hit counter script

صراع الأحزاب والعائلات: المتن نموذجاً

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٠ - 08:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
ا شك أنّ العائلات السياسية لعبت دوراً هاماً على مرّ التاريخ اللبناني وطبعت الحياة السياسية بطابعها. معظم هذه العائلات لم ينقطع عن ممارسة العمل السياسي وما زالت حتى اليوم تتجدد وتعطي المزيد من الأجيال. فلا بد إذاً من تسليط الضوء على هذه العائلات خصوصاً تلك التي حافظت على استمراريّتها وعلى التراث الذي ورثته على الرغم من كل التطور الذي طرأ على المجتمع اللبناني. سنحاول استعراض اهم العائلات في عدد من المناطق بادئين بالعائلات السياسية في قضاء المتن. يعتبر قضاء المتن من أهم الأقضية اللبنانية التي لعبت العائلات السياسية فيها دوراً رئيساً في صوغ شخصية لبنان السياسية. ففيه ترشح كميل شمعون، وترعرع اللواء جميل لحود الذي خاض أهم المعارك للمحافظة على استقلال لبنان خصوصاً بعد مسيرة دامت 40 عاماً في خدمة الجيش حيث عرف بالرجل الصارم الذي رفع أول علم لبناني في فالوغا أيام الإنتداب الفرنسي. ومنه أيضاً أطلق أنطون سعادة الحزب السوري القومي، وأسس الشيخ بيار الجميل ابن بكفيا حزب الكتائب اللبنانية ولو كان ثقلها آنذاك بيروت اكثرمن المتن، فقد تولى المغفور له الشيخ موريس الجميّل تمثيل أبناء المتن وقد وفّق في ذلك. وفيه أيضاً عرفت عائلات كثيرة مثل مخيبر، المر، الأشقر...أما ظاهرة الأحزاب في المتن، فعملت عبر العائلات أو من ورائها أو من امامها... لكنها لم تعمل يوماً بالاستقلال عنها. فبات من المستغرب بروز أسماء وقيادات من خارج العائلات السياسية المعروفة، وظلت الأمور على هذا النحو حتى عودة النائب ميشال عون التي قلبت المقاييس وظهر تراجع ملحوظ لدور العائلات لمصلحة الصراع السياسي الحزبي وقد عبر العماد عون نفسه عن هذه المرحلة في المتن الشمالي بقوله إن العائلة السياسية تخلق في لحظة وتنتهي كذلك في لحظة... ولكن يبقى السؤال عن مدى إمكانية هذه الأحزاب من متابعة عملها بغض النظر عن البيوتات السياسية وعما سينتجه صراع العائلات والأحزاب من تغيّرات في المنطقة؟ في الواقع، كان موريس الجميّل أول مرشح فائز من عائلة الجميّل للانتخابات النيابية في المتن سنة 1960 حيث فاز في المقعد بالتحالف مع اللواء جميل لحود وتكرر المشهد نفسه سنة 1964 حين حقّق الجميّل ولحود النصر سويّاً. وتجدر الإشارة الى أنه عام 1964 دخل المجلس النيابي ممثلان عن عائلة لحود هما اللواء جميل لحود وسليم  لحود .سنة 1970 توفي موريس الجميّل وكان لا بد لحزب الكتائب من اختيار بديل عنه. فوقع الاختيار على الرئيس امين الجميّل بعد تنحي منير الحاج رغم أنه فاز بموجب الاستفتاء الحزبي بغالبيّة أصوات رؤساء الاقسام الكتائبية في المتن وذلك لأنه من خارج عائلة الجميّل فكان له موقف شهير اعتبر فيه أنه "ليس المهم من يرفع العلم بل المهم أن يبقى العلم مرفوعاً". وقد شاءت الاقدار أن يعيَّن منير الحاج نفسه نائباً عن المتن عن المقعد نفسه الذي اقصاه عنه حزبه، بموجب تعديلات الطائف التي قضت بتعيين نواب لمرة واحدة. وبعد العام 1992 والمقاطعة المسيحية للانتخابات النيابية، لم تتمثل عائلة الجميّل وحزب الكتائب من ورائها بأي مقعد حتى العام 2000 عندما بدأ نجم بيار أمين الجميّل يصعد وصولاً الى اغتياله في العام 2006 وهو نائب ووزير، وقد صودفت في العام 2000 عودة آل لحود بقوّة الى الحياة النيابيّة في المتن عبر انتخاب النائب اميل اميل لحود عن المقعد الماروني الآخر في المتن، الى جانب إعادة انتخاب النائب نسيب لحود للدورة الثالثة.تعتبرعائلة لحود من أقدم العائلات السياسية في المتن التي حافظت على استمراريتها حتى اليوم. والجدير بالذكر أنّ من مثّل تلك العائلة لم يأتِ من فراغ أو تسلق إلى الحكم بل من "رحم شرعي"، عرفهم المجتمع أبا عن جد، اختبرهم، ووضع كامل ثقته بهم  فسلمهم الحكم مرات عدة. أمّا عائلة المر فكانت بداية عملها السياسي مع غبريال المر عام 1943، ومن ثم بترشح النائب ميشال المر سنة 1960 و 1964 متحالفاً مع الحزب القومي حيث خسر في الدورتين. وفي 1968 عقد التحالف مع الكتائب واستطاع أن يصبح نائباً في البرلمان، كما لعب دوراً أساسيّاً في وزارات عدة.كانت سنة 2000 بمثابة تكريس للعائلات الثلاث في تمثيل المتن. عادت عائلة الجميّل مع بيار أمين الجميّل وكانت عائلة لحود متمثّلة بإميل إميل لحود ونسيب لحود وكذلك عائلة المر المتمثّلة بميشال المر .أما المفارقة والصدمة الكبرى للمتنيين وللشعب اللبناني، فكانت سنة 2005 مع عودة "الجنرال" التي قلبت الموازين وأبعدت عائلات المتن التاريخيّة عن الحكم. لعبت الأحزاب دوراً أساسيّاً في العمليّة الانتخابيّة وظهر تنحٍ ملحوظ من قبل العائلات التي حافظت منذ 1951 على موقعها ونفوذها في المنطقة .أما نواب تكتل التغيير والإصلاح فلا ينتمون إلى أية عائلة سياسية تاريخية حيث اعتبر البعض أنه في هذه الإنتخابات تفوقت السياسة على العائلات وتكرر المشهد نفسه عام 2009. ولكن يبقى أن نعرف كيف ستتعامل هذه العائلات أمام موجة الأحزاب التي غزت المتن بعد أن كان ينعم بالتنسيق بين العائلات لحل معظم المشاكل. وهل سيستطيع التيار الوطني الحر، على المدى الطويل، أن يخوض الحياة السياسيّة في المتن بغض النظر عن المعطيات العائلية؟
 
  • شارك الخبر