hit counter script

إدمان العصر

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٠ - 07:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لو راجع أيّ لبناني من معتنقي "عصر السرعة" سجل العلامات الفارقة في يومياته في السنوات القليلة الماضية، فإنّ اسماً واحداً سيلاقي شبه اجماع لدى فئات عدّة من المجتمع، انه الـ "فايسبوك". هذا الموقع الالكتروني الذي بدأ مجرد مشروع اكاديمي في احدى الجامعات الاميركية، تحول في سرعة قياسية الى مساحة كونية ضخمة تجمع أكثر من مليار إنسان في ما يشبه "أغورا" العصر الحديث.واستطاع "الفايسبوك"، خلال أشهر معدودة "اجتياح" نمط حياة اللبنانيين، وما تربّع هذا الموقع على عرش صدارة المواقع في لبنان منذ قرابة الثلاث سنوات الا الدليل الساطع على حالة "الادمان" لدى اللبنانيين على هذه البوابة الالكترونية الجديدة.إن الانسان، في طبيعته، مفطور على التلاقي وهدم المسافات والتوسع في المكان والزمان. ولعل أهم الاكتشافات في المجال التكنولوجي التي تهدف إلى هذا التلاقي السريع والتواصل المباشر عبر الانترنت، من رسائل الكترونية ومحادثة وغيرها ولا سيما "الفايسبوك"، فهي ظاهرة الانترنت.وأهم ما يميّز "الفايسبوك" هو تعريف الآخر الذي اختير كصديق على مجريات حدث ما في حياة المشترك، وادخاله في خصوصية الآخر، ممّا يمكن الأصدقاء من معرفة بعضهم البعض أكثر فأكثر وإبداء آرائهم والتعليق على الحدث بشتّى الطرق.بالإضافة الى تكوين جماعات تنادي بقضية معينة دينية أو اجتماعية أو أخلاقية أو سياسية... وتحمل رسالة مفتوحة إلى الجميع تمكّنهم من إبداء الرأي من وجهات نظر مختلفة.أما سلبياته فأهمها اختلاق شخصية وهمية يمكنها بثّ معلومات خاطئة أو مضرة. كذلك انتحال شخصية معينة مهمة أو معروفة يختبئ وراءها المنتحل ويعمل لأهداف شخصية خاصة قد تكون مدّمرة.ولعل "الازمة الوطنية الكبرى" التي شهدها لبنان قبل اسابيع على خلفية اعتقال "مجرمي فايسبوك" الذين ادلوا بآراء سياسية لم ترق للسلطات الرسمية، وقبلها بسنتين توقيف بعض الشبان بسبب عرض صور لهم على الموقع حاملين السلاح، اثبات دامغ على مدى تغلغل هذا "الداء" الالكتروني في المجتمع اللبناني.وقد يكون من الاجدى البحث عن قانون عصري يلحظ "الجرائم الالكترونية" المنتشرة بكثافة على "الفايسبوك"، خصوصاً لجهة التشهير والقدح والذم وانتحال الصفة وتشويه الكرامات، من دون تحول القانون الى تقييد لحرية الرأي المكفولة في أبسط الشرعات الانسانية.في كل الأحوال، "الفايسبوك" هو نقطة تطوّر بلغها العقل البشري يستقطب نسبة عالية من المستخدمين، لكنه يبقي الانسان في حيرة وتساؤل، أهو اختراع صالح أم لا. ويبقى الجواب في طريقة الاستعمال والهدف منه وليس في الاختراع بحد ذاته.

  • شارك الخبر