hit counter script

عار المهنة

الخميس ١٥ آب ٢٠١٠ - 12:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
أحتفظ بين مجموعة قصّاصات الصحف، من أيّام ما قبل الكمبيوتر، بصورة نشرها "ملحق النهار" مطلع تسعينيّات القرن الماضي وفيها مصوّر صحافي يدوس على جثّة طفل في أحد بلدان المجاعة الإفريقيّة ليلتقط صورة. إختار ناشر الصورة التعليق عليها بعبارة "عار المهنة". إن أردنا الكلام عن واقع الصحافة في لبنان لوجدنا أنّ فيها الكثير ممّا يدعو فعلاً الى التوصيف بـ "العار".
باتت الصحافة في لبنان مهنة من لا مهنة له. لا تنظيم ولا نقابة تحفظ الحقوق، والصحافيّون الذين يفترض أن يكونوا قوّة تغييريّة لم ينجحوا في تغيير نقيبهم أكثر من أربعة عقود، وها بعضهم يتشاجر على الخلافة، ربما ليعمّر عقوداً أخرى، تماماً مثل نقيب الصحافة المقيم وراء مكتب النقيب منذ عقود، ولا من يدعو الى تغيير... ولا من يحزنون.
تبدو صورة الصحافي في أذهان الكثيرين مخزية. الصحافي يقبض ليكتب. هكذا تصوّره ايضاً مسلسلاتنا الدراميّة اللبنانيّة التي تنقل، للأسف، واقعاً مؤلماً. ويطيب لسياسيّين كثيرين أن يحيطوا أنفسهم بصحافيّين من جماعة "القبض"، وقد بات معظم هؤلاء معروفين أمام زملائهم بل هم يجاهرون بالأمر، حتى أصبحوا أشبه بالعاهرات، يبيعون أقلامهم بدل أجسادهم.
ليست الرشوة عار المهنة الوحيد. فكم من خبرٍ أو مقال تفوح منه رائحة الكذب واختلاق الروايات لأهدافٍ ماليّة أو سياسيّة أو مذهبيّة، وكم من صحافي يجري استغلاله من قبل سياسيّ لمحاربة آخر أو للتعمية على فضائح يرتكبها... أمّا الكلام على الموضوعيّة فبات "موضة" قديمة في وطنٍ أضحى معظم صحافيّيه أشبه بعناصر حزبيّة تحارب بأقلامها، وهذه، في أحيانٍ كثيرة، أشدّ إيلاماً من رصاص البندقيّة.
ولعلّ أقسى ما في هذه المهنة أنّه لا يمكنك، في مواقف ومناسبات كثيرة، إلا أن تعبّر عن خجلك ممّن يحملون، للأسف، صفة "زملاء". فهؤلاء، فعلاً، عار المهنة.
  • شارك الخبر