hit counter script
شريط الأحداث

ورقو الأصفر شهر أيلول...

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٠ - 07:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
يملك شهر أيلول حضوراً خاصّاً في ذاكرتي القديمة والحديثة. هو الشهر الذي تزوّجت فيه وأبصرت فيه وحيدتي النور. لكن ذاكرة أيلول تذهب أكثر عمقاً، نحو الطفولة وسني المراهقة.يحمل الشهر المبلّل طرفه بالشتاء، كما يقول المثل اللبناني، امتياز "المطرة الأولى". نشتمّ فيه رائحة الأرض حين تغتسل بعد طول جفاف بالمطر العائد بخفر، يرطّب مناخ أيلول الذي يضع رجلاً في بور الصيف وأخرى في فلاحة الخريف. ما أروع الشتوة الأولى... وكم أعشق المرّة الأولى، في كلّ شيء!حين كنّا صغاراً، كان قدوم أيلول يجعل قلوبنا "تنقبض"، لأنّ سقوط كلّ ورقة من روزنامته تجعل المسافة الفاصلة عن العودة الى المدرسة تصبح أكثر قرباً. أمّا قلوب أهلنا فكانت "تنقبض" لاقتراب أوان "موسم المدفوعات"، أقساطاً وقرطاسيّة وكتباً وملابس...ويتحوّل بعض القرى في هذا الشهر الى لوحة صفراء، كالذهب المشغول كما تقول أغنية فيروز، ويتمتّع من يسير على أقدامه فيها بالدوس على الأوراق الصفراء التي تنهمر أرضاً تاركةً الأشجار وراءها أكثر عرياً. حين تتعرّى الأشجار نثقل من ملابسنا، وحين تتكثّف الأوراق على جسدها نخلع عنّا ملابسنا إيذاناً بفصل الحرّ.  تناقضٌ واضح بين الإنسان والشجرة.وثمّة، في العادات اللبنانيّة المتوارثة، مواعيد لتحديد التغيّرات المناخيّة، ومن هذه المواعيد عيد الصليب الذي يتبدّل المناخ من بعده ويستعيد النسيم العليل حضوره بعد طول غياب، ويصبح أكثر برودةً في القرى، منتقماً من استبعاده طيلة أشهر. فلننتظر إذاً، حرّاً أقلّ، وبرودة أكثر، إلا إذا كان أيلول، هو الآخر، غيّر عاداته...


  • شارك الخبر