hit counter script

فرنسا تحتفي بتشارلي تشابلن في معرض تاريخي

الإثنين ١٥ كانون الثاني ٢٠١٢ - 10:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

متى يشبع الأحياء من التغني بأساطير الأموات؟ وهل كان عبقري الفن الإيمائي، تشارلي تشابلن، مجرد أسطورة أم حكاية جهد متواصل استند إلى موهبة بلغت مراتب العبقرية؟

اليوم، بعد 35 سنة على رحيله، تحتفي به فرنسا وتقيم معرضا له في قصر "لوميير" بمنتجع إيفيان، شرق البلاد، غير بعيد عن البقعة التي أحبها، وفيها أمضى سنواته الأخيرة. إنه القصر الذي يحمل اسم الأخوين الفرنسيين لوي وأوغست لوميير، اللذين كانا أول من جرب تحريك الصور بالتتابع وكانا وراء اختراع فن السينما.

يتتبع المعرض المسيرة السينمائية لواحد من أعمدة الفن السابع في القرن العشرين، من خلال أفلامه ووثائقه ومتعلقاته وأكثر من 200 من صوره المنشورة، وغير المنشورة. ولا يشعر الزائر من محبي "شارلو" ومتتبعي أعماله بالوحشة وسط الأجواء المعتمة للمعرض ولا بسبب روح الفنان الراحل وهي تحوم فوق رأسه، بل سيجد نفسه في مكان حميم يعكس الكثير من الطرافة التي تميز بها تشابلن يوم كان شخصية سينمائية متشردة ترتدي قبعة سوداء وتنتعل حذاء أكبر من قدميها، وتمشي مشية البطة وهي تدير عصاها بيدها.

في خزانة زجاجية، يجد الزائر بدلة العمل الشهيرة التي ارتداها الممثل في فيلم "الأزمنة الحديثة". وكذلك صورة مجهولة من فيلم "الصبي"، مع الكثير من الصور العائلية مع رفيقة العمر أونا والأولاد الثمانية والأحفاد الكثر. وحسب شهادة واحد من الأحفاد فإن جده، حتى عندما كان يقوم بدوره التراجيدي في فيلم "الديكتاتور"، الذي قلد فيه الزعيم النازي هتلر، لم يكن يتورع عن التهريج والإتيان بأعمال صبيانية خلال فترات الاستراحة بين مشهدين.

وصف أحد النقاد هذا المعرض بأنه يمكن أن يكون صامتا، مثل الأفلام التي كان تشابلن يظهر فيها قبل اختراع السينما الناطقة. لكن الصور والمشاهد الوثائقية تتكلم من تلقاء نفسها وتخبر الجيل الجديد عن تاريخ أول «نجم» سينمائي في العالم. لقد جاءت هذه الصور المجهولة من المجموعة المدهشة لمؤسسة «تشابلن»، وهي خزانة حقيقية للوثائق التي تجمع كامل تراث الفنان، وتتألف من 10 آلاف صورة فوتوغرافية ومئات الآلاف من السيناريوهات والعقود الفنية والرسائل والملصقات والوثائق الأخرى. أما أهم ما يتوقف عنده الزوار فهو تلك المتعلقات الثلاثة التي تحولت إلى رمز يقلده الممثلون المبتدئون من أستراليا وحتى الصين: البدلة السوداء والعصا والحذاء «المفلطح» القديم.

وإذا كانت أونا هي الحبيبة الصغيرة وآخر الزوجات، فإن المعرض يقدم لزائره صور النساء الأربع اللواتي ارتبط بهن الفنان المزواج، وهن ميلدريد هاريس التي طلقها بعد أن أنجبت له طفلا ولد ميتا، وليتا غراي التي أنجبت له ولدين، وبوليت غودار، وأخيرا أونا، ابنة المسرحي الكبير يوجين أونيل. لقد كانت الثلاث الأوليات من شريكاته الممثلات في أفلامه. أما الأخيرة فقد اقترنت به خلافا لرغبة والدها الذي اعترض على فارق السن بينهما، البالغ 36 سنة، وكرست حياتها له ولأبنائها منه. وهناك أيضا صورة لعشيقته إدنا بورفيانس، التي عاشت معه مغامرة معروفة. وتقول لنا الوثائق والرسائل إن تشابلن لم يكن خفيفا في علاقاته، ولا يجري وراء تجارب لليلة واحدة، بل كان يسقط طريح الغرام مع كل حب جديد.

كان حفيده تشارلي سيستوفاري يزور المعرض الفرنسي مع الأهالي، ويتوقف للحديث للصحافيين في ليلة الافتتاح، ويقول إن جده لم يكن يعاني من طغيان شخصية المشرد السينمائية التي اشتهر بها على شخصيته الحقيقية. وعندما كان الحفيد يخرج الكاميرا الـ«سوبر 8» الخاصة به لكي يصور جده، فإن هذا الأخير لم يكن يتمالك نفسه من عمل الحركات التي اشتهر بها «شارلو».

إحدى صور المعرض ترينا تشابلن مع أفراد عائلته وهم يتناولون العشاء معا على المائدة، ويقلدون جميعا حركات "شارلو" عندما كان يحتسي الشوربة في أحد أفلامه. وهناك مقطع سينمائي جرى تصويره عند زيارة العائلة لحديقة حيوان في كينيا، حيث يبدو الأب الممثل وهو يقلد الأسد لكي يضحك أطفاله. لذلك لم يكن غريبا أن يتجه عدد منهم ومن الأحفاد إلى احتراف التمثيل.

تم جمع هذه الوثائق، فيلما بعد فيلم، اعتبارا من عام 1910. وهي تشكل اليوم ثروة معنوية كبيرة، وبينها لقطات لمشاهير المصورين، مثل إدوارد ستيشن، التي نشرت في مجلة "فانيتي فير" عام 1926. وهناك مختارات من 790 صورة جمعت في "ألبوم كيستون" الصادر عام 1914 ويتتبع الأفلام الـ35 الأولى للفنان.

المعرض الذي يحمل اسم "صورة أسطورة" يستمر مفتوحا للزوار حتى العشرين من أيار المقبل.

  • شارك الخبر