع في يوم عيد ارتفاع الصليب، وكما ان المسيح فدى العالم، كذلك فدى بشير بموته لبنان. هي صورة سوريالية يحالون رسمها فتمنع بطبيعة الحال اي مراجعة او نقد بناّء او حتى محاولة مساءلة ولو بسيطة. هي صورة تشبه نظرة احزاب اخرى الى مؤسسيها ورموزها وحالة تتكرر في اكثر من مجتمع. هي ربما حال المغالين في الناصرية في نظرتهم اليها او محبي الشمعونية في تبرير كل ما قام به المثال الاعلى.لقد اغتيل بشير فبات شاباً  يجلس على عرش التأبيد البطولي يتحدث بلغة من حقبة ماضية لكن صداه وصورته ونبرته في اغنية او كتاب قادرين على اظهاره وكأنه لم يمت. هو الجالس في وجدان مسيحي يعيش الماضي ويحاول اسقاطه على الحاضر من دون ان يعي، او ربما هو يعرف ويتغاضى، ان زمن البشيرية قد ولّى وان الهواجس المسيحية اختلفت وان اليوم وبكل بساطة ليس كالأمس. لقد عرف من روّج لبشير كيف يبقيه مفعماً بالحيوية والعنفوان والتصدي لكل غريب. وباتت المعادلة على الشكل الآتي: هي تلك النبرة التي عرفوا كيف يجعلون منها صوت الحق في اذن محبيها. إنه ظاهرة اعلامية واعلانية نجحت في ايجاد مبرر وقضية لسفك الدماء ووضعها مرة في سياق الدفاع عن القضية أو توحيد البندقية او تطهير المناطق الشرقية.  وفي كل الأحوال تحوّل تاريخه الى سيمفونية بطولة ولو دموية تراجيدية تتردد كلماتها في الاغنيات والتفنن في ايجاد سبب لكل نتيجة. حتى بات التوصيف الموضوعي ضائعاً في بحر من الاسئلة... أهو قاتل ام مقاتل؟ خائن ام بطل؟ رجل الدولة او الميليشيات؟ ام هو ببساطة الشيء ونقيضه؟ واذا اراد احدهم ان يتبع نهج بشير هل يبدأ من حيث انتهى من دولة الـ 10452 أو ينتهي من حيث بدأ في قتل الصيغة ودفنها ووضع حجر كبير على قبرها؟ أيكون مع بشير الدولة التي لم تبصر النور ام مع الدويلة التي عايشها بشير وساهم في نشأتها؟هذا الحضور المستمر منذ سنوات طويلة، يصل الماضي بالحاضر حتى يكاد يجعل منهما قيداً غير قابل للفصل. هو الماضي الذي يمنع ببساطة انتقال الحالة المسيحية الى المستقبل لأنها لا تزال تتعلّق بما رحل. إنه الوجدان الذي في مكان ما يخاف أن يخلع عنه هذا اللباس. إنه يريد من الآخرين أن يعترفوا به كما هو بهفواته وكبواته ونضالاته ومقدساته، ويرفض في الوقت عينه حق الاختلاف. يفاوض وهو يحمل في وجدانه وتصرفاته وعقليته السلاح، ويسعى في الوقت عينه الى نزع السلاح وبناء الدولة وصيانة المؤسسات. فمتى يقتل الوجدان المسيحي أسطورة بشير او يتخلّص منها او ينقّي نفسه من رواسبها او حتى يتعامل معها بحجمها الطبيعي؟... إنه ببساطة جزء من المطلوب منهم ليحافظوا على حضورهم ويتكيفوا مع المتغيرات وينتقلوا الى المستقبل.


  • شارك الخبر