hit counter script
شريط الأحداث

البطريرك الراعي احتفل بعيد القديس مارون بحضور رئيس الجمهورية

الخميس ١٥ شباط ٢٠١٢ - 19:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس بطريرك انطاكية وسائر المشرق مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم القداس الاحتفالي الذي أقيم في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت لمناسبة عيد القديس مارون وعاونه رئيس اساقفة بيروت المطران بولس مطر والنائب البطريركي العام المطران بولس صياح، راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، النائب البطريركي العام السابق المطران رولان أبو جودة ولفيف من الكهنة، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الرئيس السابق امين الجميل وعقيلته السيدة جويس وعقيلات رؤساء الجمهورية: الشهيد بشير الجميل صولانج الجميل والشهيد رينيه معوض نايلة معوض والرئيس الراحل الياس الهراوي منى الهراوي، والرؤساء حسين الحسيني، ميشال عون، فؤاد السنيورة ووزراء ونواب وممثلي رؤساء الطوائف اللبنانية، ممثلي البعثات الديبلوماسية العربية والاجنبية المعتمدين في لبنان وعلى رأسهم السفير البابوي المونسنيور غبريال كاتشا، قائد الجيش العماد جان قهوجي وقادة الاجهزة الامنية وشخصيات سياسية وقضائية ونقابية واجتماعية، وحشد من المؤمنين.

ووصل الرئيس سليمان عند الساعة الحادية عشرة إلى مكان الاحتفال حيث استعرض ثلة من حرس الشرف التي أدت له التحية، وكان في استقباله المطران مطر والوزير السابق وديع الخازن، ثم انتقل والسيدة الاولى الى داخل الكنيسة وسط ترحيب الحضور.

عظة البطريرك الراعي

وبعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بالمناسبة قال فيها:
"أتت الساعة ليتمجد فيها ابن الإنسان، الحق أقول لكم: إن حبة الحنطة، إن لم تقع في الأرض وتمت، تبقى واحدة، وإذا ماتت، أتت بثمر كثير" (يو12: 23-24)
1 - يسعدنا أن نحتفل معا بعيد أبينا القديس مارون، بدعوة كريمة من سيادة أخينا المطران بولس مطر، رئيس أساقفة بيروت، في ختام زيارتنا الراعوية للأبرشية التي دامت أربعة أيام. ومن دواعي سرورنا، أن تكونوا يا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على رأس المصلين مع عقيلته اللبنانية الاولى، بمشاركة دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء السيد نجيب ميقاتي، وسائر أركان الدولة. إنا نلتمس لكم من الله، بشفاعة القديس مارون، النعم الإلهية لتتمكنوا من قيادة البلاد إلى شاطئ الامان.

2 - من موت يسوع المسيح، فادي الإنسان، على جبل الجلجلة وقيامته، ولدت البشرية الجديدة المتمثلة بالكنيسة. فتمجد ابن الله في السماء وعلى الارض بإيمان الشعوب وخلاصهم. وكان لا بد من أن يسبق عظمة المجد بالقيامة إذلال الموت على الصليب. فكان المسيح "حبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت، فأتت بثمر كثير" (يو12: 24). وبهذا فتح نهجا للحياة المسيحية بل لحياة كل إنسان، تبعه القديس مارون، "فوقع" في أرض قورش من نواحي انطاكيه "حيث سمِّي لأول مرة المؤمنون بالمسيح مسيحيين" (أعمال11: 26) و"مات" عن العالم بالتقشف والصلاة، "فولدت" الكنيسة المارونية وانتشرت في كل بقاع الأرض. وهكذا تحققت كلمة الرب في الإنجيل: "يشبه ملكوت السماء، أي سر الكنيسة - الشركة، حبة خردل، أخذها رجل وزرعها في حقله، وهي أصغر كل الزروع، ولما كبرت، كانت أكبرها، وتصير شجرة حتى إن طيور السماء تأتي وتعشعش في أغصانها" (متى 13: 31-32).

3 - إننا نأمل أن يكون نهج حبة الحنطة نهج كل واحد منا، ونهج مؤسسات الدولة وإدارتها، لكي ينمو لبنان ويكبر سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا. ولا مجال لذلك إلا بالجمع بين موجبات العمل السياسي والإداري والمبادئ الاخلاقية، وبممارسة هذا العمل بروح الخدمة والتجرد وإخلاء الذات في سبيل الخير العام والشفافية مقرونة بالمناقبية والكفاءة والفعالية، كما وبالتفاني الصادق في سبيل الخير العام، والإلتزام بتعزيز حقوق المواطن على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي (شرعة العمل السياسي، صفحة 20-21). هذا ما يدعونا إليه الرب يسوع، شارحا مفهوم حبة الحنطة بقوله: "من يحبب نفسه يضحي بها، ومن يتخلى عن نفسه في هذا العالم، يحفظها لحياة الأبد...فمن يخدمني يكرمه الآب" (يو12: 25-26). إنَّ كل الشهداء الذين سقطوا في سبيل الوطن، منذ الإستقلال حتى اليوم، كانوا حبات حنطة ماتت، وبفضلهم ثبت لبنان ونما وكبر.

4 - "أتت الساعة ليتمجد فيها ابن الانسان". هو مجد المسيح الذي تحقق بولادة الكنيسة وخلاص جميع الشعوب. ويتحقق مجد لبنان بترقيه ووحدة شعبه ورسالة عيشه الواحد وحوار الحياة بين مختلف الثقافات والأديان على أرضه. وكان مجد القديس مارون بولادة كنيسته المارونية، وبارتفاع القديسين والقديسات من أبنائها الى مجد السماء، وبأمانة أبناء هذه الكنيسة وبناتها لنهجه الإنجيلي المميز بالإيمان الصافي بالمسيح، والصلاة ومناجاة الله، وبالتقشف والتجرد والتفاني في خدمة جميع الناس، وبالغيرة المتقدة على نشر إنجيل الله الخلاصي.

5 - عاش القديس مارون في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس، وكان كاهنا وناسكا، كما سماه صديقه القديس يوحنا فم الذهب ابن انطاكيه وبطريرك القسطنطينية، في رسالة المودة والصلاة التي أرسلها إليه من منفاه في القوقاز بأرمينيا. ومات سنة 410. وكانت قد تكوكبت حوله نخبة من النساك الذين نهجوا نهجه، ثم ازدادت بعد موته ونمت في الدير الحامل اسمه على ضفاف نهر العاصي، الذي بني في المنتصف الثاني من القرن الخامس، من بعد أن تجلت جماعة "بيت مارون" الى جانب تيودوريطس اسقف قورش في دعم مجمع خلقيدونية المنعقد سنة 451، وتبني عقيدته التي اعلنت إيمان الكنيسة بالمسيح الكامل في طبيعتيه الإلهية والإنسانية. وقد اعطت في سبيل هذه العقيدة ثلاثماية وخمسين شهيدا، فكانوا "حبات حنطة" أثمرت الثمر الكثير في حياة الكنيسة المارونية. إن بعضا من تلاميذ القديس مارون أموا في القرن الخامس جبل لبنان من ناحيتي أفقا - العاقوره وجبة بشري، حاملين إنجيل المسيح وروحانية القديس مارون. وفي أواخر القرن السابع أصبحت الجماعة المارونية كنيسة بطريركية بانتخاب أول بطريرك لها سنة 686، هو القديس يوحنا مارون الذي استوطن كفرحي في بلاد البترون في الدير الحامل اسمه.

6 - تجذرت الكنيسة المارونية في لبنان وتربته الخصبة، ومنه توسَّعت في بلدان الشرق الاوسط، وانتشرت في سائر اقطار العالم، كشجرة باسقة الأغصان. لقد عرفت "بالأمة المارونية"، واحتلت فيها البطريركية، حسب تعبير البطريرك المكرَّم اسطفان الدويهي، "مركز الصدارة والدينامية، ودور الموجه والوسيط، والحكم والرقيب". وظلت البطريركية عبر المراحل التاريخية ملتزمة بالأمانتين: عقيدة الإيمان والكيان اللبناني. وبفضل ما لها من روابط مع الكرسي الرسولي والغرب وتجذر في الشرق، شكل الموارنة، كما غيرهم من الطوائف اللبنانية، قيمة مضافة متميزة بالإنفتاح على الشرق والغرب، صانت الكيان اللبناني ونشرت الحريات وقيم الحداثة (راجع روجيه ديب، لبنان المستقر، صفحة 57-59).

7- إننا بمناسبة عيد القديس مارون ندعو الموارنة للمحافظة على هذه القيمة وتعزيزها، مستمدينها من هوية كنيستهم التي هي مصدر رسالتهم. هذا ما كشفه المجمع البطريركي الماروني المنعقد ما بين سنة 2000 و 2005، محددا هذه الهوية والرسالة بأربع ميزات:
1) الكنيسة المارونية بطريركية ذات طابع نسكي رهباني مستمد من روحانية القديس مارون الكاهن الناسك، وديره الذي هو مهد المارونية. ما يعني أنها جماعة ديرية كبيرة معروفة برعية البطريرك التي تتمحور حول الكرسي البطريركي، وشخص البطريرك المدعو "الأب الرأس"، الحافظ لوحدتها في إطار مجمعية أسقفية. إن طابعها البطريركي يجعلها جزءا لا يتجزأ من الكنيسة الكاثوليكية التي يرعاها أسقف روما، خليفة القديس بطرس. إنها كنيسة الشركة مع الكرسي الرسولي الروماني، وهي ذات موهبة خاصة قوامها الصلاة والتوبة وبساطة العيش والتعاضد الأخوي بروح المحبة وحالة السهر بقوة الرجاء الذي لا يخيب، وانتظار تجليات المسيح في حياتها ومجيئه الثاني ديانا، فالإنطلاقة الجديدة من المسيح.
2) والكنيسة المارونية إنطاكية سريانية ذات تراث ليتورجي خاص. بهذه الصفة هي مؤتمنة على جوهر المسيحية التي أعطيت اسم مسيحي في انطاكية (أعمال11: 26) وبالتالي على وحدة الإيمان والشركة في إطار التعددية والإنفتاح على الشعوب. وبهذه الصفة أيضا تنتمي إلى عائلة الكنائس ذات التراث السرياني المميز بالطابع المريمي، والدعوة الملحة إلى التوبة، ورجاء لقاء المسيح في نهاية الزمن.
3) والكنيسة المارونية خلقيدونية تحمل طابعا مسيحانيا بروحانية التجسد في البيئة اللبنانية والمشرقية وفي بلدان الإنتشار. ما يقتضي المحافظة على الأرض وسعي أبنائها الدؤوب مع مواطنيهم وشركائهم في المصير، من مسيحيين ومسلمين، إلى العمل معا في شتى المجالات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية، من اجل ترقي الإنسان، كل إنسان، ليستعيد كرامته وصورة الله فيه. وعلى مستوى الإنتشار، يعمل أبناؤها على شد روابطها مع الكنيسة الأم للحفاظ على وحدتها، ولتعزيز تنوع حضورها في العالم.
4) والكنيسة المارونية في شركة تامة مع الكرسي الرسولي الروماني، ما أتاح لها تأدية رسالتها في بيئتها بحيوية وفعالية، من خلال انفتاحها على الغرب والإفادة من قدراته العلمية والفكرية. فكان أن أدى الموارنة دورا رياديا في نقل التراث الشرقي إلى الغرب والتراث الغربي إلى الشرق، ما جعل لبنان، بحكم موقعه الجغرافي ودور أبنائه، جسرا ثقافيا بين الشرق والغرب.
إن هذه الميزات الأربع توجب على الموارنة الإلتزام بالعمل المسكوني من أجل وحدة الكنائس بتنوع تقاليدها الروحية والثقافية والإجتماعية والوطنية، وبالحوار مع الديانات، ولاسيما الدين الإسلامي، حوار الحياة الإجتماعية والوطنية وحوار الثقافة والقضايا المصيرية.

8 - إن الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" يذكرنا بأن النهوض بلبنان مهمة مشتركة، وبأن الجماعات المتنوعة، من مسيحيين ومسلمين على اختلاف طوائفهم، التي تؤلف نسيجه الاجتماعي والوطني هي ثروة وفرادة (الفقرة 1). فلا بد من حفظ التعاون بالمساواة والتوازن فيما بينها، وفقا لنص الدستور وروحه. فينبغي علينا أن نكوِّن رؤية واقعية للنهوض على أساس الوعي التاريخي للكيان اللبناني، وإدراك كل طائفة هويتها الخاصة بها والقيمة المتخصصة التي تقدمها من اجل تحقيق هذا النهوض. إن هذه القيمة الخاصة هي التي تتكون من علاقة كل جماعة بالكيان اللبناني وميثاقه ورسالته، وفقا لمراحل ومحطات من تاريخها تميَّزت به، ويتوارثها أبناؤها من جيل الى جيل. إنه من الضرورة بمكان أن تلتفت كل طائفة إلى وجدانها الوطني التاريخي في ضوء قيمتها وإرثها. عندئذ نستطيع إبرام عقد اجتماعي جديد، يجدد الميثاق الوطني، ميثاق العيش معا بالاحترام المتبادل والمساواة والتعاون، ميثاق تحييد لبنان عن المحاور الاقليمية والدولية، وميثاق تبني لبنان قضايا السلام والعدالة والديموقراطية في الاسرتين العربية والدولية.

9 - نرفع صلاتنا، إلى الله بشفاعة القديس مارون، لكي ينير سبيلنا إلى ما فيه مجده وعزة لبنان وخير شعبه. وإنا نهتف مع الكنيسة المارونية إلى أبيها ومؤسسها:
باسمك دعينا يا أبانا وعليك وطدنا رجانا
كن في الضيقات ملجانا واختم بالخير مسعانا
آمين"

المطران مطر

ثم القى المطران مطر كلمة قال فيها: "باسم أبينا ورئيس كنيستنا مار بشاره بطرس بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى الذي منحنا اليوم بركة خاصة باحتفاله بعيد القدِّيس مارون في هذه الكاتدرائيَّة في مناسبة زيارته الرَّاعويَّة لأبرشيَّة بيروت، وباسم أصحاب الغبطة والسِّيادة بطاركة الكنائس الشَّقيقة ومطارنتها ورؤسائها الأجلاء، نتقدم بالشكر الخالص من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لحضوره على رأس المصلِّين هذا القدَّاس سائلين الله أن يشدَّ أزره ويسدد خطاه مع جميع معاونيه الأعزاء ليقود البلاد بحكمته ومحبته وسط الظروف العصيبة التي تمر بها منطقتنا إلى شاطئ السِّلم والأمان.
ونقدم خالص شكرنا إلى دولة رئيس مجلس النوَّاب الأستاذ نبيه برِّي، وإلى دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي لحضورهما المحبِّ، وإلى أصحاب الفخامة والدَّولة والمعالي والسعادة وإلى السفراء ممثلي الدول وإلى الهيئات القنصلية والسلطات القضائية والقيادات العسكرية والمراجع المدنية لمشاركتهم إيانا فرحة العيد.

وأضاف:"لقد أعربتم يا صاحب الغبطة في زيارتكم هذه لأبرشية بيروت، ساحلا وجبلا، كما تعربون دائما، عن محبتكم لها وبخاصة لعاصمتنا التي ترون فيها تجسيدا لحقيقة كل لبنان؛ فأطلقتم عليها لقب "العاصمة التي لا مثيل لها للحوار بين الأديان والثقافات". كما أنكم قدرتم وتقدرون عاليا دور لبنان في هذه المنطقة الشَّرق أوسطية لما يمثل من قيم سامية وعلى رأسها قيمة الحرية بكلِّ أبعادها وقيمة الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان فردا وجماعات، حتى أن هذا الوطن قد غدا قبلة الأنظار في مجمل المنطقة العربية الباحثة عن تغيير جذري لأوضاعها، فانبرى لها مثلا ومثالا بعد أن حكم عليه البعض في السابق بأنه وطن يمكن الاستغناء عنه. وهكذا تحول الحجر الذي رذله البناؤون إلى رأس للزاوية في بناء الأوطان وتجميلها. إنَّنا جميعا نراقب باهتمام ما يجري في منطقتنا من أزمات عميقة في حياتها العامة، ونحن نرجو لكل الدول الشقيقة من حولنا أن تنعم بالإصلاحات التي تحتاج إليها، والتي َّتبحث عنها بحق في تراثاتها الخاصة قبل أن تلجأ من أجلها إلى تراثات الآخرين. لكننا نتمنى معكم من صميم القلب، أن يتم هذا التغيير في جو من الحوار الصادق بين المواطنين ومن التوافق على ما يرتأون معا دون اللجوء إلى العنف وسفك الدماء".

وأردف:"هذا ما تنادون به يا صاحب الغبطة ونحن كلنا معكم في الاعتبار بأنَّ ثمار الربيع الطالع في منطقتنا لن تكون وفيرة ولا طيِّبة المذاق إلاَّ إذا اتَّخذ هذا الربيع المنحى اللبنانيَّ لجهة المساواة في المواطنة بين الجميع، والمشاركة الحقيقية في الحكم لكل المكونات التي تتألف منها مجتمعاتها. فالتقدم له طريقه العالمي المرسوم وليس له طريق سواه مهما كانت الظروف الخاصة للطامعين به وللسَّاعين إليه.
غير أننا في الوقت عينه ننشد لوطننا إذا ما أردناه مثالا يحتذى به في المنطقة وفي العالم، أن يسير هو بدوره في طريق تثبيت قيمه وصحة ممارساته ليكون جديرا بحمل مسؤولية الرسالة التي رآها فيه البابا الراحل يوحنا بولس الطوباوي. فلعل هذا العيد يشد بنا روحيا وبالتالي إنسانيا نحو الأعلى، وأن تهدينا كل أعيادنا فرص تصفية النوايا وفتح الحوار صريحا في ما نختلف عليه من قضايا. فنحن دون هذا الحوار وطيب نتائجه لن تستقيم أمورنا حقا في الداخل ولن نكون مثالا مقبولا ومفيدا لإخوتنا في المحيط.

وختم مطر بالقول: "شكرا مجددا يا صاحب الغبطة على هذه الزِّيارة الَّتي باركتم بها أرض بيروت وأبرشيتها؛ شكرا لإقامة هذا العيد معنا ومن أجلنا، وكل عيد وأنتم جميعا بخير، يا أهل لبنان ويا أهل مارون في كلِّ مكان وليغدق الله علينا بشفاعة هذا القديس المشفع فيضا من نعمه وبركاته - آمين".

مأدبة غداء

وبعد انتهاء القداس توجه الرئيس سليمان والسيدة الاولى والبطريرك الراعي والرئيس بري الى صالون الكنيسة حيث تم تقبل التهاني ثم انتقل بعدها رئيس الجمهورية وعقيلته الى مطرانية بيروت المارونية حيث اقام المطران مطر مأدبة غداء للمناسبة حضرها البطريرك الراعي والمطارنة والكهنة وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية والعسكرية.

المطران مطر

وفي ختام المأدبة ألقى المطران مطر كلمة رحب فيها بالحضور وقال: "ترحيب من القلب لفخامة الرئيس والسيدة الاولى، أهلا وسهلا بكم في بيتكم، نحن نفتخر بكم، سيدنا، غبطتك باركت بيروت وابرشيتها، مثلما باركت لبنان وكل الكنيسة".

وأضاف: "أعبر عن فرح الابرشية بهذا النهار الجميل الذي نعده يوما من ايامها الجميلة جدا". ثم دعا رئيس الجمهورية لإلقاء كلمة في المناسبة.

الرئيس سليمان

واستجاب الرئيس سليمان لرغبة المطران مطر، فرد بكلمة مقتضبة شكر فيها البطريرك الراعي والمطران مطر "على هذا النهار العظيم في هذه المناسبة الجميلة والتي تتوجه أيضا الى بلاد الموارنة والى القديس مارون الذي ترك لنا هذا الارث العظيم، الذي يجمع في كل سنة، كل البلد من كل الطوائف ومن كل المرجعيات".

وقال: "في هذه المناسبة أطلب من الجميع وطبعا من نفسي أولا أن لا نفرط بهذا الارث وبخاصة نحن الموارنة، وأن نحاول دائما أن نلتف حول هذا الوطن لنركز أسسه وننفتح على الجميع في داخل الوطن وفي المشرق العربي كافة، لكي يبقى لبنان فعلا كما قال البابا يوحنا بولس الثاني "لبنان رسالة ". وهذه الرسالة تتكرس الآن أكثر فأكثر في هذا الظرف الذي يمر فيه العالم العربي. إن نظامنا الديموقراطي التعددي المثالي ورسالتنا سيصبحان شرعة للجميع وهذا ما يجب أن نحافظ عليه".

واضاف: "إن عظة غبطة البطريرك كانت عظة عظيمة، وشرعة مهمة للبنان. وأنا لا أريد أن أثني على العظة ولكنني أريد أن أتوقف عند نقطة واحدة ذكرها غبطة البطريرك، إن السياسة يجب أن ترتكز على الاخلاق، وأقول "إنما أمم الاخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا" وكل عام وأنت بخير".

البطريرك الراعي

بدوره قال البطريرك الراعي: "المطران مطر، أنت تعلمنا دائما مرات كثيرة أطلب منك أن تتكلم تقول لي بعد البطريرك. من غير الممكن أن نتكلم بعد فخامة الرئيس. ولكن سألبي الطلب بما أن المطران مطر طلب مني وطلبه عزيز على قلبي. ويشرفني طبعا أن أقول لفخامة الرئيس كل الشكر باسم الجميع وباسم كل اللبنانيين على حضوره على رأس المصلين بعيد مار مارون ونحن نفاخر بفخامة الرئيس ونصلي لك حتى ربنا يكون معك ويزيدك من الحكمة السليمانية التي أعطاك اياها ربنا وصبر وروية وبالنتيجة الرئيس هو الذي يحمل الجميع وفخامتك تحمل كل ضعف موجود بالوطن. نحن جل ما هنالك وبخاصة اليوم، وفخامتك تنتمي للكنيسة المارونية وهذا اعتزاز ليس فقط للموارنة بل لكل اللبنانيين. نحن نقول لك، صلاتنا دائمة لفخامتك وبين كل المسؤولين الذين نجلهم وكل المسؤوليات، وحده رئيس الجمهورية يقسم اليمين على الدستور ولذلك هو بأمس الحاجة إلى الثقة التي يمنحه اياها الشعب ولمحبته ولصلاة الكنيسة. نحن نريد أن نقول لك شكرا على كل شيء تفعله فخامة الرئيس وأقول شكرا أيضا على كل ما تتحمله لأن ويا للأسف دائما هكذا المسؤول عليه أن يتلقى، ونحن بالانجيل وفخامتك قرأتها مئة مرة وأكثر، الرب يسوع يقول أنا المعلم والسيد ولكن ليس خادم أعظم من سيده إذا اضطهدوكم "فلا تخافوا معليش أنا سموني رئيس الشياطين. أليس كذلك؟" سيدنا بالانجيل ما تزعلوا. فخامة الرئيس، كل مرة تصل اساءة إلى شخصك هي بمثابة اساءة لكل اللبنانيين. ولكن نقول ونشكر ربنا على أن قلبك كبير وأننا على ثقة أن فخامتك كونك رئيسا، تستوعب الجميع. نحن نصلي لك ونشكرك وتحية كبيرة إلى اللبنانية الأولى السيدة وفاء التي هي بجانبك سند كبير جدا خاصة بهذا الموضوع. باسم كل الحاضرين أحييكم واحدا واحدا أشكركم على حضوركم ونشكر باسمكم وباسمي المطران بولس مطر الذي بكياسته ولباقته حاضر دائما ليعطي للعيد رونقا بكل الأمور التي يحضرها. سيدنا مطر أقول لك شكرا وشكرا لكل شعبنا لكل المطارنة ورؤساء الطوائف اللبنانية المسيحية والاسلامية والفعاليات السياسية.
فخامة الرئيس، لدينا شعب رائع ومحب يريد العيش بسلام ومحبة. شعبنا يستأهل. فخامة الرئيس يأخذ بيدك مع كل المسؤولين اليوم، شعبنا فعلا يستأهل أن يستطيع العيش حقيقة بكرامة وبحيوية وهذا شيء من صميم قلبك. شكرا فخامة الرئيس، شكرا اللبنانية الأولى". 

  • شارك الخبر