hit counter script

التيّار الوطني الحر: ما كان وما سيكون (1 / 3)

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠٠٩ - 07:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
كتب داني حدادلا يمكن، عند الكلام عن التيّار الوطني الحر، سوى مقاربة الموضوع من واقع أنّ هذا التيّار، على الرغم من مرور ما يقارب العقدين على انطلاقته، ما يزال يشكّل ظاهرة في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، قد تكون، من دون مبالغة، غير مسبوقة في مجتمعٍ سياسي غالباً ما يوصف بـ "النادي" الخاص. فكيف خرق رجل ببزّة عسكريّة هذا النادي وكُرّس جنرالاً ولو من دون جيش، ورئيساً ولو من دون رئاسة، وزعيماً ولو شكّك خصومه بشرعيّته...؟إذا شئنا اختصار مسيرة التيّار الوطني الحر لوجدنا كم أنّ هذه المسيرة مرتبطة الى حدٍّ بعيد برئيسه. من هنا، يمكن تقسيم هذه المسيرة الى مراحل: ترؤس العماد ميشال عون للحكومة العسكريّة، نفيه الى باريس وعودته الى لبنان في أيّار 2005. وفي هذه المراحل المختلفة شهد التيّار تحديات بالجملة، خرج بعضها من رحمه كمثل "تمرّد" كثيرين على قرارات التيّار وانقلابهم عليه، وبلغ بعضها الآخر حدود الدول، بعيدة وقريبة، عظمى بالمعنى الدولي أو عظمى بحجم التأثير على الداخل اللبناني. وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه التحديات تركت بصماتها على التيّار، سلباً وإيجاباً.
بعد القمّة...بعد انتخابات حزيران 2005 النيابيّة بأسابيع، كان مسؤولو التيّار مزهوّين بحجم الإنتصار الذي حقّقوه والذي أبرز فريقهم كقوّة شعبيّة لا تقارن على الصعيد المسيحي. في تلك اللحظة، التي توصف بـ "القمّة" في مسيرة التيّار، احتاج أحد أبرز كوادره الى وقتٍ غير قصير من التفكير للإجابة على سؤال كاتب هذه السطور: ألا يُخشى على الأحزاب، حين تصل الى القمّة سياسيّاً وشعبيّاً، أن تتعرّض الى ما يشبه "الترهّل" فتشهد مرحلة سقوط ولو ببطء؟ولكن، على الرغم من الوقت الطويل الذي استغرقه التفكير بالإجابة، بدا المخطَّط الذي شرحه المسؤول "البرتقالي" عسيراً على التنفيذ، خصوصاً أنّه ارتبط بشؤون تنظيميّة داخليّة لم تتح الظروف التي شهدها لبنان في السنوات القليلة الماضية المجال لتنفيذها. ولكن هذه الظروف ليست السبب اليتيم.لم ينجُ التيّار، كما معظم الأحزاب والتيّارات السياسيّة اللبنانيّة، من "وباء" الخلافات الداخليّة. ولم يقتصر الأمر على من وصلت خلافاتهم الى العلن، بل أنّ حالة التنافس للإمساك ببعض المواقع في التيّار فعلت فعلها فنشب ما يشبه "الصراع الصامت" بين بعض قياديّي التيّار، وأيضاً بين بعض النوّاب الذين يُسمعون شكواهم الى آذانٍ "الجنرال" الصاغية.وانطلاقاً من هذا الواقع، يبدو مشروعاً السؤال عن مستقبل التيّار في مرحلة ما بعد العماد عون، في ظلّ عدم بروز شخصيّة تنال شبه إجماع من كوادر وجمهور التيّار، ناهيك عمّا يتردّد في الكواليس عن حالة "عدم ودّ" بين بعض النوّاب على خلفيّة التنافس أو التجاذب الداخلي الذي يضبط العماد عون إيقاعه، كي لا يتخطّى الحدود المسموح بها.
التيّار هو الرجل...ولكن، مهما كثرت الملاحظات على واقع التيّار الوطني الحر الذي ينعم، على الرغم من كلّ شيء بهامشٍ مقبول، إذا ما قورن بأحزابٍ اخرى، من الديمقراطيّة، فإنّ العماد ميشال عون بشخصيّته ودهائه، وفق توصيف بعض المقرّبين منه، وهالة زعامته قادر على الإمساك بزمام التيّار ورفعه الى مستوى الفريق السياسي الأكثر شعبيّة في الشارع المسيحي. لا بل أنّ قراءة نتائج الإنتخابات الأخيرة والإنتخابات التي سبقتها تظهر أنّ معظم النوّاب الذين انتخبوا على لوائح التغيير والإصلاح اعتمدوا على رجلٍ واحد اسمه ميشال عون كان قادراً، بنظر البعض، على ترشيح "عصيّ" في بعض الدوائر والفوز بمقاعد نيابيّة... وفي ذلك ظاهرة تستحقّ التمعّن بها!(يتبع غداً)
  • شارك الخبر