hit counter script
شريط الأحداث

"هيئة التشريع" تحاصر "طائفيّاً" من شطب قيده الطائفي

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠٠٩ - 05:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
أرسل وزير الداخلية والبلديات الدكتور زياد بارود كتاباً إلى "هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل" يستوضح فيه مدى انعكاس عدم التصريح عن القيد الطائفي أو شطبه من سجلات الأحوال الشخصية على الترشح والاقتراع في الانتخابات النيابية، كونه حق مرتبط بالانتماء الطائفي.وقد جاء في نهاية جواب "هيئة التشريع" على استشارة وزير الداخلية الخلاصة الآتية:"حيث ان السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: هل ان ممارسة صاحب العلاقة حقه الدستوري بشطب قيده الطائفي من سجلات الأحوال الشخصية، يترتب عليها جزاء حرمانه أو الانتقاص من أهليته للترشح أو للاقتراع في الانتخابات؟حيث أن المبدأ هو أهلية الفرد لممارسة حقوقه كافة أياً كان نوعها، والاستثناء هو الحرمان أو الانتقاص من هذه الأهلية،حيث ما دام أن لا نص يجازي من يطلب شطب قيده الطائفي من سجلات الأحوال الشخصية بحرمانه من حقه بالترشح عن المقعد العائد لطائفته،وما دام أن ذاك الذي شطب قيده الطائفي من سجلات الأحوال الشخصية هو مقيد في قائمة الناخبين، ولا يزال ينتمي إلى الطائفة أو المذهب الذي شطب قيده المتعلق بإنتمائه إليها من سجلات الأحوال الشخصية، دون أن يتركها لا فعلياً ولا قانوناً، فإنه يبقى بإمكانه أن يترشح عن المقعد النيابي الذي يعود لهذه الطائفة دون أن يكون لشطب القيد أي تأثير على حقه هذا، ويكفي أن يقدم إفادة من هذه الطائفة بأنه لا يزال منتمياً إليها رغم شطب قيده الطائفي من سجلات الأحوال الشخصية". انتهى.في نهاية الفقرة الأخيرة من الجواب تكريس للطائفية وإستيلاد لمشكلة كبيرة وخطيرة، تتمثل بداية في الطلب من الراغب في الترشح للانتخابات - والذي كان قد شطب قيده الطائفي - أن يقدم إفادة من طائفته يثبت فيها إنتماؤه إليها، والتي قد تنتهي - مع كثرة عدد الذين سيشطبون قيدهم الطائفي - إلى أن تنشىء كل طائفة "مديرية" أو "مصلحة" ضمن بنيتها الإدارية تكون مهمتها إصدار إفادات لإثبات الإنتماء الطائفي.إن "ربط" حق المواطن - الذي شطب قيده الطائفي - بممارسه حقوقه المرتبطة بالإنتماء الطائفي، بتقديم إفادة من هذه الطائفة بأنه لا يزال منتمياً إليها، يعتبر حصاراً طائفياً يفرغ خطوته من الإيجابية الوطنية التي سعى إليها.فضلاً عن أن هذا "الربط" سيمنح القيّمين على إدارة الشؤون الدينية الطوائف - بشكل قانوني - سلطة وحق تثبيت الإنتماء الطائفي أو نفيه عن كل من ترفضه سياسياً أو حزبياً أي جماعة مسيطرة على الإدارة الدينية للطائفة، وربما قد يصل الأمر إلى حد التشكيك بإنتماء أحدهم، وما يستتبع ذلك من تداعيات سلبية تبدأ من رفض طلب الترشح للانتخابات بسبب عدم تقديمه إفادة إثبات الإنتماء الطائفي، ولا تنتهي مع إمكانية رفض إعادة ضمه إليها، أو الطعن بترشحه، ليصبح إنتماؤه الطائفي "قيد الدرس" وكافة حقوقه المرتبطة به "مع وقف التنفيذ"، منتظراً حكم "مصلحة تشخيص الإنتماء الطائفي".أي بمعنى آخر: هذا "الربط" بمثابة "خريطة رسمية" أو دليل لكيفيّة الهروب من غرفة في السجن الطائفي الكبير إلى غرفة أخرى في السجن نفسه، وبظروفٍ أكثر سوءاً.هذا ليس توقعاً، وإنما هو "مسار" معروف عن الأسلوب اللبناني في نقل الاجتهادات - الإستنسابية - في الدستور والقانون والسياسة إلى مستوى الأعراف التي لا يمكن تجاوزها، لتصبح مع الوقت أقوى من الدستور نفسه. وسيكون من السذاجة بمكان، أن يسأل عاقل عن نتيجة المواجهة، إذا ما حصلت، بين سلطة القانون المدني والسلطة الطائفية في مجال الأحوال الشخصية الخاصة بها، في بلد مثل لبنان.لتحاشي ما سبق، يجب تحصين خطوة "شطب القيد الطائفي" بأن يتم الاكتفاء بورود الاسم في لوائح الشطب الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية كإثبات يعطيه الحق في الترشح عن الطائفة الوارد اسمه على لوائحها في الانتخابات النيابية، من دون الحاجة إلى تقديم إفادة من طائفته للتأكد من إنتمائه إليها، وما لم يكن مذكوراً في خانة التعديلات أي تصحيح أو تبديل، بإستثناء شطب القيد الطائفي الذي لا يلغي الإنتماء.وقد يكون إقدام الزعماء والنواب والوزراء - الحاليين والسابقين الذين ينادون بإلغاء الطائفية - على شطب قيودهم الطائفية بمثابة فعل إيمان صادق بما يصدحون به على المنابر والشاشات، وقيمة مضافة إلى برامجهم الانتخابية ولإضفاء بعض المصداقية على شعاراتهم التي (لم تسمن في الماضي، ولن تغني من جوع مستقبلاً).وأيضاً - وإن لم يكن اليوم، ففي القانون الانتخابي القادم - إنشاء أقلام اقتراع خاصة للذين شطبوا قيدهم الطائفي، مع حق (تشجيعي) بأن يقترعوا لم شاءوا من المرشحين على مساحة الوطن، وأن يضاف مجموع أصواتهم إلى مجموع ما حصل عليه المرشح المعني في الدائرة التي ترشح عنها عند احتساب الأصوات وإعلان النتيجة.قبل أن يأتي يوم نندم فيه على ما زرعناه في غفلة، لنحصد شرّه بعد فوات الأوان.
  • شارك الخبر