hit counter script
شريط الأحداث

أوجه الشبه بين 6 و8 حزيران!

الثلاثاء ١٥ حزيران ٢٠٠٩ - 19:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
بات من السهل اليوم إعطاء صورة منقّحة ونهائيّة عن نتائج المعركة الانتخابيّة النيابيّة بعد أن انقشعت الصورة بشكل تام ولم تعد تحمل في ثناياها أيّة غيوم ملبّدة ولا أيّة ضبابيّة أو بلبلة قد تعطي انطباعاً مغايراً للواقع على نحو ما كانت عليه الصورة قبل كشف نتائج عمليات الفرز وإعلان النتائج. لا لبس في أنّه كانت للجولة الانتخابيّة الاخيرة نكهة مميّزة، رغم كل ما شابها من أخطاء وممارسات وشوائب على أنّ هذه التجربة التي أرادتها السلطة السياسيّة في لبنان مرَ قطوعها رغم التمكن من تمريرها في يومٍ واحد وهي تجربة ليست سهلة في ظلّ عدم نضج إداري كافٍ واستيعاب شعبي واستعداد نفسي ولوجستي لدى الاجهزة الامنيّة لتغطية هذا الكمّ من الاجراءات التي تتطلّبها هذه العمليّة وفي ظل احتقان سياسي شديد وفوضى ما زالت راسخة في العديد من الادارات قياساً على ما هو عليه في البلدان المتقدمة.وفي عودة الى ما قبل إجراء هذا الاستحقاق الدستوري، كانت التعبئة الاعلاميّة والسياسيّة والتجييش الغرائزي بين فريقَي الصراع الاساسيين اللذين واجها بعضهما على أشدّه وظهر كلٍّ من الفريقين أمام الرأي العام عبر إعلامه أنّه كاسب سلفاً المعركة وكمّ ردّد هؤلاء على السواء التهديد والوعيد بأن "8 حزيران ليست كما قبله" وكأنّ نظاماً جديداً سوف يولد من رحم هذا الاستحقاق الذي جعله البعض تاريخيّاً بامتياز ومحطة مفصليّة في تاريخ لبنان من دون أن ننسى التهديد بالويل والثبور ومشاهد القبور.لكن، كما يقول المثل الشائع: "تمخض جبل الاستحقاق" المجيد وبدل أن يولد فأر جاء مولود جديد هو نسخة مستنسخة طبق الاصل عن مجلس النواب السابق مع بعض التعديلات الطفيفة على مستوى بعض الوجوه السياسيّة وما كان صادقاً من بين الذين صدقت توقعاتهم تلك الوسائل المحايدة التي حصرت "التبديل" الحاصل على مستوى 28 مقعداً نيابيّاً  لتتجسّد القاعدة الجديدة القديمة وفحواها أنّ كل الاحزاب قد ربحت وكل الطوائف كذلك، وما هو ممنوع في نهاية الامر هو عدم تأليب طائفة على أخرى وعدم ترجيح كفّة قوة سياسيّة على أخرى بل أنّ عدد نواب الاكثرية الفائزين، وهو 71 نائباً، كافٍ لاعطاء دلالات واضحة على أنّ تغيير المعادلات ممنوع وترجيح كفّة هذا على ذاك ممنوعة وأنّ ضوءاً أخضر أعطي لكل ما هو توافق مع إعادة احياء طاولة الحوار وترجمة هذه النوايا. وقد بوشر بتنفيذ هذه الرغبات الاقليمية والدولية التي سار في ركابها أولاً النائب وليد جنبلاط ومن بعده الرئيس نبيه بري وسار على خطاهما النائب سعد الحريري مع تريّث سجّله حزب الله بحذر ريثما تنجلي الصورة أكثر فأكثر.أعطت أرقام الفائزين هذا الانطباع وكذلك أعداد الكتل النيابيّة وربما كان التوافق على شخص رئيس الحكومة أسرع من المشاورات النيابية، وشكل الحكومة استبق المشاورات المرتقبة على هذا الصعيد في سابقة قلّما شهدها لبنان، لا بل أنّ البيان الوزاري تمّ تسريب روحيّته ومضامينه عبر وسائل الاعلام كما أنّ تصاريح بعض السياسيّين استبقت كل الاجراءات الدستورية الملزمة وصولاً اليه، فكان المشهد السياسي ربما في أسرع إنتاجٍ له في التاريخ الحديث يعكس التوافق على إنتاج سلطة متكاملة وسلّة تشمل رئاسة الحكومة وشكلها وصيغتها وعدد وزرائها ورئاسة المجلس قبل أن يتمّ الشروع في تنفيذ الاجراءات الشكليّة الدستوريّة المفروضة وكأنّ اتفاقية "دوحة" جديدة أقرّت مع فارق أنّ الحديثة عقدت في الظل خلافاً للاولى. وقع اللبنانيّون في حيرةٍ بين ممارسة حريّتهم عبر الاقتراع الحرّ وبين نتائج أفرزتها الانتخابات وكأنّ قوّة خارجيّة استطاعت تعطيل أحلامٍ كبيرة عاشوا في ظلّها أيّاماً وأسابيع لكنّ أيّاً من الشعارات التي أنفقت ملايين الدولارات في سبيل تكريسها لم تترجم وتنجز، بل أن لا الاصلاح تحقق ولا التغيير الموعود، ولا أكثريّة تبيّن أنّها وهميّة ومزيّفة  بل عاد الوضع الداخلي الى نقطة الصفر، الى 14 آذار 2005 في انطلاقة مشابهة وفي مسيرة  لواحد وسبعين نائباً مع حريّة واستقلال وسيادة غير محقّقة بعد وفرص أخرى تعطى من جديد، لكن هذه المرة لسنوات أربعة مقبلة وحكم وزاري مديد سواء اشتركت فيه المعارضة أم لم تشترك، بينما خيبة الامل كبيرة لدى الكثير من اللبنانيين بأن تأتي أيّة محاسبة أومساءلة مقابل ترجيحٍ كبير بأنّ الوضع سيبقى معلّقاً بحبال الهواء وملفات التغيير مكدّسة في قعر ثلاجة الانتظار. وحدها حسابات التعليق صدقت ووحدها حسابات التجميد تحققت بميزان العدد والنقطة والفاصلة لا بل بالصوت رغم اشتراك أربعة ملايين لبناني في عملية لم تخلُ من التعقيد وشدّ الحبال الى حدّ شبّهها أحد المراقبين بمعركة العلمين الشهيرة ومع علمين مختلفين في التوجهات والافكار السياسيّة: علم 14 آذار وعلم 8 آذار، فكانت الارجحيّة لقوّة هذه الثلاجة التي أعدّت وصنعت في حسابات التوازنات الاقليمية والدولية وهي تعمل بكل قوّة وفعاليّة مع فارقٍ واحد إضافي برز في 7 حزيران بأنّها قادرة على التحكّم حتى بالمجنّسين والمغتربين والاوزان والاحجام والقرى والبلدات والشوارع والزواريب الضيّقة."مطرحك يا واقف" مثلٌ قد يبدو الاكثر انطباقاً على الحقبة المقبلة من حياتنا السياسيّة أقلّه في العامين المقبلين وقد تعزز ذلك في ظلّ تسليم كافة الفرقاء بنتائج ما حصل وأحسنوا قراءة النتائج التي أفرزتها الانتخابات الى حدّ تسليم الجميع بأن اللعبة أكبر من أن يتصوّرها البعض، وكانت الانتخابات بحدّ ذاتها درساً اضافياً لمن لم يعتبر، بعد أن أخطأ البعض في عدم أخذ العبر من الاحداث المتلاحقة في السنوات الماضية.
  • شارك الخبر