hit counter script
شريط الأحداث

كلمة الرئيس سعد الحريري في ذكرة اغتيال والده

الثلاثاء ١٥ شباط ٢٠١٢ - 19:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى الرئيس سعد الحريري كلمة قال فيها: بقدر ما أشعر أنني حاضر في كل واحد منكم، أشعر بغصة الكلام من الخارج، وأنا أتحدث الى أهلي ورفاقي وأحبتي في كل لبنان، فليس من السهل علي ابداً، ان أخاطب هذا الحفل بذكرى 14 شباط، من دون الوقوف امام ضريح الوالد الحبيب ورفاقه الأبرار، أشارك الاوفياء بالصلاة والدعاء، إنني فعلاً، حزين حتى الاختناق. ولا شيء يعوض هذا الحزن سوى البقاء معاً على الدرب الذي اخترناه قبل سبع سنوات من أجل لبنان، من أجل العدالة والحرية والسيادة والاستقلال والديمقراطية والعيش الواحد والوحدة الوطنية".

اضاف: "لا بل إن شيئاً لا يحوّل هذا الحزن إلى أمل سوى رؤية النموذج الذي انتفضنا في سبيله قبل سبع سنوات يتحقق في العديد من البلدان الشقيقة التي انتفضت على الواقع الدكتاتوري والأنظمة الفاسدة الظالمة القاتلة تطالب بالحرية والعدالة والديمقراطية من تونس العزيزة إلى سوريا الجريحة، فيما أصبح الربيع العربي".

وتابع: "نعم أيها الأخوة والأخوات، فلنتذكر ولنفتخر ولنرفع الرأس عالياً. نعم، نحن اللبنانيون ماذا فعلنا ... ماذا فعلتم بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهيد باسل فليحان ورفاقهما قبل سبع سنوات؟ كل ما فعلتم هو أنكم لم تسكتوا ولم ترضخوا ونزلتم إلى الساحات تهتفون بالحناجر الصاخبة والصدور العارية: الشعب.... يريد... قلتم: الشعب يريد السيادة والاستقلال والحقيقة والعدالة والكرامة والحرية، حققتم السيادة والاستقلال. العدالة في طريقها إلى التحقق بإذن الله بقي أمامنا أن نحقق الكرامة والحرية، لكننا لم نعد وحدنا في هذا المطلب. إسمعوا ما يقوله ثوار الربيع في كل مكان. مطلبهم الأساس واحد وهو الكرامة والحرية، مطلبهم الكرامة الإنسانية. يقولون: نحنا ناس، نحنا بشر. مطلبهم الحرية. يقولون: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ الكرامة الآتية من حق الإنسان بالعيش الكريم. بالعمل من دون تسوّل، بالتربية لأولاده من دون توسّل، بالرعاية الصحية، بالتنمية الاقتصادية. الكرامة الآتية من الحرية، من حرية المعتقد وحرية الفكر وحرية التعبير وحرية التجمع وحرية الترشح وحرية الانتخاب، من حرية الإنتاج والإبداع والعمل".
وتابع: "هذه كانت وما زالت مبادؤنا في 14 آذار، وهذه هي مطالب الربيع في كل مكان، والأهم الأهم: هذه هي القيم والأفكار والطروحات التي قام عليها وجسدها وما زال يجسدها مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واليوم أيها الأخوة والأخوات، نحن في لبنان نلتقي مجدداً مع النموذج الذي أطلقناه قبل سبع سنوات، مع ثوار الربيع في كل مكان ومطالبهم بالحرية والكرامة. فإما أن يقودنا ما يحصل في المنطقة نحو تحقيق ما تبقى من مطالبنا بالحرية والكرامة أو أن يقودنا إلى الفتنة لا سمح الله. ومسؤولتنا جميعاً، كلبنانيين، ومسؤوليتنا نحن في 14 آذار هي أن نمنع الفتنة لكي نذهب إلى الحرية والكرامة".
واردف: "وبمناسبة الكلام عن المسؤولية، إسمحوا لي أن أفتح هامشاً لأتكلم عن مسؤوليتي الشخصية. بداية أقول إنني أتحمل كامل المسؤولية عن المرحلة السابقة بحُلوها ومرها، مسؤولية التنازل في مكان ورفض التنازل في مكان آخر. مسؤولية قبول رئاسة مجلس الوزراء ومسؤولية الخروج من رئاسة مجلس الوزراء، واليوم أنا سعد رفيق الحريري أتحمل أمامكم مسؤولية التضامن مع الشعب السوري وتأييد حقه في إقامة نظام ديمقراطي. كما أعلن أمامكم إستعدادي لتحمل كامل المسؤولية في منع الفتنة بين اللبنانيين عموماً ومنع الفتنة السنية الشيعية في لبنان خصوصاً. هذه مسؤولية تحملتها في السابق وأتحملها أمامكم مجدداً اليوم".

واسترسل: "بعد 14 شباط 2005، إنتصر دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء، على ثلاثين عاماً من التسلط والهيمنة والاستبداد، ودخل لبنان منعطفاً سياسياً جديداً، على وقع حدثين متلازمين: إنسحاب القوات العسكرية والامنية للنظام السوري من لبنان، والاعلان عن بدء تحقيق دولي وقيام المحكمة الدولية للتحقيق في جرائم الاغتيال السياسي، واليوم، في 14 شباط 2012، ينتصر دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء مرة ثانية، وينتقل لبنان الى منعطف سياسي جديد، على وقع حدثين كبيرين: حدث الربيع العربي، وبدء العد التنازلي لحكم الحزب الواحد في سوريا، وحدث ربيع العدالة في لبنان والاعلان عن صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد، والمحاكمة الغيابية للمتهمين. بين هاتين المحطتين، واجه لبنان موجات من الحروب الكبيرة والصغيرة، وعمليات تسلل وسيطرة على مراكز القرار السياسي والأمني في الدولة، ومحاولات تعطيل المحكمة الدولية ومسار العدالة، وبدا من خلال ذلك، أن لبنان سيقع من جديد، ضحية فخ إقليمي وسياسات داخلية متهورة، تريد العودة به الى زمن الهيمنة والتسلط، وتعمل على محاصرة المكتسبات التي تحققت بعد 14 آذار".

وزاد في القول: "هذا الامر، توقف عند حدود الربيع العربي، وتحديدا عند حدود الانتفاضة الاستثنائية للشعب السوري، ولن أبالغ في شيء، إذا أكدت امامكم اليوم، أن كل أشكال السياسات المتهورة، لن تتمكن من العودة بلبنان الى زمن التبعية والهيمنة. وأن المشهد العظيم الذي يرسمه الشعب السوري البطل، سيشكل عاجلاً ام آجلاً، النهاية الحقيقية لهذا الزمن ورموزه".
وقال: "إن الشعب السوري سينتصر، بإذن الله رغم هول المجازر، وإن النظام السوري آيل حتماً الى السقوط. إننا نعيش لحظة انتقال تاريخي من زمن الى زمن آخر. وإن قيام نظام ديموقراطي تعددي في سوريا، سيشكل حصانة كبرى للتجربة الديموقراطية اللبنانية. واللبنانيون بمختلف اطيافهم، معنيون بفهم الأبعاد العميقة لهذا الانتقال، وللتقاطع التاريخي بين الديموقراطية اللبنانية والديموقراطية السورية".
واكد ان "انتصار الشعب السوري، في معركة الديموقراطية والكرامة الوطنية، يرسم خطاً مستقيماً ومتوازناً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويرتقي بهذه العلاقات، فعلاً وممارسةً، الى مستوى العلاقات المميزة الحقيقية بين بلدين شقيقين وجارين، يتعاونان في إطار التوأمة الديموقراطية، وليس بفعل استقواء القوي على الضعيف او الكبير على الصغير" ، مشيرا الى ان "المجلس الوطني السوري عكس هذه المقاربة للعلاقات. وهذه مناسبة لنؤكد فيها، أن أيدينا ممدودة للتعاون مع المجلس الوطني، الذي نرى فيه أمل سوريا في بناء نظام ديموقراطي جديد، واليوم ولأن الثورة السورية سوف تنتصر لا محالة، تجري محاولة إخافة اللبنانيين من تداعياتها".
اضاف: "للمسيحيين في لبنان يقولون إن إخوانهم السنة سيشعرون بفائض قوة آت من سوريا وسوف يستحكمون ويتجهون نحو التطرف، ولهؤلاء نقول: نحن تيار الإعتدال والعيش الواحد والمشاركة والتعددية. نحن أهل الطائف والمناصفة التامة بين المسلمين والمسيحيين في لبنان... مهما كانت سوريا، نحن تيار حرية المعتقد والممارسة الدينية وحرية التفكير والكلمة والتعبير والحريات الفردية والعامة... مهما كانت سوريا، نحن تيار الاستقلال والسيادة والديمقراطية... مهما كانت سوريا، نحن أطلقنا شعار لبنان أولاً ونحن دفعنا الثمن بدماء تبقى شاخصة أمام أعيننا في كل يوم وكل لحظة وكل مناسبة ولا نتذكرها كل 14 شباط من كل سنة فحسب."
وتابع: "أما للشيعة في لبنان فيقولون إن انتصار الثورة في سوريا سيتحول في لبنان هجوماً سنياً عليكم للثأر لدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولتجريدكم من سلاحكم. ونحن نقول بوضوح: نحن لا نحمّل إخوتنا الشيعة في لبنان أي مسؤولية في دماء رفيق الحريري، بل إننا نعتبر دماءه هي دماؤهم كما هي دماؤنا ودماء جميع اللبنانيين، وغني عن القول إننا اخترنا طريق العدالة لا الثأر وها هي العدالة تسلك طريقها بتحديد المسؤولين ومحاسبة المسؤولين وحدهم دون سواهم ودون تعميم المسؤولية لا على فريق ولا على طائفة ولا على مجموعة. كما نقول بوضوح: نحن لا نعتبر أن للسلاح هوية مذهبية أو طائفية، والواقع الحقيقي القائم في لبنان، أن هناك سلاحاً حزبياً، محدد الهوية السياسية، يتخذ من جغرافيا الانتشار المسلح، غلافاً واقياً لمذهبة السلاح، وهو ما نرفضه ونعترض عليه بالكامل، ونجد في استمراره خطراً كبيراً على المشاركة بين اللبنانيين. ونحن نعرف أن الشيعة اللبنانيين هم كما جميع اللبنانيين، مع السيادة والاستقلال والحرية والكرامة في لبنان، كما في سوريا، هم مع الديمقراطية في لبنان، كما في سوريا. الشيعة اللبنانيون طائفة أساسية تتساوى بالأهمية مع كل الطوائف في النسيج اللبناني والنظام اللبناني. ومصير لبنان، نصنعه معاً: بالاتفاق لا المجابهة، بالحوار لا الفتنة."

وجزم بأن "الطوائف في لبنان، هي تعبير إنساني وروحي عن جوهر الرسالة التي يمثلها بلدنا. وهي ليست ملكيات سياسية لهذا الحزب او ذلك. فلا الشيعة هم أملاك سياسية لحزب الله وحركة أمل، ولا السنة هم أملاك سياسية لتيار المستقبل، ولا المسيحيون، هم ايضاً أملاك سياسية لهذه الجهة او تلك. نحن جميعاً، وفي كل لبنان لا يمكن أن يجمعنا سوى مشروع واحد هو مشروع الدولة، ويحمينا حام واحد هو الدولة ويرعانا راع واحد هو الدولة. مشروعنا ومصيرنا وقدرنا جميعاً هو: الدولة الدولة الدولة"، مؤكدا ان "وجود السلاح، سواء كان فرديا أو متوسطاً او ثقيلاً، في أيدي فئات حزبية وسياسية، هو أمر ثبت بالتجربة أنه يتناقض كلّياً مع ألف باء قيام الدولة، وهو المصدر الدائم لانتاج الفتن والصراعات الاهلية، هذه حقيقة لا تحتاج الى الكثير من الأدلة والقرائن. لانها حقيقة عاشها اللبنانيون، بكل فئاتهم ومناطقهم وطوائفهم، وعلى مدى أكثر من ثلاثين عاماً."
وقال: "لقد اكتشف اللبنانيون، أن كل سلاح غير شرعي هو مشروع مباشر او مقنّع، لاحتلال جزء من مسؤوليات الدولة. والأخطر من ذلك، إنه نموذج مرفوض يمكن أن يستدرج الآخرين إلى الإِقتداء به، ان إنتشار السلاح الفلسطيني في سبعينات القرن الماضي، خصوصاً في الجنوب والضاحية والعاصمة، أسس لسقوط لبنان والدولة في محنة كبرى، ووضع فئات عديدة من اللبنانيين في مواجهة التنظيمات الفلسطينية وفوضى قيام الميليشيات، حوّلت الجمهورية اللبنانية الى جحيم مسلح، وأطلقت مسلسلاً طويلاً من الحروب بين الاخوة وأبناء الفريق الواحد. وتواجد القوات السورية المزمن على أراضي لبنان، كشريك مضارب للجيش اللبناني والمؤسسات الشرعية، أسهم في تنظيم فوضى مسلحة، نشرت البؤر العسكرية والامنية على حساب الدولة. والواقع الراهن، لانتشار السلاح هو نسخة متجددة، عن كل تلك التجارب، ان إسرائيل عدوتنا جميعاً، وخطر علينا جميعاً، نواجهه جميعاً، لنستبسل جميعاً دفاعاً عن الوطن، وننتصر جميعاً في كنف الدولة اللبنانية الواحدة. أما أن يكون السلاح، بذريعة مواجهة إسرائيل سلاحاً لقتال أنفسنا والقضاء على دولتنا، فهذه خدمة لإسرائيل ولا لأحد سوى إسرائيل".

اضاف: "باختصار، وبكل صراحة وأخوّة، نقول إن وجهة نظرنا هي أن الدولة، لتكون دولة، عليها أن تملك حصرية السلاح التي هي بالنهاية حصرية السلطة. حصرية الحفاظ على الأمن الفردي والوطني، حصرية سن القوانين وتطبيقها، حصرية إقامة الحق وإحقاقه. ولأن توزيع حصرية السلطة من الدولة إلى مجموعات هو حكم نهائي على لبنان بأن يعيش أبداً في العنف وحكم نهائي على الدولة في لبنان أن تذوي إلى ما هي عليه اليوم وأقل، فإننا نكرر الدعوة اليوم إلى حزب الله بأن يبدأ تنظيم وضع سلاحه في تصرف الدولة ليجنـب لبنان وجميع اللبنانيين خطر العنف ويجنـب الدولة في لبنان خطر الانهيار وليضمن معنا ومع جميع اللبنانيين قيام الدولة وانتصار مشروع الدولة وبقاء لبنان رائداً بين العرب في ربيع العرب".
واشار الى ان "مسار العدالة في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، سلك طريقاً لا عودة عنه، وهو الطريق الذي سيؤدي حكماً الى كشف المتهمين والمتورطين، وإرساء القواعد التي تحمي لبنان من مسلسل الاغتيال السياسي"، مشددا على ان "محاولات التهرب من مجْريات العدالة الدولية، لن تجدي نفعاً، هذا ما يجب أن يكون مفهوماً للحكومة اللبنانية، وللجهات الرسمية المعنية بالتعاون والتنسيق مع المحكمة الدولية".
وتابع: "إنني من موقع التأكيد على أواصر الأخوة التي تربطنا بجميع اللبنانيين، ومن موقع المسؤولية تجاه دماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لحرية لبنان واستقلاله، أدعو قيادة حزب الله، إلى إجراء مقاربة جديدة لتعاملها مع المحكمة الدولية، لأن التشبث بحماية المتهمين لن يلغي قرار الاتهام. إن إصرار حزب الله على رفض تسليم المتهمين، أمر من شأنه تعميم الإتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو ما لا يجوز لقيادة حزب الله أن تقع فيه، وأن تحوّل المحاكمة المرتقبة خلال الشهور المقبلة، إلى مضبطة اتهام سياسية واخلاقية ووطنية من الدرجة الأولى."
واردف: "إن المتغيـرات التي نعيشها هذه الايام، تستحق إجراء قراءة جديدة للأوضاع، والتطلع الى المستقبل، بروح التأكيد على وجوب حماية لبنان، من الإنزلاق نحو أي مخاطر، وكذلك بروح الإلتزام بنظامنا الديموقراطي، وإنني واثق كل الثقة أنني سأكون قريباً بينكم في بيروت، بإذن الله، وأن العدالة ستنتصر وأن الربيع سيزهر وأن لبنان سيبقى عربياً حراً سيداً مستقلاً رائداً في رسالته بين الأمم."
وختم: "إنني أنحني في هذا اليوم أمام ذكرى والدي الحبيب وأخاطب روحه كما في كل عام، بأن مسيرة رفيق الحريري لن تتوقف، وأن خط الدفاع عن الحرية والاعتدال والعيش الواحد سيبقى راسخاً فينا، مهما تعاظمت المخاطر والصعاب، أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يحمي لبنان، وأن ينصر شعب سوريا الشقيق، والى اللقاء قريباً على أرض لبنان الحبيب، عشتم. عاش لبنان".

 

  • شارك الخبر