hit counter script

- ريبيكا أبو طايع

موتٌ... بل حياة

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٢ - 07:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هالة من الذعر تلازم حياتنا على الأرض، فالاحساس بأنّنا "أقوياء" بما فيه الكفاية، كشبحٍ يطارد أفكارنا وخطواتنا أينما كنّا.
عند طفولتنا، وفي أولى خطوات وقوفنا بمفردنا مهيّئين أرجلنا للمشي، نجد أنفسنا فقدنا التوازن، فنصرّ على الوقوف ثانية مانعين رجلينا أن تكونا الغالبتين لئلا نشعر بأنّنا الضعفاء العاجزين عن تحقيق ما نريد مؤكدين أنّنا "الأقوياء".
في مراهقتنا تبدأ مشاعرنا بالطغيان علينا، لنحبّ أوّل من ابتسم لنا، فنجعل من أنفسنا شعراء في الحب وننغمس في كتاباتنا ورسائلنا، وعند أوّل شجار تافه يقع بيننا نهرع لننهي ما جمعنا قبل أن ينهيه الطرف الاخر فقط بدافع "القوّة".
عند بلوغنا مرحلة الرشد، حيث المسؤوليّة والنضج، يبدأ العقل بالتكلم ظنّاً منّا أنّ هذا الأخير بإمكانه إلغاء دور القلب، فنضع دفتراً من المثاليّات ونبدأ بالتفتيش عمّا يناسبنا من الأشياء التي تدور من حولنا مستهزئين بمن يظهرون العاطفة والحنان.
حتى وإن بلغنا مرحلة الارتباط، ذلك السرّ الذي يجمع قلبين تحت اسم الحب المقدّس ويجعلهما روحاً واحدة، عندما يقرع الطمع وحبّ الذات بابهما يسرعان للتخلّي عن بعضهما ليكسب كلّ منهما "قوّته" التي تقاسمها مع شريكه.
كلّ مرحلة من مراحل حياتنا هي مرحلة مهمّة من مسيرتنا، تثبّت الهدف الذي وجدنا من أجله.
نخطئ إن اعتقدنا أنّنا "أقوياء" بالتغلّب على مبغضينا أولاً ومحبينا ثانياً، فعند مثول القدر باستحقاق الموت نتفاجأ لمعرفتنا بأنّنا أضعف الضعفاء في مواجهته.
"قوّتنا" بأن نتغلّب على مصاعب الحياة، لأنّها سفينة أغوتنا بمباهجها، ولكنّ بحرها أسود اللون داكن كظلام الليل تضربه أمواج هائجة يميناً ويساراً، ونحن فيها ركّاب في مواجهة الموت نجذّف بكلّ قوتنا لأنّ شاطئنا رمله ذهبيّ يوازي كنوز الكون ومفاتنه.
ممّا لا شكّ فيه أنّنا جزء من هذه الحياة، نرسم في كلّ زاوية منها أحلاماً وآمالاً نرجو تحقيقها فتكون واقعاً لوجودنا حين نغيب، ولكنّنا ننسى أنّنا سبب وجود الحياة الثانية التي لا نهاية لها، تزرع لنا آمالنا وأحلامنا أشجاراً خالدة.
ملّكتم على ممتلكات الأرض، ولكنّكم ملائكة السماء ونجومها.
احزنوا على من سار على الدرب الخاطئ، واذرفوا الدمع على من سرق، نهب، قتل، بغض...
ولكن افرحوا على من سارع لملاقاة من هو دوماً وأبداً في انتظارنا، فاتحاً ذراعيه أجنحة بيضاء ليضمّ أولاده صغاراً كنّا أم كباراً، فالموت ليس بالشبح الذي يسلبنا من نحبّ، بل بالقدر الذي يجمعنا مع من نحبّ حيث العدالة و "القوّة" التي لا تعرف ضعفاً.

 

  • شارك الخبر