hit counter script
شريط الأحداث

- المحامي لوسيان عون

مراسيم زيادة الأجور: قصّة "إبريق"الأزمات... والحبل "عالجرّار"

الأربعاء ١٥ شباط ٢٠١٢ - 07:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

دائماً، وكالعادة، يأتي القانون أم المرسوم حلاً لمشكلة ما، لكن جزئياً وليس كلياً، ليستولد معه أزمة من نوع آخر لا تكون أقلّ حدّة من الأزمات الطارئة التي تعصف بلبنان.
المرسوم 7426 الصادر في بعبدا في 25 كانون الثاني 2012 والموقّع من كل من رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس الوزراء ووزراء المال والعمل، والمنشور في الجريدة الرسمية في ملحق العدد 4 بتاريخ 26/1/2012، ما هي خلاصته ومندرجاته وما هي الآثار التي شكّلها على صعيد الثغرات في آلية تطبيقه؟
المشترع أراد باصداره حسم مقدار الزيادة التي أراد فرضها على الأجور مع تحديد الشطور التي تطبّق عليها كل زيادة، ومع إصداره بالشكل الذي تمّ تبقى أسئلة يطرحها أصحاب العلاقة والمعنيّين بكل ما يمكن أن يطبّق عليهم، سواء أكانوا مستخدمين أم أرباب عمل أم مالكين أم مستأجرين، غير أن نيّة المشترع في إلغاء مفاعيل المرسوم رقم 500 الصادر بتاريخ 14/10/2008 أنتج لغطاً من النواحي القانونيّة والحسابيّة، إذ أنّه:
أولاً: لقد ألغى المرسوم 7426 المرسوم رقم 500 ولم يلغِ المرسوم رقم 63 والمنشور بتاريخ 8/1/2009 في الجريدة الرسمية التوضيحي، كما لم يلغِ مفاعيل القانون التصحيحي له، المنشور في الجريدة الرسميّة في 9/4/2009 بعد اللغط الكبير الذي أحدثه لناحية احتساب الزيادة على بدلات الإيجار العائدة لما قبل تاريخ تموز عام 1992 والخاضعة للقانون 160/92.
ثانياً : لقد فرض المرسوم الجديد رقم 7426 الأخير الغاءً للمرسوم رقم 500، وفي الوقت عينه تنزيلاً من الأجر بمقدار مئتي ألف ليرة لبنانيّة، الذي كان قد أضافه هذا الأخير قبل إعادة مباشرة احتساب النسبة الجديدة المقررة في المرسوم الجديد على أساس مئة في المئة على الشطر الأول من الراتب، الذي لا يتجاوز أربعمائة ألف ليرة. وبالاستناد الى المادة 6 من القانون رقم 160/92، فإن نصف نسبة الزيادة الطارئة على الأجور تطبّق على بدلات الإيجار الخاضعة لهذا القانون، وبالتالي فإن نسبة الخمسين في المئة سوف تكون موضع التطبيق في الحالة الحاضرة بدءاً من تاريخ سريان المرسوم الجديد.
ثالثاً: طالما أن الزيادة التي بقيت حيز التطبيق عملياً، سواء على الرواتب أم على بدلات إيجار منذ تاريخ 1/5/2008، مع ما شملها من مفاعيل رجعية سدّدت سواء على مستوى بدلات الإيجار الخاضعة للقانون رقم 160/92 أم على مستوى الرواتب والأجور، ومع ما استتبعها من سداد لاشتراكات الضمان الاجتماعي وسواها، بقيت مفاعيلها سارية حتى تاريخ العمل بالمرسوم الجديد، فما هو مصير تلك المبالغ المسددة والمستحقات في ظل الغاء كلّي للمرسوم 500 برمّته مع ما يعني ذلك من مفاعيل وآثار وحقوق ومكتسبات، علماً أنإلغاء مرسوم مفاده الغاء مفاعيله مع كل ما أنتجه. وهذا ما تجلّى في رغبة المشترع بحسم مبلغ مئتي ألف ليرة لبنانية،والتي لحظها المرسوم الملغى رقم 500 حينذاك في المادة الثانية منه تحديداً من الرواتب الحاليّة للاجراء ومباشرة احتساب الزيادة البالغة مئة في المئة من جديد مع اعتبار المرسوم رقم 500 كأنّه لم يكن.
رابعاً: المالكون اليوم يسألون عن كيفية تطبيق الزيادة الطارئة على العقود الخاضعة للقانون 160/92: هل يستبقون نسبة الـ33 في المئة المكتسبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة ويضيفون عليها نسبة الفرق بينها وبين الخمسين في المئة أي 17 في المئة أمأن قاعدة الاحتساب تكون بزيادة نسبة خمسين في المئة على بدلات الايجار السنويّة التي كانت معتمدة في العام 2007 أي قبل صدور المرسوم رقم 500؟
خامساً: بين الطرح والزيادة والقسمة لعبة أرقام قد تكرّس ثغرة حسابيّة وقانونيّة تفرض تصحيحاً جديداً بعدما تجاهل المرسوم الجديد ايراد النسبة المئوية الواجب اخضاع بدلات الايجار الخاضعة للقانون رقم 160/92 عليها، كما أن اعتماد صيغة الغاء مرسوم واستبداله بآخر في ظل ثلاث سنواتمن التطبيق وإنتاج الحقوق والمكتسبات القانونيّة والماديّة من دون اعتماد زيادة مقطوعة مباشرة على رواتب الشهر الذي سبق اصداره قد تتسبّب بمشاكل وسجالات، قد يكون الأجراء وأرباب العمل كما المالكون والمستأجرون بغنى عنها.
على أي حال، صدر المرسوم الجديد بعد مخاض عسير، وهو وإن تمّ نشره في الجريدة الرسميّة، لكن يبقى عرضة للطعن من أي صاحب مصلحة ضمن المهلة القانونية، وهي ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تُرتكب فيها أخطاء ناتجة عن عدم درس المراسيم وتمحيصها قبل اصدارها ونشرها، لا سيّما وأن مرسوماً كهذا يعوّل عليه مئات الآلاف من اللبنانيين، وهو مرسوم تطبيقي صدر ليحل مزيداً من المعضلات لا ليولّد مزيداً من الشرخ والارباك بين اللبنانيين.
 

  • شارك الخبر